يعتبر العالم المسلم محمد بن موسى الخوارزمي هو المؤسس الأول لعلم الجبر. عاش أبو عبدالله محمد بن موسى الخوارزمي في بغداد بين سنة 164 وسنة 235 هجرية (الموافق 780 – 850 ميلادية) ، واختلف في سنة ولادته، فلم يعرف عن حياته إلا القليل.

من أهم ما جاء عن حياته ما ذكره النديم في كتابه الفهرست: “الخوارزمي واسمه محمد بن موسى كان منقطعاً إلى خزانة الحكمة للمأمون وهو من أصحاب علم الهيئة وأقامه الخليفة على القسم العلمي من خزانته حيث انقطع إلى المطالعة والتأليف زاهداً في الدنيا حتى آخر حياته منكباً على الدرس نهاراً والرصد ليلاً وهو في كل أعماله أمين ودقيق.

لمع نجم الخوارزمي في علوم الحساب والجبر والهندسة والفلك، وكان أول من أوجد حلا لمعادلات الدرجة الثانية بإيجاد الجذور.

ماهو علم الجبر ؟

ورث المسلمون علم الرياضيات من حضارة اليونان إلا أنهم وجدوا تعقيدا وصعوبة بادئ الأمر في استخدام نظريات اليونانيين لمعرفة تقسيم الميراث، مما دفع العلامة الخوارزمي للبحث عن نظريات ومعادلات أكثر قابلية للتكيف مع حاجة المسلمين فسخر مواهبه في الرياضيات وقام باختراع علم الجبر ووضع قواعده؛ ليحل به المعضلات التي قابلت العلماء في الشريعة في مسائل الميراث.

ومعنى الجبر: أي زيادة قدر ما نقص من الجملة المعادلة بالاستثناء في الجملة الأخرى لتتعادلا.، بمعنى نقل الحدود السالبة من مكانها في أحد طرفي المعادلة الجبرية إلى الطرف الآخر.

ألف الخوارزمي كتابا أسماه (الجبر والمقابلة)، وضع فيه أصول علم الجبر وقواعده، وخرج به من نطاق الأمثلة المفردة إلى المعادلة العامة التى تسهل حل المسائل الحسابية المتشابهة طبقا لقاعدة معينة.

عرف الخوارزمي فى كتابه جميع عناصر المعادلة الرياضية الجبرية كما نفهمها اليوم، فشرح معنى الحد المعلوم والمجهول والمطلق والعدد الأصم وفكرة الأس واللوغاريتمات والكميات السالبة والموجبة والتخيلية ومعادلات الدرجة الأولى والدرجة الثانية وطرق حلها، ثم انتقل بعد ذلك إلى الجانب العملي الخاص بتطبيقات الجبر فى الحياة العملية، وجعله كتابا مستقلا يشتمل على الكثير منها والقياس عليها في مسائلهم المتعلقة بالمعاملات والوصايا والمواريث.

قال الخوارزمي في مقدمة كتابه (الجبر والمقابلة): ” وقد شجعني ما فضل الله به الإمام المأمون أمير المؤمنين من الرغبة في الأدب وتقريب أهله ومعونته إياهم على إيضاح ما كان مستبهما وتسهيل ما كان مستوعرا. على أن ألفت من كتاب الجبر والمقابلة كتابا مختصرا حاصرا للطيف الحساب وجليله، لما يلزم الناس من الحاجة إليه في مواريثهم ووصاياهم وفي مقاسماتهم وأحكامهم وتجارتهم، وفي جميع ما يتعاملون به بينهم من مساحة الأرضين وكرى الأنهار والهندسة.”

أهمية ما ابتكره الخوارزمي

تجلت أهمية ما ابتكره الخوارزمي في عصرنا الحالي من خلال التقنيات الحديثة واعتمادها بصورة أساسية على ما بات يعرف بـ “الخوارزميات” المشتقة من الخوارزمي وهو الذي ابتكر الطريقة العشرية للحساب.

لقد ذاع صيت العلامة الخوارزمي في العالم أجمع وانتشرت مؤلفاته وإسهاماته في علم الرياضيات منذ القرن الثاني عشر للميلاد كما ترجمت أعماله إلى لغات شتى.