Deprecated: طريقة البناء المُستدعاة لـ WP_Widget في EV_Widget_Entry_Views أصبحت مهجورة منذ النسخة 4.3.0! استخدم __construct() بدلاً عنها. in /home/c1285887c/public_html/sevenst.us/wp-includes/functions.php on line 6085
طالبة – ٍSEVENST.US
قصص أطفال
“حكمة جحا” تحقق حلم طالبة بالرسم للأطفال

كتبت-إشراق أحمد:
لم تتردد شدوة محمد للحظة. حان الوقت لتحقق ما رغبت فيه منذ التحقت بقسم الرسوم المتحركة؛ نفذت طالبة كلية الفنون الجميلة -جامعة حلوان- قصة مرسومة للأطفال مثل التي تتواجد على أرفف المكتبات، فكانت “حكمة جحا” مشروع تخرجها وبداية دافعة لها لدخول مجال الرسم للطفل.
صورة1
رغبت شدوة في عمل شيء يرتبط بالتراث ويحمل قدرًا من المرح في الوقت ذاته ليصل إلى القاريء الصغير بسهولة “مالقيتش أحسن من قصص جحا”، لكن أي حكاية وكيف تُرتب للأمر؟
أثناء البحث، عرفت الشابة طريقها إلى تطبيق صوتي يتيح العديد من قصص الأطفال، ووقع اختيارها على “حكمة جحا” لتعمل على تحويل السيناريو المسموع إلى “حدوتة” مرسومة في كُتيب.
صورة2
نحو 35 يومًا فقط أمام طالبة الفنون لرسم القصة المسموعة، وكان هذا بمثابة التحدي الأكبر إلى جانب رسم قصة متكاملة، فلم تخض شدوة هذه التجربة مسبقًا “كنت بنفذ صفحات منفصلة لكوميكس أو قصة بسيطة”، لكنها تزودت بخيال النتيجة “رؤية طفل مستمتع بقراءة قصتي يستحق التعب ده”.
واصلت شدوة العمل، تُحدد ملامح الشخصيات جحا وحماره، تحول الكلمات الطريفة بين “حكيم الحمقى وأحمق الحكماء” والملك الراغب في تعليم الحمار القراء إلى سيناريو مرئي بسيط يُظهر ردود فعل أبطال القصة. كان أمام الطالبة هدف واحد “أي حد يمسك القصة يكون مستمتع وهو بيقرأ ويبقى متشوق يعرف إيه اللي هيحصل كل صفحة”.
صورة3
لم تلتحق صاحبة مشروع “حكمة جحا” بقسم الرسوم في كلية الفنون الجميلة سوى لتلك الحالة التي ارتبطت بها وهي طفلة، تعلقت شدوة بقصص مجلات ميكي وسمير، حكايات “تنابلة الصبيان” التي أبدعها الفنان الراحل أحمد إبراهيم حجازي، أرادت الصغيرة حينها لو أصبحت مكان الذي يصنع هذه الرسوم، لذا على الفور اختارت أن يتوجه مشروع تخرجها للأطفال لتلمس الحلم القديم.

غمرت شدوة الفرحة حين أصبحت “حكمة جحا” بين يديها، حكاية مطبوعة في 12 صفحة صغيرة، فيما استقبلت ردود فعل مشجعة من الأهل والمشرفين عليها “شعورهم بالفخر أني قدرت أطلع مشروع تخرجي بجودة قصص مرسومة جاهزة بتتباع”.
تسعى شدوة لمواصلة الطريق في مجال رسم كتب الأطفال والتعمق أكثر لرسم شخصيات في أفلام الرسوم المتحركة، تعلم أن القادم ليس سهلاً “للأسف مفيش اهتمام في مصر بمجال رسوم الطفل”، تتمنى صاحبة “حكمة جحا” لو أخذت صناعة الحكايات التفاتًا أكبر يُغني عن الاقتباس من الخارج “وتبقى الفكرة طالعة مننا أحنا الفنانين المصريين”، فيما يتحرك في نفسها رغبة عارمة للرسم أكثر “نفسي أسيب أثر في كل طفل بيقرأ قصة ليا وأحسسه بالسعادة وأقدر أبدل اهتمامه بالموبايل للاهتمام بالقراية واستمتاعه بيها كمان”.

حياة أفضل
صناعة التكنولوجيا تتغير مع ظهور النقابات والجيش السيبراني العالمي

تتطور صناعة التكنولوجيا في كل يوم وبشكل متسارع، وتقدم ابتكارات جديدة ومشاريع ثورية ترسم صورا للمستقبل بشكل دائم، وهناك علماء ومهندسون وعقول لامعة في كل مكان في العالم تسعى لبناء القطعة التالية من تكنولوجيا المستقبل التي ستغير حياتنا.
هناك ابتكارات تحدث الآن تم اقتباسها مباشرة من صفحات الخيال العلمي، سواء كان ذلك عبارة عن روبوتات يمكنها قراءة ما تفكر به العقول، أو ذكاء اصطناعي قادر على الإبداع والتفكير الذاتي، أو العيون الإلكترونية، أو الساعات الذكية والكثير من الابتكارات التي تذهل العقل، وهناك دائما المزيد الذي يمكن أن تتوقعه من هذا العالم، أوردت بعضها منصة “ساينس فوكاس” (Science Focus) في تقرير لها مؤخرا.
وفي الحقيقة، نحن في المراحل الأولى فقط من تغيير كبير يطال صناعة التكنولوجيا في العالم وكل مناحي الحياة، ويعود ذلك في جزء منه إلى الكوارث الدولية التي لم تكن بحسبان أحد قبل زمن ليس بالبعيد.
لم تجبرنا جائحة كورونا على التحول للعمل من المنزل فحسب، بل أدت أيضا إلى حدوث موجة من الاستقالات من قبل كثير من الأشخاص الذين قرروا أنهم لا يريدون حقا العودة إلى وظيفة يكرهونها، وبدأوا -في المقابل- العمل في مشاريعهم الشخصية الخاصة.
وتدفع المخاوف بشأن التغير المناخي وارتفاع أسعار النفط كل شركات السيارات الكبرى في العالم إلى التحول إلى السيارات الكهربائية.
كما تفرض الحرب في أوكرانيا تحولا جذريا ليس فقط في هيكل وتوزيع القوة في العالم، ولكنها أنشأت أول جيش إلكتروني دولي قابل للحياة، الذي يشمل العديد من القوى التقنية والقراصنة المحترفين في شتى أنحاء العالم.
كانت إحدى المزايا التاريخية المثيرة للاهتمام لشركات التكنولوجيا هي الحصانة ضد النقابات المهنية والعمالية، فلم توجد في السابق نقابات تكنولوجية تنظم العمل والتعامل مع رأس المال، وسمح هذا للشركات بأن تكون أكثر حرية في التعامل مع موظفيها، بحيث حافظت على انخفاض تكاليف الإنتاج من دون إزعاج النقابات.
ومع ذلك، فإن مزيجا من القرارات الإدارية السيئة، وعدم وجود زيادات في الرواتب للموظفين العاديين، وتقديم رواتب خيالية لأعضاء مجالس الإدارة، وممارسات أخرى عدائية تجاه الموظفين، تعمل سريعا على تغيير هذه الطريقة في العمل داخل شركات التكنولوجيا الكبرى في أميركا.
وفي هذا السياق، تبرز شركة “أبل” (Apple) على وجه الخصوص التي يتهمها العاملون بها بأنها غير عادلة في التعامل معهم، وهو ما دفع عددا منهم لاقتناء هواتف أندرويد للحفاظ على سرية جهودهم النقابية، وسعيهم لتنظيم أنفسهم في وجه الشركة العملاقة، كما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” (Washington Post) في تقرير لها مؤخرا.
وقال موظفون في الشركة العملاقة للصحيفة -شريطة عدم الكشف عن أسمائهم- إن عددا كبيرا منهم في مختلف فروع ومتاجر أبل في البلاد يعملون بهدوء من أجل تشكيل نقابة خاصة بهم ترعى مصالحهم، وذلك بدعم من النقابات الوطنية الكبرى العاملة في الولايات المتحدة، ويستعد هؤلاء لتقديم الأوراق المطلوبة إلى “المجلس الوطني لعلاقات العمل” (NLRB) في أميركا في المستقبل القريب.
وحاليا، تواجه كل شركات التكنولوجيا الكبرى تقريبا المشكلة نفسها مع إمكانية تعاملها مع النقابات في القريب العاجل، وبمجرد أن تبدأ النقابات في الانتشار والعمل واكتساب القوة، فإنها تكتسب أيضا القدرة على اختراق شركات التقنية الأخرى، المتوسطة أو الناشئة منها من خلال العمل على إقناع الموظفين فيها بتعرضهم لسوء المعاملة، وذلك كما ذكر الكاتب الأميركي المختص في شؤون التكنولوجيا روب أندرلي في مقالة له بمنصة “تيك نيوز ورلد” (Tech News World) ناقش خلالها التحولات الكبرى التي ستطرأ على صناعة التكنولوجيا في العالم في المرحلة القادمة.
ويوضح الكاتب أنه بمجرد أن تضم النقابات العدد الكافي من الأعضاء في الصناعة، فسيصبح من المستحيل تقريبا إيقافها، لأن التمويل الذي تحصل عليه يمكّنها من إطلاق الحملات لتوحيد الشركات عبر نظام شامل يضم جميع العاملين بالقطاع، وكل فوز في أي معركة تخوضها النقابة سيزيد من تمويلها وانتشارها وقدرتها على إطلاق حملات أخرى للمطالبة بمزيد من الحقوق لأعضائها.
وفي حين أنه لم يتم الوصول إلى هذه النقطة من التحول بعد، ولكن إذا لم تغير الشركات من سلوكها، ولم تركز على رضا الموظفين العاملين بها، وولائهم، فإن النقابات قادمة لا محالة في المستقبل القريب -كما يؤكد الكاتب- وستكون النتيجة تكلفة مالية كبيرة، وعبئا تشغيليا على الشركات المنضمة إلى هذه النقابات، وحينها لا تلوم هذه الشركات إلا نفسها وجشعها وعدم عدالتها تجاه موظفيها.
تتحرك كل من شركات “فورد” (Ford) و”جاغوار” (Jaguar) و”فولفو” (Volvo) وغيرها من شركات صناعة السيارات في العالم لإنشاء أقسام إنتاج سيارات كهربائية متميزة خاصة بها، وذلك لمنافسة شركة “تسلا” (Tesla) المتخصصة في هذا المجال، كما يقول أندرلي في مقالته.
إن هذا يذكرنا بمعركة الهواتف الذكية بين شركة أبل والشركات الأخرى في مطلع هذا القرن، حيث لم تأخذ شركات الهواتف المهيمنة في ذاك الوقت مثل “بلاك بيري” (BlackBerry) و”نوكيا” (Nokia) و”بالم” (Palm) شركة أبل على محمل الجد، وبقيت في غفوة من أمرها حتى خرجت من السوق ولم يعد لها ذكر.
ولكن، على عكس أبل، فإن شركة تسلا واجهت مشكلات كبيرة في الصناعة ومراقبة الجودة على مدى فترة طويلة، وقد أدى ذلك إلى إدراك منافسيها للفرصة التي تلوح في الأفق، وهي أن عليهم أن يركزوا على السيارات الكهربائية إن كانوا يريدون استمرار وجودهم في المستقبل، ونحن نشهد ظهور هذا التركيز مع الإعلانات المتتالية عن إنشاء أقسام لصناعة وتطوير السيارات الكهربائية، ويتوقع أن تخلق هذه الأقسام الجديدة منافسة قوية لتسلا، وربما بدائل أفضل منها أو تضاهيها في المستوى، وهو ما سيجنب هذه الشركات المصير المر الذي ذاقه منافسو أبل، كما يؤكد الكاتب في مقالته.
علاوة على ذلك، سيؤدي الانتقال إلى السيارات الكهربائية والمنافسة التي تشهدها بين الشركات إلى تطوير هذه الصناعة، وزيادة القدرة الكهربائية، والدفع بقوة أكبر نحو التحول إلى الطاقة المستدامة، كما سنشهد أول مركبة ذاتية القيادة من المستوى الرابع على الطرقات بحلول عام 2026، وهو ما سيغير طبيعة القيادة ذاتها.
هاجمت روسيا أوكرانيا، ولكنها وجدت عكس ما كانت تتوقعه، حيث اكتشفت أن الأوكرانيين على استعداد تام للقتال والدفاع عن وطنهم وأرضهم.
ويتدفق حاليا آلاف المقاتلين المتطوعين والمرتزقة كذلك إلى داخل البلاد لمساعدة الشعب الأوكراني في القتال ضد الجيش الروسي، ولكن الجانب الأكثر إثارة للاهتمام -من وجهة نظر الكاتب- هو جيش تكنولوجيا المعلومات الدولي الذي أخذ يتشكل من غير تخطيط مسبق لمساعدة أوكرانيا في هذه المعركة، وهو يضم مجموعة كبيرة من القراصنة الدوليين، ومن مختلف الدول الذين يعملون معا لهدف واحد وهو هزيمة روسيا.
وما يجعل هذا مثيرا للاهتمام بشكل خاص هو أن الخبراء اعتقدوا أن روسيا ستستخدم الحرب الإلكترونية أولا بما تملكه من قدرات كبيرة في هذا المجال، ولكن قدرة روسيا تضاءلت أمام ما قدمه هؤلاء المتطوعون الدوليون من قدرات تقنية هائلة إلى أرض الميدان.
ومع أن الجيش الذي لا يزال يقاتل على الأرض هو الجيش الأوكراني مع بضعة آلاف من المتطوعين، إلا أن القوة الحقيقية تكمن في جيش تكنولوجيا المعلومات العابر للقارات هذا، الذي ينمو في كل يوم بعيدا عن سيطرة الدول ليصبح قوة الدفاع الإلكتروني الأولى في العالم.
ويؤكد الكاتب أن هذا الجيش السيبراني وُجد ليبقى، وسيظهر دائما عندما تهدد النزاعات والحروب الاستقرار المحلي أو العالمي، وحتى الآن، يُعد هذا التحالف أكثر فاعلية بكثير من الأمم المتحدة أو حلف شمال الأطلسي (ناتو) في الدفاع عن أوكرانيا.
ظهور النقابات التكنولوجية، ومطالبة الموظفين في هذا القطاع بحقوقهم المهدورة، وقرب نهاية زمن محركات الاحتراق الداخلي التي تعمل بالوقود، والانتقال الحاسم إلى مصادر طاقة أكثر استدامة، وظهور جيش إلكتروني دولي ومنسق بشكل متزايد، فضلا عن بزوغ عصر الروبوتات المستقلة، وذكاء اصطناعي أكثر قدرة من أي وقت مضى، و”ميتافيرس” (metaverse)، وغيرها الكثير، كل هذا يشير إلى عالم جديد يتشكل وهو ليس أكثر من غيض من فيض التغيرات الهائلة القادمة، التي ستطال كل شيء في حياتنا على هذه الأرض.
الأستاذ كفاح عيسى، رائد تكنولوجيا المعلومات، يجيب خديجة بن قنة على تساؤلاتها في “بعد أمس” من الجزيرة بودكاست.. استمعوا إلى الحكاية
تقوم تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والأجهزة القابلة للارتداء وأنظمة الرعاية الصحية عن بُعد الجديدة، بدور محوري مهم في مساعدة البشرية على التمتع بصحة جيدة والحفاظ عليها.
تتخوف الولايات المتحدة الأمريكية من هيمنة الشركات الصينية على سوق تكنولوجيا المراقبة، ما يحد من نفوذها السياسي، حيث تستحوذ الصين على الحصة السوقية الأكبر من صادرات هذه التكنولوجيا عبر العالم
من المتوقع أن ينمو سوق إنترنت الأشياء العالمي في مجال الرعاية الصحية إلى 446.52 مليار دولار بحلول عام 2028، وذلك حسب ما ذكرت منصة “فورتشن بيزنس إنسايتس” مؤخرا.

شخصيات تاريخية
حكايات| سيدة الموت.. الأوكرانية لودميلا بافليشنكو قناصة هددت عرش هتلر

دائمًا ما يحجز التاريخ مساحات في أوراقه لكتابة قصص النجاح خاصة وإذا كان هذا النجاح هو لشخص اختار وقرر ونفذ ما لم يتمكن غيره من تنفيذه وخرج عن المألوف باقتحام مجال جديد او تغيير فكرة سائدة أو تحقيق انتصار غير متوقع أو تقديم فكرة غيرت مسار البشرية أو حتى أقدم على خطوة فكر كثيرون في اتخاذها ولكن لم يكن لديهم جرأة التنفيذ.
فكثيرا ما نقرأ في كتب التاريخ عن أشخاص تمكنوا من تحقيق انتصارات قد يكون منها ما هو متوقع نظرا لامتلاكه إمكانيات تؤهله لحسم المعركة مبكرا لكونه الطرف الأقوى ومنها ما يجب أن تقف أمامه متأملا كيف له أن يصمد أو أن يحقق انتصار بلغة الأرقام بعيد عنه ليكون السر في النهاية مع “لودميلا بافليشنكو”.
تلك السيدة التي تمكنت من تحقيق المعادلة المستحيلة باختيار صعب وقرار مرافق له عزيمة وتنفيذ ابهر الجميع لتفتح لها أبواب التاريخ على مصراعيها لتسجيل حياتها التي تمكنت من خلالها في تغيير فكرة سائدة محققة انتصار غير متوقع بجرأة لم تكن لدى اقوى الأشخاص مقتحمة بذلك حياة الحرب لتتفوق على الرجال لتكون أول قصص النجاح محجوزة باسم “سيدة الموت”.
فبايدي ليست بالرقيقة وأظافر بلا مانيكير وبملابس ليست حريرية بألوان زاهية وبوجه طبيعي بلا مكياج غيرت الأوكرانية “لودميلا بافليشنكو” الصورة الذهنية للمرأة في عصر كان دور كل سيدة فيه هو العناية بجمالها لتقتحم ” لودميلا” مجال دائما ما تخصص للرجال لترتدي البدلة العسكرية بألوانها الزيتية الغامقة معلنة عن أكثر القناصة فتكا في التاريخ لتثير الرعب في قلوب الجنود الألمان وتحقق انتصار الدعاية المكلفة به على الأراضي الأمريكية لتستحق وعن جدارة لقب ” سيدة الموت” بإجمالي 309 حالة قتل مؤكدة في غضون أشهر قليلة.
وشهدت مدينة “بيلايا تسيركوف” إحدى المدن الأوكرانية الكبرى التي تقع جنوب ” كييف” عام 1916 ولادة أنجح قناصة في التاريخ “لودميلا بافليشنكو” والتي عبرت طفولتها عن جزء من مستقبلها بتفضيلاها الشديد لممارسة كافة أنواع الرياضة وخاصة تلك التي يتقنها الرجال حتى أنها كانت دائما ما تنافسهم في مجالاتهم لإثبات نظريتها الخاصة أن السيدات يمكنهن اقتحام اي مجال والتفوق فيه على الرجال حتى تم وصفها بـ ” الفتاة المسترجلة” ولكن ذلك اللقب لم يوقفها يوما بل زادها إصرارا لاقتحام مجال غالبا ما تخصص للرجال.. الرماية وكان السبب هو تباهي أحد الأولاد بقدراته على الرماية ومهارته بحسب موقع “nationalww2museum”.
لتنتقل في عمر الـ 14 مع عائلتها إلى العيش في مدينة ” كييف” وتقرير الالتحاق بفصل الرماية لتحصل على شارة القناصة وشهادة الرماية لتحصل بعدها على وظيفة في مصنع أسلحة محلي ولكن ذلك لم يكن سوى خطوة لإثبات نظريتها أن الفتاة تتمكن من تقديم عمل مخصص للرجال وبجودة افضل لتلحق عام 1937 بجامعة كييف وتتخص في دراسة التاريخ لتكون خطوة هامة في سبيل تحقيق هدفها أن تصبح مدرسة.
وفي وسط انشغالها بدراستها لم تنسى يوما تطوير مهارات الرماية لديها فحصلت على دورات في مدرسة مخصصة للقناصة دون أن تعلم أنها ستحتاج إليها في مشوار دفاعها عن وطنها.
ففي عام 1941 أطلق هتلر عملية غزو الاتحاد السوفيتي والمعروفة باسم “بربروسا” لتكون اولى مراحل الحرب العالمية الثانية وفي فترات الحروب يتحول الشعب إلى جيش كامل يدافع عن وطنه لتكون “لودميلا” صاحبة الـ 24 عام والطالبة في السنة الدراسية الرابعة في الجامعة تخصص تاريخ واحدة من هذا الجيش فبمجرد علمها بالغزو مع سماع دوي صافرات الإنذار شقت طريقها إلى مكتب تجنيد “أوديسا” لتسجيل نفسها ضمن المحاربين.
ورغم رغبتها للاشتراك في الحرب كأحد الجنود إلا أن كاتب السجل ظل يقنعها بأن تنضم ممرضة فهذا هو ما يناسب الفتيات ولكن أمام إصرارها تم ضمها إلى فرقة المشاة السوفييتية بعد أن أثبتت مهاراتها القتالية من خلال إخراج اثنين من المتعاونين الرومانيين لتكون إحدى جنود الجيش الأحمر المدافعين عن الاتحاد السوفيتي.
وتلتحق بعدها إلى فرقة البندقية الـ 25 بالجيش الأحمر لتصبح واحدة من ضمن 2000 قناصة لم ينجو منهم سوى 500 فقط خلال فترة الحرب وظلت “لودميلا” لمدة شهرين ونصف ضمن الخطوط الأمامية للمحاربين خلال حصار “أوديسا” لتسجل 187 حالة قتل ومع كل قتيل يقع من صفوف الأعداء كان ينتابها الشعور الوحيد الذي طالما عشقته وهو لحظة الرضا الكبير الذي يشعر به الصياد الذي قتل وحش مفترس لتحصل على ترقية وتصل إلى رتبة رقيب أول.
وبعد أن سيطر الجيش الروماني على “أوديسا” انسحبت لودميلا ووحدتها إلى “سيفاستوبول” في شبه جزيرة القرم للدفاع عن المدينة ولمدة 8 شهور تمكنت القناصة الأكثر نجاحا من زيادة حصيلة القتلى من بندقيتها رغم القتال العنيف وسقوط الكثير من الضحايا السوفيت ليصل عدد القتلى الذين انتظرتهم بلا حراك في انتظار فرصة إطلاق النار الى 257 قتيل مما أدى إلى ترقيتها مرة أخرى إلى رتبة ملازم أول.
ومع كل تقدم تحققه لودميلا في حصد أرواح الأعداء تزداد مهامها خطورة حتى وصلت إلى مرحلة القنص المضاد في معارك خاصة ومبارزات خضتها مع قناصة العدو لتكون الفائز الأوحد في كل مبارزة بما في ذلك اصعب مبارزة استمرت 3 ايام تمكنت فيهم من ضبط نفسها وقوة إرادتها وتحملها ليقوم العدو بحركة واحدة تمكن من خلالها من القضاء عليه ليصبح واحد من 36 قناص أنهت حياتهم.
وخلال فترة القتال في “سيفاستوبول” أصيبت لودميلا 4 مرات في المعركة لتكون اخطرهم والتي بشرت بنهاية وقتها في القتال شظية في الوجه من قذيفة هاون في يونيو 1942 حسب موقع “sky history” ولأنها أصبحت أحد الأركان الرئيسية في الجيش وذات قيمة كبيرة بعد تسجيلها 309 عملية قتل مؤكدة سحبتها القيادة العليا السوفيتية من المعركة ومن الصفوف الأمامية للحرب حماية لها ولكن بعد أن بثت الرعب في نفوس الجنود الألمان الذين لقبوها بـ”سيدة الموت” فوقوعك أمامها يعني الموت بلا شك.
حتى وصلت سمعتها لكل أطراف الجيش الالماني لتهدد بذلك عرش هتلر القوي واحتمالية فوزه واسطورته ليكون الرد ليس بقتلها فالوصول إليها فشل فيه الجميع ولكن الرد كان بمحاولة رشوتها وصلت إلى حد إرسال رسائل لها عبر مكبرات الصوت الإذاعية تطالبها بالانضمام إلى جيش هتلر وجعلها ضابطا المانيا وبعد فشلهم في إقناعها تحولت الرشاوي إلى تهديدات علنية بتقطيعها إلى 309 قطعة بعدد ضحاياها وتشتيتهم.
ورغم بشاعة التهديد إلا أنه لم يزيدها سوى سعادة فالعدو يعرف بذلك سجلها بدقة لتكون شهرتها سببا كافيا لحصولها على مهمتها الجديدة بعد أن تعافت تماما من إصاباتها حيث منحت لها القيادة السوفيتية دور الدعاية لتكون لودميلا اول مواطن سوفيتي وضمن جيش ستالين الاحمر مرحب به على الأراضي الأمريكية حيث استقبلها الرئيس الأمريكي الأسبق “فرانكلين دي روزفلت” في البيت الأبيض لتكون صديقة بعد ذلك للسيدة الأولى “إليانور روزفلت”.
ففي أواخر عام 1942 وصلت لودميلا والتي أصبحت ملازم سوفيتي عالي الأوسمة إلى الأراضي الأمريكية لتكون ممثلة عن الاتحاد السوفيتي في محاولات الاتحاد لحشد الدعم في فتح جبهة قتال ثانية في أوروبا لتقسيم القوات الألمانية التي كانت تغزو أوروبا الشرقية بسرعة وتتوغل في عمق الأراضي السوفيتية ليتم استقبال القناص الأفضل تاريخيا في البيت الأبيض لتكون أول مواطن سوفيتي مرحب به حتى أنها انضمت الى سيدة أمريكا الأولى في جولتها بالولايات المتحدة بناء على طلب إليانور حتى تتمكن لودميلا من التحدث إلى الأمريكيين عن تجربتها كامرأة في القتال.
وبالفعل ألقت لودميلا العديد من الخطابات في جميع أنحاء امريكا دافعة عن دورها الدعائي في حشد الدعم لمواجهة جيش هتلر وفي وسط انبهار الامريكين الذين تجمعوا لرؤية امرأة صلبة في القتال ترتدي الزي العسكري لم تكن تتخيل لودميلا أن اهتمام الصحافة الأمريكية سيكون عن مظهرها وأسلوبها أو افتقارها إلى الماكياج في إشارة إلى إغفال قوتها وكونها امرأة تعمل في الجيش كقناصة وتخطت الرجال في هذا الأمر بل كانت سببا في رعبهم.
ليكون ردها في خطاب ألقته في ولاية “شيكاغو”لتقول”: أيها السادة أبلغ من العمر 25 عام وقد قتلت حتى الآن 309 من السكان الفاشيين ألا تعتقدون أنك كنت تختبئ وراء ظهري لفترة طويلة؟ ” في إشارة منها لكل رجل حاول التقليل من دورها ليزداد تأييدها الذي تم التعبير عنه بتصفيق حار من كل الحاضرين حتى أنها ألهمت المغنية الأمريكية “وودي جوثري” لكتابة أغنية عنها في عام 1942 بعنوان “الآنسة بافليشنكو” واتمت جولتها للدعاية وحشد الدعم بزيارة كندا وبريطانيا.
وعلى الرغم من كونها اضطرت الانتظار سنتين حتى فتح الحلفاء جبهة ثانية في أوروبا بعملية “أوفرلورد” والتي أعلن من خلالها الحلفاء الحرب على نورماندي كثمرة لجهودها في مجال الدعاية والحشد إلا أنها وفور عودتها إلى الاتحاد السوفيتي بعد انتهاء جولتها تمت ترقيتها إلى رتبة رائد وتم منحها لقب بطل الاتحاد السوفيتي والذي يعد أعلى وسام عسكري في البلاد كما حصلت على وسام لينين مرتين والذي يعتبر أعلى تصنيف مدني في البلاد.
وبانتهاء مهمتها لم تعود لودميلا مرة أخرى للقتال ولكنها اكتفت بتدريب القناصة السوفيت حتى نهاية الحرب في عام 1945 وبعدها واصلت إكمال دراستها في جامعة كييف وأصبحت مؤرخة.
وفي 10 أكتوبر من عام 1974 وعن عمر ناهز الـ 58 عاما ودعت لودميلا أمهر القناصة التاريخيين الحياة نتيجة إصابتها بسكتة دماغية وذلك بعد معاناتها الطويلة من اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب.
ولتظل ذكراها على قيد الحياة ويتذكرها الجميع تم طبع طابعان بريديان سوفيتيان تذكاريان على شرفها الأول في عام 1943 بعد مسيرتها القتالية والثاني في عام 1976 بعد وفاتها لتظل لودميلا سيرة يحفظها التاريخ ضمن قصص النجاح الاستثنائية كانجح قناصة في التاريخ.

source

حياة أفضل
تركيا وطني، ولكني أحلم بحياة أفضل في الخارج

بيرنا طالبة دكتوراه في أنقره
“أريد أن أظل هنا، لأن هذا هو وطني، ولكنني أرغب بالرحيل أيضا لأني أتوق للعيش كما يعيش البشر”. هذا ما قالته بيرنا أقدنيز ذات الـ 28 عاما وطالبة الدكتوراه في العاصمة التركية أنقرة.
تعاني بيرنا من الصمم، وهي تعتمد على جهاز سمع إلكتروني زرع في أذنها الداخلية من أجل التواصل مع محيطها.

ولكن الشح الذي تواجهه تركيا في الفترة الأخيرة في المعدات الطبية المستوردة جعلها تخشى من أن لا تتمكن من السماع في المستقبل.
مواضيع قد تهمك نهاية
وقالت، “أعلنت الشركة الموّردة لهذه الأجهزة أنها لن تتمكن اعتبارا من شهر كانون الثاني / يناير الحالي من استيراد المنتجات الطبية التي تتعامل بها لأن نسبة التضخم المرتفعة وانخفاض قيمة الليرة التركية مقابل غيرها من العملات أثرت سلبا على أرباحها. ولذا ستتفاوض (الشركة) مع السلطات التركية من أجل الحصول على دعم حكومي.”
وتتساءل: “وماذا لو لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق؟ مجرد التفكير في هذا الاحتمال يخيفني.”
“هل أهاجر أم لا أهاجر؟ هذا هو السؤال الصعب والمحيّر الذي يساور عددا متزايدا من الأتراك، والشباب منهم بوجه الخصوص، في الوقت الراهن.
فالاقتصاد التركي يواجه صعوبات جمة، إذ فقدت الليرة نصف قيمتها في السنة الإخيرة، ونسبة التضخم مرتفعة، والأسعار في تزايد مستمر.
وتواجه الأسر ذات الدخل المحدودة خصوصا صعوبات متزايدة من أجل الوفاء بمتطلباتها، ولكن هذا لا يعني أن متوسطي الدخل لا يشعرون بالمصاعب نفسها.
يتزايد بشكل مضطرد عدد الأتراك المشاركين في منصات التواصل الاجتماعي الذين يبحثون ويتحاورون حول إيجابيات وسلبيات البحث عن حياة جديدة في الخارج – والذين يريدون الاطلاع على تجارب اولئك الذين سبقوهم في اتخاذ هذه الخطوة.
لم تتوصل بيرنا بعد إلى قرار نهائي بمغادرة وطنها، ولكنها تقول إنها ميّالة للانتقال للعيش في أوروبا.
وتقول إن السبب في ذلك هو “الدعم الحكومي الكبير الذي يتلقاه الصم” في البلدان الأوروبية”، مضيفة “أنا أبحث عن الأمان. أريد ضمانات ملموسة لحياتي”.
وبيرنا ليست إلا واحدة من العديد من الشباب الأتراك المتعلمين المنحدرين من الطبقة الوسطى الحضرية الذين يفكرون بالهجرة.
وتختلف صورة هؤلاء بشكل كبير عن الصورة النمطية للمهاجرين الأتراك الذين غادروا وطنهم في العقود الماضية، الذين كان معظمهم من سكان الأرياف التي كانت فرص التعليم فيها شحيحة جدا.

أظهر استطلاع اجري في 2020 أن 70 في المئة من الشباب الأتراك يرغبون في الهجرة
أظهر استطلاع اجري في 2020 أن 70 في المئة من الشباب الأتراك يرغبون في الهجرة
تابوهات المراهقة، من تقديم كريمة كواح و إعداد ميس باقي.
الحلقات
البودكاست نهاية
وينتمي هارون يمان، خريج الجامعة البالغ من العمر 28 عاما، الذي يعيش في مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا، إلى هذا الجيل الجديد من المهاجرين.
وهارون حائز على شهادة جامعية في مجال الإعلام والإنتاج التلفزيوني والسينمائي والإذاعي، ويقول إنه قد قرر فعلا الهجرة ‘لى أوروبا وإلى إيرلندا تحديدا.
منذ تخرجه في عام 2018 وهارون يناضل بشق الأنفس من أجل الحصول على وظيفة في مجال اختصاصه، ولكنه يعمل الآن في مخزن يعود لشركة لإنتاج الأقمشة. أما حلمه، فهو الإقامة في إيرلندا بموجب برنامج “العمل والدراسة”.
ويقول، “لا أرى أي أمل أو أي ضياء في مستقبل هذا البلد، ولذلك أريد الرحيل.”
تتطلب عملية التسجيل في البرنامج الإيرلندي المذكور دفع أجور تمكن هارون من دفعها جزئيا. ولكن الانهيار الكبير لليرة التركية كان له أثر على خططه. فهو يحتاج الآن إلى وقت أطول من أجل توفير المبلغ الكافي لإتمام دفع الأجور باليورو.
ويقول: “ليست لدي حياة اجتماعية تذكر هنا في تركيا، فأنا أعمل لأكثر من عشر ساعات يوميا. لقد قلّصت الأزمة النقدية قدرتنا الشرائية، ولدينا العديد من المشاكل. لقد تسببت سياسات الحكومة الخاطئة في إفقار كثيرين وفي خلق انقسامات بين الناس.”

متظاهرة تحمل لافتة تقول "لا نستطيع ان ندبر أمور معيشتنا"
متظاهرة تحمل لافتة تقول “لا نستطيع ان ندبر أمور معيشتنا”
تشير البيانات الرسمية إلى أن أعمار معظم الذين يهاجرون من تركيا تتراوح بين الـ 25 والـ 29.
وأجّل معهد الإحصاء التركي نشر بياناته الخاصة بالهجرة لعام 2020، وهي البيانات التي كان من المفروض أن تنشر في أيلول / سبتمبر 2021.
ولكن البيانات الخاصة بعام 2019 تشير إلى أن أكثر من 330 ألف شخص غادروا البلاد للإقامة في الخارج، وهي زيادة تبلغ 2 في المئة عن العام الذي سبقه.
ومن المتوقع أن تشير البيانات الجديدة إلى استمرار هذا النهج.
أصيبت البلاد بصدمة عند اطلاعها على نتائج الاستطلاع الذي أجرته في آب / أغسطس 2020 جامعة يديتبه في اسطنبول ومؤسسة ماك الاستشارية حول آراء الشباب في الهجرة.
فقد قال 76 في المئة من المشاركين في الاستطلاع إنهم مستعدون للعيش في بلاد أخرى، إذا أتيحت لهم الفرصة لذلك حتى لو كان ذلك بشكل مؤقت.
وعند سؤالهم عما إذا كانوا يفكرون في الهجرة بشكل دائم في حال منحوا جنسية بلد أخر، قال 64 في المئة من المشاركين إنهم مستعدون لقبول عرض كهذا.
لقد تأثرت تركيا، شأنها شأن كثير من الدول بالآثار الاقتصادية لوباء كورونا، ولكن أثر الوباء تضاعف فيها بفعل الأزمة المالية الأخيرة.
ولكن الأكاديمي التركي الاستاذ ابراهيم سيركجي – وهو خبير في مجال دراسات الهجرة ومقره في بريطانيا – يعتقد أن للموضوع جوانب اجتماعية وسياسية أيضا.
وقال لبي بي سي، “هناك بما لا يدع مجالا للشك موجة هجرة جديدة من تركيا.”
وقال، “فقدت شرائح واسعة من المجتمع الأمل في المستقبل لأنها تشعر بأنها مستبعدة من السلطة السياسية. وتشمل هذه الشرائح رجال الأعمال والفنانين والمثقفين والمفكرين.”
ويقول منتقدو الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إنه ضيّق مجال حرية التعبير وقمع المعارضة.
وفي الوقت ذاته، تتزايد أعداد المواطنين الأتراك الذين يسعون للحصول على حق اللجوء في الدول الأوروبية.
فحسب وكالة الإحصاء يوروستات التابعة للاتحاد الأوروبي، تضاعف عدد طالبي اللجوء الأتراك في العقد الأخير ليصل إلى نحو 25 ألف في عام 2019.
ومن المفارقات أن تركيا تعد أكبر مقصد في العالم للاجئين جلّهم من سوريا.

ولكن كثيرين يريدون البقاء في تركيا والتعبير عن مخاوفهم وما يقلقهم
ولكن كثيرين يريدون البقاء في تركيا والتعبير عن مخاوفهم وما يقلقهم
“ولكن الاستاذ سيركجي يقول، “ولكنها (تركيا) أيضا الدولة الوحيدة من بين الدول الـ 38 الصناعية المنضمة لمنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي التي تنتج عددا أكبر من اللاجئين من مواطنيها من أي بلد نام – باستثناء العراق وافغانستان وسوريا. وهذا منحى جديد.”
ويمضي للقول، “أنا أطلق على هذه الظاهرة تسمية المنفيين المعادين لأردوغان. فالناس يهربون من ذلك النظام ومن هيكل سياسي محدد.”
ولكن الحكومة التركية ترفض ما يقال إن أدمغة البلاد الشابة ذات الكفاءة “تهرب إلى الخارج”.
فقد تصدى وزير العمل والضمان الاجتماعي التركي، فيدات بيلغين، للموضوع في منتدى عقد في تشرين الأول / أكتوبر الماضي قال فيه، “إن الحماس للتوجه إلى الخارج منتشر بشكل أكبر بين الشباب…وهذه رغبة طبيعية، فهم يريدون التعرف والإطلاع على العالم.”
ولكن طالبة الدكتوراه بيرنا في أنقره تقول إنه سيكون من العسير عليها اتخاذ قرار مغادرة تركيا.
فهي تحلم بتكوين أسرة، وجزء أساسي من تحقيق هذا الحلم يتمثل في العودة إلى تركيا.
وتقول، “أريد لأطفالي أن يتربوا ويترعرعوا في وطني، وأريدهم أن يشاهدوا الجمال الطبيعي لتركيا.”

source

حياة أفضل
أوكرانيا "أفق حياة" لطلاب أجانب

كشفت أزمة النزوح التي تسببت بها الحرب الروسية على أوكرانيا والتي شملت مئات من المدنيين من جنسيات مختلفة، جانباً أخر للحياة في أوكرانيا التي تعد إحدى أكثر الوجهات استقطاباً للطلاب في شرق أوروبا، بحسب بيانات أشارت إلى احتضانها أكثر من 76 ألف طالب أجنبي عام 2020، بينهم حوالى 25 ألفاً من دول أفريقيا يدرسون الطب والهندسة والأعمال.
وهنا يطرح السؤال نفسه حول سرّ جاذبية أوكرانيا لهذا الكمّ الكبير من الطلاب الأجانب، وتتمثل الأجوبة في تسهيلها إجراءات الطلاب الأجانب، وتدني رسوم جامعاتها التي ينظر أليها أيضاً باعتبارها بوابة لسوق العمل الأوروبي. ويقول باتريك إيسوجونوم الذي يعمل في منظمة تساعد الطلاب من دول غرب أفريقيا الذين يرغبون في الدراسة في أوكرانيا لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): “تستقطب الشهادات الأوكرانية الطلاب من أنحاء العالم، خاصة من دول غرب أفريقيا، بسبب مستواها التعليمي الجيد، وأسعارها التنافسية، والأهم توفير الشعب الأوكراني بيئة اجتماعية ودية”.
ويقول الطالب النيجيري تشاينازا موكوودو الذي كان يقيم في مدينة دنيبرو إن “شروط القبول المريحة وكلفة العيش الرخيصة مقارنة بالمدن الأوروبية الأخرى جعلته يلتحق بجامعة الجمارك والمالية قبل أقل من ثلاثة أشهر”.
ويوضح من مقر إقامته الحالية في بولندا أنه استفاد من تقديم الجامعات في أوكرانيا حوافز عدة، أبرزها دورات تقوية باللغة الإنكليزية للطلاب الأجانب، بهدف مساعدتهم في تعليمهم الجامعي، “من هنا أرى أن أوكرانيا فتحت لي أفق حياة فأنا كنت عامل لحام في بلدي، واحتجت إلى التعليم لإنجاز أشياء، وكانت أوكرانيا الخيار الأفضل بالنسبة لي”.
وتكشف بيانات خاصة بالاتحاد الأوروبي أن أكثر من 10000 طالب أفريقي فروا من الحرب في أوكرانيا، حيث تعرض بعضهم بحسب تقارير ولقطات نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، لمعاملة عنصرية على الحدود بعضها على يد مسؤولين أوكرانيين منعوهم من العبور. وقال طالب نيجيري إنه كان ضمن مجموعة من حوالي 20 أجنبيا، بمن فيهم إكوادوريون ومغاربة، أُجبروا على النزول من قطار في كييف في 26 فبراير/ شباط الماضي، وقال: “دخلت الشرطة وسحبتني ودفعتني، وسألت إن كنت ذاهباً إلى لفيف أو بولندا، وأمروني بالخروج”.
واستنتجت منظمة “هيومن رايتس ووتش” من مقابلات أجريت مع أجانب يعيشون في أوكرانيا قولهم إنهم “واجهوا معاملة غير متساوية وتأخيرات أثناء محاولتهم الفرار من الحرب مع مئات الآلاف من الأوكرانيين، منهم طلاب تحدثوا عن منع أو تأخير في ركوب الحافلات والقطارات، لإعطاء أولوية لإجلاء النساء والأطفال الأوكرانيين.
وتحدث طلاب عن أنهم “طالبوا جامعاتهم قبل بدء الحرب بضرورة الانتقال إلى التعليم عبر الإنترنت، لكن إدارتها رفضت هذا الأمر، فعلقوا في المنازل ولم يستطيعوا العودة إلى ديارهم. وتؤكد طالبة الطب النيجيرية ماري خوفها من فقدان مستقبلها التعليمي، وتكشف أن جامعتها تجاهلت مناشدات الطلاب والمخاوف التي عبروا عنها قبل أكثر من شهر، ومطالبتهم بالسماح بمتابعة الدروس عبر الإنترنت بهدف مغادرة أوكرانيا، فعلقوا في أتون الحرب.
وتخبر ماري أنها تعيش مع أصدقاء في قرية قريبة من الحدود الروسية، تعرضت لقصف قوي جداً، ما حرمها مع أصدقائها من الخروج من البيت منذ بداية الحرب، قبل أن ينفد الطعام.
ومن داخل قبو في مدينة خيرسون (جنوب) التي احتلتها القوات الروسية، تحدث الطالب الكاميروني كريستوف الذي يدرس إدارة الأعمال الدولية عن مخاوفه، وأكد أنه لا يستطيع المغادرة خوفاً من قتله أو استهدافه، موضحاً أنه يعيش مع أكثر من 20 من زملائه في القبو الخالي من الضوء، ويستمعون إلى أصوات القصف وطلقات الرصاص ليلاً نهاراً. أيضاً، يؤكد طالب علوم الكمبيوتر الغيني مامادي دومبويا من داخل قبو مظلم آخر يقبع فيه مع زملاء له من الغابون والسنغال والكاميرون، أنه لم يعد يحتمل أصوات القصف، ويريد العودة إلى دياره، علماً أن الجهود التي تبذلها الحكومات الأفريقية لا تزال ضعيفة لإخراج رعاياها الطلاب مقارنة بعددهم في أوكرانيا.
وفي الأيام الماضية، أطلقت الحكومة الأوكرانية خطاً ساخناً للطوارئ للأفارقة والآسيويين الفارين، بحسب وزير الخارجية ديميترو كوليبا الذي أكد أن “السلطات تعمل في شكل مكثف لضمان سلامة ومرور الطلاب الأفارقة والآسيويين”. في المقابل، يرى طلاب أن العودة إلى بلادهم خيار غير محسوم بعدما أنفقوا أموالاً كثيرة، ويؤكدون أنه يصعب ترك كل شيء والعودة إلى ديارهم، وتقول جيسيكا أوراكبو طالبة الطب في السنة السادسة في جامعة ترنوبل الطبية الوطنية والتي هربت إلى العاصمة المجرية بودابست بعدما كانت على بعد أربعة أشهر من التخرج: “لا يمكنني المضي قدماً في تعليمي، وليس لدي وقت للبدء من جديد وأريد فقط الحصول على درجتي العلمية، ربما استطيع إنهاء الدراسات العليا في مكان آخر”.

 

الأحداث الجارية بعيون الغرب
حرب روسيا على أوكرانيا وانعكاساتها على تركيا والعالم العربي (2/1)

تعد حرب روسيا على أوكرانيا إحدى أكبر الأزمات التي تعيشها القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، والتي ستكون لها حتما انعكاسات متعددة الأوجه على النظام العالمي برمته نتيجة المسار الذي اتخذته أبعاد الحرب والتوترات التي أعقبتها وطبيعة القوى الفاعلة في صياغة ملامحها الاقتصادية والعسكرية والسياسية، ذلك أن شظايا الحرب ومخلفاتها والعقوبات التي طالت روسيا بما يشبه “قنبلة نووية” اقتصادية ستنعكس آثارها وتتطاير شظاياها لتمس بشكل أو بآخر المنطقة العربية التي تتقاطع مصالح دولها مع الجانبين الروسي والأوكراني.
والأمر نفسه مع تركيا التي تربطها شراكات متعددة ومصالح متشابكة مع طرفي النزاع، أي روسيا وأوكرانيا من جهة، ثم باعتبارها عضوة في حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO)، مما يجعل الحرب الراهنة محملة بعدة انعكاسات مباشرة على تركيا والعالم العربي، وأخرى بعيدة المدى نظرا لمخلفاتها على النظام الدولي.
إن تركيا بالنظر لجغرافيتها السياسية تعد إحدى أهم القوى الإقليمية التي قد تستهدفها ارتدادات الحرب المشتعلة، لطبيعة مصالحها المتشابكة مع روسيا وأوكرانيا من جهة، ثم باعتبارها عضوة في الناتو، بالإضافة إلى طبيعة العلاقات التاريخية والثقافية التي تجمعها مع دول البلقان والقوقاز، والتي تعد بعضها ضمن المجال الحيوي التركي
حملت حرب روسيا على أوكرانيا في الواقع جملة من التحديات الراهنة على مستوى العالم، خاصة في أوروبا، ومن ضمنها جغرافيا تركيا التي تعد جسرا بين قارتين، ذلك أن هذه الحرب قد وضعت دولا أوروبية وغربية كبرى أمام معضلة لم تشهدها منذ الحرب العالمية الثانية، مما جعلها تحدث تغييرا جذريا في عقيدتها العسكرية، مثل ألمانيا التي ضخت 100 مليار يورو و2% من الناتج المحلي الإجمالي، أو تتجه إلى إعادة الاهتمام بقطاع الدفاع كما تقدم بذلك الرئيس الفرنسي هذا الأسبوع.
والأبعد من ذلك ما يمكن أن يحدثه إذكاء نزوع ظل مضمرا بفعل التسويات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية واستمرت مع النظام العالمي الذي أعقبها، وهي نزوعات ستجعل أوروبا والعالم برمته في وضع يختلف جذريا عن وضع ما قبل حرب روسيا على أوكرانيا.
نقول إنه إذا كانت الدول الأوروبية استشعرت الخطر والتهديد من الحرب الراهنة التي قد تنتج حروبا كبرى في المستقبل إذا نتج عنها اختلال في ميزان القوة فإن تركيا بالنظر لجغرافيتها السياسية تعد إحدى أهم القوى الإقليمية التي قد تستهدفها ارتدادات الحرب المشتعلة، لطبيعة مصالحها المتشابكة مع روسيا وأوكرانيا من جهة، ثم باعتبارها عضوة في الناتو، بالإضافة إلى طبيعة العلاقات التاريخية والثقافية التي تجمعها مع دول البلقان والقوقاز، والتي تعد بعضها ضمن المجال الحيوي التركي.
لا شك أن عوامل التأثر ستكون متعددة وبالغة على تركيا، مما استدعى منها التمسك بالحذر  في موقفها من الأزمة الجارية، فهي بمقدار إدانتها الحرب الروسية ومطالبة الرئيس التركي الناتو باتخاذ موقف أكثر حزما من الحرب الروسية ودعمها المسبق لأوكرانيا بالطائرات المسيرة -التي أثبتت نجاعتها في تحرير إقليم قره باغ بأذربيجان وصد الهجوم على طرابلس في ليبيا- مما جعلها تغير طبيعة الصراع من مسلح إلى سياسي في مناطق تشهد حضورا روسيا فإنها لم تنهج موقفا عدائيا ضد روسيا بخصوص العقوبات الاقتصادية والتضييق في حركة الملاحة الجوية.
لقد عمدت تركيا من خلال موقفها الرافض -الذي تدين فيه حرب روسيا على أوكرانيا من جهة وتحجم عن التصعيد على خطى دول غربية- إلى ضمان حالة من التوازن ترعى من خلالها مصالحها، ثم من جانب آخر إمكان القيام بدور الوساطة المستقبلية بين طرفي النزاع، وهو النزاع الذي تجد تركيا نفسها معنية به بشكل مباشر بحكم الجغرافيا، إذ إن تعقد الوضع قد يؤدي بالطرفين إلى التماس الخشن في المستقبل، سواء في البحر الأسود الذي عملت روسيا في السنوات الأخيرة على تكثيف حضورها الفاعل والقوي فيه منذ تدخلها العسكري في جورجيا سنة 2008، وفي كل من أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، ثم لاحقا سيطرتها على شبه جزيرة القرم سنة 2014 وإلحاقها بروسيا.
ولم تختلف إستراتيجية موسكو في إقليمي لوغانسك ودونيتسك عن إستراتيجيتها بخصوص أبخازيا، وفي كل الخطوات التي أقدمت عليها روسيا كانت تجد معارضة ورفضا من المجتمع الدولي والقوى الإقليمية، ومن أهمها تركيا، لكن طبيعة التوسع الذي يستبطنه التفكير السياسي لبوتين من خلال زرع كيانات موالية بداعي القومية الروسية أو تخوفات الأمن القومي على دول الاتحاد السوفياتي السابقة قد تؤدي في حقيقة الأمر إلى صياغة طبيعة صراع المصالح في البحر الأسود ومنطقة القوقاز والبلقان، مما يشكل تحديا مستقبليا لتركيا ودول أوروبا الشرقية.
إنه ليس خافيا أن منطقة القوقاز يُدار فيها صراع خفي بين تركيا وروسيا، وهو ما يجعل الموقف التركي في الحرب الراهنة متأرجحا بين الإدانة والإحجام عن التصعيد، بحيث تشكل حرب روسيا على أوكرانيا وإمكانية تغيير نظام الحكم فيها إضرارا بالشراكة الإستراتيجية التي تجمع بين كييف وأنقرة سيؤدي إلى إعادة رسم معادلات الصراع في المنطقة، مما ينتج عنه التضييق على تركيا في البحر الأسود في ما يخص الغاز المكتشف الذي تترقب تركيا أن يخفف عنها بعضا من تكلفة الاستيراد.
وأبعد من ذلك إمكانية طرح اتفاقية مونترو للمناقشة، والتي تمنح تركيا التحكم في مضيقي البوسفور والدردنيل، بالإضافة إلى محاور أخرى يتداخل فيها الصراع في مناطق تشكل امتدادا لروسيا وتركيا معا، سواء من الناحية التاريخية أو الثقافية أو الاقتصادية، من دول البلقان إلى القوقاز والشرق الأوسط.
إن استمرار المقاومة الأوكرانية أو النزوع إلى خيار التسوية عبر المفاوضات الذي تحتفظ فيه تركيا بدور محوري لطبيعة العلاقة بين نظامي كل من تركيا وروسيا من جهة، ثم بين أوكرانيا وتركيا من جهة أخرى قد تكون فيه حماية للمصالح الأوروبية والتركية على السواء، وغير ذلك يعني إمكانية التماس المباشر  في المستقبل بين تركيا وروسيا، وهو ما ينبغي تجنبه في اللحظة الراهنة لتكلفته، حيث إن عنصر القوة الذي نهجته روسيا بوتين مؤخرا لإعادة رسم خريطة الأمن القومي بأوروبا يحتفظ لروسيا بالفارق والتفوق باعتبارها إحدى الدول المؤثرة في مجلس الأمن الدولي ومن القوى العسكرية الكبرى عالميا.
كما أن موقف الناتو قد يختلف من جهة الدعم لتركيا، وتحتفظ ذاكرة الاحتكاك المباشر في شمال سوريا سنة 2015 حين تم إسقاط الطائرة الروسية من طرف الجيش التركي بتردد في موقف الناتو من دعم تركيا، والذي يغذيه السجال الكلامي بينها وبين والغرب، ثم الدور المحدود لتركيا الذي يراد لها القيام به في المنطقة.
أما بالنسبة للضرر الذي يمكن أن يلحق تركيا من الجانب الأوكراني فإن أوكرانيا قد أضحت قبلة لتركيا في استيراد وتصدير المنتجات الزراعية، كما أن تركيا تعد الوجهة المفضلة للسياح الأوكرانيين، حيث بلغ عددهم حوالي مليوني سائح في السنة الماضية، وفي وضع الحرب فإن مشكلة الأمن الغذائي ستتفاقم ومعها قطاع السياحة
عملت تركيا على تنويع شراكتها مع روسيا على الرغم من تباين المصالح بينهما في سوريا وليبيا ومنطقة القوقاز والبلقان، وتبرز أرقام الشراكة الاقتصادية في الطاقة والمنتوجات الزراعية والعسكرية بالإضافة إلى السياحة طبيعة التبادل الحاصل بين تركيا وروسيا، فقد بلغت قيمة المواد الزراعية التي تستوردها تركيا حوالي 4.5 مليارات دولار في السنة الماضية مقابل صادرات بلغت قيمتها 1.5 مليار دولار.
وفي مجال السياحة بلغ عدد السياح الروس الذين زاروا تركيا سنة 2021 حوالي 30 مليون سائح، وفي سياق الأزمة التي شهدتها الليرة وما ترتب عليها على المستوى الاقتصادي بخصوص التضخم فإنه ستكون للحرب مضاعفات بفعل عزل روسيا عن النظام المالي العالمي “سويفت”، وتضرر قطاع السياحة وارتفاع أسعار الطاقة على المستوى العالمي.
أما بالنسبة للضرر الذي يمكن أن يلحق تركيا من الجانب الأوكراني فإن أوكرانيا قد أضحت قبلة لتركيا في استيراد وتصدير المنتجات الزراعية، كما أن تركيا تعد الوجهة المفضلة للسياح الأوكرانيين، حيث بلغ عددهم حوالي مليوني سائح في السنة الماضية، وفي وضع الحرب فإن مشكلة الأمن الغذائي ستتفاقم ومعها قطاع السياحة، ليس في تركيا وحدها، وإنما في مختلف الدول التي لم تحقق اكتفاءها الذاتي في هذا المجال.
لا يتوقف الضرر على المستوى الاقتصادي، إذ إن أبعاد الشراكة الأوكرانية التركية كانت واعدة لتركيا للخروج من بين كماشتي روسيا من جهة، ومن جهة أخرى بعد إبعادها من المشاركة في صناعة الطائرة “إف-35” (F-35) عقب اقتنائها منظومة الصواريخ “إس-400” (S-400) من موسكو، وتتجلى أهمية الشراكة مع أوكرانيا بالنظر إلى الأهمية التي تحظى بها بفعل إرثها السوفياتي المحوري في صناعة الطائرات والتقنية التي تمتلكها في هذا الجانب، والتي كانت ستكون مفيدة لتركيا في المستقبل لحل معضلة المحركات التوربينية ومحركات الديزل.
لذلك، فإن الحرب الراهنة ستؤثر سلبا على التحالف العلمي الذي نشأ بين البلدين في الصناعة العسكرية والفضاء، بالإضافة إلى تأثيرها الجيوسياسي والاقتصادي، ومعلوم أن أحد الأبعاد الرئيسية للقوة -التي تنسحب على كل المجالات- يتمثل في العلوم والتكنولوجيا، وبدون استقلال علمي وحيازة أسرار التكنولوجيات الحديثة فإن جوانب التقدم الأخرى تبقى قاصرة، كما أن الاستقلال في أبعاده السياسية والحضارية يبقى ناقصا، ولعل ما نشهده الآن من تفعيل روسيا القوة الخشنة بداعي حماية الأمن القومي ما كان ليتم لولا حيازة تكنولوجيا عسكرية متطورة رغم التخلف على المستوى الاقتصادي مقارنة بدول أوروبية صغيرة.
ختاما، إن التغييرات الجيوسياسية والاقتصادية التي تحملها الحرب الروسية على أوكرانيا بمقدار ما تحمل من انعكاسات سلبية على تركيا ودول المنطقة فإنها في الآن ذاته وفي ظل عزل روسيا اقتصاديا مما سيؤثر عليها سلبا على المدى المتوسط والبعيد قد تجعل تركيا ودولا أخرى منفذا لها لتجنب التبعات المباشرة لإستراتيجية الردع الاقتصادي، ولا سيما أن للبلدين تجارب سابقة في التعامل بالعملة المحلية في المبادلات التجارية والاقتصادية لتجنب تبعات العقوبات.
أما من الناحية السياسية والأدوار التي يمكن أن تضطلع بها تركيا في الحرب الدائرة فإن الموقف المتوازن الذي تنهجه بعيدا عن الاستعداء الشامل أو الانحياز الكلي سيجنبها المواجهة المباشرة بسبب التداخلات الحاصلة في أكثر من بلد في جغرافيا المنطقة منذ الفترة العثمانية، كما يجعلها وسيطا فاعلا في التسويات المنتظرة.
ومن ناحية أخرى، فإن الحرب الراهنة ونظرا لتكلفتها الاقتصادية على العديد من الدول -وفي مقدمتها روسيا التي ستحتاج عقودا للتعافي من تبعاتها المادية والقانونية بسبب خرقها القانون الدولي- ستفتح أفقا للقوى الإقليمية بالقيام بأدوار فاعلة في صياغة معالم التكتلات المستقبلية من أجل ضمان حماية لها من داخل تلك التكتلات والأحلاف.
وعن تركيا نشير إلى موقعها في حلف الناتو، هذا إذا لم تتطور الحرب الدائرة إلى مواجهة شاملة عالميا نتيجة أخطاء في التقديرات تعيد صياغة قواعد جديدة للنظام العالمي برمته، والحروب الكبرى عادة هي نتاج اختلالات وحروب صغرى لم تنتج عنها تسويات مرضية للأطراف المتصارعة، أو جنوح المستبدين إلى عقيدة توسعية تتغذى من أركيولوجيا التاريخ وتعصب الهويات ونزعتها الشمولية والتوسل بالقوة المدمرة.
:تابع الجزيرة مباشر على

source