Deprecated: طريقة البناء المُستدعاة لـ WP_Widget في EV_Widget_Entry_Views أصبحت مهجورة منذ النسخة 4.3.0! استخدم __construct() بدلاً عنها. in /home/c1285887c/public_html/sevenst.us/wp-includes/functions.php on line 6085
تاريخية – ٍSEVENST.US
شخصيات تاريخية
شارع 7 | الشاعر أحمد محرم .. رائد الشعر القصصي وصاحب “الإلياذة الإسلامية”

[ad_1]

من الذين أجادوا صناعة الأفكار وهز الوجدان وأخلصوا الفكرة يأتي الشاعر أحمد محرم صاحب الموهبة العملاقة التي تضعه بإمتياز مع كبار شعراء العربية في كل عصورها والذي حرمته مزاياه وسجاياه العديدة (كالعكوف على فنه والإخلاص له) من شهرة نالها الكثير من الشعراء الذين لا يصلون لربع قامتة الشعرية الضخمة!

 

لا أعرف من هو الذي كان يدعو الله أن لا يحول نعم الله عليه إلى نقمه، هل كان عالمًا أم شاعرًا أم وليًا من أولياء الله لكن الذي نعرفه أن هذا الدعاء هو الأنسب والأصلح في عالمنا العربي وفي الشرق بشكل عام حيث تتجمع عوامل عدة تجعل من النعمة نقمة ومن النبوغ مأساة ومن التفرد كارثة وكل ما يمكن أن يساهم به الفرد في تغيير المجتمع للإمام سببًا في توتر العلاقة بينه وبين المجتمع الذي يجيد الانتقام ممن يحاولون تغييره بأفكارهم ومواقفهم!!

حدث هذا مع الكثيرين لكنه كان أكثر وضوحًا وتحديدًا مع قلة من أصحاب المواهب الكبرى الذين أجادوا صناعة الأفكار وهز الوجدان وأخلصوا الفكرةوهدف شغلتهم عن أشياء بالغة الأهمية في مجتمعنا العربي السعيد مثل الدعاية والعلاقات والإعلانات واستجلاب رضا من سوي ومن لا يستوي!!

في القلب من هؤلاء يأتي الشاعر أحمد محرم صاحب الموهبة العملاقة التي تضعه بإمتياز مع كبار شعراء العربية في كل عصورها والذي حرمته مزاياه وسجاياه العديدة (كالعكوف على فنه والإخلاص له) من شهرة نالها الكثير من الشعراء الذين لا يصلون لربع قامتة الشعرية الضخمة!

واثناء الاعداد لهذا الموضوع عن الشاعر أحمد محرم طارده سوء الحظ حتى بعد مماته أيضا فلم نجد له صورة واحدة فى ارشيفات الصحف والمجلات لنعرضها مع المووضوع لكننا وجدنا الكثير عن حياته وشعره وأرائه وكلها توضح مكانته واستحقاقه للالتفات له بعد طول تجاهل.

من هو الشاعر أحمد محرم؟

ولد الشاعر أحمد محرم يوم السبت الخامس من محرم سنة 1294هـ، الموافق 20 من يناير سنة 1877م، وكانت ولادته في حي باب الوزير من أحياء القاهرة كان والديه تركيين، الأب تركي خالص النسب لم يختلط دمه بدم عربي أم الأم فاختلط نسبها بالدم المصري وتنسب لعائلة الدرملي بالقاهرة، وككثير من كبار الأدباء والمفكرين في مصر ممن امتزجت فيهم عدة أعراق فإن الشاعر أحمد محرم قد ورث خصائص الدم التركي والمصري حيث تكون مزاجة من مجموع هذه الخصائص.

كان والده “حسن أفندي عبد الله” و رغم أصله التركي ـ رجلا شديد التعلق بالعروبة محبًا لآدابها وتاريخها متدينًا شديد التمسك بالأصول الإسلام وشعائره، وإلى جانب قراءات الموسعة فقد ورث الشاعر أحمد محرم من أبيه  تدينه وإشادته بمجد الإسلام ودفاعه عنه.

نشأته وتعليمه وشعره

وفي طفولته ذهب الشاعر أحمد محرم مع والده الذي نقل إلى البحيرة وهناك ابتدأ حياة جديدة وتعرف فيها على الريف وعرف حياة البسطاء من الفلاحين ومدى توغل الشعور الديني لدى البسطاء وحينما أرسله والده للقاهرة لمدرسة داخلية بعث لأبيه بقصيدة يشكو له فيها حنقه من خشونة نظام التدريس وجفافه بالنسبة له وعدم قدرته على الاستمرار رفيه وعلى الفور أعاده أبوه إلى القرية وأحضر له بعض أستاذة الأزهر يلقنونه فقه اللغة وآدابها وفي دمنهور تعرف محرم على الشيخ “جاد علوان الذي كان شيخًا ذائع الصيت عالم باللغة وأسرارها وعنده حضر مجالس أدبية ودينية القي فيها بعض قصائده المبكرة وهي القائد التي لفتت إليه الأنظار بقوة حتى أن الكثير من رواده ندوه الشيخ جاد كانوا يحفظون هذه القصائد عن ظهر قلب، وفي هذه المرحلة الباكرة من حياته بدأت متابعه فهو بطبعه أميل للعكوف على القراءة والدرس بمفرده وأميل للعزلة والتفكير وبعد فترة ضاقت أمه برفضه أن يعمل أعمال كثيرة بعيدة عن الكتابة والتأليف، وقد صور محرمن موقف أمه في بعض قصائه فقال على لسان أمه:

  • أبني إن المرء يغني شأنه           فيعيش في الأهلين وهو محبب
  • وأراك في شرخ الشباب وروقه             يغدوك والدك الكبير الأشيب
  • لا مال تكسبه ولست ببارح               تغني ونتلف جاهدًا ما يكسب
  • تدع السراج فلست تطفئ نوره            حتى ترى أخرى النجوم تغيب
  • أيباع هذا الشعر أم أنت امرؤا             تهوى من الأشياء ما يتجنب

ولم يكن الشاعر أحمد محرم بالطبع يهوى البطالة بل كان قادرا على يعمل كثيرًا جدًا لكنه كان يريد ألا يشغله شيء عن شعره خاصة وأنه مولع بمعالي الأمور متعاليا على الصغائر مستمسك بالأخلاق الفاضلة والبعد عن اللذائذ والشهوات التي روق لنسان في صباه وشبابه وقد عبر عن نضوره من اللهو والعبث بشعر قوى وجميل قاله في حباه الباكر:

  • قالوا: زمان الصبا لهو لصاحبه            فقلت مالي أراه وهو لي كمد
  •  إني امرؤ ما جد الأخلاق فاضلها         ما عا بني لعب يومًا ولا فند
  • سموت بالجد والصدق اللذين هما     خدناي أيهما أبغي واعتمد
  • ما عا بني غير حساد بليت بهم           وهل يعيب شريفًا في الودي حسد

وفي هذه البيت الأخير يكمن ملمح هام من ملامح سيرة وشخصية شاعرنا الكبير، فقد كان ذو طاقة شعرية هائلة وموهبة قل نظيرها لكنه مع هذا شديدة الاعتداد برأيه حتى ولو خالف آراءه معاصر به وقد جلب له هذا كله نوع من الحسد والغيرة، أصاباه بكثير من الأذى والشرور والمعاندة حتى مال في شبابه الباكر لنوع من العزلة والتبتل والوحشة ظهرت في شهره الذي مال في بعض لمذهب أبي العلاء في الخدر من الدنيا وغني الانقطاع عنها:

  • أما الغلام فما أفارق أثمه                   إذا كان عندي أقطع الأثام
  • ماذا جنى فيكون بعض جزائه             دار الشفاء وموطن الآلام
  • لله شرع أبي العلاء فإنه                     شرع يعظمه ذوو الأحلام
  • رضي التبتل ليس يؤثر غيره                حتى انقضت أيامًا بسلام

غير أنه وإلى جانب ما ناله الشاعر أحمد محرم من الحسد والغيره فقد نال أ]ضًا وعلى جانب آخر الكثير من التوقير والاحترام من م عاصريه من الأدباء الكبار الذين عرفوا قيمته وحينما قدم محرم، الألياذة الإسلامية والتي حكي فيها بمد الآلاف الأبيات تاريخ الإسلام وسير الخلفاء وأيام الفتوحات، كان قد أخذ مكانه التي يستحقها كشاعر ملتزم بقضايا أمته وبطريقة العرب في الشعر حيث كان يري الكلام الكثير عن التجديد صربًا من اللغواء والثرثرة وأن التجديد الحقيقي هو الغاء كلمة جديدة على مسامع الدهر ولكن بحفاظ كامل على الأوزان والقوافي وإحياء اللغة وإلباسها أثوابًا جديدة وقد كان بالفعل يغاله في الشعر القصصي ضرب هام من ضروب التجديد لم يكن موجودًا في الشعر العربي قبل “الألياذة الإسلامية” بهذه الروعة والضخامة والامتداد، وكان طبيعيًا وأحمد محرم مشغول بشعره مهموم بأمته أن تتعثر حياته حيث عاني كثيرًا من شطف العيش وخشونته مع عدم انتظامه في عمل ثابت يليق به وقد عبر عن حزنة وغضبه بأبيات بلغيه وبالغة التأثير:

  • هيهات لا كتبي ولا أقلامي         تغني بني إذا حم حمامي
  • هذي القصائد ما انتفعت بنظمها      فعلام أرجوها لنفع غلامي
  • أيضًا الأقوام من بعدي بها                 فلقما تدوي بذاك غطامي
  • النار أولى بالذي أنا جامع          إما لدفء أو لنضج طعام
  • هبني ابا تمام في إبداعه             ماذا يسرك من أبي تمام
  • أودى فضاع فريضة في معشر           ليسوا بأعراب ولا أعجام
  • المال أصبح خير شيء يقتنى              لا شيء يعدله لدى الأقوام

وهي أبيات قريبة الشبه بذلك الإحساس الساري في أشعار واحد من أعظم شعراء العرب وهو “ابن الرومي”.كان مثل محرم شاعرا عظيما مغبونا أشد الغبن في عصره، وإذا كان الشاعر أحمد محرم قد تناول النقد وكتب العديد من الأبحاث مثل ” الشعر الباكي في الأدب العربي” و”شعر الهجاء” و”أدباؤنا المنسيون”، و”الشعر العصري” إلى جانب نقده للعديد من أثار شعراء عصره مثل النقد الذي كتبه حول ديوان “الشعلة” لأحمد زكي أبو شادي، و”نقده لقصائد حافظ إبراهيم وتوفيق البكري وإسماعيل صبري.

أحمد محرم شاعر الإلياذة الإسلامية

إلا أن أثاره الشعرية الكبرى تبقي الأثر الأهم الذي يحفظ له مكانه عالية لم يدانيه فيها حتى الآن أحد فشاعر الإلياذة الإسلامية هو الذي أصدر الجزء الأول من ديوانه سنة 1908 على حين ظهر الجزئ الثاني في 1920 و”ديوان مجد الإسلام” هو عمل هائل ونادر في أربعة أجزاء وسجل خلالها حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وأشهر غزواته وسرياه في خمسة آلاف ومائتي بيت وقد كان هذا الإنتاج الشعري الغزير وفي ناحية لم يتطرق (ويتخصص) فيها شاعرا سببًا في أن يكتب النقاء والشعراء عن مكانته كشاعر كما لم يكتبوا عن أحد فض ما إذ شاعر الخلافة (السيد أبو النصر السلاوي) إن يجمع أثار البلغاء من شعراء عصره في كتابه “عكاظ الأدب” بدأ الجزء الأول سبع قصائد سماها “تعلقات” وإبان أنه أسماها معلقات لأنها مما يعلق في الصدور لنفاسته وقوة بيانه وعدة محرمًا من أصحاب هذه المعلقات حيث اختار قصيدته التي يمدح فيها عمر بن الخطاب والتي يبدأها بقوله:

  • منازل سلمي  لاعدتك القمائم            وإن درست بالجزع منك المعالم

وهي قصيدة كان قد كتبها وعمره لا يتجاوز السادسة عشرة، أما ولي الدين يكن فقال ـ محرم في شهره نسيج وحدة وهو أقرب الشعراء المعاصرين ديباجة من شعراء العرب وإننا نستطيع القول أن محرمًا وحافظًا أفصح شعراء زماننا أما أحمد كاشف الذي كان أديبًا وشاعرًا شهيدًا في هذه الأيام مكتب عنه لقد أصبح ذكر هذا الشاب الجليل أحمد أفندي محرم متداولا على السن الأدباء ومحبوب لديهم لما اشتهر به من علوا سهمه، وبعد النظر في كتابته التي تعطرت بها الصحف وضربت بجودته ومتانتها الأمثال

أحمد زكي: “محرم مدرسة”

أما الشاعر أحمد زكي أبي شادي فيري أن الشاعر أحمد محرم “مدرسة في ذاته جمعت بين مزايا المحافظين والمجددين على السواء وأنه يجمع بين أسلوب المحافظين في خلوصه ونصاعته وبين روح التجديد في إقباله على المعاني الوجدانية والصور الممثلة لروح العصر “.

وأما رأي الشاعر حسن كامل الصيرفي فيتلخص في أنه يري محرمًا في شعره يمتاز بعدة خصائص منها الموسيقي العذبة الهادرة والقدرة على التصوير إضافة للديباجة العالية والجزالة السامية المحببة للنفس بغير تصعيب أو تقعر وربما لهذا كان الصيرفي يضع محرمًا في مكان يزاحم فيه شوقي ويقدمه بغير تحفظ على حافظ إبراهيم وربما لهذا أيضًا كانت جماعة أبو لو بكل شعراءها و نقادها تنتصر لمحرم وتطالب بإعطائه زعامة لواء الشعر بعد شوقي وبعد أن كان كثير من شعراء هذه المدرسة ينتصرون لمحرم على شوقي في حياة الأخير الذي استظل بسلطان ونفوذ لا مثيل لهما جلبًا له الشهرة والمال و انتشار قصائده بمجرد انتهائه منها بينما كان محرم يستظل بموهبته فقط وبإخلاصه للعروبة والإسلام وهؤلاء الذي كلفه الكثير في حياته و بعد مماته وحتى اليوم!

[ad_2]

شخصيات تاريخية
شارع 7 | تمام حسان .. مجدد العربية

[ad_1]

ربما يصعب التعريف بقيمة هذا الرجل وعطائه نظرا لطبيعة تخصصه، ولكن لمن هم بعيدون عن حقل الدراسات اللغوية يكفي أن نقول: حين كنا طلابا في قسم اللغة العربية كان يذكر لنا ثلاثة كتب هي الأهم في دراسة العربية: “الكتاب” لسيبويه وهو المؤسس للنحو العربي، و”دلائل الإعجاز” للإمام عبد القاهر الجرجاني.. ثم كتاب “اللغة العربية معناها ومبناها” لتمام حسان.

ولولا طبيعة الزمان وأن المعاصرة حجاب لبويع تمام حسان أميرا ومجددا للنحو العربي وللدراسات اللغوية الحديثة في عالمنا العربي.

فالعالم الكبير الدكتور تمام حسان – رحمه الله – هو صاحب أول وأجرأ محاولة لترتيب الأفكار والنظريات اللغوية في اللغة العربية بعد سيبويه وعبد القاهر الجرجاني، وربما لم يوضع كتاب لغوي حديث ضمن قائمة أمهات كتب العربية إلا كتابه “اللغة العربية معناها ومبناها”، وقد وصفه غير قليل من علماء اللغة العرب بذلك، منهم مثلا سعد مصلوح، ويطلق عليه “الكتاب الجديد” بعد كتاب سيبويه الذي سمي بـ”الكتاب” كما لو كان أصل كتب العربية وأهمها.

نظرية متكاملة

وفي هذا الكتاب -كما في بقية كتبه- قدم الدكتور تمام حسان نظرية متكاملة في دراسة اللغة العربية خالف فيها ما استقر عليه الأمر في هذا الشأن من لدن سيبويه إلى عصره، ورفض نظرية العامل التي بنى عليها سيبويه (في القرن الثاني الهجري) النحو العربي وتابعه عليها الأولون والآخرون. وصاغ تمام حسان بديلا عنه نظرية “القرائن اللغوية”، فجاوز بها كل علماء العربية، حتى من سبقوه بنقدها ورفضها.

وكان سيبويه في نظرية العامل التي شيد على أساسها النحو قد عد العلامة الإعرابية هي القرينة الوحيدة لفهم المعنى، وعلى خطاه سار النحويون ولم يخرج عنهم إلا القليل ممن انتقدوها مثل ابن مضاء القرطبي (في القرن السادس الهجري)، ولكن ظل الأمر قيد النقد الجزئي الذي يدور داخل النظرية من دون أن يستطيع منها فكاكا حتى فعلها تمام حسان الذي أعاد صياغة النظام النحوي العربي كله على أساس فكرة تضافر القرائن اللغوية في تحديد المعنى وعدم انفراد العلامة الإعرابية به إذ اعتبرها مجرد قرينة واحدة يمكن أن تختفي في بعض الأحوال، فلا تستطيع تحديد المعني.

وهو ما يستلزم في رأيه اللجوء إلى قرائن أخرى توضح المعنى وتجليه، وقد حدد تمام حسان عددا من القرائن التي لا بد منها (مثل قرائن: الرتبة، التضام، الربط، الضمائر، البنية، النغمة، أمن اللبس، مستوى الصواب والخطأ، التماثل الصوتي)؛ فالرتبة تقول إن ما يلي الفعل مثلا هو الفاعل ما لم يحدث استثناء، وقرينة التضام تعتمد على افتقار الكلمة لأخرى بعدها (مثل الموصول لصلة الجار لمجرور.. وهكذا بما يعين في فهم المعنى دون البحث عن العلامة الإعرابية).

لقد بنى حسان بهذه النظرية للنحو نظاما متماسكا قوامه القرائن المعنوية واللفظية بعد أن كان النحو في نظر الدارسين تحليلا إعرابيا فحـسب، ولهذه النظرية الجديدة أهمية كبرى لا يمكن تبينها إلا حين تقرأ تطبيقاتها على فهم وتفسير القرآن الكريم؛ وهو ما أنجزه تمام حسان في كتابه الرائع “البيان في روائع القرآن” والذي هو تطبيق عملي لنظريته.

تجديد دراسة اللغة

هذه المقدمة النظرية لا بد منها للتعريف بالرجل، فهو عالمٌ فضّل أن يهجر الدنيا لنظريته ومشروعه فلم يُعن بكتابة المقالات العامة أو الحديث في كل شيء كما يفعل الكثيرون، بل نذر حياته -بلغ الثامنة والثمانين أمد الله في عمره- لفكرة واحدة: تجديد دراسة اللغة العربية.. ومن أجلها هانت عليه حياة هي أقرب للرهبنة.

كانت معرفتي الأولى بالعالم الجليل تمام حسان تشابه الأسماء الذي طالما كان محل تساؤل من أساتذتي في قسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، ثم تعرفت عليه عبر قراءة مدرسية لكتابه “اللغة العربية مبناها ومعناها” لم تكشف لي عن قيمته التي لم أعرفها إلا حين تركت دراسة اللغة العربية وعملت بالصحافة، وظل في مخيلتي أشبه بأبي عمرو بن العلاء وسيبويه والخليل بن أحمد وأعلام العربية.. وربما كان اسمه التراثي المنغم سببا في هذا الشعور، وقد سعيت زمنا للقائه وزيارته.

ولما قابلته في بيته أول مرة تأكد لي صدق مشاعري؛ إذ رأيتني بإزاء رجل تعلوه هيبة ووقار تؤكده ملامحه الجادة، وبنيانه الجسماني القوي الذي يستدعي صورة القدماء، وكرمه ودفء لقائه الذي سيبين لك سريعا عن أصوله الصعيدية.

ما غاب عن خيالي من صورة تمام حسان هو المكتبة وطريقه عمله، فقد كنت أتصوره غارقا في الكتب القديمة والمخطوطات والأوراق المبعثرة، فإذا به يصطحبني لغرفة مكتب بسيطة وأنيقة ومنظمة، ثم هو يجلس على مكتبه ويفتح جهاز الكمبيوتر الخاص به ليراجع معي آخر بحث له في علم الصوتيات، وكانت المرة الأولى التي أرى فيها شيخا تجاوز الثمانين يكتب أبحاثه ويراجعها بنفسه من الكمبيوتر!.

رحلة عطاء حافلة

وقبل أن نتحدث عن مشروعه لا بد من بعض المعلومات التي ربما تكشف صورة تمام حسان وقيمة مشروعه الفكري:

  • فتمام حسان المولود في 27 من يناير عام 1918 في الكرنك بمحافظة قنا أقصى صعيد مصر، ينتمي إلى الجيل الذهبي من علماء الأمة الذين أتيح لهم التكوين الديني والعلمي الرصين والمبكر؛ فقد حفظ القرآن الكريم وجوّده على قراءة حفص وتم له ذلك في عام 1929.
  • ثم غادر قريته في الكرنك ليلتحق بمعهد القاهرة الديني الأزهري في عام 1930.
  • ومنه حصل على الشهادة الأزهرية في عام 1934، ثم الثانوية الأزهرية عام 1935.
  • وبعدها التحق بمدرسة دار العلوم العليا عام 1939، ومنها حصل على دبلوم دار العلوم عام 1943.
  • ثم حصل على إجازة التدريس من دار العلوم عام 1945.
  • ولم يكد تمام حسان يبدأ حياته العملية معلما للغة العربية بمدرسة النقراشي النموذجية عام 1945، حتى نال بعثة علمية للدراسة بجامعة لندن عام 1946 ليحصل منها على الماجستير والدكتوراة في علوم اللغة.
  • وعقب عودته من رحلته العلمية عُـيِّـن تمام حسان مدرسا بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة في أغسطس 1952، كما انتدب مستشارا ثقافيا بسفارة الجمهورية العربية المتحدة في العاصمة النيجيرية لاجوس 1961.
  • وحين عاد إلى مصر في عام 1965 شغل منصبي رئيس القسم ووكيل كلية دار العلوم، قبل أن يتولى عمادتها عام 1972.
  • وقد أسس الدكتور تمام حسان الجمعية اللغوية المصرية عام 1972 وكان أول رئيس لها، وأنشأ أول قسم للدراسات اللغوية بجامعة الخرطوم في السودان وكان أول رئيس له، كما أسس بجامعة أم القرى قسم التخصص اللغوي والتربوي الذي كان أول قسم لتخريج معلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها.
  • تولى تمام حسان أمانة اللجنة الدائمة للغة العربية بالمجلس الأعلى للجامعات المصرية، وانتخب عضوا بمجمع اللغة العربية عام 1980.

مؤلفات فاتحة

ولتمام حسان عدد من المؤلفات التي يشكل كل مؤلف منها فتحا جديدا في بابه، ومن أشهر مؤلفاته: مناهج البحث في اللغة، واللغة بين المعيارية والوصفية، واللغة العربية: معناها ومبناها، والأصول، والتمهيد لاكتساب اللغة العربية لغير الناطقين بها، ومقالات في اللغة والأدب، والبيان في روائع القرآن، والخلاصة النحوية… إضافة إلى عشرات المقالات والدراسات والبحوث التي نشرت في الدوريات العربية المتخصصة أو قدمت في المؤتمرات العلمية.

وله عدد من الكتب المترجمة من أهمها: “مسالك الثقافة الإغريقية إلى العرب”، و”الفكر العربي ومكانته في التاريخ”، و”اللغة في المجتمع”، و”أثر العلم في المجتمع”، و”النص والخطاب والإجراء”. كما شارك بجهوده في لجنة ترجمة معاني القرآن الكريم التابعة لرابطة العالم الإسلامي بمكة.

وقد أشرف الدكتور تمام حسان على عشرات الرسائل العلمية في عدد من الجامعات المصرية والعربية مثل: القاهرة والإسكندرية والخرطوم ومحمد الخامس ومحمد بن عبد الله بفاس والكويت وأم القرى والإمام محمد بن سعود واليرموك والمستنصرية. وقد أودع معظم هذه الرسائل نظريته اللغوية المعروفة بتضافر القرائن والتي يوجزها كتابه “اللغة العربية معناها ومبناها”؛ وهو ما أوجد بين تلاميذه مدرسة فكرية خاصة في حقل الدراسات اللغوية العربية، توسعت عبر أجيال جديدة من الباحثين والطلاب في كثير من الدول العربية.

ريادة في النقل

ينسب إلى تمام حسان الريادة في نقل النظريات اللغوية الحديثة إلى العالم العربي والإسلامي وتطبيقها على دراسة اللغة العربية؛ حيث درس مبكرا في أوربا وتتلمذ على أهم اللغويين الغربيين، مثل أستاذه المباشر العالم البريطاني “فيرث” صاحب نظرية السياق، وكان أول معالم مشروعه اللغوي تطبيق المناهج الغربية في دراسة الصوتيات على بعض اللهجات العربية، فنال الماجستير من جامعة لندن عن دراسته الصوتية للهجة مدينة الكرنك بمسقط رأسه (محافظة قنا)، كما نال الدكتوراة من الجامعة نفسها في دراسة صوتية أيضا للهجة مدينة عدن باليمن.

وفي رسالته للدكتوراة نراه يعيد سيرة علماء العربية الأوائل؛ حيث قضى 6 أشهر في عدن يجمع ويدرس لهجة أهلها كما كان يفعل اللغويون القدامى في دراستهم للغات البوادي والقبائل، كما كان أهم عالم عربي طبق “البنيوية” في دراسة اللغة العربية، وخاصة النحو العربي، وهو منهج يقوم على دراسة العلاقات بين الأشياء وليس الأشياء نفسها، وهو ما استفاد منه فيما بعد في بناء نظريته “القرائن اللغوية” وطورها لوضع نظرية جديدة لدراسة النحو العربي، كانت في الحقيقة أول نظرية لدراسة النحو العربي بعد سيبويه.

أوليات تمامية

وحين يذكر تمام حسان تستدعي أوليات نسبت إليه؛ فهو أول من استنبط موازين التنغيم وقواعد النبر في اللغة العربية؛ حيث لم تكن مدروسة قبله وكانت تدرس فقط في اللغات الأجنبية الرئيسية، وقد أنجز ذلك في أثناء عمله في الماجستير والدكتوراة وشرحه في كتابه “مناهج البحث في اللغة” عام 1955.

وهو أول عالم لغوي في العالم يدرس “المعجم” باعتباره نظاما لغويا متكاملا تربطه علاقات محددة وليس مجموعة مفردات أو كلمات كما كان المستقر عالميا؛ فهو الذي نبه إلى فكرة النظام اللغوي للمعجم، وأن هناك كلمات تفرض الكلمات التي تستعمل معها؛ فهناك أفعال لا بد لها من فاعل وأخرى لا بد أن يكون فاعلها عاقلا.

وهو أول عالم لغوي عربي يخالف البصريين والكوفيين في دراسة الاشتقاق حين اقترح “فاء الكلمة وعينها ولامها”، كأصل للاشتقاق في حين كان أصل الاشتقاق عند البصرة “المصدر”، وأصله عند الكوفة “الفعل الماضي.

وهو أول من أعاد تقسيم الكلام العربي على أساس المبنى والمعنى رافضا التقسيم الثلاثي (اسم، فعل، حرف)، وجعل التقسيم سباعيا (اسم، فعل، صفة، ظرف، ضمير، خالفة، حرف) بحسب السلوك النحوي الخاص بكل قسم.

وكان أول من فرّق بين الزمن النحوي والزمن الصرفي، فقال بالزمن الصرفي الذي هو وظيفة الصيغة المفردة من دون جملة (ماض، مضارع، أمر) والزمن النحوي الذي يختلف عنه وقد يخالفه، مثلما هو الحال في قوله تعالى {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب…} فهو زمن مضارع صرفيا لكنه ماض نحويا.

كما كان تمام حسان من أكثر علماء العربية الذي سعوا إلى التضييق على فكرة الشذوذ والندرة وعدم القياس التي اعتادها النحويون، والتي تهدر ميراثا لغويا وتؤدي إلى جمود اللغة؛ فقال بالترخص في القرائن المبنية على تضافر القرائن في إيضاح المعنى وزيادة بعضها عن الحاجة إلى الإفادة، كما كشف عن نوع من الاستعمال يخالف القواعد ولكنه يقاس عليه، وأطلق عليه اسم الأسلوب العدولي.

تكريم وشهرة ناقصة

ورغم كثرة أوليات تمام حسان، فإن محصوله من التكريم والشهرة قليل بما لا يوازي ما ناله تلامذته، فسجله من التكريم يقول إنه حصل في عام 1972على الجائزة الأولى في مسابقة مكتب تنسيق التعريب بالرباط، وحصل على جائزة آل بصير الدولية عام 1984، وحصل على جائزة صدام للآداب عام 1987.. إلى أن كرم أخيرا بحصوله على جائزة الملك فيصل العالمية في العام المنصرم 2005.

والدكتور تمام حسان (أبو هانئ) تشرف به الجوائز قبل أن يشرف بها، وهي سعت إليه ولم يسع إليها بل ظل عاكفا في محراب علمه مستصغرا ما دونه، ويكفي مصداقا لذلك أنه لا يكاد يظهر في الحياة العامة إلا نادرا ولا تكاد تعرف كاميرات التليفزيون طريقها إليه.

وفاته

توفي في صباح يوم الثلاثاء 11 أكتوبر 2011 م بعد مرض قصير وعملية جراحية بالمخ رحم الله الفقيد وتغمده برحمته وأدخله جناته.

وللاستزادة حول جهود الدكتور تمام حسان ومشروعه الفكري:

  • “العربية وعلم اللغة البنيوي: دراسة في الفكر اللغوي العربي الحديث” – للدكتور حلمي خليل- دار المعرفة الجامعية.
  • والكتاب التذكاري الصادر عن الدكتور تمام حسان- مكتبة عالم الكتب.

 

حسام تمام

[ad_2]

شخصيات تاريخية
شارع 7 | من هدي الصحابة والسلف في رمضان

[ad_1]

لشهر رمضان منزلة سامقة في نفوس المسلمين عامة وذلك لما فيه من فضائل جمة ولما له من شمائل عدة بيَّنها لنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. ولذلك حرص الصحابة رضوان الله عليهم ومن بعدهم التابعين على اغتنام كل لحظة في هذا الشهر الفضيل حتى تربو الحسنات وترتفع الدرجات. فمن المفيد أن نتتبع ونستعرض كيف كان هدي الصحابة والسلف الصالح في رمضان فنأخذ منهم القدوة ونلتمس فيهم الهمة؛ لم لا وهم خير القرون، وهم من اقتدوا بالمعلم الأول محمد صلى الله عليه وسلم.. فنراهم في رمضان قد انشغلوا بكثرة قراءة القرآن والصلاة فرضا ونفلا في الجماعات وبطول القيام، وبالذكر والدعاء والاستغفار باليل والنهار وبالأسحار، وبالصدقة والاعتكاف، ثم تراهم مع اجتهادهم يدعون بقلوب مشفقة أن يتقبل الله منهم ما كان في رمضان. فهاك عن بعضهم لمحات في شهر الهمة والخيرات.

من الصحابة

أبي بكرالصديق : عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر قال: سمعت أبي يقول: “كنا ننصرف في رمضان من القيام، فيستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر.”

عمر بن الخطاب : قال أبو عثمان النهدي: “أمر عمر بثلاثة قراء يقرؤون في رمضان، فأمر أسرعهم أن يقرأ بثلاثين آية، وأمر أوسطهم أن يقرأ بخمس وعشرين، وأمر أدناهم أن يقرأ بعشرين.

قال السائب بن يزيد: “كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب في شهر رمضان بعشرين ركعة

عثمان بن عفان : عن السائب بن يزيد قال: “وكانوا يقرؤون بالمائتين وكانوا يتوكؤون على عصيهم في عهد عثمان بن عفان من شدة القيام..

وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه يختم القرآن كل يوم مرة (كل ليلة طول السنة في ركعة واحدة).

عبد الله بن عمر: كان ابن عمر لا يفطر في رمضان إلا مع اليتامى والمساكين، وربما لا يفطر إذا علم أن أهله قد ردوهم عنه في تلك الليلة. وكان رضي الله عنه من ذوي الدخول الرغيدة الحسنة ولكنه لم يدخر هذا العطاء لنفسه قط، إنما كان يرسله إلى الفقراء والمساكين والسائلين، فقد رآه أيوب بن وائل الراسبي وقد جاءه أربعة آلاف درهم وقطيفة، وفي اليوم التالي رآه في السوق يشتري لراحلته علفاً بالدين، فذهب أيوب بن وائل إلى أهل بيت عبد الله وسألهم، فأخبروه: “إنه لم يبت بالأمس حتى فَرَّقَهَا جميعًا، ثم أخذ القطيفة وألقاها على ظهره وخرج، ثم عاد وليست معه، فسألناه عنها فقال إنه وهبها لفقير..”

ذكر نافع عن ابن عمر أنه كان ينام قليلا من الليل ويتهجد وكان يسأل نافعا هل أسحرنا (أي هل جاء وقت السَحر) فإذا قال نعم أوتر ثم جلس يستغفر.

الأئمة الأربعة

الإمام الشافعي: ذكر ابن رجب رحمه الله ان للشافعي ستين ختمة يختمها في غير الصلاة.(بمعنى انه يختم في الليل مرة وفي النهار مرة).

وعن أبي بكر بن أبي طاهر قال: كان للشافعي في رمضان ستون ختمة لا يحسب منها ما يقرأ في الصلاة.

الإمام أبو حنيفة : قال ابن رجب رحمه الله :” وروي عن أبي حنيفة مثل ذلك” (أي ستين ختمة يختمها في غير الصلاة.)

الإمام مالك : كان مالك بن أنس إذا دخل رمضان يفر من الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف وكان الامام مالك بن انس لا يفتي ولا يدرس في رمضان ..ويقول “هذا شهر القرآن..

الإمام أحمدبن حنبل : كان الامام أحمد يغلق الكتب ويقول: “هذا شهر القرآن..

من التابعين وتابعيهم

البخاري : قال مسبِّح بن سعيد: كان محمد بن إسماعيل البخاري يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمة.

وكان الإمام البخاري -رحمه الله- إذا كان أول ليلة من شهر رمضان، يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم ويقرأ في كل ركعة عشرين آية، وكذلك إلى أن يختم القرآن. وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن، فيختم عند الإفطار كل ليلة ويقول: “عند كل الختم؛ دعوة مستجابة.

سفيان الثوري: كان سفيان إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن.

أبي محمد اللبان : ذكر الحافظ الذهبي عن أبي محمد اللبان أنه أدرك رمضان سنة سبع وعشرين وأربعمائة ببغداد فصلّى بالناس التراويح في جميع الشهر فكان إذا فرغها لا يزال يصلي في المسجد إلى الفجر، فإذا صلى درّس أصحابه. وكان يقول: “لم أضع جنبي للنوم في هذا الشهر ليلاً ولا نهاراً. وكان ورده لنفسه سبعا مرتلاً”.

قتادة السدوسي: قتادة بن دعامة السدوسي، وكان ضرير البصر، وكان يختم القرآن في كل سبع دائماً، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة.

أبا بكر بن الحداد :  قال أبو بكر بن الحداد : ” أخذت نفسي بما رواه الربيع عن الشافعي أنه كان يختم في رمضان ستين ختمة سوى ما يقرأ في الصلاة ، فأكثر ما قدرت عليه تسعا وخمسين ختمة ، وأتيت في غير رمضان بثلاثين ختمة .

زبيد اليامي : كان زبيد اليامي  إذا حضر رمضان أحضر المصحف وجمع إليه أصحابه.

وكيع بن الجراح : كان وكيع بن الجراح يقرأ في رمضان في الليل ختمةً وثلثاً، ويصلي ثنتي عشرة من الضحى، ويصلي من الظهر إلى العصر.

ابن أبي ملكية : عن نافع بن عمر بن عبد الله قال: “سمعت ابن أبي ملكية يقول: كنت أقوم بالناس في شهر رمضان فأقرأ في الركعة الحمد لله فاطر ونحوها، وما يبلغني أنّ أحداً يسثقل ذلك.

أبو رجاء : أبو الأشهب قال: “كان أبو رجاء يختم بنا في رمضان كل عشرة أيام”

ابن سيرين : عن هشام قال: “كان ابن سيرين يحيى الليل في رمضان.”

المأمون : عن ذي الرياستين قال: “إن المأمون ختم في شهر رمضان ثلاثاً وثلاثين ختمةً ، أما سمعتم في صوته بحوحة؟ إن محمد بن أبي محمد اليزيدي في أذنه صمم ، فكان يرفع صوته ليسمع ، وكان يأخذ عليه.”

أبي العباس بن عطاء : عن أبي العباس بن عطاء أنه كان لـه في كل يوم ختمة ، وفي شهر رمضان كل يوم وليلة ثلاث ختمات ، وبقي في ختمة يستنبط مودع القرآن بضع عشرة سنة ليستروح إلى معاني مودعها ، فمات قبل أن يختمها .

زهير بن محمد : عن محمد بن زهير بن محمد قال : كان أبي يجمعنا في وقت ختمة القرآن في وقت شهر رمضان في كل يوم وليلة ثلاث مرات تسعين ختمة في شهر رمضان

سعد بن إبراهيم : عن ابن سعد قال: “كان أبي سعد بن إبراهيم إذا كانت ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، لم يفطر حتى يختم القرآن وكان يفطر فيما بين المغرب والعشاء الآخرة. وكان كثيرا إذا أفطر يرسلني إلى مساكين فيأكلون معه رحمه الله.”

احتضر أحد السلف فجلس أبناءه يبكون فقال لهم: “لا تبكوا فوالله لقد كنت أختم في رمضان في هذا المسجد عند كل سارية 10 مرات” وكان في المسجد 4 ساريات..أي ختم 40 مرة في رمضان..

قد يقول قائل أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث، وهنا يقول ابن رجب: إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان والأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناماً لفضيلة الزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم، كما سبق.

وكان السلف رحمهم الله يحبون طول القيام في هذه الليالي فكثيرا ما يُذكر أنهم كانوا يصلون طوال الليل حتى إذا انصرفوا يقولوا لخدمهم أسرعوا بالسحور أسرعوا..

عند الإفطار

كان من السلف من يطعم إخوانه الطعام وهو صائم ويجلس يخدمهم ويروّحهم (أي يستخدم لهم مروحة يدوية للتهوية)… منهم الحسن وابن المبارك.

وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم منهم عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما، وداود الطائي ومالك بن دينار، وأحمد بن حنبل.

قال أبو السوار العدوي: “كان رجال من بني عدي يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده، إن وجد من يأكل معه أكل، وإلا أخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس وأكل الناس معه”

إطالة القيام

قال الشيخ ابن جبرين: “ذُكر أن أهل مكة في عهد أواخر الصحابة كانوا يصلون ثلاث وعشرين ركعة ولكنهم كانوا يطيلونها بحيث أنهم كلما صلوا أربع ركعات استراحوا قليلا فاستراحتهم هذه لأجل طول القيام فسميت هذه الصلاة صلاة التراويح.

ويضيف: “وكان أهل مكة بعد الاربع ركعات بدل الراحة يطوفون بالبيت الحرام – حيث أنهم كانوا يصلون فيه – سبعة اشواط واستمر ذلك عدة سنوات وسمع بذلك اهل المدينة فقالوا أنه ليس عندنا المسجد الحرام لنطوف به ونريد أن ننافس أهل مكة فبدلا من الطواف كانو يصلون ثلاث أو أربع ركعات بين كل أربع ركعات قيام فكانوا يصلون ست عشرة ركعة زيادة على صلاة قيام أهل مكة. وزاد بعضهم إلى أن جعلها إحدى وأربعين ركعة. فإذا كانت الليالي في الشتاء أطالو القيام والأركان وزادوا في الركعات… كما كانوا يكرهون ان يقتصر القارئ على ختمة واحدة بل كانوا يختمون عدة مرات وذلك تلذذا بسماع القرآن. وقال الفقهاء يُكره أن يقل عن ختمة فإن كان اكثر فهو أفضل.”

وقد كانت طائفة من الصحابة والتابعين يقومون نصف الليل أو ثلثه او ثلثيه كما أخبر الله تعالى عنهم في سورة المزمل (أي حسابيا ما بين أربع وثمان ساعات). وكان إذا فات أحدهم قيام ليلة (جماعة أو فرادى) عد نفسه مصابا.

سبل الثواب جمة

كان بعض السلف رحمهم الله إذا صاموا جلسوا في بيوتهم وذلك خشية أن يتلوث الصيام أو أن يفسد او أن ينقص أجره.

وكان كثير منهم إذا دخل رمضان أو كان منتصفه أعتقوا الرقاب. يشتري أحدهم الرقبة من نفيس ماله ثم يعتقها يرجون العتق من النار.

وكان بعضهم يوصي بعضاً بأن لا يكون يوم صوم أحدهم كيوم فطره، فعن جابر بن عبد الله – رضي الله عنه- قال: “إذا صمت فليصم سمعك وبصرك، ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء.

حال السلف الصالح في آخر شهر رمضان

وكان السلف في آخر الشهر يظهر عليهم الحزن والخوف خشية عدم قبول أعمالهم، ولقد رأى وهب بن الورد قوما يضحكون في يوم عيد فقال: “إن كان هؤلاء تقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين وإن كان لم يتقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الخائفين”.

قال بعض السلف: “كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان ثم يدعون الله ستة أشهر أن يتقبله منهم.”

خرج عمر بن عبد العزيز رحمه الله في يوم عيد فطر فقال في خطبته: ” أيها الناس إنكم صمتم لله ثلاثين يوماً وقمتم ثلاثين ليلةً وخرجتم اليوم تطلبون من الله أن يتقبل منكم كان بعض السلف يظهر عليه الحزن يوم عيد الفطر فيقال له: إنه يوم فرح وسرور فيقول: صدقتم ولكني عبد أمرني مولاي أن أعمل له عملا فلا أدري أيقبله مني أم لا؟

وعن الحسن قال: “إن الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا وتخلف آخرون فخابوا فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون… ” وعن ابن مسعود أنه كان يقول: “من هذا المقبول منا فنهنيه ومن هذا المحروم منا فنعزيه أيها المقبول هنيئاً لك أيها المردود جبر الله مصيبتك.”

نسأل الله العظيم أن نقتدي بالنبي الكريم عالي الهمة وبالصحابة والتابعين أصحاب العزمة في ترتيلهم وعلمهم وعملهم بالقرآن والإحسان في الصيام والإكثار من الصلاة والقيام وفعل الخيرات وترك المنكرات وزيادة الصدقات، إنه ولي ذلك ومولاه.

 

مصطفى الخطيب

[ad_2]

شخصيات تاريخية
شارع 7 | شاه ولي الله الدهلوي .. باعث السُّنة في الهند

[ad_1]

حكم المسلمون الهند منذ أن فتحها محمد الغزنوي سنة (392 هـ= 1001م)، وتتابعت الدول في حكمها فترة بعد فترة، حتى ألقت بمقاليدها إلى الأسرة التيمورية؛ فنهضت بأعباء الحكم، وأقامت حضارة شاهدة على ما بلغته من تقدم وازدهار، ثم وفد الإنجليز إلى الهند تجارا، فأكرم الحكام المسلمون وفادتهم، وساعدوهم في تجاراتهم، وشيئًا فشيئًا اتسع نفوذهم، وعهد إليهم الحكام المسلمون بالقيام على بعض الأعمال، ولم يكن وجودهم خطرا يهدد الدولة في فترة قوتها، حتى إذا ضعفت أسفر الإنجليز عن وجههم القبيح، وسيطروا على الهند، وعلى حكامها المسلمين الذين بلغت دولة الهند في عهدهم مبلغا كبيرا من الضعف والجهل وانتشار الفساد واللهو.

وفي ظل هذه الأجواء المتردية، وانشغال الحكام بأنفسهم، وانصرافهم إلى ملذاتهم، تداعت صيحات مخلصة تنبه القلوب الغافلة، وتوقظ العيون النائمة، وتبث العزم في النفوس الخائرة؛ كي تهب وتستفيق وتقوم بما يجب عليها، وتعيد أمجاد الماضي وتسترد نسماته العطرة، وكان شاه ولي الله الدهلوي أعلى تلك الأصوات، وأكثرها حركة ونشاطا.

المولد والنشأة

ولد أحمد بن عبد الحليم في دهلي بالهند في (14 من شوال 1114 هـ= 2 من مارس 1703م) في أواخر عهد السلطان أورنجزيب (أحد سلاطين الدولة التيمورية العظام)، ونشأ في بيت علم وصلاح؛ فأبوه كان عالما كبيرا، اشترك في مراجعة الفتاوى الهندية على المذهب الحنفي التي أشرف السلطان أورنجزيب على إخراجها.

تعلم الصبي الصغير في كنف أبيه، فحفظ القرآن الكريم في السابعة من عمره، وانصرف إلى دراسة اللغتين الفارسية والعربية، وتلقى علوم القرآن والحديث والفقه على المذهب الحنفي على أكابر علماء الهند، كما درس الطب والحكمة، والمنطق الفلسفة، ومال إلى الزهد والتصوف في هذه الفترة المبكرة، وأمدته هذه الروح الشفافة بطاقة هائلة، وإقبال على العبادة والطاعات، ونزع الله من قلبه حب الدنيا وزينتها؛ فالتفت القلوب حوله وأطلق عليه الناس “شاه ولي الله”؛ أي ولي الله الكبير.

جلوسه للتدريس

وبعد وفاة والده في سنة (1131 هـ= 1719م) جلس للتدريس، وهو في هذه السن المبكرة يشفع له نبوغه وتمكنه من العلوم الشرعية، فأقبل عليه طلاب العلم يتلقون على يديه الفقه والحديث، وبعد أن أمضى اثني عشر عاما رحل إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، وبعد أن قضى مناسكها، لازم الحرم المكي وجاور هناك، والتقى بشيوخ مكة وفقهائها ومحدثيها؛ فروى عنهم وتتلمذ على أيديهم، وأجازوه براوية الحديث، ثم عاد إلى بلده في أوائل سنة (1145 هـ= 1722م) ليستأنف حياة الدرس والتعليم.

اتخذ الدهلوي من بيته مكانا لاستقبال طلابه والتدريس فيه، فلما ضاق عليه لكثرة الطلاب الذين يفدون عليه، بنى له السلطان محمد شاه مدرسة كبيرة، وافتتحها بنفسه، واشتهرت باسم “دار العلوم“، تخرج فيها أعداد كبيرة من العلماء ممن حملوا علم الشيخ، ونشروه بين الناس.

جهوده الإصلاحية

تفتحت عينا الشيخ والهند تزداد حالتها سوءا، والحكام يزدادون ضعفا، والبدع والخرافات تفتك بعقول الناس، والإنجليز يمسكون بأزمّة الأمور بعد أن رسخت أقدامهم، فتحركت نفسه إلى الصدع بالحق، ونصح الحكام، والأخذ بأيدي الناس إلى طريق الإصلاح، ولم ينصرف إلى التأليف والتدريس ويترك الناس حيارى لا دليل لهم.

دعا الشيخ إلى التصوف السني القائم على الاعتقاد والعمل بما جاء في الكتاب والسنة، وجرى عليها جمهور الصحابة والتابعين، وقام بتنقية التصوف من الشوائب، التي لحقت به من الفلسفات غير الإسلامية، وإبراز الجانب الإسلامي فيه.

ونادى ولي الله الدهلوي بفتح باب الاجتهاد وعدم التقيد بآراء الفقهاء الأربعة، وذكر أن أبا حنيفة نفسه قال: “لا ينبغي لمن لا يعرف دليله أن يفتي بكلامه”، وقال الإمام مالك بأنه “ما من أحد إلا وهو مأخوذ من كلامه ومردود إلا رسول الله”، وكذلك ذهب الشافعي وابن حنبل.

وقد أثرت جهود الشيخ الإصلاحية في تلامذته، وعلى رأسهم ابنه الشاه عبد العزيز، الذي كان كوالده نابغًا في الحديث والفقه، فحمل راية أبيه بعد وفاته، ووقف للإنجليز حين أخذوا يستبدون بالأمر، ويقلصون سلطات الحاكم المسلم، وأطلق الكلمة المأثورة: “إنه لا يُتصوَّر وجود ملك مسلم بدون نفوذ، إلا إذا تصورنا الشمس بدون ضوء!”، وهو صاحب الفتوى الشهيرة بأن الهند أصبحت دار حرب لا دار إسلام، وعلى المسلمين أن يهبوا جميعا للجهاد بعد أن أصبح إمام المسلمين لا حول له ولا قوة، ولا تنفذ أحكامه، والحل والعقد صار بيد الإنجليز المسيحيين.. يعينون الموظفين، ويدفعون الرواتب، ويشرفون على القضاء وتنفيذ الأحكام.

وكان لصيحات مدرسة “شاه ولى الله الدهلوي” أثر؛ حيث قاد العلماء الجهاد، وخاضوا غمار الحروب والمعارك لإنقاذ المسلمين من الإنجليز، ومن السيخ الذين لقوا دعمًا من المحتلين، ومن أبرز هؤلاء العلماء أحمد عرفان الشهيد الذي تتلمذ على الشاه عبد العزيز الدهلوي وأخيه عبد القادر ابني ولي الله الدهلوي، وسبق أن تناولنا حياته في (6 من صفر).

مؤلفات الشيخ شاه ولي الله

بارك الله في حياة الشيخ؛ فترك ذرية طيبة، حملوا العلم، وتتلمذ عليه مئات من التلاميذ في الحديث؛ فأحيوا السنة بعد أن كادت تموت في الهند، وكان من أشهر تلاميذه الزبيدي صاحب “تاج العروس“، المتوفى سنة (1205 هـ = 1790م).

ورزقه الله سعة في الوقت؛ فترك مؤلفات عظيمة بلغت أكثر من 50 كتابًا، من أشهرها:

“حجة الله البالغة في أسرار الحديث وحكم التشريع”، وقد طُبع في الهند سنة (1286هـ= 1869م)، ثم طُبع في مصر بعد ذلك في سنة (1294هـ= 1877م)؛ وهو ما يدل على اتصال الحركة العلمية في مصر بغيرها من البلاد الإسلامية.

الإنصاف في بيان سبب الاختلاف”، وهو يتناول مباحث في أصول الفقه ونشأة المذاهب الفقهية وتعددها في الفقه الإسلامي.

و”عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد”، عرض فيه لكثير من الأحكام المتعلقة بالاجتهاد.

الفوز الكبير في أصول التفسير”، تكلم فيه عن الأشياء التي لا بد لمن يقوم بالتفسير أن يلم بها؛ حتى يكون على بينة من أمره حين يعرض لآيات القرآن الكريم.

و”المسوَّى من أحاديث الموطأ”، شرح فيه أحاديث الكتاب، وبيّن فيه ما تعقبه العلماء على الإمام مالك بإشارة لطيفة.

و”شرح تراجم أبواب البخاري.

وترجم القرآن إلى الفارسية بعنوان “فتح الرحمن في ترجمة القرآن”.

وفاة الشيخ شاه ولي الله

وبعد حياة حافلة بجلائل الأعمال تُوفِّي الشيخ في (26 من المحرم 1176هـ= 17 من أغسطس 1762م)، تاركًا أربعة من أولاده العلماء هم: “شاه عبد العزيز” الذي قام مكانه في العلم والعمل، و”شاه رفيع الدين”، و”شاه عبد القادر”، و”شاه عبد الغني”، ومخلفًا ذكرى عطرة لا يزال شذاها يفوح حتى الآن، وقد أثنى عليه وعلى جهوده العلماء؛ فقال عنه “عبد الحي الكناني” صاحب “فهرس الفهارس”: “أحيا الله به وبأولاد بنته وتلاميذهم الحديث والسنة بالهند بعد مواتهما، وعلى كتبه وأسانيده المدار في تلك الديار”.

أحمد تمام

[ad_2]

شخصيات تاريخية
شارع 7 | نواز شريف حقائق سريعة

[ad_1]

سي إن إن

فيما يلي نظرة على حياة رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف.

تاريخ الميلاد: 25 ديسمبر 1949

مكان الولادة: لاهور، باكستان

إسم الولادة: ميان محمد نواز شريف

أب: محمد الشريف

الأم: شميم أختار

زواج: كلثوم شريف (حتى وفاتها 11 سبتمبر 2018)

أطفال: ولدين وبنتان

تعليم: كلية لاهور الحكومية؛ كلية الحقوق بجامعة البنجاب، شهادة في القانون، لاهور، باكستان

على الرغم من انتخابه رئيسًا للوزراء في ثلاث مناسبات منفصلة، ​​وهو رئيس الوزراء الأطول خدمة في باكستان، إلا أنه لم يكمل فترة ولايته الكاملة.

1977 – افتتاح شركة الاتفاق للصناعات، وهي شركة عائلية تعمل في مجال صناعات الصلب والسكر والنسيج.

1981ويتم تعيينه وزيراً للمالية الباكستانية.

1985يصبح رئيس وزراء مقاطعة البنجاب.

أكتوبر 1990يتم انتخابه رئيساً لوزراء باكستان.

6 نوفمبر 1990يؤدي اليمين كرئيس للوزراء.

18 أبريل 1993تم إقالة حكومة شريف من قبل الرئيس غلام إسحاق خان بعد إثارة اتهامات بالفساد وسوء الإدارة. نمت الأعمال التجارية المملوكة لعائلة شريف بشكل هائل خلال فترة وجوده في منصبه، مما أثار شبهات الفساد.

26 مايو 1993أمرت المحكمة العليا الباكستانية بإعادة شريف إلى منصبه، ووصفت إقالته بأنها غير دستورية والتهم باطلة. وقد استقال شريف وخان في وقت لاحق.

3 فبراير 1997 – يُعاد انتخابه رئيساً للوزراء.

17 فبراير 1997 يؤدي اليمين كرئيس للوزراء.

12 أكتوبر 1999 – الجنرال برويز مشرف يطيح ​​بشريف في انقلاب غير دموي.

يناير 2000ويحاكم شريف بتهم الاختطاف والإرهاب والتآمر لارتكاب جريمة قتل.

6 أبريل 2000 – أدين باختطاف طائرة/الإرهاب وحكم عليه بالسجن مدى الحياة. وهو متهم بالاختطاف لأنه حاول منع طائرة كان يستقلها مشرف من الهبوط في أي مطار في باكستان، عندما كان وقود الطائرة منخفضا. وكان شريف على علم بنوايا مشرف الانقلابية.

22 يوليو، 2000 – أدين بالفساد وحُكم عليه بالسجن لمدة 14 عامًا إضافية بينما كان يقضي بالفعل عقوبة السجن مدى الحياة. أدى فشله في الإعلان عن الأصول ودفع الضرائب إلى الإدانة.

ديسمبر 2000 – تم إطلاق سراحه من السجن بموجب صفقة توسطت فيها العائلة المالكة السعودية.

ديسمبر 2000-أغسطس 2007- في المنفى في المملكة العربية السعودية.

29 أكتوبر 2004 – يموت والده ويسعى شريف إلى العودة لفترة قصيرة إلى باكستان لحضور الجنازة، بعد أن قضى أربع سنوات فقط من منفاه الذي دام 10 سنوات في المملكة العربية السعودية. تم رفض الطلب.

23 أغسطس 2007 – المحكمة العليا الباكستانية ترفع النفي المفروض على شريف. لقد خدم سبع سنوات فقط من منفاه الذي دام 10 سنوات.

10 سبتمبر 2007 – يحاول العودة إلى باكستان ولكن يتم ترحيله بعد ساعات قليلة من وصوله.

25 نوفمبر 2007يعود شريف إلى باكستان من منفاه في المملكة العربية السعودية، متوجهاً جواً إلى مدينة لاهور.

18 فبراير 2008وفي الانتخابات البرلمانية، فاز حزب شريف، الرابطة الإسلامية الباكستانية – ن، بـ 67 مقعدًا، ليحتل المركز الثاني بعد حزب الراحلة بينظير بوتو، حزب الشعب الباكستاني.

20 فبراير 2008 أعلن حزب الشعب الباكستاني والرابطة الإسلامية الباكستانية – ن أنهما سيشكلان حكومة ائتلافية.

25 أغسطس 2008 – وفي مؤتمر صحفي، أعلن شريف أن حزبه، الرابطة الإسلامية الباكستانية-ن، ينفصل عن الحكومة الائتلافية التي شكلها مع حزب الشعب الباكستاني، في أعقاب خلافات حول إعادة القضاة الذين طردهم مشرف.

26 مايو 2009 – وقضت المحكمة العليا في باكستان بأهلية شريف لخوض الانتخابات وتولي مناصب عامة. وفي فبراير/شباط 2009، قضت المحكمة بعدم أهلية شريف لتولي منصبه بسبب إدانته الجنائية. ولا يزال غير مؤهل للترشح لرئاسة الوزراء بسبب حدود الولاية.

17 يوليو 2009 – المحكمة العليا في باكستان وتبرئة شريف من تهم الاختطاف. مما يمهد الطريق له للترشح بشكل قانوني لمنصب الرئاسة.

19 أبريل 2010 – الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري يوقع طوعًا على التعديل الثامن عشر للدستور، مما يقلل بشكل كبير من صلاحياته. ومن بين التغييرات الشاملة إجراء يلغي الحد الأقصى لعدد رؤساء الوزراء لفترتين، مما يسمح لشريف بالتنافس على فترة ولاية ثالثة.

5 يونيو، 2013 – يتم انتخابه رئيساً لوزراء باكستان.

30 أغسطس 2014 – شريف يعلن في بيان أنه لن يستقيل. وتعهد بالبقاء في منصبه رغم المظاهرات العنيفة. واتهمه المتظاهرون بتزوير انتخابات العام الماضي التي سمحت لحزبه بالوصول إلى السلطة.

16 ديسمبر 2014 – شريف يرفع الوقف الاختياري لعقوبة الإعدام عام 2008 بعد مقتله طالبان هجوم على مدرسة، مما أسفر عن مقتل 145 شخصا، معظمهم من الأطفال. ويعلن أيضا “أن التمييز بين طالبان الطيبة والسيئة لن يستمر على أي مستوى.”

1 نوفمبر، 2016 – أعلنت المحكمة العليا أن لجنة ستحقق في الوضع المالي لشريف بعد أن أظهرت وثائق مسربة أن أبنائه يمتلكون شركات وهمية في جزر فيرجن البريطانية. تم نشر الوثائق كجزء من أوراق بنما، مجموعة من الأشكال المالية السرية المرتبطة بمكتب محاماة بنمي.

30 نوفمبر، 2016 – في انتهاك للبروتوكول الدبلوماسي مكتب شريف يصدر بيانا نقلا عن محادثته الأخيرة مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.

20 أبريل، 2017 – وأمرت لجنة من القضاة بإجراء تحقيق جديد في الوضع المالي لشريف، ودعت رئيس الوزراء وعائلته إلى الإدلاء بشهادتهم.

28 يوليو، 2017 – شريف يستقيل بعد فترة وجيزة وقضت المحكمة العليا الباكستانية بأنه لم يكن أمينًا أمام البرلمان والنظام القضائي ولم يعد صالحًا للمنصب.

6 يوليو، 2018 – حُكم على شريف بالسجن 10 سنوات وغرامة قدرها 8 ملايين جنيه إسترليني (10.5 مليون دولار) فيما يتعلق بتهم الفساد بشأن شراء عائلته للعقارات في لندن. وحُكم على ابنته مريم، التي يُنظر إليها على أنها وريثته، بالسجن لمدة سبع سنوات وغرامة قدرها 2 مليون جنيه إسترليني (2.6 مليون دولار). النقيب محمد صفدار أوان، زوجها، محكوم عليه بالسجن لمدة عام. ويُمنعون من ممارسة السياسة لمدة 10 سنوات.

13 يوليو، 2018 – تم القبض على شريف وابنته مريم واحتجازهما في إسلام آباد بعد عودتهم من المملكة المتحدة لمواجهة أحكام السجن. وقبل الهبوط، قال شريف لمؤيديه إن عودته هي “تضحية من أجل الأجيال القادمة في البلاد ومن أجل استقرارها السياسي”.

19 سبتمبر 2018 – وتعلق المحكمة العليا في إسلام آباد حكم الفساد الصادر ضد شريف وابنته مريم. وأمر الاثنان بدفع كفالة قدرها 5000 دولار لكل منهما. تم إطلاق سراح شريف بعد أن قضى أقل من ثلاثة أشهر من عقوبة السجن لمدة 10 سنوات.

24 ديسمبر 2018 – وأدين شريف بتهم فساد جديدة تتعلق بشراء مصانع العزيزية للصلب حيث زعم ممثلو الادعاء أن عائلة شريف اختلست أموالاً حكومية لشراء المطاحن. وحكمت عليه محكمة المساءلة في إسلام آباد بالسجن سبع سنوات وغرامة قدرها 25 مليون دولار. تم القبض على شريف على الفور واحتجازه من قبل مسؤولي قاعة المحكمة.

أكتوبر 2019 – تم إطلاق سراح شريف بكفالة بسبب مشاكل صحية.

19 نوفمبر 2019 – يسافر شريف إلى لندن لتلقي العلاج الطبي.

ديسمبر 2020 – المحكمة العليا في إسلام آباد تعلن أن شريف مذنب بسبب غيابه المستمر عن المحكمة.

11 أبريل 2022 – أدى الأخ الأصغر لشريف، شهباز شريف، اليمين الدستورية كرئيس للوزراء.

21 أكتوبر 2023 – يعود شريف إلى باكستان بعد ما يقرب من أربع سنوات في المنفى الاختياري بعد أن منحته محكمة في إسلام آباد كفالة وقائية، مما يعني أنه لا يمكن القبض عليه قبل المثول أمام المحكمة.

12 ديسمبر 2023 – محكمة باكستانية تلغي إدانة شريف عام 2018 بتهمة الكسب غير المشروع. ونتيجة لذلك قد يتمكن من خوض الانتخابات الوطنية في فبراير 2024.

(العلامات للترجمة) آسيا (ر) سلامة العلامة التجارية-جريمة nsf

[ad_2]

شخصيات تاريخية
شارع 7 | عمر رضا كحالة خادم المكتبة الإسلامية

[ad_1]

تقدير جهود السابقين من خدَمة العلم وأهله من الشيم البارقة في قيمنا الأخلاقية، وفي حضارتنا الإسلامية، وخاصة ممن نأت بهم مجاورة الكتب والقراطيس عن الوفاء بحاجاتهم أو الاستزادة من ضرورياتهم، وهؤلاء قلة القلة في تاريخ المكتبة الإسلامية، ونعني بهم صنّاع الفهارس والمعاجم والطبقات والذيول والتكملات، وكما كان لنا في الماضين ابن النديم والسمعاني وياقوت الحموي وابن خلكان  والذهبي والسبكي والسيوطي، وفي المحدثين  إسماعيل باشا البغدادي وحاجي خليفة ويوسف سركيس،  ومن المعاصرين  عبد السلام بن سودة المري وخير الدين الزركلي وعادل نويهض، ورجل هذه الورقة عمر رضا كحالة عليهم رحمة الله أجمعين.

إن الفاه ليضل فاغرا واليد مرتعشة من تتبع سيرة هؤلاء الأفذاذ الذين أفنوا سوادهم وبياضهم وليلهم ونهارهم وحلهم وترحالهم في صناعة فن المعجمية الأعلامية أو الكتبية  بالغوص  في مئات المجلدات من كتب التاريخ والتراجم والطبقات والأشعار والأدب، وما استجد في عالم الصحافة، وما ورد من مكتوبات المستشرقين الذين ثوت في مراكزهم آلاف المخطوطات المفقودة، فرهنوا حياتهم بالسكنى في المكتبات ليخرجوا لنا هذه المعاجم التي لا تستغني عنها رسالة أكاديمية ولا بحث رصين، وذلك قبل ثورة المعلوماتية وتوفر الحواسيب المسهلة لكل صعب والمقربة لكل بعيد والكاشفة عن كل مستور. فضلوا الملتحد الأكبر لكل باحث في التراث الإسلامي العريض.

ولد صاحبنا عمر بن رضا بن محمد راغب بن عبد الغني كحالة في دمشق الفيحاء سنة (1323ه-1905م). وهو من منبت أصيل، وسليل لأسرة دمشقية راسخة القدم في التجارة، حيث باشر حياته التعليمية في كتاتيبها، ثم التحق بالمدرسة السلطانية بها أيام حكم العثمانيين، وهي قديمة البناء فقد أنشأها سلطان حلب الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين الأيوبي (ت 613ه)، وأتمها ابنه الملك شهاب الدين طغرل سنة (620ه)، وتعتبر من روائع المعمار الإسلامي، وظلت تؤدي عملها التعليمي مع نظيرتها المشهورة كالجقمقية، القيمرية، النجيبية، العادلية، والشامية، العمرية، الفردوس، والظاهرية. وكانت المدرسة السلطانية بمثابة الجامعة في أيامها-على الرغم من تصنيفها كثانوية- فهي دار المعلمين، وفيها درّس الأساطين أمثال محمد البشير الإبراهيمي، ومنها تخرج الكاتب الأديب الحقوقي علي الطنطاوي. كما تقلب عمر رضا كحالة شابا في الانتساب إلى الصروح القائمة آنذاك مثل ثانوية مكتبة عنبر، والمدرسة التجارية، وبعدها انتسب إلى الجامعة العربية بعالية بلبنان، وبين كل ذلك كان ينهل من حلق العلم التقليدية  المشيخية بدمشق، وبعد ما استواء سوقه العلمي، ويأسه من مباشرة التجارة والنجاح كأسلافه فيها بعد تجربة قصيرة  في إفريقيا الغربية عاد إلى دمشق سنة (1929)، وكتب في مجلة “ألف باء” مقالات رائعة، ثم استقر به النوى في المكتبة الظاهرية -وهي المكتبة التي جاور بها أيضا المحدث ناصر الدين الألباني-   وترقت به المناصب  لمدة ربع قرن منذ عينه محمد كرد علي إلى أن صار مديرا لها بالوكالة، وهذه المكتبة من مفاخر ومآثر العلامة طاهر الجزائري التي جمع فيها عديد المخطوطات من المكتبات الدمشقية الخاصة بدمشق حتى لا تطالها أيادي النسيان أو الإتلاف، وهو ما تم أيام مدحت باشا في أواخر القرن التاسع عشر. وظلت هذه المكتبة إضافة إلى دار الكتب القومية بمصر ونظيرتها بالعراق وسليمانية إسطنبول وخزانة الرباط العامة والحسنية من أهم روافد المخطوطات العربية.

وقد هيأت المكتبة الظاهرية لعمر رضا كحالة أجوائها للاطلاع على التراث الإسلامي العريض بالمطالعة والتحقيق والتأليف ومراسلة أعيان العصر، وهو ما مكنه من إنجاز أعماله العلمية، ودافعه في ذلك الحرص والحب لمآثر المسلمين، وحافزه في ذلك أيضا التضحية بالعلاقات الاجتماعية، فقد كان قليل الخلطة، كثير الفكرة، فلم يكن له أصدقاء كثيرون غير العلامة الشيخ محمد أحمد دهمان، والدكتور صلاح الدين المنجد، وهو في هذا يضاهي أدباء  وعلماء منزوين ومكتفين أمثال طاهر الجزائري وعباس محمود العقاد.

كما كانت أسفاره معدودة ولأغراض العلم والبحث والتنقيب عن الفهارس والنوادر، وكذا التجارة والاستكشاف، فقد سافر لبريطانيا سنة (1927)، كما سافر للبنان ومصر والعراق وبلاد الحرمين، وزار مرتحلا وتاجرا غرب إفريقيا (نيجريا وسيراليون) أيام الاحتلال البريطاني لهما.

تعددت اهتمامات الموسوعي عمر رضا كحالة إلى حقول معرفية كثيرة، واكب فيها الحراك العلمي المتفجر في البلاد العربية في القرن الماضي. وترك أزيد من سبعين كتابا في مختلف الحقول المعرفية، والتي يمكن سبرها وتقسيمها إلى الآتي.

التعجيم والتأريخ والفهرسة

  • معجم المؤلفين: وهو الكتاب والمصدر قيد التعريف.
  • المنتخب من مخطوطات المدينة. حيث فهرس بعضا من مكتبة عارف حكمت وغيرها بالمسجد النبوي.
  •  معجم مصنفي الكتب العربية في التاريخ والتراجم والجغرافيا والرحلات.
  •  معجم قبائل العرب القديمة والحديثة. جغرافية شبه جزيرة العرب.
  •  فهارس مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق. حيث نشر في هذه المجلة مقالات كاثرة.
  •  تاريخ معرة النعمان، للعلاّمة الشيخ محمد سليم الجندي، حيث قام بدراسته وتحقيقه وإخراجه.
  • سيف الله خالد بن الوليد، جاهليته وإسلامه.
  •  إفريقيا الغربية البريطانية، وفيه عرّف بالبلدان التي احتلتها بريطانيا كنيجيريا وسيراليون وغيرها.
  •  الأدب العربي في الجاهلية والإسلام. العالم الإسلامي، العرب قبل الإسلام، العرب من هم وما قيل فيهم.

الدراسات الفلسفية والاجتماعية

  •  العلوم البحتة في العصور الإسلامية، معه العلوم العملية في العصور الإسلامية.
  •  الفلسفة الإسلامية. وأيضا الفلسفة الإسلامية وملحقاتها.
  • الفنون الجميلة في العصور الإسلامية.
  •  دراسات اجتماعية في العصور الإسلامية، ومباحث اجتماعية في عالمي العرب والإسلام.

قضايا المرأة

حيث زبر فيها عديد المكتوبات مثل:

  •  الزنا ومكافحته، النسل والعناية به. الزواج.
  •  المرأة في عالمي العرب والإسلام، المرأة في القديم والحديث.
  •  أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام.
  •  الجمال البشري. نبذ في وصف جمال المرأة العربية. الحب.

كما نشر عديد المقالات الماتعة النافعة في مجلة مجمع  العلمي العربي  بدمشق، وكانت هذه المقالات إضاءات وقادة في التعريف بعديد المعاجم والكتب والمخطوطات والمؤلفين، مثل المستدرك على الكشاف عن مخطوطات خزائن كتب الأوقاف، وفهارس المخطوطات بخزانة قاسم الرجب ببغداد، ومكتبة رضا برامبور، ومكتبة حكمت عارف بالمسجد النبوي بالمدينة المنورة، ومعجم المؤلفين العراقيين لكوركيس عواد، إضافة إلى الأعلام الجغرافية والمدن والمناطق العربية كينبع والرياض ونجد وعدن ووادي الفرات وغيرها. هذا فضلا عن تعريفه بعديد النشرات والمقالات والتحقيقات التي تصدر في أيامها، وبلغت مقالاته في مجلة المجمع ثلاثا وثمانين مقالة، حيث كان عضوا فاعلا في مجمع اللغة العربية بدمشق، كما أهلته قدراته وحضوره العلمي لينتخب عضوا في المجمع العلمي العراقي، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، ونال عضوية معهد التراث العلمي بحلب، والجمعية المصرية للدراسات التاريخية. وتقديرا لجهوده الجبارة في التأليف والتحقيق والفهرسة منح وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الأولى سنة (1982).

لكن أهم علمي خلد اسمه في الذاكرة الثقافية المعاصرة هو موسوعته الفذة: “معجم المؤلفين” الذي ألَّفه في مدد متطاولة، وحشد فيها عصارة قراءته ومطالعاته المطولة وتنقيبه العجيب. وقد صدرت طبعاته الأولى بين الأعوام (1376 -1381 ه) في خمسة وعشرين جزء عن المكتبة العربية بدمشق، ثم صدر في خمسة عشر جزء ضمن (8) مجلدات، وآخر طباعة له ما أصدرته دار الرسالة سنة (1406)، ثم ضمت إليه المستدرك الذي أنجزه عمر رضا كحالة على مؤلفه الأصلي بعنوان “المستدرك على معجم المؤلفين”، وطبعتهما سنة (1414).

وأما طريقته في التأليف في هذا المعجم الواسع فهو يترجم بإيجاز لمصنفي الكتب العربية منذ بدء التدوين إلى عصره مفتتح القرن الخامس عشر الهجري، واهتم فيه بإيراد المؤلفات بالأصالة، ولو كان للمؤلف كتابا واحدا. ولم يخله من الترجمة لبعض الشعراء ممن توزع شعرهم في مختلف الدواوين المخطوطة والمطبوعة.

فيبدأ بذكر اسم المؤلف وشهرته، وتاريخ الميلاد والوفاة بالهجري والميلادي، ودرجته إن كان مشاركا أو مختصا، وبعض المناصب التي تولاها كالقضاء والفتيا والتدريس والوزارة، وأحيانا رحلته، وإن كان المؤلف مكثرا فيذكر بعض كتبه الدالة والمبرزة لتخصصه، ويلحق ذلك ببيان المخطوط منها والمطبوع، وأحيانا أماكن وجودها ومظان خزائنها.

وأما مصادره، فكثيرة متنوعة بين الفهارس والمخطوطات والكشافات وكتب التراجم والطبقات وتاريخ المدن، ففي كل ترجمة يذكر مصادره من مخطوطات أو مطبوعات أو مجلات أو جرائد بأجزائها وصفحاتها وورقاتها.

واعتمد فيه الترتيب الألفبائي للأسماء، وأما في الفهارس أو ما سماه بالإحالات، فاعتمد لقب الشهرة مع إسقاط الزوائد. مع الإشارة إلى الجزء والصفحة التي ورد فيها اسم المؤلف مما يجعل البحث فيه من السهولة بمكان.

توفي عمر رضا كحالة بدمشق سنة (1408ه-1987)، بعد اثنين وثمانين سنة حافلة بالعطاء والمد العلمي الذي رفعه إلى مصاف الكتاب الكبار المؤثرين في تاريخ المعجمية والفهرسة للمكتبة الإسلامية العريضة.

[ad_2]

شخصيات تاريخية
شارع 7 | الشيخ أبو اليقظان الجزائري .. أبو الصحافة الإصلاحية

[ad_1]

يعتبر الشيخ أبو اليقظان الجزائري علم من أعلام الفكر الإسلامي في الجزائر، فهو صحفي وشاعر ومؤرخ ودارس اجتماعي وعالم بالشريعة الإسلامية، ورائد من رواد الحركة الإصلاحية في الجزائر. ترك إنتاجا ضخما يقارب الستين مؤلفا ما بين رسالة وكتاب، بالإضافة إلى الصحف العديدة التي أصدرها حتى لُقّب بـ “أبو الصحافة الإصلاحية”، وأطلق على تلك المرحلة الثرية بـ”الصحافة اليقظانية” لما لها من طابع خاص إعلاميا وفكريا ونضاليا.

الشيخ إبراهيم أبو اليقظان شخصية إسلامية كبيرة، قدمت للإسلام والمسلمين، عصارة فكر، وخلاصة تجربة، عالج من خلال ذلك أوضاع المسلمين، وحلّل واقعهم، وقدّم لهم الحلول المناسبة، نظم الشعر، وكتب و نشر المقالات في مجالات الإصلاح وألّف الكتب، واشتغل في التعليم.

تقول الكاتبة سومية بوسعيد في دراسة لهاعن الشيخ إبراهيم أبو اليقظان أنه كان في الحقيقة داعية كبيرا سعى لإصلاح المجتمع لإنقاذ المسلمين مما هم فيه من زيغ وضلال في الدين وفساد في الأخلاق . فصحافة أبي اليقظان التي تغطي فترة ما بين الحربين العالميتين ( 1926- 1938 ) تعد من أهم المصادر التي لا يمكن للباحث الجاد أن يستغنى عنها، ففي طيياتها شهادة حية لفترة هي من أغنى فترات تاريخنا صمودا ومقاومة وحصيلتها مادة غنية متنوعة عن الحياة الجزائرية في جميع مجالاتها الإنسانية دينا، واجتماعيا، وثقافة، وسياسة، واقتصادا .

من هو الشيخ إبراهيم أبو اليقظان؟

هو الشيخ إبراهيم بن عيسى حمدي أبو اليقظان (ولد 5 نوفمبر 1888 – وتوفي في 30 مارس 1973). نشأ في أحضان عائلة فقيرة الحال، عاش ربيبا بعد تزوج أمه برجل فقير بعد وفاة والده سنة 1307هـ، كان يتيم الأب ولكنه نشأ مثل أبيه شديدا في الحق وثابتا في السؤدد والمعالي.

ولد الشيخ إبراهيم أبو اليقظان ببلدية القرارة، ولاية غرداية (وادي ميزاب) بالجزائر يوم 29 صفر 1306هـ الموافق 5 نوفمبر 1888م. حيث حفظ القرآن في سن مبكرة على يد الكتّاب، وتعلم العربية والكتابة والقراءة والعلوم الشرعية على يد الحاج علي بن حمو والحاج إبراهيم بن صالح أبو سحابة وملالي صالح بن كاسي.

ثم تحققت أمنيته بدخول دار التلاميذ على يد الشيخ الجليل عمر بن يحيى والذي يلقبه بـنور قلبي وبصيرتي، ثم انقطع عن الدراسة بسبب العمل وظروف الفقر، ورجع إلى الدراسة على يد الشيخ قطب الأئمة الحاج محمد بن يوسف أطفيش، بعد سفره إلى بني يسجن لإكمال الدراسة، ثم سافر إلى المشرق أولا ثم تونس ليدرس في كل من جامع الزيتونة والخلدونية في سنة 1912.

لماذا “أبو اليقظان”؟

سمى نفسه بـ “أبو اليقظان” بسبب ولعه بإمام الدولة الرستمية الخامس أبو اليقظان محمد بن الأفلح، وإعجابا بعلو همة الإمام كرجل علم ودين ودولة.

لذلك فما كان من أبو اليقظان الجزائري إلا أن يخصص جل حياته في طلب العلم والجزء الآخر في إفادة الناس بعلمه، فقد ترك للجزائر وللأمة الإسلامية تراثا عظيما غنيا ،وفكرا عميقا وثريا، حتى لُقّب بـ “أبو الصحافة الإصلاحية” فهو من المساهمين في الحركة الإصلاحية الوطنية والعربية، ممن قل ذكرهم على غرار المصلحين الذي برزوا وركزت عليهم الأبحاث والدراسات، خاصة وأن في أعماله العلم الغزير والتجربة الواسعة، والمواقف الإسلامية الشجاعة، والإخلاص في النية والعمل، والأمل العريض في استعادة الإسلام مجده والمسلمين كرامتهم وعزتهم.

نشاطه الفكري والنضالي

انضم الشيخ إبراهيم أبو اليقظان إلى الحزب الحر الدستوري التونسي في عام 1920م، وبعد ست سنين أصدر جريدة وادي ميزاب في عام 1926م، وقد أصدر ثماني جرائد ما بين الأعوام 1926 و 1938 وهي: وادي ميزاب، ميزاب، المغرب، النور، البستان، النبراس، الأمة، الفرقان.

دخل الكتاب القرآني وحفظ القرآن ثمّ أخذ في تعلم الفنون من عربية وشرعية على يد أستاذه الشيخ الحاج عمر بن يحيى، ثم سافر إلى مدينة “بني يسجن” ليكمل دراسته على قطب الأئمة الشيخ طفيش الحاج محمد بن يوسف.

الشيخ إبراهيم أبو اليقظان الجزائري

في سنة 1912م سافر إلى تونس وواصل دراسته في جامع الزيتونة ثم الخلدونية.

في سنة 1914م ترأس أول بعثة علمية جزائرية إلى الخارج وكانت وجهة البعثة إلى تونس.

في سنة 1920م كان عضوا بارزا في الحزب الحر الدستوري التونسي وتربطه بزعيمه عبد العزيز الثعالبي صداقة شخصية.

انضم الشيخ أبو اليقظان إلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في عام 1931، وانتخب عضوا في المجلس الإداري للجمعية في عام، وهو عضو فعال في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، لذلك يقول لها:

انعشي الأرواح منا         ألهبي فينا الحميّه
غيرة الإسلام أعني        لا ادعاء الجاهليّه
وبنو مازيغ مع أبناء    قحطان الفتية
أصبحوا في ردهة النـ       ـادي على أحسن نية
في حمى النادي تلاشت  همزات العنصرية
في حمى النادي تعالت    صرخة الشعب القوية

قالوا عن أبو اليقظان

قال الشيخ العالم عبد الحميد بن باديس رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأحد مؤسسيها، في تعريفه بأعضاء المجلس الإداري لجمعية العلماء لسنة 1938م: “..والشيخ أبو اليقظان المعتذر عن الحضور لقيامه بأعمال ضرورية في نواحي الجنوب، ذلك الكاتب القدير والصحافي البارع الذي ما أصدر صحيفة إلا ختمت أيامها بالتعطيل”.

وقال عنه الشيخ محمد خير الدين (عضو جمعية العلماء المسلمين): “وكان لبعض أعضاء جمعية العلماء نشاطهم الصحفي، فأصدروا صحفا طال زمن صدورها أو قصر، من ذلك: جرائد لأبي اليقظان، كلما عطلت له جريدة عوضها بأخرى وهي: “ميزاب – وادي ميزاب – النور – النبراس – الأمة – المغرب – البستان”.

وكتب عنه الأستاذ المفكر والمؤرخ الجزائري أحمد توفيق المدني في مذكراته فقال: “والشيخ إبراهيم أبو اليقظان عالم جليل، لم يبلغ علم إبراهيم أطفيش، إنما امتاز عنه بدماثة أخلاقه، وصفاء روحه، وتوقد ذهنه، وازدهار قريحته، وتعمقه في الكتابة، ومشاركته في الشعر. ما آذى إنسانا طول حياته، ولا آذاه إنسان، لا يتكلم إلا عن عقيدة، ولا يكتب إلا عن الإيمان، ولا يجادل إلا في سبيل الإسلام وبلاد الإسلام. وقد أظهرت الأيام من بعد أنه مقارع مجاهد، ومقاوم معاند، صرع الإستعمار ولم يصرعه الإستعمار، ضرب بسهم في الجهاد الصحفي والفكري ما لم يبلغ في الجزائر أحد شأوه“.

مؤلفاته

تفرّغ الشيخ إبراهيم أبو اليقظان للتأليف بعد انقطاعه عن الصحافة، وترك للمكتبة العربية والإسلامية أكثر من 60 مؤلفا بين كتاب ورسالة، عدا المقالات والأشعار والمذكرات والرسائل، وتناولت مؤلفاته وكتاباته ميادين مختلفة منها التاريخ والسير والفقه والصحافة والتربية والأدب وغيرها.. ومن هذه المؤلفات مايلي:

  1. ديوان أبي اليقظان ج1 سنة 1931م
  2. وحي الوجدان في ديوان أبي اليقظان (مخطوط)
  3. سليمان الباروني باشا في أطوار حياته
  4. إرشاد الحائرين 1923م
  5. الجزائر بين عهدين الاستغلال والاستقلال (مخطوط)
  6. تفسير القرآن الكريم ج1 (مخطوط)
  7. ملحق سير الشماخي (مخطوط)
  8. سلم الاستقامة (سلسلة فقهية مدرسية)
  9. فتح نوافذ القرآن 1973م
  10. نماذج من شعره

مؤسس المطبعة العربية وعميد الصحافة

أسّس الشيخ إبراهيم أبو اليقظان المطبعة العربية في الجزائر في عام 1931، وهو أول وطني جزائري يؤسّس مطبعة وطنية حديثة في الجزائر.

ويعتبر الشيخ أبو اليقظان عميد الصحافة العربية الجزائرية، في سنة 1926م أصدر أولى جرائده “وادي ميزاب” وكانت تحرر وتوزّع في الجزائر وتطبع في تونس، أصدر ثماني جرائد ما بين 1926 و 1938م وهي: “وادي ميزاب”، “ميزاب”، “المغرب”، “البستان”، “النبراس”، “الأمة”.

كما نشر الشيخ أبو اليقظان في أكثر من جريدة ومجلة (زيادة إلى جرائده) منها “الفاروق” و”الإقدام” في الجزائر و”المنير” و”الإرادة” في تونس و”المنهاج” في القاهرة.

وهذه الأبيات تعبر عن رأيه -شعرا- في الصحافة، فيقول:

إنَّ الصحافة للشعوب حياة          والشعب من غير لـسان أموات
فهي اللسان المفصح الذلق الذي      ببيانه تتدارك الغايات
هي معرض الأعمال برهان لها           مقداره بل غنها المرآة
ما “ذالحجاز” و “عكاظ” وما وما      إن ساعات لرواحها الأوقات
الشعب طـفل وهي والـــده يرى          لحياته، ما لا تراه رعاة

توجهه الإصلاحي وبعده الإسلامي في النضال

تقول الكاتبة بن رحال يمينةفي دراسة لها بعنوان ” البعد العربي الإسلامي في نضال الشيخ إبراهيم أبو اليقظان -القضية الفلسطينية أنموذجا”، أنه رغم بعد المسافة بين فلسطين والجزائر، فإن هذه الأخيرة وعلمائها قد ناصروا وتفاعلوا مع فلسطين جوهرة الصراع في المنطقة، هذا الصراع الذي استنكره كل الجزائريين على مختلف مستوياتهم خاصة العمل التآمري الذي تعرض له الشعب الفلسطيني، وقد وظفوا كل المنابر من مقالات ومحاضرات ودروس مسجدية وكتابات صحفية وأشعار حماسية في سبيل الدفاع عن قضية اعتبرت من أعقد القضايا التي يواجهها العالم العربي والإسلامي إلى يومنا هذا. فالقضية الفلسطينية من القضايا الجوهرية التي لاقت اهتمام كل العالم الإسلامي خاصة في الجزائر، حيث لقيت متابعة كبيرة ومستمرة من طرف علمائه ومفكريه وذلك لما تكتسيه من مكانة وقدسية لدى الشعب الجزائري.

وقد كان للشيخ إبراهيم بن الحاج عيسى أبو اليقظان توجهه الإصلاحي الخاص في النضال الصحفي، فقد حرص على استثمار وتوظيف الصحافة كوسيلة لبلورة الوعي وتشكيل الرأي العام نحو قضايا اشتغاله بما يخدم توجهه الإصلاحي مع التركيز تحديدا على محاربته الجمود الفكري وحثه على التجديد الديني وفتح مجالي البحث والاجتهاد والأخذ بأسباب العلم والتربية وإصلاح مناهج وأساليب التعليم، وهي عوامل اقتنع الرجل بضرورتها لتحقيق نهضة المجتمعات العربية والإسلامية.

أثر شخصية الشيخ أبو اليقظان على الفكر التربوي

وفي دراسة بعنوان “شخصية الشيخ أبو اليقظان إبراهيم الجزائري وأثرها على الفكر التربوي” أبرز الكاتب حمو عبد الله عيسىالدور التربوي، والإصلاحي، والدعوي الذي قام به الشيخ حمدي إبراهيم بن عيسى المكنّ “أبو اليقظان” إبان فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر. و تطرّقت في هذه الورقة البحثية إلى الحديث عن سيرة الشيخ أبو اليقظان، ثم رصدت مجموعة من أقوال من عاصره من العلماء، وإشادتهم بمهامه النبيلة، وجهاده الجبار في سبيل نشر العلم والدين والدفاع عن اللغة العربية، وحب الخير والنجاء لأبناء الجزائر، وكراهيته المعلنة والواضحة للاستعمار الفرنسي. وخصصّ الكاتب جزءا من هذا البحث للفكر الإصلاحي والتربوي لدى الشيخ أبو اليقظان، وذلك من خلال إصراره على التعليم، والصحافة، والدعوة المسجديّة، والجمعيات الثقافيّة، وإنتاج الكتب المدرسيّة، والفقهيّة، والدعوية. فقد كان يحث المعلّمين ومن هو في المجال التربوي والإصلاحي على التحلي بمكارم الأخلاق، ليكونوا خير قدوة للأجيال الناشئة، بالإضافة إلى حرصه على تعليم كلّ فئات المجتمع ومنهم الكبار.

“الصحافة اليقظانية”

ويصف د. سليمان صالح، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة تجربة الشيخ إبراهيم أبو اليقظان الجزائري بـ “الصحافة اليقظانية” ويقول إنها تجربة تتميز بالثراء، وتوضح كيف واجه صحفيون في التاريخ العربي قيود الطغاة، وعبروا عن آمال شعوبهم في العدل والحرية والاستقلال الشامل. فالصحافة اليقظانية تمثل حقبة مهمة في تاريخ الصحافة الجزائرية، وكيف شاركت في تشكيل وعي الشعب الجزائري بهويته، وأعدته للثورة ضد الاحتلال الفرنسي.

ويقول د. سليمان صالح أن هذا المصطلح يصف 8 صحف أصدرها الشيخ إبراهيم أبو اليقظان. وأنه تعرف على “الصحافة اليقظانية” عام 1995، أثناء عمله لتطوير نظرية “صحافة الكفاح الوطني”. ووصف السجال الكبير والتحدي الذي كان يرفعه أبواليقظان بشخصيته القوية في مواجهة الاستعمار، حيث كان صحفيا مهنيا، لم يتوقف عن تحد السلطات الفرنسية، ساعيا للتغلب على قيود الرقابة والحظر، فكلما أصدر صحيفة عطلتها السلطات الاستعمارية.. فيصدر أخرى، وهكذا..

الحرية المنضبطة بالرؤية الإسلامية في كتاباته

كان مفهوم الحرية -المنضبطة بالرؤية الإسلامية- من أهم الموضوعات التي حرص عليها الشيخ إبراهيم أبو اليقظان منذ صدور صحيفته الأولى “وادي ميزاب” التي أكدت أن “الحرية معنى ينشده كل حي، ويتطلبه كل موجود، به الحياة والسعادة والحضارة والعمل والاختراع والابتكار والعمل والارتقاء، ينفق كل فرد في نيله أعز ما لديه، ويبذل ما في قواه للبلوغ إليه“.

وقد طالب في هذا السياق بإزالة القيود على حرية التعبير والنشر والابتكار، وإيقاف التضييق على كل ما يصدر بالعربية، أو يستخدم لهجة تحررية إصلاحية، “فيخط القلم ما يوحيه الوجدان الطاهر والعقل السليم”. كسر الإرادة كان هدفا استعماريا، فالإرادة تشجع على المقاومة والتحدي والثورة، وكان إصرار الشيخ على متابعة إصدار الصحف ملهما للأمة في تلك السنوات التي بدأت فيها الاحتشاد خلف هويتها. وهو كذلك يطالب بحرية تكوين الجمعيات بمختلف أنواعها العلمية والأدبية والفنية، “فالعمل الجمعوي الحر عنصر فعال في حركة النهوض، وتخطي الصعاب”.

ومن مثال دعوة الشيخ إبراهيم أبو اليقظان إلى اليقظة والنهوض سنة 1934 هذه الأبيات:

يا ناهظين من الرقاد ظهيرة              بين الزعازع تغدو تبتغون ظهورا
حثو المسير إلى اللحاق بعالم           أقماركم تغدو هناك بدورا
فالوقت ضاق بكم ولم يمهلكم         والقوم طاروا في الفضاء نورا
يا صانعين من الجزائر أمة                         تبغي لها فوق السحاب قصورا
سووا الصفوف ونظموا أشتاتها                 إن رمتم حقا لها التقديرا
سيرا على نهج الكتاب وسنة             المختار تجزون جنة وحريرا

[ad_2]

شخصيات تاريخية
شارع 7 | العلامة الحبر يوسف نور الدائم .. مصباح التفسير واللغة والسيرة النبوية

[ad_1]

رحل العالم السوداني الحبر البحر، والعالم الكبير واللّغوي العملاق، والمفسر النحرير، والشاعر الماهر، والأديب الأريب البروفيسور الحبر يوسف نور الدائم السوداني عالم من علماء التفسير واللغة والسيرة.

رحل من تنساب سيرة رسول الله من شفتيه وكأنك مع المصطفى صلى الله عليه وسلم رحل الجبل الأشم.. رحل أديب الأدباء.. رحل العالم الذي جمع بين الفقه والأدب والقرآن والسنن وفقه الواقع… رحل من لم يساوم في دينه ولم يخضع لغير ربه… رحل من لم يخش في الله لومة لائم رحل غير مبدل ولا مغير.

هذه ترجمة يسيرة عن حياة الراحل رحمه الله.

النشأة والرحلة التعليمية

البروفسور الحبر يوسف نور الدائم الإمام هو من مواليد: 1/ إبريل/ 1940م، بقرية الريف الشمالي قرية السروراب في السودان. نشأ في خلوة ثم التحق بالمدرسة الصغر، جعاب جريد 1948م. ثم مدرسة العرب الوسطى في أم درمان ثم أكمل المدرسة الثانوية في وادي سيدنا 1959م.

التحق بجامعة الخرطوم كلية الآداب قسم اللغة الغربية، تخرج منها عام 1964م، بعد نيل درجة الشرف في الجامعة.
ثم ابتعث إلى بريطانيا ( اسكوتلندا) لدراسة الدكتوراه مباشرة، ولم يدرس الماجستير، لأن كان متميًّزًا في مستواه العلمي، فحصل على الدكتوراه سنة 1969م.

رجع إلى السودان فعمل أستاذًا بكلية الآداب، قسم اللغة العربية، جامعة الخرطوم حتى وفاته.

له من البنين أربعة من الذكور وهم: الدكتور: محمد الحبر، وأبو بكر، والدكتور: عمر، وعزام، متوفى، وأربع من الإناث.

شيوخه

تتلمذ على ثلة من العلماء والأساتذة الفضلاء من أبرزهم: البروفسور عبد الله الطيب ، والشيخ عز الدين الأمين، والبروفسور عون الشرف قاسم والبروفسور يوسف فضل حسن، والشيخ صادق عبد الله عبد الماجد.

أبدى العلامة الحبر تميزا في اللغة العربية لفت إليه إهتمام بروفسور عبد الله الطيب فأولاه رعاية خاصة تحولت إلى صداقة متينة بينهما كان يرى فيه الخليفة من بعده ومضى على نهجه في الإعلاء من شأن اللغة العربية حتى أنه قال عندما غادر للتدريس في المغرب تركت فيهم الحبر .

مناصبه وأعماله

عمل الحبر يوسف نور الدائم بـجامعة الخرطوم رئيساً لقسم اللغة العربية حيناً، ثم أستاذًا مشاركًا حيناً آخر، وكان عميدا للمكتبات في الجامعة.

كان عضوا دائما في لجنة التربية والتعليم بالمجلس الوطني من عام 2000م، وحتى عام 2011م.

عمل مشرفًا ومناقشًا لبحوثات الترقية الجامعية.

للراحل أيضا مشاركات وعضويات متعددة من أهمها :

رابطة العالم الإسلامي

مجمع الفقه الإسلامي

مجمع اللغة العربية

مجلس أمناء الزكاة

جائزة الملك فيصل للبحوث.

جامعة القرآن الكريم

التميز في الخطابة

تميز العلامة الحبر يوسف نور الدائم بالفصاحة وحسن الخطابة والبلاغة، يقول أحد تلامذته الدكتور عاطف عثمان علي : “تعلمت منه الكثير في مجال الخطابة أذكر منه في إيجاز :

أولا: حسن الاستهلال وما يحتويه الاستهلال من التحميد والتسبيح والثناء على الله عز وجل بما هو أهله وأن يكون الاستهلال مقدمة وتمهيدا للموضوع.

ثانيا: الوضوح والشجاعة والجرأة في النصح وتحمل المسؤولية وأمانة المنبر ولكنه كان حكيما في نصحه، ولم يكن نقده للفساد والاستبداد بالتفصيل المخل الممل وربما قال جملة واحدة ففهم الحاضرون مراده. وهذا أسلوب لا يستطيعه إلا من أخذ بناصية اللغة واستقام لسانه على نهج البلاغة والفصاحة.

ثالثا: الاهتمام بالأدب والبلاغة وتحلية الخطبة بأبيات من شعر العرب المقفى القديم، كيف لا ومعجزة ديننا هو كتاب بليغ ورسولنا أوتي جوامع الكلم وهو أفصح العرب .

رابعا : إشباع الخطبة بآيات القرآن الكريم فالقرآن هو أفضل مايوعظ به وأفضل مايخوف به وأفضل مايرغب وشيخنا الحبر كان رجلا قرآنيا. “

عرف البرفسور الحبر يوسف نور الدائم كخطيب في مسجد الحضراب بمنطقة شمبات لسنوات طويلة، كما عمل خطيبا في مسجد الشيخ دفع الله وعمل خطيبا منتقلا بين مساجد الحولا.

ومضات من حياته

للعلامة البروفيسور الحبر يوسف نور الدائم ديوان بعنوان (شعر أنفاس القريض). وقدم للإذاعة السودانية سلسلة حلقات بعنوان (سحر البيان) موضوعها الشعر العربي وموضوعاته. كما قدم لقناة الشروق الفضائية برنامجا من 30 حلقة بعنوان (أحسن الحديث) موضوعه تفسير القرآن الكريم.

له محاضرات متفرقة في موضوعات اللغة العربية وآدابها. وقد كان من أبرز فقهاء اللغة العربية السودانيين. كان العلامة الحبر يوسف نور الدائم عملاقًا من عمالقة اللغة في السودان، فصيحا، وأديبا، وشاعرا مقداما في قول الحق لا يخاف في الله لومة لائم. كان رحمه الله عالم لغة حاذق، وصاحب فصاحة وبيان ماهر، وهو إلى ذلك شاعر قوي العارضة، ملتزم بطريقة أستاذه عبد الله الطيب وطرائق الشعراء القدامى.

فتح الله عليه في علوم القرآن فكان متدبرا لمعانيه وإشاراته، وظل يقدم برنامجا متخصصا في تفسير القرآن بعنوان ( سحر البيان) يجري على طريقة علماء اللغة في التفسير، على نهج الزمخشري وابن عطية فمدخله ومفتاحه للتفسير هو اللسان العربي المبين.

نهج العلامة الحبر الفقهي وسطي يتباعد عن التشديد ويميل للتيسير وتفسيره للقرآن وتأويله يمضي على ذات النهج، وهو أشبه في ذلك بسجيته التي تجانب التكلف وتميل للتلطف وحسن الخطاب.

وفاته

توفي العلامة الحبر يوسف نور الدائم رحمه الله تعالى يوم الأحد الخامس من جمادى الأولى سنة 1445ه. الموافق 19/ 11/ 2023م، في أم درمان، الخرطوم، السودان. جعل الله مقيله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. اللهم اغفر له وارحمه واسكنه فسيح جناتك واجعل قبره روضة من رياض الجنة.

رحم الله العلامة الحبر يوسف نور الدائم فقد كان مصباحا من مصابيح التنوير بنور القرآن عسى الله أن يضيء قبره بنور القرآن ويجعل له يوم القيامة نورا، إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

[ad_2]

شخصيات تاريخية
شارع 7 | الإمام المحدث يوسف المِزِّي صاحب التهذيب والتحفة

[ad_1]

تجمل القرن الثامن الهجري بعديد من الأئمة المجددين الأجلاء، البارزين في حسن رعاية العلوم الإسلامية وحراستها وخدمتها بأكمل الوجه، وكان في مقدمة القوم الإمام يوسف المِزِّي واسمه  جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف بن علي المشهور بالمزي، نسبة إلى بلدة المزة إحدى قرى حلب، وبها المولد عام 654هـــ  والمنشأ، وحفظ القرآن الكريم في الصغر، ثم رحل إلى أمصار العلماء لسماع العلم على سنة سلف الأمة.

مكانة الحافظ المزي العلمية

كان الإمام المزي مفخر أهل زمانه وإماما لمن بعده، وكان فاضلاً عارفا، كثير الاطلاع، بارعاً في العربية والأصول والخط والتصنيف، عارفاً بعلم الحديث، بصيراً بعلم الرجال بمعنى الكلمة، علامة في الحفظ والفهم والعلل، وقد نال لقب ” الحافظ ” عن جدارة واستحقاق.

قوة حفظه ومتانة ضبطه واتقانه

للمحدثين طرق ووسائل متنوعة في معرفة مدى مستوى الراوي من الحفظ والضبط، ومن بينها إيقاع الإبدال عمدا في الحديث سندا ومتنا؛ لمن يراد اختبار حفظه وضبطه ونقاء مروياته من الخلل، ولهم في ذلك قصص ومواقف عجيبة مع الرواة، ومن أشهر من يفعل هذا شعبة بن حجاج ويحي بن معين، وقصة امتحان أهل بغداد للبخاري المشهورة من خير شاهد في الباب، والإمام المزي ممن وقع به هذا الاختبار.

وقد ذكر الحافظ ابن كثير أن صاحبه ابن عبد الهادي صاحب ” المحرر ” أتى على الإمام المزي يوما فقال له: انتخبت من روايتك أربعين حديثا، أريد قراءتها عليك، وقرأ الحديث الأول، وكان الشيخ متكئا فجلس، فلما أتى على الثاني تبسم، وقال: ما هو أنا، ذاك البخاري.

فقال ابن كثير:” فكان قوله هذا عندنا أحسن من رده كل متن إلى سنده”.[1]

ومن عجائب تمكنه ومتانة ضبطه وقوة حظفه أنه كان يرد على القارئ إذا غلط وهو ناعس ردا جمبلا.

يقول ابن كثير:” وكان شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزّي -تغمده الله برحمته- يكتب في مجلس السماع وينعس في بعض الأحيان، ويرد على القارئ ردا جيدا بينا واضحا؛ بحيث يتعجب القارئ من نفسه! أإنه يغلط فيما في يده وهو مستيقظ، والشيخ ناعس وهو أنبه منه! ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء” [2]

وَقَال التاج عبد الوهاب السبكي: “وبالجملة كان شيخنا المزي أعجوبة زمانه، يقرأ عليه القارئ نهارا كاملا والطرق تضطرب والأسانيد تختلف وضبط الأسماء يشكل وهو لا يسهو ولا يغفل، يبين وجه الاختلاف، ويوضح ضبط المشكل، ويعين المبهم يقظ لا يغفل عند الاحتياج إليه، وقد شاهدته الطلبة ينعس فإذا أخطأ القارئ رد عليه كأن شخصا أيقظه، وقال له: قال هذا القارئ كيت وكيت هل هو صحيح؟ وهذا من عجائب الأمور وكان قد انتهت إليه رئاسة المحدثين في الدنيا”[3] وقف مع هذه العبارة متأملا ” فإذا أخطأ القارئ رد عليه كأن شخصا أيقظه” إلى هذه الدرجة من الفطنة ورجاحة العقل، وتمام ضبط الصدر والإتقان، وشدة التيقظ، حتى صار مرور الخطأ في أذنيه كالمنبه، وما أكثر من حاله هذه من المحدثين.

توليته مشيخة دار الحديث الأشرفية

احتلت دار الحديث الأشرفية ريادة علمية، وصدارة لقائمة مجامع الفنون العلمية بمدينة دمشقة وفي العالم الإسلامي أيامها، بناها الملك الأشرف مظفر الدين من ملوك الدولة الأيوبية عام 630هـ وجعلها دارا للحديث الشريف وعلومه تعليما وتعلما، وتعظيما لشأنه وتنويها بأهله ومكانتهم، وقد اشترط الملك الأشرف الواقف على من يتولى مشيخة المدرسة أن يجتمع فيه علمان أساسيان؛ وهما: علم الرواية وعلم الدراية، وفي حال تعذر توفرهما في العالم، وإنه يقدم صاحب الرواية على العالم بالدراية، وكان أول من وليها بشروطها هو الحافظ أبو عمرو بن الصلاح، وفيها أملى كتابه الشهير بمقدمة ابن الصلاح وغيره، ثم تولى إدارتها بعده أفاضل الأئمة الأجلاء أمثال ابن الحرستاني، وأبو شامة، والنووي والشريشي، وغيرهم، وتصدروا فيها بالدروس وأملوا فيها المصنفات وانتفع بهم الخلائق من العامة والخاصة أيما انتفاع، ثم جاء عصر الإمام المزي بعد ابن الشريشي، فنظر الناس فلم يجدوا أحدا ممن أولى بمشيخة دار الحديث غيره، فلذا وجدوا أنفسهم أمام حقيقة واضحة لا مناص عنها، لأن الإمام المزي أكثر أهل العصر متضلعا في علمي الرواية والدراية، ومن هنا قادهم الواقع المشاهد لتسليم قيادة العلم له رغما على ما في بعض نفوس الأشاعرة من الضغينة، فعينوه إماما وشيخا لدار الحديث، ومكث فيها أكثر من ثلاث وعشرين عاما مدرسا ومعلما ومرشدا ومربيا ومؤلفا، ويعتبر خيرا من عمرها بالعلم.

يقول الحافظ ابن كثير صهر الشيخ:” وفي يوم الخميس ثالث عشرين ذي الحجة سنة718هـ باشر الشيخ الإمام العلامة الحافظ الحجة شيخنا، ومفيدنا أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبدالرحمن بن يوسف المزي مشيخة دار الحديث الأشرفية عوضا عن كمال الدين بن الشريشي، ولم يحضر عنده كبير أحد لما في نفوس بعض الناس من ولايته لذلك مع أنه لم يتولها أحد قبله أحق بها منه، ولا أحفظ منه، وما عليه منهم إذا لم يحضروا عنده فإنه لا يوحشه إلا حضورهم عنده، وبعدهم عنه أنس.[4]

وقال أبو العباس ابن تيمية لما باشر المزي مشيخة دار الحديث:” لم يلها من حين بنيت إلى الآن أحق بشرط الواقف منه لقول الواقف فإن اجتمع من فيه هذه الرواية ومن فيه الدراية قدم من فيه الرواية[5]

وقال تقي الدين السبكي: والذي نراه أنه ما دخلها أعلم منه ولا أحفظ من المزي ولا أورع من النووي.[6]

وقد حاول الأشاعرة عزل الإمام المزي عن منصبه من أجل تأثره بشيخ الإسلام ابن تيمة وصحبته له وانتهاج نهجه، وأنه ادعى بخط يده عند توليته المشيخة بأنه أشعري العقيدة خلافا لحقيقة حاله.

ولما عين تقي الدين السبكي على قضاء الشافعية بدمشق هرول إليه أحد كبار الأشاعرة

-وهو صدر الدين سليمان بن عبد الحكيم المالكي– بليلة واحدة عقب وصوله دمشق،  وتحدث عن الإمام المزي ثم قال للسبكي: “وينبغي لك عزله من مشيخة دار الحديث الأشرفية، فقال السبكي لما سمع الكلام: فاقشعر جلدي وغاب فكري وقلت في نفسي: هذا إمام المحدثين!!! والله لو عاش الدارقطني استحيي أن يدرس مكانه. قال: وسكت ثم منعت الناس من الدخول علي ليلا.

وقال له ابنه: إن صدر الدين المالكي لا ينكر رتبة المزي في الحديث ولكن كأنه لاحظ ما هو شرط واقفها من أن شيخها لا بد وأن يكون أشعري العقيدة، والمزي وإن كان حين ولي كتب بخطه بأنه أشعري إلا أن الناس لا يصدقونه في ذلك.

فقال: أعرف أن هذا هو الذي لاحظه صدر الدين، ولكن من ذا الذي يتجاسر أن يقول المزي ما يصلح لدار الحديث والله ركني ما يحمل هذا الكلام.[7]  سبحان الله، هكذا إجماع الموافقين والمخالفين على حقية الإمام المزي بهذا المنصب العلمي دون غيره، ثم لله دار تقي الدين السبكي وقد ساقه الإنصاف إلى أن يكون حليف الحق وإن كان مخالفا للإمام المزي في المنهج.

ثناء العلماء عليه

كانت مكانة الإمام المزي العلمية موضع الاعجاب والتقدير لدى كل من عرفه وعايشه أو اطلع على أخباره ومدوناته، وقد تواتر ثناء العلماء عليه وذكروه بجميل الذكر وحسن الأوصاف.

ومن ذلك قول معاصره وتلميذه ورفيقه الإمام الذهبي حيث يصفه في أكثر موضع من كتبه بأنه “العلامة، الحافظ، البارع، أستاذ الجماعة، محدث الإسلام، وخاتمة الحفاظ، وناقد الأسانيد والألفاظ، وهو صاحب معضلاتنا، وموضح مشكلاتنا، ما رأيت أحدًا في هذا الشأن أحفظ من الإمام أبي الحجاج المزي.

ثم قال الإمام الذهبي في موطن آخر:” وغالب المحدثين من دمشق وغيرها قد تتلمذوا له، واستفادوا منه، وسألوه عن المعضلات، فاعترفوا بفضيلته، وعلو ذكره”[8]

ولما سئل ابن سيد الناس اليعمري عن أحفظ من لقي فقال:” وجدت بدمشق الإمام المقدم والحافظ الذي فاق من تأخر من أقرانه وتقدم أبا الحجاج المزي، بحر هذا العلم الزاخر، القائل من رآه: كم ترك الأول للآخر، أحفظ الناس للتراجم، وأعلمهم بالرواة من أعارب وأعاجم، … ولا ينفرد علمه بأهل عصر دون عصر، معتمدا آثار السلف الصالح، مجتهدا فيما نيط به في حفظ السنة من النصائح، معرضا عن الدنيا وأسبابها، وهو في اللغة إمام، وله بالقريض إلمام.[9]

وقال التاج السبكي عنه:” شيخنا وأستاذنا وقدوتنا الشيخ جمال الدين أبو الحجاج المزي، حافظ زماننا، حامل راية السنة والجماعة، والقائم بأعباء هذه الصناعة، والمتدرع جلباب الطاعة، إمام الحفاظ كلمة لا يجحدونها، وشهادة على أنفسهم يؤدونها، ورتبة لو نشر أكابر الأعداء، لكانوا يودونها، واحد عصره بالإجماع، وشيخ زمانه الذي تصغي لما يقول الأسماع”[10] علما بأن القائل هذه الكلمات النيرة أشعري وشيخه المزي سلفي ولكنه نطق بالحق.

وهذه هي نبذة يسيرة من ثناء أهل عصر الشيخ عليه، وأما ثناء من جاء بعدهم من أهل العلم فإنه لا يكاد يحصى، كما تراه في كتب الحديث والفقه والتراجم وغيرها.

[ad_2]

شخصيات تاريخية
شارع 7 | أبو إسحاق الشاطبي

[ad_1]

إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي، أبو إسحاق الشهير بالشاطبي. العلامة المؤلف والمحقق النظار، أحد الجهابذة الأخيار، وأحد العلماء الأثبات، وأكابر الأئمة الثقات، له استنباطات جليلة وفوائد لطيفة وأبحاث مهمة.

كان على درجة عالية من الصلاح والعفة والتحري والزهد والورع، والحرص على اتباع السنن ومجانبة البدع.

له القدم الراسخة والإمامة الكبرى قي سائر الفنون والمعارف، من فقه وأصول وتفسير وحديث وعربية وغيرها.

اجتهد وبرع ففاق غيره والتحق بالأكابر من العلماء وتكلم مع كثير من الأئمة في مشكلات المسائل من شيوخه وغيرهم، وجرى له معهم أبحاث ومراجعات كشفت ظهوره فيها وقوة عارضته وإمامته.

تلقى العلم على كبار علماء عصره، منهم: ابن الفخار البيري وأبو القاسم السبتي وأبو عبد الله التلمساني، وأبو عبد الله المقريء، وغيرهم. وعنه أخذ جماعة من العلماء، منهم: أبو يحيى ابن عاصم وأخوه القاضي أبو بكر ابن عاصم والشيخ أبو عبد الله البياني.

له تآليف نفيسة اشتملت على تحريرات للقواعد وتحقيقات لمهمات الفوائد، من أهمها كتابان:

الأول: «الموافقات في أصول الفقه» كتاب جليل لا نظير له يدل على إمامته وبعد شأوه في العلوم سيما علم الأصول وهو في سفرين، قال في وصف أقسام هذا الكتاب: «…فصار كتاباً منحصراً في خمسة أقسام: الأول: في المقدمات العلمية المحتاج إليها في تمهيد المقصود، الثاني: في الأحكام وما يتعلق بها من حيث تصورها والحكم بها سواء أكانت من خطاب الوضع أو من خطاب التكليف، الثالث: في المقاصد الشرعية في الشريعة وما يتعلق بها من الأحكام، الرابع: في حصر الأدلة الشرعية وبيان ما يضاف إلى ذلك منها على الجملة وعلى التفصيل، وذكر مآخذها وعلى أي وجه يحكم بها على أفعال المكلفين، الخامس: في أحكام الاجتهاد والتقليد والمتصفين بكل واحد منها وما يتعلق بذلك من التعارض والترجيح والسؤال والجواب. وفي كل قسم من هذه الأقسام مسائل وتمهيدات وأطراف وتفصيلات يتقرر بها الغرض المطلوب ويقرب بسببها تحصيله للمطلوب».

الثاني: «الاعتصام» كتاب نفيس في غاية الإفادة. تكلم فيه على البدعة، جعل مباحثه في عشرة أبواب: الأول: في تعريف البدعة ومعناها، الثاني: في ذم البدع وسوء منقلب أهلها، الثالث: في ذم البدع والمحدثات ورد شبه المبتدعة ومن جعلها حسنة وسيئة، الرابع: في مآخذ أهل البدع في الاستدلال، الخامس: في البدع الحقيقية والإضافية والفرق بينها، السادس: في أحكام البدع وأنها ليست على رتبة واحدة، السابع: في الابتداع يختص بالعبادات أم تدخل فيه العادات، الثامن: في الفرق بين البدع والمصالح المرسلة والاستحسان، التاسع: في السبب الذي لأجله افترقت فرق المبتدعة عن جماعة المسلمين, العاشر: في الصراط المستقيم الذي انحرفت عنه البدعة.

أما كتبه الأخرى فهي: شرحه الجليل على الخلاصة في النحو في أسفار أربعة كبار لم يؤلف عليها مثله بحثاً وتحقيقاً. و«المجالس»، شرح فيه كتاب البيوع من صحيح البخاري فيه تحقيقات بديعة نافعة. و«الإفادات والإنشادات»، فيه طرف وتحف ومُلح أدبيات وإنشادات في كراسين. و«عنوان الاتفاق في علم الاشتقاق». و«أصول النحو».

كان لا يأخذ الفقه إلا من كتب الأقدمين ولا يرى لأحد أن ينظر في الكتب المتأخرة، كذا قرره في مقدمة كتابه «الموافقات».

[ad_2]

شخصيات تاريخية
شارع 7 | العالم الفلسطيني أديب الخالدي .. مفتي جنين

[ad_1]

المرحوم الشيخ أديب الخالدي هو مفتي جنين وخطيب المسجد الكبير (مسجد فاطمة خاتون) منذ بداية العشرينات وحتى وفاته عام 1952. وهو من خريجي الأزهر في أوائل القرن العشرين. كان عالما فذا ومناضلا قويا مدافعا عن الحق، خاصة في مدينة جنين الفلسطينية التي كان مفتيها طيلة 37 سنة، حتى أن المساجد عند موته يقال أنها أذنت في غير موعد الصلاة لموت عالم من علمائها.

يقول المؤرخ نقولا زيادة عن الشيخ أديب الخالدي أنه “كان شخصية معروفة على مستوى الوطن ذو علم وذو فكاهة وسرعة بديهة منقطعة النظير”. ومما أورده الشاعر الراحل برهان الدين العبوشي عن الشيخ أديب الخالدي أنه “الشاعر الأديب الذكي الشيخ محمد أديب الخالدي رحمه الله”.

من هو الشيخ أديب ناصر الخالدي؟

ولد الشيخ أديب ناصر مصطفى الخالدي في مدينة جنين عام 1889 وتوفي عام 1952 شغل منصب الإفتاء في مدينة جنين من عام 1915 حتى 1952 .

ولد في قرية “عرابة” قضاء جنين عام 1883 وتتلمذ على يدي والده الشيخ ناصر مصطفى الخالدي (1853-1922) في الكتاب الذي تم تعيينه عام 1909 مدرساً ومرشداً في مسجد فاطمة خاتون (مسجد جنين الكبير) في جنين إثر المضبطة التي رفعها وجهاء ومشايخ وعلماء جنين والموقعة بتاريخ 13/12/1909 بإمضاء خيرة رجال الدين والفقه والتشريع في مصر وبلاد الشام والموقعة.

هذه المضبطة أو العريضة موجودة في سجلات المحكمة الشرعية في جنين إلى نظارة الأوقاف العثمانية في إسطنبول، يسترحمون من قائم مقام جنين، تعيين الشيخ ناصر بن الشيخ مصطفى الخالدي المخزومي العرابي العالم بالأحكام النقلية والنوعية، إماما وخطيبا للمدينة، والتي جاء فيها:

“نحن وجوه قصبة جنين، يلزم لنا مرشد رشيد في أمور ديننا، يعلمنا الأحكام الدينية وغيرها، وحيث موجود الآن عندنا فضيلة الشيخ ناصر الخالدي المخزومي العرابي من أجل العلماء المدرسين، فإننا نسترحم تعيينه مدرسا في القصبة المذكورة، وبذلك تنالوا منا الدعوات في جامعها الكبير”.

ومن هنا يظهر الأثر الذي تركه والد الشيخ أديب الخالدي في تنشأته وتربيته كون الشيخ ناصر درس في الجامع الازهر، وحاز على درجة “الأستاذية” العالية في العلوم الشرعية فهذا جعل أيضاً الشيخ أديب بعد إنتهائه من نهل العلم من والده أن يتوجه إلى القاهرة، حيث درس في الجامع الأزهر، وتخرج منه حاصلاً على الإجازة في العلوم الدينية والفقهية، ثم عاد إلى فلسطين ليشغل بعدها بفترة منصب مفتي أول لمدينة جنين.

37 عاما مفتيا لجنين

تم تعيين الشيخ أديب الخالدي، مفتياً لمدينة جنين عام 1915 الموافق 28 ذي الحجة 1333 هجري، وذلك عقب الشيخ راغب محمد خليل عزوقة، حيث أجريت مسابقة للتنافس على منصب مفتي جنين، وقد تنافس على هذا المنصب كلا من:

1-الشيخ محمود عبد الغني ياسين اللبدي.

2-الشيخ حسن بن محمود عبد الكريم عزوقة إمام الجامع الصغير.

3-الشيخ أديب بن ناصر بن مصطفى الناصر الخالدي (أبو ناصر)، وقد فاز بالمسابقة وعُيّن بموجب البراءة السلطانية رقم (33) في عهد السطان محمد رشاد خان الخامس.

بقي الشيخ أديب الخالدي في منصبه 37 عام، مفتيا لمدينة جنين منذ عام 1915 وحتى وفاته عن عمر يناهز الثالثة والستين سنة 1952 وقد سبقه للمنصب الشيخ راغب عزوقة ولحقه في المنصب الشيخ توفيق جرار.

حياته والمؤتمرات التي شارك فيها

لعب الشيخ أديب الخالدي دورا سياسا ودينيا بارزا فلقد شهد ثلاث حقبات تاريخية مختلفة: العثمانية والبريطانية والأردنية، حيث مثّل مدينة جنين في العديد من المؤتمرات الوطنية واللجان التي كان لها دور في القضية الفلسطينية. فقد كان الشيخ أديب الخالدي أحد ممثلي جنين في المؤتمر العربي الفلسطيني السابع ( 1928)، وفي المؤتمر الإسلامي للدفاع عن المسجد الأقصى والأماكن الإسلامية المقدسة ( 1928م ) ، وفي مؤتمر علماء فلسطين الأول ( 1935م ) ، وكان من مؤسِّـسي الحزب العربي الفلسطيني ( 1935م ) ، وفي مؤتمر اللجان القومية ( 1936م ) وكان من ممثلي مدينة جنين في مؤتمر اللجان القومية الذي عقده ممثلون من جميع المدن الفلسطينية لتنسيق العمل ضدَّ الاحتلال البريطاني في بيت المقدس في 7/5/1936م. وكان من العلماء الذين عرفتهم سجون المحتلين الإنجليز أثناء ثورة عام 1936م .

كان الشيخ أديب الخالدي من الرائدين في الدفاع والذوذ عن حرمة مسجد جنين الكبير عام 1938، بعيد مقتل حاكم جنين البريطاني موفيت، حيث اعترض على الجنود البريطان بالدخول إلى المسجد لتفتيشه. كما كان أحد الشخصيات اللذين ساعدوا في تهدئة الأمور في جنين عقب استشهاد الشيخ عز الدين القسام، حيث كان جثمان الشهيد عز الدين القسام في جنين قبل نقله إلى حيفا.

وهو أحد ممثلي جنين في مؤتمر بلودان المنعقد بتاريخ 08/09/1937 في بلودان بسوريا من أجلل الذي رفض قرار تقسيم فلسطين والكثير من القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية.

من دعاباته وطرائفه

ألّف الشيخ أديب الخالدي عددا من الكتب الدينية، لكنها ضاعت مع الأيام، ولم يتبق منها إلا كتاب واحد بعنوان “مذكرات في علم الإرث“، وكان الشيخ أديب شخصية معروفة على مستوى الوطن ذو علم وذو فكاهة منقطعة النظير ومما يروى عنه قوله:

إذا كنت يوماً مفلسا        فلا تزر نابلسا

واحذر طريقاً للقهرِ        جنوب جامع النصرِ

تجد به كنافةْ                في غاية النظافةْ

صانعها أباظةْ                وآكلها نياظةْ

سمعتها تنادي               الجُبْنُ في فؤادي

وفوق وجهي الفستقْ      وقيْمقُ وبندقْ

ومما قاله بعد انتصار الجيش العراقي في معركة جنين عام 1948 “لولا نوح كنا بدنا نروح” (ونوح هو قائد الجيش العراقي في هذه المعركة)، “ولولا الجيش لكنا تحت الخيش”.

و من نوادره أن الحاكم البريطاني الكابتن هيو فوت قد استدعى الشيخ أديب الخالدي لمقر الحكم العسكري قي نابلس بعد أن وشى به الواشون واتُهم بالتحريض ضد الإنجليز، فعندما صعد على المنبر في خطبة الجمعة ليرد على ما تناقله الناس من تكهنات وتقولات: “أنا أعلم أن هذا الزمن هو زمن السكوت، وكسر النبوت، والتزام البيوت وإطاعة أوامر المستر فوت”.

ومن نوادره أيضاً أنه سُئل بعد النكبة وضياع ثلاثة أرباع فلسطين: ما رأيك بحل القضية الفلسطينية يا سيدنا الشيخ.؟ أجاب بسخريته اللاذعة المعهودة: “حل القضية بتسليم البقية”.

وفاته

توفي الشيخ أديب خالدي يوم الإثنين 17/11/1952 عن عمر يناهز الثالثة والستين، حيث دفن في المقبرة الغربية في مدينة جنين، ويذكر عند موته أن المساجد أذنت في غير موعد الصلاة لموت عالم من علمائها.

[ad_2]

شخصيات تاريخية
شارع 7 | رحيل الداعية القطري الدكتور أحمد الحمادي رحمه الله

[ad_1]

رحل عن دنيانا مساء السبت 14 أكتوبر 2023 الداعية القطري الشيخ الدكتور أحمد الحمادي رحمه الله أستاذ كلية الشريعة والدرسات الإسلامية الأسبق بجامعة قطر، والذي عرف عنه التميز في ميادين التعليم والدعوة والعمل الخيري كما كانت له مشاركات عديدة في برامج دينية مختلفة على وسائل الإعلام.

وسجل عدد من الأكادميين والدعاة على منصة  التواصل الإجتماعي  X – تويتر سابقا – حزنهم على وفاة الدكتور أحمد الحمادي، سائلين االله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته.

نشر الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين د. علي القره داغي على حسابه قائلا : صحبته منذ أربعين  سنة فكان شقيق الروح وصديق الدرب ونعم الأخ ودعته بقلب حزين ولا نقول إلا ما يرضي الله. إننا نحتسب العالم والداعية الشيخ الدكتور أحمد الحمادي، رحمه الله، الذي فارقنا وترك خلفه إرثًا عظيمًا يشهد بإخلاصه وتفانيه في الدعوة إلى الله والعمل الصالح. كان رجلًا مبجلًا وداعيةً متفانيًا، حرص على أن تتطابق أخلاقه وأفعاله وأقواله مع مساعيه الطيبة في سبيل الخير. كانت بشاشته وتواضعه تبرز في كل تصرفاته وحركاته، وكانت الابتسامة  المؤنسة تلازمه  في كل حال. رحمه الله. قدم مساهمات  كبيرة في العمل الإنساني والاجتماعي والخيري، وترك بصمات في العمل الدعوي. إنا لله وإنا إليه راجعون.

كما نعى العميد المساعد للشؤون الأكاديمية بكلية الشريعة بجامعة قطر د.محمد أبوبكر المصلح قائلا: رحم الله أستاذنا أبا صلاح الشيخ الداعية الدكتور أحمد الحمادي، وتقبله في الصالحين، ورفع درجته في عليين .. درسنا في مرحلة البكالوريوس بكلية الشريعة في جامعة قطر، وكان حريصا على أن يحاضرنا إما في مسجد الجامعة أو في المكتبة فجزاه الله عنا خير الجزاء، ورضي عنه وأرضاه.

ودعا الدكتور أحمد العون عميد الدراسات العليا بجامعة قطر للفقيد بالمغفرة والرحمة  : اللهم اغفر لشيخي الدكتور أحمد الحمادي وارحمه وأسكنه فسيح جناتك. كان رحمه فارساً من فرسان العمل الخيري، داعياً إلى الله باذلاً نفسه في سبيل نشر الدعوة والعلم أسكنه الله الفردوس الأعلى من جنته

وغرد الدكتور سعيد المري أستاذ الحديث النبوي في كلية الشريعة بجامعة قطر عن الفقيد قائلا: توفي شيخنا الفاضل المربي الداعية فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الحمادي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته وأن يلحقه بالصالحين ويرفع درجته في عليين إنه سميع قريب مجيب وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وكتب الدكتور محمد عيإش الكبيسي الأستاذ المساعد بكلية الشريعة جامعة قطر : إنّا لله وإنا إليه راجعون. فقدت الأمة الإسلامية اليوم واحدا من أعلامها البارزين في الدعوة وعمل الخير وحمل همّ الأمّة في كل قضاياها.رحم الله فقيدنا الغالي الشيخ الدكتور أحمد الحمادي وتقبله في الصالحين وأحسن الله عزاء أهله وإخوانه وتلامذته.

ونعى الدكتور علي شيخ أحمد الرئيس السابق لجامعة مقديشو الفقيد قائلا: إنا لله وإنا إليه راجعون لقد وافته المنية عالما جليلا من علماء المسلمين وهو الدكتور أحمد الحمادي رحمه الله، كان تقديم الخير الى البشر هي السمة البارزة لديه وإنني أعزي أحبابه وذريته وتلامذته كما أعزي الشعب القطري والعالم سائلا الله أن يجعله مع النبيين في الفردوس الأعلى.

كما كتب أستاذ الفقه المقارن وأصول الفقه بجامعة الكويت د. خالد يوسف الجهيم : الداعية الشيخ أحمد الحمادي أحد رموز العمل الخيري الدعوي في قطر والخليج يودع هذه الدنيا وقد ترك إرثاً عظيماً من مراكز ومساجد وأعمال دعوية ومشاريع خيرية شاهدة له عند الله بإذن الله تعالى. عزائي لأهله وذويه ومحبيه ولأهل قطر.. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

وعلى حسابه كتب الشيخ نبيل العوضي عن وفاة الدكتور أحمد الحمادي  : توفي الأخ العزيز الشيخ أحمد الحمادي كان من أكثر الدعاة همة ونشاطًا في الدعوة إلى الله ونشر الخير وحث الناس على البذل والإحسان، بصماته كثيرة في بلاد أوروبا وآسيا وغيرها من القارات في العمل الخيري والإنساني والدعوي غفر الله له ورحمه وأسكنه الجنة عزائي لأسرته الكريمة ومحبيه قطر.

ونشر الداعية البحريني المعروف حسن الحسيني تعزية قائلا : أعزي إخواني في قطر بوفاة الداعية الشيخ أحمد الحمادي،  إنا لله وإنا إليه راجعون، أبو صلاح.. هو داعية مربي واستاذ قدوة ومصلح مجتهد، صاحب الأيادي البيضاء، والدعوة الحسنة، رحمه الله رحمة واسعة. ودعنا لكنه ترك إرثاً وأثرًا من مشاريع دعوية وأعمال خيرية، جعلها الله في ميزان حسناته.. تقبله الله في الصالحين ورفع درجته في عليين. آمين.

[ad_2]

شخصيات تاريخية
شارع 7 | عصام النمر .. العالم الذي حط فلسطين على القمر

[ad_1]

البروفسور عصام النمر  هو واحد من أبناء وعلماء فلسطين البررة، وأحد المبدعين العرب في سناء العلم. كان ضمن القلة القليلة من العلماء الذين يعطون الإشارة النهائية لإطلاق مركبات الفضاء في وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، حيث شارك في إطلاق مركبة (أبوللو – 11) التي كانت أول مركبة فضائية تهبط على سطح القمر عام 1969، واشتهر  بإعطاءه رواد فضاء تلك الرحلة حجرا نقش عليه اسم بلدته “جنين” لوضعها على سطح القمر.

عصام النمر  هو مفخرة بلدة “جنين” الفلسطينية، عالم أمريكي كبير لكنه فلسطيني الروح والمولد، كان يحب فلسطين و خاصة بلدته جنين التي خلد ذكراها ليس على الأرض بل على سطح القمر، اضطرته الظروف التي يعلمها القاصي والداني لمغادرة وطنه وبناء حياته في ديار الغربة، مثله مثل آلاف وملايين الفلسطينيي المهجرين.

من هو عصام النمر؟

عصام سعيد النمر  هو عالم فضاء فلسطيني أمريكي، ولد في مدينة “جنين” الفلسطينية عام 1926 لأب من حامولة الصوافطة في طوباس، كان والده من أوائل الأطباء الذين تخرجوا من جامعة استنبول في العام 1916. تلقى عصام النمر تعليمه الابتدائي في جنين وأنهى مرحلة الثانوية في مدرسة النجاح الوطنية في نابلس، وكان طيلة دراسته من المتفوقين اللامعين . بعد التحاقة لسنة واحدة في الجامعة الامريكية في بيروت عاد إلى جنين وعمل مدرسا وجرب حظة في العمل التجاري.

غادر الوطن إلى الولايات عام 1949، وتخرج بدرجة بكالوريوس في علوم الهندسة من جامعة ولاية يوتا سنة 1953. درس مساقات في الهندسة بكلية في ولاية نيويورك. وفي عام 1955 عمل مهندس تطوير في شركة انترناشونال في شيكاغو واثبت خلال عمله مهاراته العملية في تطوير الات الاحتراق الداخلي الامر الذي ساعده لالتحاق بصناعة الفضاء . قبل عرضاً من شركة روكيتدين وهي أكبر شركة صانعة لمحركات الصواريخ في كاليفورنيا سنة 1960.

وبعد ثماني سنين التحق في مركز القضاء في هيوسن بولاية تكساس وتولى قيادة مجموعة الاختبار للمركبة القمرية ومهمتها ” كيفية طيران المركبة في الفضاء وانزالها على سطح القمر “. وحصل على عدة أوسمة تفوق مع شهادات ورسائل تقدير .

تزوج عصام النمر أثناء فترة دراسته من سيدة نمساوية أنجب منها أربعة أبناء. و توفي في مدينة هيوستون بالولايات المتحدة الأمريكية، بعمر ناهز 79 سنة، في 15 يوليو عام 2005.

عائلة عصام النمر

الجدير بالذكر أن والد الدكتور عصام النمر هو الدكتور سعيد النمر من مدينة طوباس، أحد رواد الطب في فلسطين والذي تخرج طبيبا في العام 1914 إبان فترة الدولة العثمانية. حيث عمل ضابطا في الخدمات الطبية، ثم ترك الجيش العثماني والتحق بصفوف الثورة العربية الكبرى في عام 1916 بقيادة الشريف حسين بن علي.

استقر د. سعيد بعد الثورة في مدينة جنين حيث افتتح عيادته الخاصة، وهو يعتبر من أوائل الفلسطينيين الذين درسوا الطب ومارسوا المهنة.

أنجب الدكتور سعيد (والد العالم عصام النمر )خمسة أبناء آخرين أربعة منهم أطباء وواحد مهندس وقد ساهم ابنه الأكبر المرحوم الدكتور عوني النمر في تأسيس مهنة الطب في الكويت منذ نشوئها وحصل على العديد من الجوائز والشهادات التقديرية لإسهاماته في مجال الطب في الكويت والأردن أما المرحوم المهندس فتحي النمر فقد كان أول من أسس مشروع كهرباء جنين .

“جنين” الفلسطينية على سطح القمر

معروف عن عصام النمر بأنه أرسل حجرا إلى القمر حفر عليه اسم مدينته جنين مع رحلة إطلاق مركبة “أبوللو 11” التي كانت أول مركبة فضائية تهبط على سطح القمر عام 1969.

يقول حافظ طوقان في مقالة كتبها عام 1993 في جريدة نابلس الأسبوعية أنه عند سؤاله للدكتور عصام النمر “هل صحيح أنك سلمت رواد مركبة أبوللو -11 حجرا مكتوب عليه اسم مدينة جنين وان هذا الحجر موجود الآن على سطح القمر ؟ قال : نعم . وعند سؤاله : لم لم تكتب اسم فلسطين أيضا على الحجر قال: حتى نتمكن من إيصاله إلى هناك” .

وتحتفظ مكتبة بلدية جنين بصورة مهداة إلى أهالي مدينة جنين موقعة من قبل رواد مركبة الفضاء أبوللو -11كان قد قدمها الدكتور عصام لبلدية جنين في أول زيارة له للوطن عام 1972 .

[ad_2]

شخصيات تاريخية
حسان بن ثابت .. 60 في الجاهلية و60 في الإسلام

[ad_1]

لم يكن الشاعر العربي الكبير حسان بن ثابت شاعرا وكفى، بل كان صحابيا من الأنصار، ينتمي إلى قبيلة الخزرج من أهل المدينة، أسلم وصار يلقب بـ “شاعر الرسول” بعد الهجرة. وتحفظ كتب الأدب والتاريخ الكثير من الأشعار التي ألقاها في هجاء الكفار ومعارضتهم، وكذلك في مدح المسلمين ورثاء شهدائهم وأمواتهم. وهو من طبقة الشعراء المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام.

في تاريخ الشعر العربي عدد من الشعراء الفحول لا تنحسر عنهم دائرة الضوء، فأسماؤهم دائما بارزة في قوائم المبدعين، وفي مقدمتهم الصحابي الجليل حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه ، لا باعتباره طاقة شعرية هائلة فحسب، بل باعتبار أنه شاعر استطاع في مرحلة من مراحل حياته أن يوظف هذه الموهبة لتؤدي أدورا مؤثرة وفعالة، وسجلت في صفحات الشعر العربي بماء من ذهب .

ومعروف عن حسان بن ثابت أنه عاش في الجاهلية ستين سنة، وفي الإسلام ستين سنة أخرى، فهو أحد الشعراء المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، قبل أن يتوفى أثناء خلافة علي بن أبي طالب بين عامي 35 و40 هـ. وكان شاعرا معتبرا يفد على ملوك آل غسان في الشام قبل إسلامه.

من هو حسان بن ثابت؟

هو أبو الوليد حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، من قبيلة الخزرج، التي هاجرت من اليمن إلى الحجاز، وأقامت في المدينة مع الأوس. ولد في المدينة قبل مولد الرسول بنحو ثماني سنين، فعاش في الجاهلية ستين سنة، وفي الإسلام ستين سنة أخرى، وشب في بيت وجاهة وشرف، منصرفًا إلى اللهو والغزل. وهو من بني النجار أخوال عبد المطلب بن هاشم جد النبي محمد من قبيلة الخزرج، ويروى أن أباه ثابت بن المنذر الخزرجي كان من سادة قومه، ومن أشرفهم، وأما أمه فهي الفزيعة بنت خنيس بن لوزان بن عبدون وهي أيضا خزرجية.

ولد حسان بن ثابت سنة 60 قبل الهجرة على الأرجح، صحابي وكان ينشد الشعر قبل الإسلام، وكان ممن يفدون على ملوك الغساسنة في الشام، وبعد إسلامه اعتبر شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم.

ولقد سجلت كتب الأدب والتاريخ قصائده التي ألقاها في هجاء الكفار ومعارضتهم، وكذلك في مدح المسلمين ورثاء شهدائهم وأمواتهم. وأصيب بالعمى قبل وفاته، ولم يشهد مع النبي مشهدًا لعلة إصابته.

حسان بن ثابت قبل الإسلام

كانت المدينة في الجاهلية تشهد حروبا بين الأوس والخزرج، تكثُر فيها الخصومات والحروب، وكان قيس بن الخطيم شاعر الأوس، وحسان بن ثابت شاعر الخزرج، الذي كان لسان قومه في تلك الحروب التي نشبت بينهم وبين الأوس في الجاهلية، فصارت له في الجزيرة العربية شهرةٌ واسعة.

اتصل حسان بن ثابت بالغساسنة، يمدحهم بشعره، ويتقاسم هو والنابغة الذبياني وعلقمة الفحل أعطيات بني غسان، وقد طابت له الحياة في ظل تلك النعمة الوارفة الظلال، ثم اتصل ببلاط الحيرة وعليها النعمان بن المنذر، فحلَّ محلَّ النابغة، حين كان هذا الأخير في خلاف مع النعمان، إلى أن عاد النابغة إلى ظل أبي قابوس النعمان، فتركه حسان مكرهًا، وقد أفاد من احتكاكه بالملوك معرفةً بشعر المديح وأساليبه، ومعرفة بشعر الهجاء ومذاهبه، ولقد كان أداؤه الفني في شعره يتميز بالتضخيم والتعظيم، واشتمل على ألفاظ جزلة قوية، وهكذا كان في تمام الأهبة للانتقال إلى ظل محمد نبي الإسلام، والمناضَلة دونه بسلاحي مدحه وهجائه.

رأى بعض النقاد أن ما نظمه حسان بعد إسلامه افتقر إلى الجزالة وقوة الصياغة التي كانت له في الجاهلية. ولكنه في مقابل ذلك كان يتمتع بقدر كبير من الحيوية والرقة والسلاسة، ويتوهج من حين إلى آخر مما كشف عن إحساسه العالي وعواطفه الجياشة..

حسان بن ثابت بعد الإسلام

عندما بلغ حسان بن ثابت الستين من عمره، وسمع بالإسلام، دخل فيه، وراح من فوره يرد هجمات القرشيين اللسانية، ويدافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن الإسلام، ويهجو خصومهما.. وقال يوما للأنصار:”ما يمنع القوم الذين نصروا رسول الله بسلاحهم أن ينصروه بألسنتهم ؟!”.

كان النبي صلى الله عليه وسلم يثني على شعر حسان رضي الله عنه، بل كان يحثُّه على ذلك، ويعطف عليه ويقرَّبه منه، وقسم له من الغنائم والعطايا، إلا أن حسان بن ثابت لم يكن يهجو قريشًا بالكفر وعبادة الأوثان، وإنما كان يهجوهم بالأيام التي هُزِموا فيها، ويُعيرهم بالمثالب والأنساب، ولو هجاهم بالكفر والشرك ما بلغ منهم مبلغا.

شعره ومكانته بين الخلفاء

كان حسان بن ثابت يحظى بمنزلة رفيعة، يجلُّه الخلفاء الراشدون ويفرضون له في العطاء في الوقت نفسه، فلا نجد في خلافة أبي بكر- رضي الله عنه- موقفًا خاصًّا من الشعر، ويبدو أن انشغاله بالفتوحات وحركة الردَّة لم تدَع له وقتًا يفرغ فيه لتوجيه الشعراء أو الاستماع إليهم، في حين كان عمر بن الخطاب يحب الشعر، خاصةً ما لم يكن فيه تكرار للفظ والمعنى، وقد روِي عن كلٍّ من الخليفتَين الراشدَين عددٌ من الأبيات.

ويتفق النقاد على أن أساليب حسان بن ثابت بعد إسلامه قد سلمت من الحوشية والأخيلة البدوية، ولكن خالطها لين الحضارة، ولم تخل في بعض الأغراض من جزالة اللفظ وفخامة المعنى والعبارة كما في الفخر والحماسة والدفاع عن النبي ورسالته ومعارضته المشركين وهجومهم.

وأكثر شعر حسان في الهجاء، وما تبقى في الافتخار بالأنصار، ومدح رسول الله محمد والغساسنة والنعمان بن المنذر وغيرهم من سادات العرب وأشرافهم، ووصف مجالس اللهو والخمر مع شيء من الغزل، إلا أنه منذ إسلامه التزم بمبادئ الإسلام، ومن خلال شعر حسان بن ثابت نجد أن الشعر الإسلامي اكتسب رقةً في التعبير بعد أن عمَّر الإيمان قلوبَ الشعراء، وهي شديدة التأثير بالقرآن الكريم والحديث الشريف مع وجود الألفاظ البدوية الصحراوية.

ومهما استقلَّت أبيات حسان بن ثابت بأفكار وموضوعات خاصَّة، فإن كلاًّ منها يعبر عن موضوع واحد، هو موضوع الدعوة التي أحدثت أكبر تغيير فكري في حياة الناس وأسلوب معاشهم.

ويقول الناقد محمد مصطفى سلام: “لقد غلبت على أساليب حسان الشعرية الصبغة الإسلامية كتوليد المعاني من عقائد الدين الجديد وأحداثه والاستعانة بصيغ القرآن وتشبيهاته ولطيف كناياته، وضرب أمثاله، واقتباس الألفاظ الإسلامية من الكتاب والسنة وشعائر الدين، كما غلبت عليها الرقة واللين والدماثة واللطف وسهولة المأخذ وواقعية الصورة وقرب الخيال، وأكثر ما نرى ذلك في شعر الدعوة إلى توحيد الله وتنزيهه، وتهجين عبادة الأوثان، ووصف الشعائر الإسلامية وذكر مآثرها وبيان ثواب المؤمنين وعقاب المشركين وبعض ما مدح به الرسول أصحابه أو رثاهم به.”

آثاره وشخصيته الشعرية

اتفق الرواة والنقَّاد على أن حسان بن ثابت أشعر أهل المدر في عصره، وأشعر أهل اليمن قاطبةً، وقد خلف ديوانًا ضخمًا رواه ابن حبيب، غير أن كثيرًا من الشعر المصنوع دخله، لأنه لما كان لحسان بن ثابت موقف خاص من الوجهة السياسية والدينية، دُسَّ عليه كثير من الشعر المنحول، وقام بهذا العمل أعداء الإسلام، كما قام به بعض كُتاب السير من مثل ابن إسحاق.

وتنقسم شخصية حسان بن ثابت الشعرية إلى ثلاثة أقسام، هي:

شعره القبلي: قبل أن يدخل حسان بن ثابت في الإسلام كان منصرفًا إلى الذود عن حياض قومه بالمفاخرة، فكان شعره القبلي تغلب عليه صبغة الفخر، أما الداعي إلى ذلك فالعَداء الذي كان ناشبًا بين قبيلته والأوس، ولقد كان لفخر حسان نفحة عالية واندفاعًا شديدًا.

ارتباطه بالغساسنة: اتصل حسان بالبلاط الغساني، فمدح كثيرًا من أمراء غسان، أشهرهم عمرو الرابع بن الحارث، وأخوه النعمان، ولاسيما جبلة بن الأيهم، وقد قرب الغساسنة الشاعر وأكرموه وأغدقوا عليه العطايا، وجعلوا له مرتبًا سنويًّا، وكان هو يستدر ذلك العطاء بشعره:

يسقون من ورد البريص عليهم
بردى يصفق بالرحيق السلـل
بيض الوجوه كريمة أحسابهم
شمُّ الأنوف من الطراز الأول

دخوله الإسلام: بعد إسلامهنصب حسان نفسه للدفاع عن الدين الإسلامي، والرد على أنصار الجاهلية، وقد نشبت بين الفريقين معارك لسانية حامية، فكان الشعر شعر نضال يهجو فيه الأعداء، ويمدح فيه رجال الفريق، ولم يكن المدح ولا الهجاء للتكسب أو الاستجداء؛ بل للدفاع عن الرسول الكريم وهذا ينقسم لقسمين:

أولا: المدح: حيث أن شعر حسان لهذا العهد، مقصور على النبي وخلفائه وكبار الصحابة، والذين أبلَوا في الدفاع عن الإسلام بلاء حسنا، وهو يختلف عن المدح التكسُّبي ويركز  على وصف الخصال الحميدة للرسول ورسالة محمد وما إلى ذلك من العاطفة الحقَة والعقيدة النفيسة، يقول حسان:

نبي أتانا بعد يأس وفترة من الرسل
والأوثان في الأرض تعبد
فأمسى سراجًا مستنيرًا وهاديًا
يلوح كما لاح الصقيل المهنـد
وأنذرنا نارًا وبشر جـنة
وعلمنا الإسلام، فالله نحــمد
وأنت إله الخلق ربي وخالقي
بذلك ما عمرت في الناس أشهد

ويلحق بهذا المدح رثاء محمد فقد ذرف الشاعر دموعًا حارة، وضمنه لوعة وتذكرًا لأفضال رسول الدين الجديد، وحنينًا إليه في النعيم:

مع المصطفى أرجو بذاك جواره
وفي نيل ذلك اليوم أسعى وأجهد

ثانيا: الهجاء: وكان هجاء نضاليا وجهه إلى القرشيين الذين قاموا في وجه الدين الجديد يحاربونه ويهجون محمدًا وكان موقف الشاعر تجاههم حربًا لما بينهم وبين الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من نسب. فكان يعمد إلى الواحد منهم فيفصله عن بيئته القرشية، ويجعله طائرا غريبا يلجأ إليها كعبد، ثم يذكر نسبه لأمه فيطعن به طعنا شنيعا، ثم يسدد سهامه في أخلاق الرجل وعرضه فيمزقها تمزيقا في إقذاع شديد، ويخرج ذلك الرجل موطنا للجهل والبخل والجبن والفرار عن إنقاذ الأحبة من وهدة الموت في المعارك.

إقتباسات من شعر حسان بن ثابت

إقني حياءك في عز وفي كرم *** فَإِنَّما كانَ شَمّاسٌ مِنَ الناسِ
قَد كانَ حَمزَةُ لَيثَ اللَهِ فَاِصطَبِري *** فَذاقَ يَومَإِذٍ مِن كاسِ شَمّاسِ
أَخِلّاءُ الرَخاءِ هُمُ كَثيرٌ *** وَلَكِن في البَلاءِ هُمُ قَليلُ
فَلا يَغرُركَ خُلَّةُ مَن تُؤاخي *** فَما لَكَ عِندَ نائِبَةٍ خَليلُ
 وَأَحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قَطُّ عَيني *** وَأَجمَلُ مِنكَ لَم تَلِدِ النِساءُ
خُلِقتَ مُبَرَّءً مِن كُلِّ عَيبٍ *** كَأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كَما تَشاءُ
صَلّى الإِلَهُ وَمَن يَحُفُّ بِعَرشِهِ *** وَالطَيِّبونَ عَلى المُبارَكِ أَحمَدِ
لَكِ الخَيرُ غُضّي اللَومَ عَني فَإِنَّني *** أُحِبُّ مِنَ الأَخلاقِ ما كانَ أَجمَلا
إِذا اِنصَرَفَت نَفسي عَنِ الشَيءِ مَرَّةً *** فَلَستُ إِلَيهِ آخِرَ الدَهرِ مُقبِلا
وَما فَقَدَ الماضونَ مِثلَ مُحَمَّدٍ *** وَلا مِثلُهُ حَتّى القِيامَةِ يُفقَدُ
وكل أخ يقول أنا وفي *** وَلَكِن لَيسَ يَفعَلُ ما يَقولُ
سِوى خِلٍّ لَهُ حَسَبٌ وَدينٌ *** فَذاكَ لِما يَقولُ هُوَ الفَعولُ

ماذا قال رسول الله عن حسان بن ثابت؟

لقد صحّ أن حسّان بن ثابت رضي الله عنه هجا كفار قريش دفاعا عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن ليس كل شعر نسب إلى حسّان رضي الله عنه في هذا صحيحا.

وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم حثّ حسان بن الثابت على هجاء أهل الكفر من قريش. وهذا كان نوعا من جهاد الكفار باللسان. عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ  رواه أبوداود (2504). وهجاء حسان لأهل الكفر من قريش: كان من باب المقابلة في المعاملة، فكان دفاعا وجوابا على هجاء قريش للنبي صلى الله عليه وسلم، فأهل الكفر هم من بدأ.

فعن حسّان أنه قال لأَبِي هُرَيْرَةَ: ” أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:  أَجِبْ عَنِّي، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ القُدُسِ؟ قَالَ: نَعَمْ” رواه البخاري (3212)، ومسلم (2485).

وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: ” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ لِحَسَّانَ مِنْبَرًا فِي المَسْجِدِ يَقُومُ عَلَيْهِ قَائِمًا، يُفَاخِرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَوْ قَالَتْ: يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:   إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ حَسَّانَ بِرُوحِ القُدُسِ مَا يُفَاخِرُ، أَوْ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رواه الترمذي (2846) وقال: “هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

ورواه أبو داود (5015) بلفظ: ” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ لِحَسَّانَ مِنْبَرًا فِي الْمَسْجِدِ فَيَقُومُ عَلَيْهِ يَهْجُو مَنْ قَالَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “.

فكان هذا الهجاء مشروعا لأنه في مقابل ظلم قريش، كما قال الله تعالى: “لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا” (النساء-148).

وقد صح شيء من هذا الشعر، وليس فيه ما يستنكر، كما ورد في “صحيح مسلم” (2490) عَنْ عَائِشَةَ: قَالَ حَسَّانُ:

هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ ... وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الْجَزَاءُ
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا بَرًّا حَنِيفًا ... رَسُولَ اللهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
ثَكِلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيرُ النَّقْعَ مِنْ كَنَفَيْ كَدَاءِ
يُبَارِينَ الْأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ ... عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَلُ الظِّمَاءُ
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ ... تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ
فَإِنْ أَعْرَضْتُمُو عَنَّا اعْتَمَرْنَا ... وَكَانَ الْفَتْحُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ
وَإِلَّا فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ ... يُعِزُّ اللهُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ
وَقَالَ اللهُ: قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْدًا ... يَقُولُ الْحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ
وَقَالَ اللهُ: قَدْ يَسَّرْتُ جُنْدًا ... هُمُ الْأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ
لَنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ ... سِبَابٌ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ
فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللهِ مِنْكُمْ ... وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ
وَجِبْرِيلٌ رَسُولُ اللهِ فِينَا ... وَرُوحُ الْقُدُسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ.

وفاة حسان بن ثابت

توفي حسان بن ثابت في المدينة ما بين عامي 35 و40 هـ في عهد علي بن أبي طالب عن عمر ناهز المائة والعشرين عامًا. لكن بعض المؤرخين رجحوا أن حسان بن ثابت توفي في زمن خلافة معاوية بن أبي سفيان ما بين عام: 50 هـ وعام 54 هـ.

[ad_2]

شخصيات تاريخية
الدكتور علي السالوس .. فقيه الاقتصاد الإسلامي

[ad_1]

انتقل إلى رحمة الله مساء الثلاثاء 25 من يوليو 2023 م فضيلة الشيخ الدكتور علي السالوس رحمه الله  أحد كبار علماء الاقتصاد الإسلامي والخبير الفقهي في المجامع الفقهية عن عمر ناهز 89 عاما.

النشأة والمراحل التعليمية

ولد الشيخ علي أحمد علي السالوس في  عام 1353هـ – 1934م. في مصر وتحديدا بمدينة كفر البطيخ محافظة دمياط، ونشأ فيها حتى أنهى الثانوية العامة ثم دخل كلية دار العلوم في القاهرة وحصل على ليسانس كلية دار العلوم (1376هـ -م1957م) .

بعد تخرجه من الجامعة في عام 1957م عمل كمعلم في المراحل الثانوية بمصر والكويت في الفترة مابين (1957-1975م) وفي هذه الفترة شارك في تأليف عدد من الكتب حول طرق التدريس لمدرسي المرحلة الثانوية ، كما أشرف على تأليف عدد منها.

أكمل الشيخ السالوس طلبه للعلم وحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الشريعة من كلية دار العلوم في 1975م.

وخلال مسيرته العلمية تتلمذ الشيخ علي السالوس على عدد من كبار العلماء من أمثال الشيخ مصطفى زيد رحمه الله الذي أشرف على رسالة الماجستير، وفضيلة الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله الذي أشرف على رسالة الدكتوراه. كما نهل من معارف وعلوم عدد من العلماء منهم : الشيخ علي حسب الله، والشيخ محمد المدني، والشيخ عمر الدسوقي.

الرحلة العملية

بعد حصول الشيخ علي السالوس على درجة الدكتوراه اتجه للتدريس في الجامعات فعمل بالجامعة المستنصرية بالعراق (1975- 1976م)، ثم انتقل للعمل كأستاذ جامعي في المعاهد العليا بالكويت (1976-1981م) ثم التحق بكلية الشريعة بجامعة قطر 1982م  وعمل كأستاذ للفقه والأصول وأستاذ فخري في المعاملات المالية المعاصرة والاقتصاد الإسلامي.

أشرف الشيخ علي السالوس على العقود الخاصة بالتمويل والاستثمار في مصرف قطر الإسلامي (عقد المضاربة – عقد الاستصناع – عقد الوكالة – عقد الشراء مع خيار الشرط – عقود البيع بالمرابحة والمساومة – عقد الإجارة).

عمل الشيخ كخبير بمجمع الفقه التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة ثم اختير عضوا بالمجمع، كذلك عمل كخبير وعضو بمجمع الفقه التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.

التحول في التخصص

بدأ الشيخ علي السالوس حياته العلمية في دراسة المذاهب والفرق إلا أنه تحول إلى التخصص في الاقتصاد الإسلامي والمعاملات المالية المعاصرة وتميز فيها حتى أضحى من أهم خبراء هذا المجال في العصر الحديث.

وذكر الشيخ علي السالوس رحمه الله قصة تحوله إلى الاقتصاد الإسلامي على موقعه الشخصي قال فيها : “أحد السادة العلماء الفضلاء نشر قولا حول تبادل العملات وأباح التبادل بالأجل فيها وأن الربا في الذهب والفضة فقط ولا يسري في النقود الورقية ، وكنت ساعتها في الكويت فانتظرت أن يرد عليه أحد ولكن لم يرد أحد فعرفت أن هذا صاحب مدرسة كبيرة في الكويت ومن يرد عليه يتعرض لمخاطر جمة لذلك لم يستطع أحد أن يواجهه فكتبت مقالا عن الصرف وبيع العملات نشر في مجلة اللواء الإسلامي ولم أذكر اسمه  وقلت في المقال أنه عالم فاضل وكذا وكذا وبينت مسألة الصرف وقلت إن لم تنطبق على النقود الورقية إذا لا ربا ولا زكاة. ففوجئت برده الشديد مع قدر كافي من الشتائم وأنا عادة لا أرد على الشتائم لكن وجدت أنه لابد من رد علمي فرددت برد علمي موسع – أخذ ما يقرب من ثلث أو ربع المجلة – أحكام النقود باقية – ليست قاصرة على عصر الذهب والفضة و إلا لقلنا بعصر بلا نقود ؛ فرد مرة أخرى فلم أرد – ورد عليه اقتصاديون آخرون – وكتبت مقالا لم أنشره لكن ضممته للكتاب الذي كتبته عن النقود وبيع العملات بعد ذلك ؛ وكانت هذه بداية الدخول في الاقتصاد الإسلامي”.

كتب وأبحاث في الاقتصاد الإسلامي

خلف الشيخ علي السالوس رحمه الله عدة مؤلفات وأبحاث أثرى بها فقه المعاملات المالية، بعضها نشر في حوليات كلية الشريعة بجامعة قطر والآخر في إصدارات المجامع الفقهية، كما نشرت له دراسات ومقالات وتعليقات في عدد من المجلات العلمية والصحف العربية والأجنبية.

هذه نماذج من مؤلفات وأبحاث الشيخ علي السالوس رحمه الله :

  1. معاملات البنوك الحديثة في ضوء الإسلام
  2. المعاملات المالية المعاصرة في ميزان الفقه الإسلامي 3- دراسة : النقود واستبدال العملات
  3. الكفالة وتطبيقاتها المعاصرة: دراسة في الفقه الإسلامي مقارناً بالقانون
  4. التطبيق المعاصر للزكاة: مع ترجمة بالإنجليزية
  5. معاملاتنا المعاصرة: دراسة لبعض مشكلاتها في ضوء السنة
  6. الاقتصاد الإسلامي والقضايا الفقهية المعاصرة (جزءان)
  7. موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة والأقتصاد الإسلامي
  8. مخاطر التمويل الإسلامي
  9. الزكاة والاستثمار
  10. السياسة المالية (معالجة العجز في الميزانية).
  11. السياسة النقدية (دور المصارف في ظل نظام اقتصاد إسلامي).
  12. المرابحة في المنافع والخدمات.

رحم الله الشيخ علي السالوس ونفع بعلمه وكتب أجره، إنا لله وإنا إليه راجعون.

[ad_2]

شخصيات تاريخية
يزيد بن أبي سفيان .. ملامح وبطولات

[ad_1]

مقدمة عن الصحابي يزيد بن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه : يظن بعض الناس أن مسألة الفتوحات الإسلامية في العراق والشام ومصر وسائر البلاد كان يحركها الإيمان وحده، وتؤججها حماسة النفوس وشغفها بالشهادة، وأنهم ظفروا بالنصر لصدق إيمانهم وإخلاص نياتهم دون نظر إلى أمور لا بدَّ منها لتحقيق النصر؛ فالفوز لا يحققه الإيمان والحماسة دون التجهز والإعداد، ووضع الخطة المُحكمة والتزام الجند المدربين بها، ووجود القائد النابه الذي يقود جنده إلى النصر، ويغير من سير المعركة حسبما تقتضيه الأحوال.

وحين خرج المسلمون لفتوحاتهم كانوا يمتلكون من أسباب النصر ما لا يمتلكه غيرهم، من صدق الإيمان وخبرة الحروب وميادين القتال، ووفرة القادة الأكْفَاء، وحماسة الجند وحسن تدريبهم، ووحدة الهدف؛ فاجتمع عندهم ما يكفل النصر، وإن كانوا أقل عددا وعتادا من عدوهم؛ فما قيمة الكثرة الكاثرة من الجند إن افتقدوا إلى الإيمان الصادق والتدريب الحميد والرغبة في القتال؟! وما قيمة السيف الباتر في يد الجبان الرعديد؟! وما قيمة القائد المحنَّك إن تخلَّى عنه جنده في الميدان، ولم يلتزموا بالصبر والثبات، وتنفيذ ما يعهد إليهم من مهام؟!

والذي يثير الإعجاب والتقدير في نجاح الفتوحات الإسلامية هو اجتماع كل هذه العناصر؛ فتحقق للمسلمين من سعة الفتح في سنوات قليلة ما لا تحققه أمم في قرون عديدة، وكان من أسباب النصر التي تدعو إلى التأمل وفرة القادة فإذا أخفق قائد في مهمته عاجله الخليفة بمن يحل المشكلة، ويحقق النصر.

وكان اختيار الخليفة لقادة ألويته اختيارا دقيقا، يقدم مصلحة الأمة، وينتقي للمهمة أكفأ الناس لها، وإن كان أحدث سابقة في الإسلام، وإن ممن اختارهم أبو بكر لقيادة فتوحاته خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، ويزيد بن أبي سفيان، وفي الصحابة من هم أقدم منهم سابقة، وأكثر علما، لكنه يختار للمهمة من هو جدير بها، وكان يزيد واحدا من قادة فاتحي الشام الأَكْفَاء.

من هو يزيد بن أبي سفيان؟

هو يزيد بن أبي سفيان بن حرب، أسلم في فتح مكة في العام الثامن من الهجرة، وهو أخو معاوية بن أبي سفيان من أبيه، وأخو أم المؤمنين أم حبيبة زوج النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم)، شهد مع الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم غزوة حنين، وأعطاه من غنائمها مائة من الإبل، وأربعين أوقية من الفضة، وفي خلافة أبي بكر الصديق عقد له مع أمراء الجيوش التي بعثها لفتح الشام.

كان الصحابي الجليل خالد بن سعيد بن العاص أول قائد عقد له أبو بكر الصديق لواء فتح الشام، وأمره أن يعسكر بجيشه في تيماء شمالي الحجاز، وألا يقاتل إلا إذا قوتل، وكان الخليفة يقصد من وراء ذلك أن يكون جيش خالد بن سعيد عونًا ومددًا عند الضرورة، وأن يكون عينه على تحركات الروم، لا أن يكون طليعة لفتح بلاد الشام، لكن “خالد” اشتبك مع الروم التي استنفرت بعض القبائل العربية من بهراء وكلب ولخم وجذام وغسان لقتال المسلمين، فهُزم هزيمة مروعة في مرج الصفر، واستشهد ابنه في المعركة، ورجع بمن بقي معه إلى ذي مروة ينتظر قرار الخليفة أبي بكر الصديق.

لواء يزيد

ولما وصلت أنباء هذه الهزيمة إلى المدينة فزع الصديق وأهمّه الأمر، فجهَّز أربعة جيوش إلى الشام بعد أن استشار أهل الرأي والخبرة من الصحابة، واختار لها أكفأ قادته وأكثرهم معرفة بأمور الحرب وخبرة بميادين القتال، وحدد لكل جيش وِجهته ومهمته التي سيقوم بها، وكان الجيش الأول تحت قيادة يزيد بن أبي سفيان، ووجهته البلقاء (المملكة الأردنية الهاشمية)، وكان الجيش الثاني بقيادة شرحبيل بن حسنة، ووجهته منطقة بصرى.

وجعل أبو بكر الصديق قيادة الجيش الثالث لـ أبي عبيدة بن الجراح، ووجهته منطقة الجابية، وجعل له القيادة العامة عند اجتماع الجيوش الأربعة. أما الجيش الرابع فكان بقيادة عمرو بن العاص، ووجهته فلسطين.

الخروج للوجهة

كان يزيد بن أبي سفيان أول أمراء الشام خروجا، فغادر المدينة في (23 من رجب 12 هـ = 3 من أكتوبر 663م)، وخرج أبو بكر يمشي معه، ويزيد راكب في جنده، فقال له: يا خليفة رسول الله إما أن تركب، وإما أن تأذن لي فأمشي معك، فإني أكره أن أركب وأنت تمشي، فقال أبو بكر: “ما أنا براكب وما أنت بنازل، إني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله”، ثم أوصاه بوصية جامعة، تبين سلوك الفاتحين المسلمين وأخلاقهم في التعامل مع أهالي البلاد التي سيفتحونها، جاء فيها:

“يا يزيد إني أوصيك بتقوى الله وطاعته، والإيثار له والخوف منه، وإذا لقيت العدو فأظفَرَكُم الله بهم؛ فلا تغْلُل، ولا تمثل، ولا تغدر، ولا تجبن، ولا تقتلوا وليدا ولا شيخا كبيرا ولا امرأة، ولا تحرقوا نخلا، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تعقروا بهيمة إلا لمأكلة، وستمرون بقوم في الصوامع يزعمون أنهم حبسوا أنفسهم لله، فدعوهم وما حبسوا أنفسهم له”.

سار يزيد بجيشه من “ذي مرة”، وهي من أعراض المدينة، في ثلاثة آلاف جندي، ثم أمده أبو بكر الصديق حتى بلغ جيشه سبعة آلاف وخمسمائة، واتجه بهم حتى وصل البلقاء، كما أمره الصديق.

ثم توالى وصول الجيوش الثلاثة إلى جنوبي الشام، وبلغ مجموعها نحو 24 ألف مقاتل، لكنها لم تستطع التوغل في بلاد الشام بعد أن احتشد لهم قيصر الروم بكل ما يملك من قوات وعتاد، ولما رأى قادة الجيوش الأربعة ذلك بعثوا إلى الصديق يطلبون منه المدد، فأعانهم بمدد من عنده، لكن الموقف في جبهة القتال لم يتغير؛ فهال الخليفة أن تبقى الأوضاع في الشام دون تحرك، وأن يعجز القادة المجتمعون عن تحقيق النصر في أول لقاء حاسم مع الروم، فاستدعى خالد بن الوليد من جبهة العراق؛ حيث كان ينتقل من نصر إلى نصر، والأبصار متعلقة بما يحققه من ظفر، وأمره أن يأتي بنصف جيشه معه ويتولى القيادة العامة في الشام.

وما كان لأبي بكر الصديق أن يفعل هذا إذا لم تكن لديه ذخيرة من القادة الأكفاء، فإذا أخفق واحد في مهمة فلديه من ينجزها على خير وجه، وإذا كان أربعة من قادته الأَكْفَاء عجزوا عن تحريك الموقف في بلاد الشام؛ فلا ضير؛ فعنده من يمكنه تغيير الأوضاع وإثارة الهمم، ومفاجأة العدو بما لا ينتظره، وهذا من أسباب نجاح الفتوحات التي لم تقتصر على عدد معين من القادة، وإنما أعطت وفرتهم الفرصة المناسبة لاختيار من يصلح لمعركة ما، وإن كان لا يصلح لغيرها.

في أجنادين واليرموك

جاء خالد بن الوليد إلى الشام في تسعة آلاف جندي بعد أن اجتاز صحراء السماوة، في واحدة من أعظم المغامرات العسكرية في التاريخ جرأة وإقداما، وتولى القيادة العامة للجيوش الأربعة، وبدأ في إعادة تنظيمها على نحو جديد، ونجح في تحقيق النصر في (27 من جمادى الأولى 13هـ = 30 من يوليو 634م).

ثم اشترك يزيد بن أبي سفيان في فتح دمشق سنة (14هـ = 635م)، وكان على كراديس الميسرة في معركة اليرموك التي قادها خالد بن الوليد، واستحدث نظاما جديدا، في الجيوش الإسلامية بأن جعلها كراديس -أي كتائب-، ويضم كل كردوس نحو 1000 رجل، وعلى رأسه قائد منهم ممن عُرفوا بالشجاعة، وقد جمع خالد هذه الكراديس بعضها إلى بعض، وجعل منها قلبا وميمنة وميسرة، فكان أبو عبيدة بن الجراح على كراديس القلب، وعمرو بن العاص على الميمنة، ويزيد على الميسرة.

يزيد أميرا لدمشق

بعد أن تحقق النصر في اليرموك، وأصبح المسلمون سادة الشام قام أبو عبيدة بن الجراح بتوزيع الشام على قادته، وكان يتولى السلطة العامة على جيوش المسلمين بعد عزل خالد بن الوليد، فاستخلف يزيد بن أبي سفيان على دمشق، وعمرو بن العاص على فلسطين، وشرحبيل بن حسنة على الأردن.

ومن دمشق خرج يزيد بن أبي سفيان غربا إلى ساحل الشام، ففتح صيدا وعِرْقَة وجبيل وبيروت، وكان على مقدمته أخوه معاوية بن أبي سفيان، وكان كلما فتح مدينة جعل لها حامية تكفيها.

وفاة يزيد

متى وأين توفى يزيد بن أبي سفيان ؟

في العام الثامن عشر من الهجرة رُوِّع الشامُ بوباء مهلك عُرف بطاعون عمواس أفنى أعدادا هائلة من المسلمين، ومكث عدة أشهر، ومات فيه نحو خمسة وعشرين ألفًا من المسلمين، وقد بدأ الوباء من عمواس، ثم انتشر حتى عمَّ الشام كلها.

ومات في هذا الطاعون أبو عبيدة بن الجراح أمير أمراء فتح الشام، وله من العمر ثمانية وخمسون عاما، ومعاذ بن جبل، والفضل بن العباس بن عبد المطلب، وشرحبيل بن حسنة، وسهل بن عمرو. ولما أتى إلى عمر بن الخطاب خبر وفاة أبي عبيدة كتب إلى يزيد بن أبي سفيان بولاية الشام مكانه، لكن “يزيد” مرض وهو يحاصر قيسارية، فانصرف إلى دمشق حيث تُوفِّي بها في آخر سنة (18هـ = 639م)، فكتب عمر إلى معاوية بن أبي سفيان بتوليته ما كان يتولاه أخوه يزيد.

أحمد تمام

[ad_2]

شخصيات تاريخية
اللورد هيدلي .. من الملاكمة إلى الإسلام

Notice: wp_get_loading_optimization_attributes تمّ استدعائه بشكل غير صحيح. An image should not be lazy-loaded and marked as high priority at the same time. من فضلك اطلع على تنقيح الأخطاء في ووردبريس لمزيد من المعلومات. (هذه الرسالة تمّت إضافتها في النسخة 6.3.0.) in /home/c1285887c/public_html/sevenst.us/wp-includes/functions.php on line 6085

[ad_1]

قصة فريدة في الإسلام، لكن الكثير من تفاصيلها غير معروف، رغم أنها تكشف عن قدرة الإسلام أن ينتصر بقوته الذاتية، ورؤيته التوحيدية، ومبادئه السامية، وإمكانياته الإقناعية، لارشاد الناس إلى طريق الخلاص، إنها قصة إسلام ” رولاند جورج ألانسون” أو اللورد هيدلي” أو “الفاروق رحمة الله” الذي قرر وهو في الثامنة والخمسين من عمره، أن يشهر إسلامه علانية، مقتفيا طريق “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه، وأن يهب الاثنتين وعشرين عاما الباقية من حياته لخدمة الإسلام.

مع الإسلام

ولد اللورد هيدلي عام 1855م، في أيرلندا، ونشأ مسيحيا بروتستانتيا، من أصولة نبيلة، وعلى قدر من الثراء، تلقى تعليما مميزا واستقر به الحال مهندسا مدنيا، وتولى أول وظائفه في الهند البريطانية عام 1896، واشرف على مشروع تشييد طريق في جامو وكشمير، وهنا كان لقاءه الأول مع الإسلام ، وبجانب الهندسة، كان مهتما بالملاكمة وفي عام 1899 الف كتابا عنها.

تعرض اللورد هيدلي في بداية حياته لأزمات نفسية بعد فقدانه لاثنين من أطفاله، وتم معالجته نفسيا، لكن هذه الأزمة قربته من مفهوم الإيمان، وجعلته يبحث عن اليقين بعد شفائه، وفي العام 1913 قرر أن يتحول إلى الإسلام، فاحتل نبأ إسلامه عناوين الصحافة العالمية، نظرا لمكانته الاجتماعية في بريطانيا باعتباره “لورد” أي من النبلاء وأصحاب المقام الرفيع ، كما أن اعتناقه للإسلام علانية كان حدثا جديدا، لتبدأ مرحلة جديدة في حياته كأهم زعيم مسلم في بريطانيا وفي أوروبا خلال الفترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية.

يقول عن تأثير رحلاته للشرق في تقريب مفهوم الإسلام إليه: “يجب أن أعترف أيضًا بأن الزيارات إلى الشرق قد ملأتني باحترام عميق جدًا للإيمان البسيط للمحمديين، الذين يعبدون الله حقًا طوال الوقت وليس فقط يوم الأحد، مثل العديد من المسيحيين، ثقتهم الجميلة في الله القدير والخالق الرحيم، الذي لا يغيب عنهم أبدًا لحظة من النهار أو الليل، يوقظ أحاسيس التعاطف الشديد في قلبي “.

كان فشل الكنيسة في مواجهة التحديات الاجتماعية أحد الأسباب التي دفعت “هيدلي” للبحث عن الإيمان، فقد رفض فكرة الكهنوت وأن توجد واسطة بين الإنسان وخالقه، ومع تواصله مع أحد القيادات الإسلامية وهو “خواجة كمال الدين” اقترب أكثر من الإسلام.

طرق الإسلام بريطانيا في تلك الفترة التي توصف بأنها “العصر الفيكتوري”[i]، وأخذ يستقطب رجالا من النخبة البريطانية[ii]، فرغم تراجع القوة السياسية للإسلام مع ضعف الخلافة العثمانية ثم سقوطها، إلا أن الإسلام كان يمتلك من الدفع الذاتي والقدرة على الجذب، ما أغرى الكثير من النخبة البريطانية باعتناق الإسلام.

عمل اللورد هيدلي بلا كلل من أجل نشر الاسلام في بريطانيا فنشر الكثير من المقالات في مجلة ” Woking Mission”[iii] وفي مجلة Islamic Review[iv]، وفي عام 1914 أسس الجمعية الاسلامية البريطانية، وألف عددا من الكتب عن الإسلام، منها:  “ثلاثة أنبياء كبار” The Three Great Prophets ، وكتاب  “أفكار للمستقبل” Thoughts for the Future ووثق فيه  بدايات حياته، وخطواته  نحو الإسلام،  كما ألف كتاب ” صحوة غربية على الاسلام”  A Western Awakening to Islam، مقدما فيه صورة  مشرقة للإسلام للمواطن الغربي، ومؤكدا أن الإسلام هو خياره الصحيح، وتعرض فيه لعدد من القضايا مثل، مكانة المرأة في الإسلام، والشريعة، وأسباب سوء فهم المجتمع للإسلام، كما عمل “هيدلي” على تحويل الوجود الإسلامي في بريطانيا ليأخذ شكلا مؤسسيا ورسميا ومعترفا به.

لم تكن فكرة إعلان الإسلام رائجة في ذلك الوقت، لكن “هيدلي” أصر أن يكون إسلامه في العلن وواضحا وهو ما جلب عليه الكثير من العداوات، نظرا لأن تلك الفترة، كان العالم يقترب فيها من أزمات كبرى وصلت لذروتها في الحرب العالمية الأولى، وكان مفهوم تنازع الولاء يطرح نفسه، لذا نظر البعض إلى البريطانيين الذين اعتنقوا الإسلام على أنه خانوا عرقهم وثقافتهم ودينهم، لذا كان “هيدلي” رغم مكانته الاجتماعية، تحت أعين الأجهزة الأمنية البريطانية، أثناء رحلاته للخارج، وبخاصة بعد انغماسه في القضايا السياسية في الشرق.

الطريق إلى مكة

عشر سنوات فصلت بين إسلام “هيدلي” ورحلته للحج، إذ لم يستطع أداء الحج بعد إسلامه لنشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914، ثم تعطل مساعيه بعد ذلك، حتى جاءت الرحلة عام 1923، وأداها باسمه كرجل انجليزي، مع صديقه خواجة كمال الدين ، إمام مسجد ووكينغ، وقد أكرم ضيافتهم الشريف “حسين”، وعاني “هيدلي” في حجه من شدة الحرارة، إذ جاءت الرحلة في صيف شهر يوليو، فتحمل الحر بنفس راضية طيبة، وقضى أياما في الحج نائما على الأرض ، كغيره من الحجيج.

كانت الاشاعات تلاحق “هيدلي” أثناء حجه، والذي جاء مع معاهدة لوزن الثانية التي وقعت في شهر يوليو 1923 بين تركيا والدولة الأوروبية بعد الحرب العالمية الأولى، فأشيع أن “هيدلي” ذهب لمكة في مهمة سرية لبريطانيا، فقد كان حجه مثار اهتمام عالمي، لذا تمت متابعة الرحلة في الصحافة العالمية.

تأثر “هيدلي” في رحلته للحج بروح الإخوة العالمية التي يبثها الإسلام في أتباعه، فعندما رست السفينة التي تقله في ميناء “بور سعيد” بمصر،  تم استقباله بحفاوة بالغة، من كبار الأعيان، ثم انتقل بحفاوة  أخرى إلى القاهرة وقضى بها ثلاثة ايام، وكذلك في الاسكندرية، واحتلت أخبار زيارته صحف القاهرة

وفــاته.. كان “هيدلي” الشخصية المسلمة الأكثر شهرة في بريطانيا، والمتحدث الرئيسي باسم المسلمين في بريطانيا، لكن مع اقترابه من عامه الخامس والسبعين، أخذت صحته تتدهور، وتراجع حضوره في الشأن العام، لكنه لم يدخر جهدا في التعريف بالإسلام ونصرة قضاياه حتى وفاته  22 يونيو 1935، وهو في الثمانين من عمره.


1- هو فترة حكم الملكة فكتوريا (1837 – 1901) ويرى المؤرخون أن العصر الفكتوري هو عصر الثورة الصناعية الأولى في العالم وذروة الإمبراطورية البريطانية، استمر حُكم الملكة فكتوريا 64 عامًا، وهي فترة بلغت فيها الثورة الصناعية في بريطانيا قمتها ثم امتدت إلى أوروبا ثم الولايات المتحدة الأمريكية وكانت أعلى نقطة في الإمبراطورية البريطانية.

2- حسب الاحصاءات قُدر عدد المسلمين في بريطانيا عام 1924 بعشرة آلاف شخص، منهم ألف شخص اعتنق الاسلام

3- أسسها   خواجة كمال الدين  أحد رواد الإسلام في الغرب في فبراير 1913 ، وظلت لأكثر من 55 عامًا المطبوعة الإسلامية الرئيسية في الغرب

4- The Islamic Review أسسها خواجة كمال الدين، وكانت للمجلة شعبية بين المسلمين الناطقين بالإنجليزية، خاصة النخبة المسلمة في الغرب

[ad_2]

شخصيات تاريخية
حج مبرور .. في منزل الوحي

[ad_1]

محمد حسين هيكل (1305 هـ= 1888 – 1376 هـ= 1956م)، من أبرز  كتّاب ومفكّري وسياسيّي مرحلة الازدهار الفكري والأدبي (النصف الأول من القرن العشرين)، ويمثّل خصوصية متميزة بين رفاق عصره، فقد نشأ في داخل الثقافة الغربية، تشرّبها واطمأن إليها، وتأثر بالنزعة الفرعونية التي شهدت تناميًا بسبب تقدم الدراسات الأوروبية في حقل «المصريات» وتجلت معالمها في كتابه “ثورة الأدب” 1933.

اتصل هيكل ببعض أعلام عصره وتأثر بهم، وأبرزهم أحمد لطفي السيد وقاسم أمين ومحمد عبده.. ، ولكنه ظل في داخله محتفظا بطبيعة الفلاح المصري المسلم،  الطيب الوديع، صاحب الخلق المستقيم، مع ميل إلى الدعابة العذبة في مجالسه، حاضر البديهة والمنطق الأدبي السليم، ومثال التواضع، لم تغيره المناصب.، ولكن الثقافة الغربية منعته لزمن ما، من الإفصاح عن الثقافة الإسلامية، حتى اكتملت في ذهنه الصورة الصحيحة للإسلام، فلم يتردد في الإعلان عنها، والتبشير بها، والانطلاق منها، من خلال كتبه التي نشرت في حياته أو بعد رحيله: حياة محمد 1935، ومنزل الوحي 1937. الصديق أبو بكر1942، الفاروق عمر1944، الإمبراطورية الإسلامية والأماكن المقدسة1960، الإيمان والمعرفة والفلسفة 1964، عثمان بن عفان: بين الخلافة والملك 1964.

رحلة حياة

لقد علمته عائلته الثريّة في كتّاب قريته (كفر غنام- مركز السنبلاوين، دقهلية)، فحفظ القرآن الكريم وتعلم القراءة والكتابة، ثم التحق بمدرسة الجمالية الابتدائية، وأكمل في مدرسة الخديوية الثانوية، انتقل بعدها إلى مدرسة الحقوق المصرية عام ١٩٠٩م. وسافر  إلى فرنسا ليحصل على درجة الدكتوراه. وعاد إلى مصر عام ١٩١٢م  ليشتغل بالمحاماة والصحافة حتى عام ١٩١٧م، والتدريس في الجامعة حتى عام ١٩٢٢م، وكان عضوا ًفي لجنة الثلاثين التي وضعت دستور 1923، أول دستور صدر في مصر المستقلة وفقاً لتصريح 28 فبراير 1922م. قرر الاستقالة ليتفرغ للعمل السياسي، فشارك في قيادة حزب الأحرار الدستوريين، حتى صار رئيسًا له، وتولى رئاسة تحرير جريدة «السياسة» المعبرة عن الحزب، ودخل الوزارة فتقلد منصب وزير المعارف ثلاث مرات، ووزير الشئون الاجتماعية، وانتخب رئيسًا لمجلس الشيوخ، وتولى تمثيل السعودية في التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية عام 1945م. واختير رئيسًا لوفد مصر في الأمم المتحدة عدة مرات.

انضم هيكل إلى كثير من الهيئات العلمية، فكان عضوًا في الجمعية المصرية للقانون الدولي والجمعية المصرية للدراسات التاريخية، واختير عضوًا في مجمع اللغة العربية سنة (1359هـ = 1940م) فكان من الرعيل الأول لأعضاء المجمع، ويذكر له اقتراحه على المجمع بوضع “معجم خاص لألفاظ القرآن الكريم”، فوافق المجمع على اقتراحه، وكان من أعضاء اللجنة التي تألفت لوضع منهجه.

الرائد الأول

وفي غمرة هذه الأنشطة العامة فقد قدم إنتاجا أدبيا جعل منه الرائد لأول رواية فنية في الأدب العربي الحديث، وهي رواية زينب1914 (أخذ منها أول فيلم صامت بمصر)،أتبعها بكتب أدبية منها: في أوقات الفراغ: مجموعة رسائل أدبية تاريخية أخلاقية فلسفية1925، وتراجم مصرية وغربية1929، ولدي1931، وهكذا خلقت: قصة طويلة1955، وقصص مصرية1969،

وفي نشاطه العام والفكري والأدبي، مرّ هيكل بتحولات فكرية انتقلت به من الولاء للثقافة الغربية والفرعونية إلى الثقافة الإسلامية بمعطياتها الإنسانية الرحبة، وقد أثرت فيه  ممارسات الغرب وتجليات التقدم الأوربي حين رأى الوجه القبيح للمدنية الغربية رأي العين من خلال حربين عالميتين (1914، 1939)، راح ضحيتهما أكثر من خمسين مليونا من البشر، فضلا عن الوحشية  الاستعمارية التي ارتبطت بالدم والنهب وسلب الحرية، وزيف الديمقراطية الغربية، مما دفعه إلى مراجعة أفكاره، والبحث في التراث الإسلامي، فكان كتابه “حياة محمد” باكورة تحولاته إلى الثقافة الإسلامية الخالصة، ونموذجا جديدا لكتابة السيرة النبوية وفقا للمناهج الحديثة، ثم جاء كتابه “في منزل الوحي” ليسجل فيه رحلته إلى الحج، ويبرز من خلالها روح الإسلام، ومشاعره الخاصة في سياق من الإيمان العميق، والوفاء للدين الحنيف.

الرحلات الحجازية

لقد حرَص كثير من العلماء والأدباء والمؤرِّخين والرحَّالة على تدوين رحلاتهم إلى الديار المقدسة، وركز معظمهم على وصف الأماكن المقدسة، وتحدثوا عن الأشخاص والأحداث التي تعلقت بهذه الأماكن، وعبروا عن مشاعرهم وعواطفهم في الرحلة التي تمثل حالة خاصة لكل منهم، وتختلف عن بقية الرحلات، لقد سجلوا رحلة الحج، كل بتصوره وأفكاره، حتى من يسمونهم بالعلمانيين في عصرنا، خاضوا في الموضوع وكتبوا عن الحج متأثرين بآراء المستشرقين والمادييّن.

وأظن أن كتاب عبد الله الحقيل (رحلات الحج في عيون الرحالة وكتابات الأدباء والمؤرخين. مكتبة الرشد، الرياض، 1433هـ= 2012م)، قد تناول أهم الرحالة الذين كتبوا عن الرحلة الحجازية قديما وحديثا، ومنها رحلات: “ابن جُبير الأندلسي، ابن بطوطة، ناصر خسرو شاه، ابن عبدالسلام الناصري الدرعي. إبراهيم رفعت باشا، أحمد حسن الزيات. إبراهيم المازني. محمد حسين هيكل. عباس محمود العقاد.  محمد بهجت البيطار. عبدالقادر الجزيري..

أَوْبَةُ الرّضا

بيد أن رحلة محمد حسين هيكل تبقى متميزة، لأنها سجلت معنى فريدا من الانتماء إلى العقيدة، والإيمان الخالص بالإسلام، والاقتناع التام بالشريعة، وقد طبعتها دار المعارف وغيرها منذ 1937، طبعات عديدة، لعل أحدثها (طبعة مؤسسة هنداوي، القاهرة، 2014م)، وهي التي نعتمد عليها. وأظن أن القارئ الكريم سيجد فيها شيئا مختلفا عن الكتابات الأخرى المماثلة، وحين يطالع مثلا ما كتبه هيكل في نهايات رحلته،  سوف يشعر بشيء يؤثر فيه ويجذبه نحو آفاق من الهدى والرشاد:

“ولو علم أهلي ما فتح لله به عليَّ حين سرت حيث سار رسوله، وحين وقفت حيث وقف، وما رأيت من آيات لله في مسيري وفي وقوفي، لزادوا بمقدمي تهلُّلًا وفرحًا، ولقد رأيت حقٍّا من آياته الكبرى، فسَمَتْ هذه المواقف بنفسي إلى حيث لم تسْمُ من قبلُ قط، رأيت نور لله ماثلًا في كل دقيق وجليل من خلقه، ورأيت آية الهدى متجلية يشهدها كل مَن أراد أن يفتح لها قلبه وبصيرته، ورأيت سُنته في الكون تتبدَّى لكل من أخلص..” (في منزل الوحي، ص536).

ويضيف هيكل تحت عنوان “أَوْبَة الرِّضا”:

“إلى الحق وجهة ثابتة لا تبديل لها، رأيت هذا كله رأي العين، وآمنت به إيماني بما يقع عليه حسي وما تلمسه يدي، وأيقنت أن العلم بهذا كله هو الحياة الراضية المرضية، نعم! كذب الظن مَن يحسبون التكاثر بالمال والجاه والسلطان شيئًا في وجودنا، إنما الشيء الذي هو كل شيء في الحياة فذلك إيماننا بالحق عن بيِّنة، وسمونا بهذا الإيمان فوق منافع الحياة جميعًا، وازدراؤنا هذه المنافع أن يصيب الحق من جرائها مساس، وهل يعدل كل ما في الكون من مال وجاه وسلطان قبسًا من نور الحق وضياء الهدى؟! وهل يبقى على الحياة غير الحق وضيائه؟! والباقيات الصالحات خيرٌ عند ربك ثوابًا وخيرٌ مردٍّا.ربنا لك الحمد على ما أنعمتَ وتفضلتَ، ربنا فاهدنا صراطك المستقيم، ربنا ثَبِّتْ إيماننا، واجعلْ تقواك رداءنا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.”. (في منزل الوحي، ص537).

ستة كتب في كتاب

يتكون “في منزل الوحي”، من مقدمة، وستة كتب وخاتمة. الكتاب الأول: فرض الحج، ويكشف فيه عن عزم السفر، و المَرْفَأَين، والعمرة بمكة، ووقفة عرفات، وأيام التشريق. الكتاب الثاني: البلد الحرام، ويتحدث فيه عن مكة الحديثة، وابن السعود بمكة، الجمعة في الحرم، وجوف الكعبة، وآثار مكة، وغار حراء، وغار ثور، وظاهر مكة.

الكتاب الثالث: ويدور حول الطائف وآثارها، وطريق الطائف، وبادية الطائف، وأسواق العرب. الكتاب الرابع: بين الحرمين، ويصف فيه طواف الوداع، وطريق المدينة، ووحي المدينة. الكتاب الخامس: مدينة الرسول، والمسجد النبوي، والمدينة الحديثة، وآثار المدينة، وجَنَّة البَقِيع، وقبر حمزة، والحجرة النبوية، وظاهر المدينة، زيارة الوداع. الكتاب السادس: أَوْبَة الرضا، بدر وشهداؤها..

ثم  خاتمة الكتاب، وفيها رؤية متقدمة قائمة على التصور الإسلامي، لنهضة الأمة التي تعاني من التفرق والتشرذم، يقول هيكل: “لعلنا نعود سيرة السلف فنَثِبُ وثبتهم هُدًى لإخواننا بني الإنسان؟ لقد شهدتُ من ذلك ما سطرتُه في هذا الكتاب، ويعلم الله أني أوَدُّ لو أنهل من هذا الوِرْد في كل حين، وأن أقف حيث وقف الرسول وأن أسير حيث سار، ملتمسًا في سيرته وفي مواقفه الأسوة والعبرة، فإنني لعلى يقين من أن التأمل في السيرة ومواقفها، وفي التعاليم التي جاء بها الرسول، خير ما يهدي الإنسانية سبيل الحق والخير والجمال، وما ينهض بها من دَرَك أمسكتها المادية فيه عن السمو إلى مراقي الروح حيث العيش إخاء ومحبة وحرص على العلم بما في الكون؛ ليضيء العلم بنوره إخاءنا ومحبتنا، ويزيدهما إنسانية وسموٍّا، ويصل بنا في ظلهما إلى حِمَى السلام.

لقد حالت الحوائل دون مسيري في أثر الرسول إلى الشام حيث ذهب صبيٍّا، وإلى خيبر حيث ذهب نبيٍّا، فلعل لله يهيئ لي من بعدُ أسبابَ هذا السير فأستكمل به غرضًا هو اليوم أجَلُّ أغراض الحياة عندي، وأزداد به إيمانًا وتثبيتًا، وأنعم به في ظلال الحياة الروحية الوارفة، وأبلغ من ذلك ما سَعِدتُ به من الرضا حين جاورتُ البيت الحرام، وحين زرت قبر النبي- عليه الصلاة والسلام.﴿إِنَّ للهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَۚا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾. (في منزل الوحي، ص546).

سطوع الحقيقة

لقد استطاع «محمد حسين هيكل» كما يقول ناشر الكتاب، أن يُقدِّم لنا وثيقة تاريخية وأدبية فريدة في أسلوبها، عظيمة في أثرها، غنية ووفيرة بما تحمله من معانٍ جمَّة، ورُوحانيات عالية، تسمو بالنفس لتطوف بها حيثُ طاف النبي-صلى الله عليه وسلم– وصحبه. يحمل لنا كثيرًا من المعاني التي جاشت في خاطره أثناء زيارته لمهبط الوحي وموطن الرسالة المُحمدية، فكانت خواطر مليئة بالإيمان تبحر بنا في أعماق الماضي بصورة حديثة. وهذه شهادة لم يكتمها «هيكل»، على خلاف ما كان يعتقد من إيمان عميق بالثقافة الغربية ونبذ للثقافة العربية، وهو أحد مَن كانوا يتَلمَّسون العلم والمعرفة لدى الغرب، ولا يجدون في غيره الفلاح، حتى إذا سطعت أمامه الحقيقة في أسمى معانيها آثر أن يكشفها لأبناء وطنه الكبير، أبناء الأمة العربية والإسلامية.

شهادات الكتّاب

وقد أجمع كثير من الكتاب على تميز محمد حسين هيكل في كتابه منزل الوحي، فكتب وحيد عبد المجيد: «هذا كتاب لا مثيل له في مجال السيرة النبوية. كتاب امتزج فيه العلم والإيمان، والعقل الناقد والقلب المؤمن، فصار أجمل ما كُتب في هذا المجال أسلوبًا، وأعمقه موضوعًا، رغم أن مؤلفه ليبرالي الاتجاه»، (بوابة الاهرام في 28 أكتوبر 2020 ).

وكتب حسين با فقيه: «لن نُنزل كتاب» في منزل الوحي«، للدكتور محمد حسين هيكل، ما يستحقه من التاريخ ما لم نضعه في موضعه الملائم من كتب الرجل وحركة الأفكار التي تقلب فيها عصره»، ويتابع الكاتب قائلاً: «إن كتاب في منزل الوحي ليس كتاب رحلة كغيره من كتب الرحلات».

وذكر أحد المواقع عن منزل الوحي: “الكتاب عبارة عن وثيقة تاريخية وأدبية فريدة تسمو بالنفس الإنسانية وترتفع بها إلى حيث يتمثل بالنبي، صلى الله عليه وسلم، في المكان الذي هبط فيه الوحي على النبي، في موطن الرسالة المحمدية، يتمثل مواضع أقدام النبي المصطفى ويرتفع بنفسه من دنس المعاصي إلى طهر الطاعة، فهي خواطر مليئة بالإيمان تبحر في أعماق ماضي هذه الأمة بصورة حديثة يرى فيها الكاتب عظمة الثقافة العربية، تلك العظمة التي كانت تغيب عن المؤلف ويتلمس الثقافة الغربية في كل مكان، فأراد أن ينقل هذه الحقيقة لكل مسلم .”  (البوابة، يوليو 2016).


هامش

للتعرف على مزيد من الجوانب الفكرية والأدبية حول محمد حسين هيكل، ينظر:
محمد سيد محمد: هيكل والسياسة الأسبوعية – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة – 1966م.
محمد رجب البيومي: النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين – دار القلم – دمشق – 1415هـ = 1995م.
فتحي رضوان: عصر ورجال – مكتبة الأنجلو المصرية – القاهرة – 1967م.
محمد مهدي علام: المجمعيون في خمسين عامًا – الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية – القاهرة 1406هـ = 1986م

[ad_2]

شخصيات تاريخية
ياسر الحزيمي و”هندسة العلاقات الإنسانية”

Notice: wp_get_loading_optimization_attributes تمّ استدعائه بشكل غير صحيح. An image should not be lazy-loaded and marked as high priority at the same time. من فضلك اطلع على تنقيح الأخطاء في ووردبريس لمزيد من المعلومات. (هذه الرسالة تمّت إضافتها في النسخة 6.3.0.) in /home/c1285887c/public_html/sevenst.us/wp-includes/functions.php on line 6085

[ad_1]

سلط د. ياسر الحزيمي الكاتب والخبير في علم التنمية البشرية الضوء على أنواع العلاقات العلاقات الإنسانية في محاضرة بعنوان “هندسة العلاقات الإنسانية” عرضها خلال فعاليات معرض الدوحة الدولي للكتاب 2023. وأشار الحزيمي بشكل مفصل إلى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات وقيمتها.

وعرفت محاضرة ياسر الحزيمي عن “هندسة العلاقات الإنسانية” حضورا جماهيريا غفيرا، أذهل الكثير من المراقبين للمشهد الثقافي في الدوحة وفي العالم العربي عموما، وأثبت بما لا يدع مجالا للشك تعطش فئات مختلفة من المثقفين وغير المثقفين خاصة الشباب منهم إلى محتوى جاد يتوافق تماما مع واقعهم، ويلبي احتياجاتهم ورغباتهم الحياتية، وهو الأمر الذي يشير أيضا إلى نفي فكرة توجه الناس وميلهم إلى متابعة “رواد عالم التفاهة” من أصحاب الحسابات المليونية في مواقع التواصل الاجتماعي، والذين يقدمون محتويات أقل ما يقال عنها أنها تافهة، ومع ذلك بلغ تأثيرهم حد العشق والهيام والتنويم المغناطيسي.

جمهور غفير يتابع محاضرة ياسر الحزيمي حول “هندسة العلاقات الإنسانية” في معرض الدوحة الدولي للكتاب 2023

ياسر الحزيمي في محاضرته “هندسة العلاقات الإنسانية” تجاوز الجغرافيا وجمع العقول العربية في مكان واحد ليؤلف لنا منتجا معرفيا متشابها في اللغة متعاضدا على مستوى القيم. وقد ناقش جمهور محاضرة “هندسة العلاقات الإنسانية” الدكتور ياسر الحزيمي في كيفية ترميم العلاقة بين الآباء والأبناء وتوظيف العلاقات الإنسانية في مجال التربية والتعليم.

الذات بضاعة والعلاقات معارك

يشبّه الحزيمي العلاقات الإنسانية بالمعارك. ويقول أن العلاقات تدخلها معك سيف وغمد ودرع، وعليك أن تتعلم متى تشهر السيف، ومتى تغمده. كما يقول أن الذات بضاعة، فقد لا تعرف كيف تُسوّق بضاعتك الجيدة، وقد تُسوّق بضاعتك الرديئة بشكلٍ رائع. يجب أن تعرف قيمة بضاعتك.

وعن علاقة الإنسان بذاته أركان من وجهة نظر الحزيمي وهي: علاقة الفرد مع الله، ومع ذاته، ومع الآخرين، وهي مرتبةٌ حسب الأهمية، وهو ما يعني، أنّ علاقة الإنسان بنفسه أو بذاته، هي أهم من علاقاته بالآخرين. ويقول في هذا الشأن:  “العلاقة مع الذات هي ألا يكون ما أنت عليه، على غير ما تُظهر ما أنت عليه”. ويضيف كلما ابتعدنا عن حقيقة ذواتنا أمام الآخرين، كلما اغتربنا عن أنفسنا بصدق. فجوةٌ نملأها بالخزي، فتنتهي بنا إلى الاكتئاب، والشعور باحتقار الذات.

“ويؤكد الحزيمي أن “معرفة الإنسان بجهله، نوعٌ من المعرفة”. وشرح ذلك في مفاهيم بسيطة تتعلق بمعان متداخلة، تُثير الحيرة، ما بين تحقير الذات والغرور بالنفس، وتلك الشعرة التي تفصل بين الثقة والغرور، والتي فسّرها بطريقة في منتهى السلاسة، من خلال تعريفه لأربع مفاهيم رئيسية تتعلق بهذه المسألة.

ففسّر الثقة على أنّها شعورٌ بالقدرة -على فعل شيءٍ ما أيّا كان- مع وجودها، أي مع وجود هذه القدرة فعلاً، وأنها تأتي من خلال لحظة بنيتها على تجارب سابقة أو تفاؤلٌ بالمستقبل، مبنيّ على أساس سليم.  وفسّر الغرور على أنّه شعور بالقدرة مع عدم وجودها من الأساس. أمّا الشعور باحتقار الذات، فهو على النقيض من الغرور، فهو عدم الشعور بالقدرة مع وجودها، للأسف. وهناك مفهوم رابع وأخير، ولكنّه فارق فعلا في علاقة الإنسان بذاته، حينما يدركه، وهو الوعي، الذي يعني عدم الشعور بالقدرة مع عدم وجودها.

قد ترضى بالنّقص ولكن لا تكن ناقصا

“يقول الحزيمي” اِرْضَ بالنّقص ولكن لا تكن ناقصا“. جملة عبقرية. فيها رسالة مزدوجة لكل من هو ساخطٌ على نفسه على الدوام، ولكل من هو قانع بحاله على الدوام. والجميل أن الحزيمي، شرح كيف ينبت شعور النقص ذلك في داخلنا، بينما كنا لازلنا أطفالا، وكيف تعلّمنا من خلال تصرفات الأهل العفوية، ومع الوقت والتجارب، أنّ سعادتنا مرتبطة بإرضاء الآخرين. وأنّ كل العواطف التي حُرمنا من الحصول عليها من آبائنا وأمهاتنا، سنظل نشحذها من الآخرين، حتى وإن كانت غير حقيقية.

يقول الحزيمي إنه كلما “عملقنا” الآخرين، أي جعلنا منهم عمالقة، كلما تقزّمنا نحن، أي صرنا أقزاما. ومن يفعل العكس، فيُعملق نفسه، ويُقزّم الآخرين، فهو من أصابه الكِبر، والتعامل الصحيح هنا، هو أن نُنزل النّاس منازلها بحق.

للعلاقات الإنسانية صمغ

يقول الحزيمي أن للعلاقات الإنسانية صمغ خاص، هو تلبية الحاجات، فعلى عكس ما يظنّه الكثيرون، الحاجات أو المصالح التي يقدمها الإنسان لغيره، ممّن يهمهم أمره، هي شيءٌ أساسي في العلاقات، ومن المهم أن تتغير نظرتنا للأفكار التي تروج للمثالية في هذه النقطة، وأن نتقبل أنّنا جميعا في حاجة دائمة إلى ما قد يُقدّمه لنا الآخرون.

ياسر الحزيمي يحاضر عن
ياسر الحزيمي يقدم عرضه حول “هندسة العلاقات الإنسانية” في معرض الدوحة الدولي للكتاب 2023

وقد يتساءل أحدنا: هل هناك رابطة أقوى تربطني بشخصٍ، كلما احتاج مني دعما مادياً أو نفسياً، وجدني عند حسن ظنّه؟ لا أظن. الحزيمي يرى أن بناء العلاقات قائم على تلبية الحاجات، حتى العلاقة مع الله، لحاجتنا له، والصفوة هم من أحبوه وتقربوا إليه لذاته لا لصفاته.

5 أنواع للعلاقات بين الرجل والمرأة

“ويتحدث الحزيمي أيضا عن العلاقات السيئة ويقول “أنا لا أُخاصم أحدا، ولكنّي أُغيّر رُتبته عندي”. ويشير إلى أن هناك أنواع للعلاقات بين الرجل والمرأة، وأنه “لا يكون هناك سكن لحياة الإنسان، إلا مع زوجة”. ويقول إنّ هناك 5 أنواع للعلاقات، مُرتّبة من الأفضل للأسوأ، أوّلها علاقات حيّة، وهي العلاقات السويّة التي تقوى وتضعف ولكنّها ذات أُسسٍ سليمة، وعلاقات مريضة والتي تحتاج على حد قوله، لفيتامينات من الحب والتقبّل والرحمة، كي تُصبح أفضل حالا. وهناك أيضاً علاقات مُمرضة، والتي يُطالبك فيها الطرف الآخر، بما هو فوق واجباتك، بدون أن يُعطيك حقوقك. والأسوأ من ذلك هي العلاقة الميّتة، التي يعيش فيها كل طرف بسلام مع الآخر، ولكنه سلام أشبه بالموت، فلا واجبات ولا حقوق، وبالتالي بلا مودة أو سكينة. والنوع الأخير من العلاقات، هي العلاقة المُميتة، وهي كل علاقة لا تُرضي الله،  والتي دائماً ما تكون نهايتها سيئة.

نصائح في نجاح العلاقات

لا يكتفي الحزيمي بتحليل المشكلات فقط، بل يقدم نصائح عديدة لإنجاح العلاقات الإنسانية، وكل ما قد يساعد في أن يكون لنا علاقات ناجحة مع أصدقائنا وشركائنا في العمل وفي الحياة. فيقول مثلا:

  • “لا تصنع العدوات، ولكن رحّب بها إن أتت، فإنسان بلا عداوات، هو إنسان بلا مبادئ”.
  • جودة أداء الإنسان في علاقاته مع الآخر  مرتبطة بمشاعره، أي أنّ ما نُقدّمه للآخر هو ببساطة ما نشعر به تجاهه فعلاً، إن آمنّا جميعاً بذلك، لن يجرؤ المتحجّجون بالأعذار والمُنشغلون على الدوام وسيئو الخُلق على تبرير أفعالهم تلك.
  • في العلاقات، النّدية هي الأصل،  يُشبّهها الحزيمي بالأرجوحة، فلابد وأن نتبادل الأدوار فيها معا، صعودا وهبوطا، بلا ظلم لأي طرف.

طرح بارز وفن في إدارة الحوار

والحقيقة أن ما يقدمه الحزيمي في مجال التنمية البشرية و”هندسة العلاقات الإنسانية” يدعو صراحة إلى التأمل والاهتمام، ولعل ما أكسبه تلك الجماهيرية والقبول، اللغة العلمية والعقلانية التي يخاطب بها الحزيمي متابعيه، فخطابه خطاب غير وعظي بحت، وغير ديني خالص، مع أنه يتضمن بين طياته كل مكونات الثقافة الإسلامية. وقد اشتهر الحزيمي في الآونة الأخيرة بشخصيته البارزة والمؤثرة، وبطرحه الجميل والسلس والمميز والجذاب للمواضيع الإجتماعية والثقافية عن طريق البودكاست.

ويقدم الحزيمي محتواه في قالب منهجي جديد وبسيط يصل بسهولة إلى المتتبع الذي بدوره لا يتوقف عند الأفكار التي يبثها الحزيمي، بل يذهب إلى ما وراءها في مسيرة البحث عن حلول. فهو مُتحدث بارع، حاضر الذهن، ويملك من البشاشة وجمال المنطق ما جعل الملايين في العديد من الدول العربية يتأثرون بكلماته التي لامست أرواحهم، ويشاركون فيديواته مع أصدقائهم.

ويُعرف ياسر الحزيمي بشخصيته القوية وأسلوبه المميز في الطرح وفن إدارة الحوار، وقد درّب وحاضر في عدد من دول العالم، خاصة العالم العربي والإسلامي، بالإضافة إلى العديد من الوزارات والجهات الحكومية والخاصة في السعودية ودول الخليج.

من هو ياسر الحزيمي؟

هو ياسر بن بدر الحزيمي، كاتب سعودي مبدع وخبير في مجال علم التنمية البشرية، له مؤلفات كثيرة تختص في هذا المجال، من مواليد 1980 بالمملكة العربية السعودية، حاصل على درجة البكالوريوس في اللغة العربية من جامعة الملك سعود عام 2001 ، ودبلوم عالي في الإرشاد العصري من جامعة الملك فيصل 2009ـ. عمل مدرسًا للغة العربية للمرحلتين المتوسطة والثانوية، ثم عمل رائدا في النشاط الطلابي، ثم أصبح مدير مدرسة، ثم مشرفا تربويا، وبعد ذلك مديرا للتدريب والمهارات بمركز التطوير بإدارة التربية والتعليم بالمجمعة.

والحزيمي حاصل على العديد من الرخص الدولية والدبلومات منها:

الرخصة الدولية في تدريب المدربين من الأكاديمية البريطانية العالمية للتدريب والاستشارات (GATC)، دبلوم في تدريب المدربين من الكلية البريطانية الأدميرال، دبلوم في الذكاء العاطفي من منظمة أكسفورد للتدريب على القيادة، مدرب معتمد للمدربين من مركز الملك عبدالعزيز، مدرب معتمد في التعلم السريع، معتمد من Depf Meyer  ومرخص من المجلس الأمريكي، مدرب معتمد من الأكاديمية البريطانية لتنمية الموارد البشرية، مدرب معتمد من الاكاديمية الدولية للتدريب و التطوير INTRAC، مدرب معتمد من HBDI مقياس هيرمان للسيطرة على الدماغ، مدرب معتمد في التأثير والإقناع باستخدام نموذج NBTI، استشاري معتمد من مؤسسة British Mind Management Foundation، مدرب شخصي معتمد من البورد الأمريكي، ومدرب Debono المعتمد في TRIZ ، حل المشكلات الإبداعي.

ومن أبرز الأعمال والمهام التي قام بها ياسر الحزيمي:

  • رئاسة مجمع الأندية الطلابية بإدارة التربية والتعليم بالمجمعة 1432 هـ.
  • أشرف على وكالة تنمية المهارات بجامعة المجمعة حتى زماننا هذا عام 1433 هـ.
  • مسؤول عن قسم التدريب والتطوير في مركز الأسرة السعيد.
  • المدير السابق لوحدة قياس وتحليل الشخصية بمركز التدريب والاستشارات.
  • استشاري في تحليل الشخصية في عدد من المدارس النفسية.
  • عضو الأكاديمية البريطانية للتنمية البشرية وأكاديمية التدريب  HRD

مؤلفات ياسر الحزيمي

ألف الحزيمي العديد من الكتب والمؤلفات، منها ما يلي:

  1. كيف تكسب العلاقات.
  2. صعود بلا قيود.
  3. الشخصية القوية.
  4. المتحدث البارع.
  5. رسائل وإجابات في مجالات الحياة.
  6. كيف تحدد تخصصك الجامعي؟
  7. خواطر وتأملات تختصر الكثير وتختزل التعبير.

من مقولات ياسر الحزيمي

  • اذا أردت ان تميت العلاقة القديمة فقابلها بالبرود.
  • العلاقات اختيار وليست اضطرار ومن الذكاء ان تختار العلاقات التي تناسبك.
  • الحقد في القلب كالسم إن أخرجته قتل غيرك وإن أبقيته قتلك.
  • العلاقات لابد أن تدخلها معك سيف وغمد ودرع.

وحتى تدرك مدى تأثير الحزيمي على متابعيه، ودرجة قبوله وطرحه المبهر، يكفي متابعة الحلقة التي أجراها عن “مقوّمات الصحة النفسية في العلاقاتُ الإنسانيةُ عبر بودكاست (ثمانية-فنجان) والتي حققت رقم قياسيا ببلوغها 48 مليون مشاهدة، على الرغم من أن مدة الحلقة 3 ساعات.

[ad_2]

شخصيات تاريخية
رحيل علامة الجزائر الشيخ محمد الطاهر آيت علجت .. رمز الوسطية والاعتدال

Notice: wp_get_loading_optimization_attributes تمّ استدعائه بشكل غير صحيح. An image should not be lazy-loaded and marked as high priority at the same time. من فضلك اطلع على تنقيح الأخطاء في ووردبريس لمزيد من المعلومات. (هذه الرسالة تمّت إضافتها في النسخة 6.3.0.) in /home/c1285887c/public_html/sevenst.us/wp-includes/functions.php on line 6085

[ad_1]

انتقل إلى رحمة الله، يوم الثلاثاء 13 يونيو 2023 أحد أبرز شيوخ الجزائر العلامة الشيخ الطاهر آيت علجت عن عمر يناهز 106 سنة. ويعتبر الشيخ واحد من أشهر وأكبر مراجع الفقه المالكي في الجزائر، وقد شغل منصبي رئيس اللجنة الوطنية للفتوى ورئيس لجنة الأهلة والمواقيت الشرعية. كما يعد من الأعضاء البارزين ومن المؤسسين لرابطة الدعوة الإسلامية بالجزائر.

يعتبر الشيخ الطاهر آيت علجت ذو مكانة دينية واجتماعية عالية، وهو الذي تجاوز عمره المئة عام، ولا يزال يستقبل طلابه الذين يتوافدون عليه من جميع أنحاء البلاد.

ويعتبر الشيخ الطاهر آيت علجت قامة شامخة ضمن كوكبة صالحة من علماء الجزائر الذين عاشوا لدينهم ووطنهم وأمتهم، أمثال الشيوخ: أحمد سحنون، أحمد حماني، الشيخ عبد الرحمن شيبان.. والذين خلفوا جيل رواد النهضة الجزائرية الحديثة أمثال الشيوخ عبد الحميد ابن باديس، ومحمد البشير الإبراهيمي، ومبارك الميلي.

ويقول الأستاذ عبد الحميد عبدوس عن الشيخ الطاهر آيت علجت:”هو رمز للعالم الرباني والمربي القرآني، سخر حياته لإعلاء كلمة الله، والدفاع عن الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، وكذلك تعليم ونشر لغة القرآن، اللغة العربية..

ويقول عنه الإعلامي بلقاسم عجاج بأنه واحد من ركائز المرجعية الدينية ورجال الفتوى، وواحد من أنوار الوسطية والاعتدال في الدين، ما إن تراه ترى خلق القرآن الكريم، فهو من طينة القادة، مربي وموجه ومصلح وملهم
ويضيف: وإن تعددت الخصال في الرجل فيبقى منهاجا يقتدى به دون غلو أو تعصب، فقد أوفى الرجل حقه في الرسالة المحمدية والمنهاج الرباني و الغاية الوجودية.

ويقول عنه الإعلامي عثمان لحياني أنه “يغبط في علمه الذي درس ودَرّس وتدارس، وجهاده الذي رافق فيه خيار الناس وشرفاء من الشهداء، وهدوء طبعه الذي يحير، حتى كان أكثر الناس تقبلا من الناس، وأدبه الجم الذي فاق كل تواضع، وزهده الكبير في الدنيا”.

وقد انتشر خبر وفاة الشيخ بسرعة كبيرة، وذلك بناءً على المكانة الكبيرة التي يحظى بها في قلوب الجزائريين، إذ تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحات للترحم عليه والدعاء له.

من هو الشيخ الطاهر آيت علجت؟

هو الشيخ الطاهر آيت علجت الفقيه، اللغوي، المفسر، المحدث، المدرس، المفتي، الإمام الخطيب، ولد عام 1917 في قرية ثاموقرة بني عيدل، كان يمتلك حبًا كبيرًا للعلم والمعرفة منذ صغره، حيث حفظ القرآن الكريم في مسقط رأسه، ومن ثم درس في زوايا مختلفة مثل زاوية سيدي يحي العيدلي وزاوية سيدي أحمد بن يحي أومالو. هناك اكتسب مبادئ العلوم العربية واللغوية.

بعد ذلك، سافر إلى زاوية بلحملاوي في منطقة العثمانية قرب قسنطينة، حيث أكمل دراسته وتخصص خاصة في الفقه وعلوم اللغة والأدب، بالإضافة إلى الرياضيات. حضر أيضًا بعض الدروس من الشيخ باديس في قسنطينة.

بعد عودته إلى ثاموقرة، كان التركيز الأساسي للشيخ آيت علجت هو التعليم والتدريس والإفتاء. توافد عليه طلاب العلم والمعرفة من جميع المناطق، بدءًا من بجاية على الساحل وصولًا إلى الهضاب العليا في الداخل، ومن حوض الصومام إلى جبال البابور.

مساره الديني والعلمي

حفظ الشيخ الطاهر آيت علجت القرآن الكريم على يد والده، وهو في الحادية عشر من عمره، ثمّ أوكله إلى ثلاثة من شيوخ ثامقرة، أوّلهم الشّيخ الصّالح أوقاسي (المتخصّص في القراءات العشر) تلقّى شيئًا منه إلى جانب مبادئ العلوم الشّرعية والنّحوية، وثانيهم الشّيخ محند وعلي والطيب، أمّا ثالثهم فهو الشّيخ الطيّب اليتورغي. بعد ذلك ومثلما يؤكّد تلميذه محمّد الصّغير بن لعلام، ألحقه والده بزاوية سيدي أحمد أويحيى بأمالو، وهي لا تبعد عن ثامقرة، وعمره 12 سنة، فدرس على شيخين جليلين من كبار علماء المنطقة، بل من كبار علماء الجزائر، مدّة 4 سنوات، أوّلهم الشّيخ لحلو الخياري (كان حجّة في الفقه المالكي وفي القراءات)، والثاني هو العلاّمة الشّيخ السّعيد اليجري (أحد مؤسسي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) مختلف فنون العلم كالفقه واللغّة والصرف والبلاغة والفلك والحساب.

ثمّ شدّ الرِّحال إلى زاوية سيدي الشّيخ بلحملاوي بوادي العثمانية قرب قسنطينة، حيث أتمّ هناك دراسته الشّرعية من فقه ولغة، كما تعدّاها إلى غيرها من العلوم كالحساب والفلك، بالإضافة إلى العلوم الإنسانية كالتاريخ والجغرافية وغيرها، على يد خمسة شيوخ كلّهم زيتونيون، ثلاثة منهم تونسيون هم: الشّيخ مصباح الحويدق والشّيخ محمد والشّيخ محمود قريبع، وجزائريان: الشّيخ السّعيد اليعلاوي والشّيخ أحمد البسكري.

عقيدة أهل السنة والجماعة

الشيخ الطاهر آيت علجت ينتمي إلى عقيدة أهل السنة والجماعة، وهي إحدى المذاهب الرئيسية في الإسلام، حيث أن عقيدة أهل السنة والجماعة تستند إلى القرآن الكريم والسنة النبوية، وتعتبر الاعتقاد بتوحيد الله واتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمور الأساسية في هذه العقيدة، التي تعتمد أيضًا على الاجتماع والاتفاق على المنهج السلفي والاستمداد من المرجعيات الشرعية المعتبرة في فهم الإسلام وتطبيقه في الحياة اليومية.

ويحرص الجزائريون على اتباع هذه العقيدة والالتزام بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في العبادات والأخلاق والقيم، ويعتبرون العلماء المعتبرين في الفقه والتفسير والحديث مصادر موثوقة لفهم الدين.

أخلاقه وتعامله مع الناس

يقول الاستاذ عبد الحميد عبدوس في حديثه عن الشيخ الطاهر :”عرفت العلامة الجليل الشيخ محمد الطاهر آيت علجت – حفظه الله – طلق المحيا، باشا عند اللقاء، جم التواضع، راسخ العلم، رطب اللسان بذكر الله، سباقا إلى بذل الكلمة الطيبة، وكلما التقيته تذكرت  مقولة سيد التابعين الحسن البصري–  رحمه الله – الذي كان أسمر البشرة، قريبا إلى السواد، ولكن عليه بهاء النور، وإجلال من ربه، وضعه في وجه الحسن البصري، فكان الناس يقولون له: عهدناك أسمر البشرة، ما هذا النور الذي يتلألأ من وجهك يا أبا سعيد؟ فيقول: “نحن قوم خلونا بالله في ظلمات الليل، فكسانا من جماله وجلاله.

ثورة في مجال التربية والتعليم

حقق الشيخ آيت علجت ثورة في مجال التربية والتعليم، حيث أصبح طلابه وتلاميذه ينضمون إلى جامع الزيتونة في تونس لمواصلة تعليمهم وتحصيلهم، وقد تفوقوا في دراستهم. تبنى نظام الدراسة المتطور الذي طبقه في معمرة ثاموقرة، والذي يتوافق مع النظام الزيتوني في تونس، ونظام معهد عبد الحميد بن باديس، ومعهد الكتانية في قسنطينة.

تخرج العديد من طلابه الشيخ آيت علجت وأصبحوا روادًا في مجال التربية والتعليم في قرى المنطقة بأكملها. وشاركوا بفعالية وتأثير في النضال الثقافي، مساهمين في نشر المعرفة والقيم في المجتمع.

مسيرة التدريس و زاويته ”ملاذ المجاهدين

عاد الشيخ الطاهر آيت علجت إلى قريته ثامقرة وهو في العشرين من عمره، عالمًا متكاملاً أُهِّلَ لأن يتبوّأ مقعد الأستاذية ويعتلي كرسي المشيخة للتّدريس، وأوّل ما قام به هو العمل على إحياء زاوية جدّه الّتي هدّمها الاستعمار، وكان له ما أراد بالتّعاون مع سكان ثامقرة، ووقع ذلك – يضيف الأستاذ بن لعلام- في 1937م، فاستأنف هذا المعهد العتيق الّذي أسّسه العالم الربّاني الوليّ الصّالح سيدي يحيى العيدلي في القرن التاسع الهجري، نشاطه في تحفيظ القرآن الكريم وتدريس العلوم الشّرعية واللّغوية والقراءات والحساب.. ففاضت شهرته العلمية وحسنت سمعته، فأقبل عليه الطلبة زرافات ووحدانًا، ليس من أهل المنطقة فحسب، بل من المناطق المجاورة. وأنشأ الشّيخ الطّاهر نظامًا خاصًا بزاويته شبيهًا بنظم المعاهد الإسلامية الكبرى، وكان تلامذته يلتحقون بالزيتونة بزاد من العلم والأدب يشرف زاويتهم والقائم عليها.

وبعد السّمعة الطيّبة الّتي تركها الشّيخ في نفسية الطلبة، تحوّلت زاوية جدّه سيدي يحيى العيدلي إلى ملاذ وملجأ لكثير ممّن تبحث عنهم السّلطات الاستعمارية، حيث كانوا يتوافدون على الزاوية الّتي أضحت مؤسسة دينية واجتماعية وخيرية مفتوحة لكلّ للطّلبة والزوار.

التعليم الثانوي بعد الاستقلال

سافر إلى تونس في أواخر 1957 وكان يتولى منصب القاضي الشرعي لجيش التحرير آنذاك، بالإضافة إلى الإشراف على النشاط التعليمي للطلاب الجزائريين هناك، ثمّ انتقل إلى طرابلس الغرب بليبيا حيث عُيّن عضوًا في مكتب جبهة التحرير هناك، فبذل الشّيخ قصارى جهده إلى أن استقلّت الجزائر.

بعد الاستقلال وفي سنة 1963 عاد إلى الجزائر، وعيّن أستاذا بثانوية عقبة بن نافع بالجزائر العاصمة، ثم بثانوية عمارة رشيد في بن عكنون، إلى أن أحيل على التقاعد سنة 1978.

ثمّ وبطلب من وزارة الشؤون الدينية، عاد إلى نشاطه المسجدي، ليمارس دروس الوعظ والإرشاد وخطابة الجمعة بمسجد الغزالي بحي حيدرة وغيره من المساجد. يعدّ الشيخ من الأعضاء البارزين ومن المؤسسين لرابطة الدعوة الإسلامية بالجزائر.

تلاميذه

تخرّج على يدي  الشيخ الطاهر آيت علجت جملة من الطلبة، وإلى غاية وفاته كان عطاؤه لا حدود له، يحيث كان يعقد دروسا في الفقه والنحو وفن القراءات وغيرها من العلوم الشرعية بمسجد بوزريعة الجديد(مسجد الإمام مالك بن أنس) مكان إقامته. و من أبرز تلاميذه:

  • الوزير السابق مولود قاسم نايت بلقاسم
  • الأستاذ الدكتور محمد الشريف قاهر
  • الشيخ أبو عبد السلام.

مؤلفاته

له مؤلفات كثيرة، وقبل وفاته كان بصدد كتابة مذكرات تروي تاريخه وتاريخ الثورة الجزائرية، وتقييمه للأحداث ومواقفه عبر مسيرته الرائدة. ومن آثاره المكتوبة والسمعية:

  1. تسجيل صوتي لشرحه لرسالة ابن أبي زيد القيرواني.
  2. تقريظ لكتاب ملتقى الأدلة الأصلية والفرعية الموضحة للسالك فتح الرحيم المالك تأليف الشيخ محمد باي بلعالم إمام ومدرس بأولف، ولاية أدرار.
  3. مختارات سلسلة شرح الموطأ
  4. شرح ترتيب الفروق
  5. شرح متن الرحبية
  6. شرح كتاب الرسالة لابن أبي زيد القيرواني
  7. شرح متن الرسالة إلى باب الضحايا

خادم اللغة العربية

قبل سنوات بادرت “جمعية الكلمة للثقافة والإعلام” التي يترأسها الشاعر والإعلامي عبد العالي مزغيش بتكريم الشيخ آيت علجت بـ “وسام خادم اللغة العربية”، بمناسبة اليوم العربي للغة العربية المصادف للفاتح من شهر مارس من كل سنة . وذلك بحضور بعض رفقاء الشيخ الطاهر من علماء وأساتذة وشخصيات ثقافية ممن تتلمذوا على يده، والذين أجمعوا على الإشادة بالإسهامات الكبيرة التي قدمها العلامة آيت علجت في سبيل إعلاء كلمة الإسلام، واللغة العربية.

[ad_2]

شخصيات تاريخية
كامل كيلاني .. الرائد المظلوم!

[ad_1]

اختار المنظمون لمعرض القاهرة الدولي للكتاب عام  2023م، الدورة 54- الكاتب الراحل “كامل كيلاني” ليكون شخصية المعرض عن كتاب الطفل. للأسف فإن هؤلاء المنظّمين لم يعرّفوا بهذه الشخصية العظيمة، ولم يقدموها للأجيال الجديدة، مع أنها صنعت وجدان الملايين إسلاميا وثقافيا وتربويا منذ ثلاثينيّات القرن الماضي، فقد كان الرائد الذي قدم للأطفال على مدار عقود طويلة، القيم والأخلاق والمعرفة والسلوك والتاريخ والجغرافيا والأدبين العربي والعالمي، في قالب فني رائق وممتع، ومهد الطريق لأدباء مشاهير ساروا على نهجه وخدموا أدب الطفولة الإسلامية والإنسانية خدمة جليلة. بوصفه جنسا أدبيا جديدا، لقد قاربت أعمال كامل كيلاني للأطفال ألف عمل، نشر منها قبل وفاته نحو مائة عمل، وتولى من بعده ابنه “رشاد” نشر  مزيد منها، وأظن أن عددا كبيرا منها لم ينشر حتى اليوم.

كامل .. ونجيب

ولأن الرجل- رحمه الله- لم يلق الاهتمام الأدبي المفترض في حياته وإلى وقت غير بعيد، فقد فوجئت ذات صباح قبل نحو عقدين من الزمان باتصال هاتفي من نجله البار  “رشاد”، رحمه الله، يسألني إن كنت كتبت عن أبيه شيئا. شعرت بحرج شديد وتقصير أشد، فقد نُقِل إليه خطأ أنني تناولت والده في بعض ما كتبت، كان الذي اهتممت به هو الدكتور نجيب الكيلاني الذي يتشابه معه في اللقب، وقد أخرجت عنه كتابين، ومجموعة من الدراسات والمقالات، نشرتها في الدوريات والصحف السيارة. وضحت له اللبس، وشعرت أن الرجل أصابه الإحباط. فعزمت أن أتناول أدب الرجل وكتاباته في أدب الأطفال والألوان الأدبية الأخرى، وعلمت بإجازة بعض الأبحاث الأكاديمية عنه مما أسعدني، ثم شغلتني موضوعات شتى فلم  أفرغ للكتابة عنه.

وجاءت مناسبة معرض الكتاب المشار  إليها، فأعادت الرغبة بالتعريف بالرجل، بعد أن أهمل القائمون على تنظيم معرض الكتاب التعريف به، وعقد ندوات حوله مثلما يفعلون مع غيره.

مقال قديم

حاولت جريدة الأهرام تعويض بعض القصور في التعريف بكامل كيلاني فعرضت في 3/2/2023م لمقال قديم تناول كتابه الأول “حكايات للأطفال” الذي صدر عام 1931م، ولقي في حينه حفاوة ملحوظة من الكتاب والنقاد، توالى بعده إصدار عدد كبير من الكتب والدراسات الأدبية وقصص الأطفال. المقال القديم نشر في صدر الصفحة الأولى للأهرام يوم  4/4/1931، وحمل عنوان « فتح جديد فى التأليف». وقال كاتبه الشاعر والأديب اللبناني سليم خورى: «بين يدى كتاب قيم نفيس حملني على كتابة هذه السطور وما هو من المجلدات الضخمة التي جمعت .. فاستنفذت ذوات الدماغ أو استنفدت مباحث العلم، ولا هو من كتب معجزات اللغة، إنما هو كتاب بُذل فيه الشيء الكثير من المجهود الفني، هو كتاب (حكايات للأطفال) بقلم الأستاذ الظريف كامل كيلاني..».

مظاهر البهجة

ويوضح خورى أبعاد تجربته مع كتاب كامل كيلاني: «ولما كان هذ الكتاب خاصا بالأطفال، رأيت أن خير من يقرأه طفل، فأخذته ووضعته بين يدى ولد لي في السادسة من عمره لم يكد يتلقى مبادئ القراءة والتهجئة لأرى تأثير الكتاب في نفسه الصغيرة. فما كاد نظره يقع عليه حتى أشرق وجهه وتناوله بلهفة وأخذ يقلب صفحاته ويتأمل صوره ويصفها وصفا لطيفا، وهو يحاول قراءة الكلمات المكتوبة تحتها ويستفهم عنها باهتمام. فقرأت له حكاية من هذه الحكايات، فكان مصغيا كل الإصغاء وقد بدت فى ملامحه مظاهر البهجة والارتياح وازداد رغبة في الدرس فوق رغبته».

ويحلل خوري تأثير كتاب كيلاني على ولده، فيقول: « أدركت من تأثير الكتاب فى ولدى، أنه من الكتب الجديرة بالتقريظ فتصفحته واطلعت على كل ما فيه، فأعجبت به أي إعجاب وارتحت إلى تبويبه وصوره وحكايته وأسلوبه، وتعجبت من مجهودات المؤلف والناشر، فالكتاب يقع فى مئة وعشرين صفحة من القطع المتوسط. وفى كل صفحة صورة ومواد القراءة مكتوبة بخط ضخم واضح بديع. وكل صفحاته محفورة بالزنكوغراف (التصوير على الرصاص) وفيه عدة صور مطبوعة بمختلف الألوان. والكتاب مُهدى إلى الملك فاروق (عندما كان أميرا)، ومصدّر بصورته الرائعة مع قصيدة نظمها المؤلف بأسلوبه السهل الممتنع ليتسنى للأمير فهم كل كلمة منها (كان فاروق وقتها فى عمر الـ 11 عاما تقريبا).

طريقة التكرار

ويكمل خوري موضحا المزيد من حسنات النص الذى وضعه كيلاني، وإن جاءت مصحوبة بشيء من الملاحظات، فيقول: «وقد توخى المؤلف طريقة التكرار فى الجمل محاكيا أسلوب الطفل عندما يقصّ خبرا. وقال المؤلف فى مقدمته إنه فعل ذلك لتثبيت المعاني في ذهن الطفل، ولكى تسهل عليه القراءة ولكنى أخشى أن ينتقد عليه البعض أن ذلك ربما يربى فى الطفل ملكة التكرار ويعلمه الثرثرة. على أن الأستاذ كيلاني استدرك ذلك، فأخذ يقلل من التكرار تدريجيا كلما تقدم الطفل فى الكتاب حتى يصل إلى الأسلوب الموجز…

ثم يضيف: «وحذا المؤلف حذو كُتّاب الفرنْجة، فاستعمل كلمات محدودة تقع فى عبارات مختلفة الوضع والمعنى، وجعل الحكايات قريبة من فهم الطفل مثقفة لا تخلو من مغزاها الأدبي وفوائدها العلمية. فالحكاية الأولى فى هذا الكتاب، هي عن الدجاجة الصغيرة الحمراء، وخلاصتها أن هذه الدجاجة عثرت بحبة قمح، فأرادت أن تزرعها وشاورت رفيقاتها من الطيور الداجنة فكانت تنفر من مساعدتها، فزرعت الدجاجة حبة القمح ولما أخرجت قمحا كثيرا، ذهبت الدجاجة به إلى الطاحون وعجنت الدقيق وخبزته ولما جاءت بالرغيف، تهافتت عليها رفيقاتها التي أبت مساعدتها لتشاركها فى أكل الرغيف، ولكن الدجاجة لم تسمح لها وأكلت ما جنته هي وفراخها الصغار”.

ويختتم خورى بتقديم الشكر للأستاذ كامل كيلاني على مجهوده العظيم، ويلفت نظر  وزارة المعارف ولجنة تقرير كتب الدراسة إلى هذا الكتاب، لأنه من أفضل كتب المطالعة للأطفال.

استحسان عام

تداخل الشاعر  محمود أبو الوفا (1900- 1979) ليقف بجانب كامل كيلاني ويشيد به، ويرد في عدد «الأهرام» الصادر بتاريخ 18 أغسطس 1931على المآخذ التي طالت كتابه، وخاصة ما قيل عن التكرار ، واستخدام اسمي الموصول الذي والتي، وبعض الأخطاء الخطية. ويشير إلى أن كتاب كامل كيلاني صار مقررا دراسيا فى بعض البلاد وجمعيات التعليم الأجنبية، وهذا برهان كاف على “الاستحسان العام.

رافق كامل كيلاني الأديب نجيب محفوظ في العمل بوزارة الأوقاف، وكانا مشغولين بالقراءة والكتابة، الأول يهتم بالجنس الجديد وهو أدب الأطفال، بالإضافة إلى الترجمة والدراسة الأدبية، والآخر يعبر عن القضايا الاجتماعية والعامة من خلال الرواية والقصة القصيرة. وأظن أن التأثير بينهما كان متبادلا، فأنتجا أدبا رفيعا في أجناس أدبية متعددة، وقد وقف كيلاني بجوار محفوظ عندما أصدر رواية “القاهرة الجديدة 1945م”، وأثارت ضجة كبيرة في وزارة الأوقاف، وحقق معه شقيق طه حسين، حيث تم تأويل الرواية أنها تقصد أشخاصا بأعينهم في وزارة الأوقاف في فترة الأربعينيات,

وأذكر أن جيلي الذي شهدت الخمسينيات مرحلته الابتدائية تربى على قصص كامل كيلاني، وكانت في تلك الفترة متاحة مجانا في المدارس بمراحلها المختلفة، وقد أحسنت بعض المنصات الإلكترونية بإعادة نشر مجموعات من قصصه بطريقة جديدة، ومنها، على سبيل المثال:

أَضْوَاءٌ مِنَ الْمَوْلِدِ السَّعِيدِ: مِنْ حَيَاةِ الرَّسُولِ –صلى الله عليه وسلم

وتقع في ٣,٤٣٣ كلمة، وسَبْعٍ وثلاثينَ حَلْقةً مختلِفة؛ وتمثل رحلةٍ شائِقةٍ للتعرُّفِ على السِّيرةِ النبويَّةِ المباركة، بتسلسُلٍ زمنيٍّ وبأسلوبٍ قَصصيٍّ فريد، وتَأْتِي على لسانِ الأصدقاءِ الثلاثة: «سعيدٍ» و«صلاحٍ» و«رشاد»، في حوارٍ مُمتِع. عندما يَجتمعُون  للاحتفالِ بالمَوْلدِ النبويِّ الشَّرِيف، ويَتبادَلونَ أطرافَ الحديثِ حولَ تلك الذِّكْرى العَطِرة،

الْحِمَارُ الْقَارِئ

وعدد كلماتها١,٦٩٣كلمة، وفيها يعهد «سلطان الزمان» إلى «جحا» بحمار أهداه له بعض الأمراء ليعلمه القراءة، وقد أغراه السلطان بمكافأة مالية كبيرة إذا استطاع ذلك، وتكشف القصة عن تصرف جحا في مواجهة هذا الموقف الحرج.

أبو الحَسَن

وكلماتها ١,٣١٥ كلمة وتحكي قصة أبي الحسن الذي ورث عن أبيه مالاً كثيرًا، قسّمه إلى نصفين، نصف لأصدقائه وقد أنفقه سريعًا، فهجروه حين خُيّل إليهم أنه أصبح فقيرًا، أما النصف الآخر فنصحته أمه أن يحافظ عليه من أصدقاء السوء، ويقابل أبو الحسن الخليفة هارون الرشيد الذي تخفي في ثياب تاجر، وتتصاعد الأحداث حين يخبره عن أمنيته أن يصبح خليفة ولو ليوم واحد..

أَبُو صِيرٍ وَأَبُو قِيرٍ

كلمات القصة تبلغ٢,٠٨٨ كلمة، وتحكي عن «أبي صير» الحلاقً الذكيًّ، الذي يتحلى بحُسن الخُلق وطِيب القلب، و السيرةٍ الحسنةٍ بين الناس، و«أبي قير» الصبَّاغ الماهرً في عمله، والماكر سيئ السُّمعة، الذي خان صديقَه، ولكن أخلاق «أبي صير» النبيلة تنجَيه من الخيانة.

الشاعر الرقيق

كان كامل كيلاني شاعرا أيضا،  وشعره يقترب من شعر  الرومانتيكيين من حيث العاطفة والرقة والوطنية، ومنه على سبيل المثال،  نشيد النيل الذي يقول فيه:

سماؤك يا مصر أصفى سماء
وأرضك أرض الغنا والرخاء
ونيلك يا مصر جم العطاء
فمنه الغذاء ومنه الكساء
على ضفته نما مجدنا
ومنه عرفنا فنون الوفاء
يفيض علينا بخيراته
فيروى الغراس وتروى الظماء
وتسرى الحياة فيزكو النبات
وتحيا الموات ويحيا الرجاء
أعز  الغوالي: حياتي ومالي 
وأهلي جميعا، لمصر فداء

لقد تنوعت أعمال كيلاني الأدبية، فكتب النقد الأدبي ومارس الترجمة وحقق التراث، واستوحي التاريخ في قصصه، ومن أعماله: مصارع الخلفاء، ومصارع الأعيان، وملوك الطوائف، ونشر «رسالة الغفران» للمعري، وشرح ديوان ابن الرومي، وترجم الأدب الأندلسي، وكتب «نظرات في تاريخ الإسلام»، و«روائع من قصص الغرب» و «فن الكتابة» و«موازين النقد الأدبي» وكتب في أدب الرحلات: «ذكريات الأقطار الشقيقة» (فلسطين ولبنان وسوريا). وبدأ في عام 1927م تأسيس أدب الأطفال الذي ركز جهده فيه حتى رحيله، وخدم اللغة العربية حين جعل الحوار في قصص الأطفال بالفصحى، ويذكر أنه أول من خاطب الأطفال عبر الإذاعة المصرية. وقد ترجمت قصصه إلى اللغات الصينية والروسية والإسبانية والإنجليزية والفرنسية..

طرف من حياته

ولد كامل كيلاني بحي القلعة  في القاهرة (20 أكتوبر 1897م)، وكان والده من أشهر المهندسين في عصره، ويتصل نسبه بالشيخ عبد القادر الجيلاني. حفظ القرآن الكريم في الكتّاب، ثم التحق بمدرسة أم عباس عام 1907، وحصل على شهادة البكالوريا من مدرسة القاهرة الثانوية، ونال الشهادة الجامعية من كلية الآداب بالجامعة المصرية- قسم اللغة الإنجليزية. وأجاد النحو والصرف والمنطق  من خلال الدروس التي حضرها في الأزهر الشريف.

بعد تخرجه عمل مدرسا للإنجليزية والترجمة في المدرسة التحضيرية، ومدرسة الأقباط الثانوية بدمنهور سنة 1920. وفي سنة 1922 عيّن موظفا بوزارة الأوقاف  لتصحيح الأساليب اللغوية. وترقى حتى وصل إلى منصب سكرتير مجلس الأوقاف الأعلى، وترك الوزارة سنة 1954.

في أثناء عمله الوظيفي، كان يكتب في الصحف، ويعبر عن مواهبه في المجال الأدبي والفني، فكان رئيسا لنادي التمثيل الحديث (1918)، ورئيسا لجريدة «الرجاء» (1922)، وسكرتيرا لرابطة الأدب العربي بين (1929 و 1932)،

وصدر عن أدبه كتابان، أولهما: كامل كيلاني وسيرته الذاتية، عبد الرحمن محمد بدوي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1999م، والآخر: مقالات في الأدب والسيرة الذاتية: كامل كيلاني (1897- 1959)، وليد عبد الماجد كساب، كتاب المجلة العربية، الرياض، ربيع الأول 1442 هـ= نوفمبر 2020م.

وبعد ثلاثة وستين عاما  صعدت روحه إلى الرفيق الأعلى مساء السابع من ربيع الآخر 1379 هـ= التاسع من أكتوبر 1959م، وكانت وصيته كتابة البيتين التاليين على قبره:

أنفع الناس وحسبي
 أنني أحيا لأنفع
أنفع الناس ومالي 
غير نفع الناس مطمع

[ad_2]

شخصيات تاريخية
محمد بن موسى الخوارزمي مؤسس علم الجبر

[ad_1]

يعتبر العالم المسلم محمد بن موسى الخوارزمي هو المؤسس الأول لعلم الجبر. عاش أبو عبدالله محمد بن موسى الخوارزمي في بغداد بين سنة 164 وسنة 235 هجرية (الموافق 780 – 850 ميلادية) ، واختلف في سنة ولادته، فلم يعرف عن حياته إلا القليل.

من أهم ما جاء عن حياته ما ذكره النديم في كتابه الفهرست: “الخوارزمي واسمه محمد بن موسى كان منقطعاً إلى خزانة الحكمة للمأمون وهو من أصحاب علم الهيئة وأقامه الخليفة على القسم العلمي من خزانته حيث انقطع إلى المطالعة والتأليف زاهداً في الدنيا حتى آخر حياته منكباً على الدرس نهاراً والرصد ليلاً وهو في كل أعماله أمين ودقيق.

لمع نجم الخوارزمي في علوم الحساب والجبر والهندسة والفلك، وكان أول من أوجد حلا لمعادلات الدرجة الثانية بإيجاد الجذور.

ماهو علم الجبر ؟

ورث المسلمون علم الرياضيات من حضارة اليونان إلا أنهم وجدوا تعقيدا وصعوبة بادئ الأمر في استخدام نظريات اليونانيين لمعرفة تقسيم الميراث، مما دفع العلامة الخوارزمي للبحث عن نظريات ومعادلات أكثر قابلية للتكيف مع حاجة المسلمين فسخر مواهبه في الرياضيات وقام باختراع علم الجبر ووضع قواعده؛ ليحل به المعضلات التي قابلت العلماء في الشريعة في مسائل الميراث.

ومعنى الجبر: أي زيادة قدر ما نقص من الجملة المعادلة بالاستثناء في الجملة الأخرى لتتعادلا.، بمعنى نقل الحدود السالبة من مكانها في أحد طرفي المعادلة الجبرية إلى الطرف الآخر.

ألف الخوارزمي كتابا أسماه (الجبر والمقابلة)، وضع فيه أصول علم الجبر وقواعده، وخرج به من نطاق الأمثلة المفردة إلى المعادلة العامة التى تسهل حل المسائل الحسابية المتشابهة طبقا لقاعدة معينة.

عرف الخوارزمي فى كتابه جميع عناصر المعادلة الرياضية الجبرية كما نفهمها اليوم، فشرح معنى الحد المعلوم والمجهول والمطلق والعدد الأصم وفكرة الأس واللوغاريتمات والكميات السالبة والموجبة والتخيلية ومعادلات الدرجة الأولى والدرجة الثانية وطرق حلها، ثم انتقل بعد ذلك إلى الجانب العملي الخاص بتطبيقات الجبر فى الحياة العملية، وجعله كتابا مستقلا يشتمل على الكثير منها والقياس عليها في مسائلهم المتعلقة بالمعاملات والوصايا والمواريث.

قال الخوارزمي في مقدمة كتابه (الجبر والمقابلة): ” وقد شجعني ما فضل الله به الإمام المأمون أمير المؤمنين من الرغبة في الأدب وتقريب أهله ومعونته إياهم على إيضاح ما كان مستبهما وتسهيل ما كان مستوعرا. على أن ألفت من كتاب الجبر والمقابلة كتابا مختصرا حاصرا للطيف الحساب وجليله، لما يلزم الناس من الحاجة إليه في مواريثهم ووصاياهم وفي مقاسماتهم وأحكامهم وتجارتهم، وفي جميع ما يتعاملون به بينهم من مساحة الأرضين وكرى الأنهار والهندسة.”

أهمية ما ابتكره الخوارزمي

تجلت أهمية ما ابتكره الخوارزمي في عصرنا الحالي من خلال التقنيات الحديثة واعتمادها بصورة أساسية على ما بات يعرف بـ “الخوارزميات” المشتقة من الخوارزمي وهو الذي ابتكر الطريقة العشرية للحساب.

لقد ذاع صيت العلامة الخوارزمي في العالم أجمع وانتشرت مؤلفاته وإسهاماته في علم الرياضيات منذ القرن الثاني عشر للميلاد كما ترجمت أعماله إلى لغات شتى.

[ad_2]

شخصيات تاريخية
عبد الله بن عمر بن الخطاب .. الصحابي العلامة

الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل، القرشي العدوي، ولد بمكة في السنة الثالثة من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم  (10 سنوات قبل الهجرة ) يكنى أبا عبد الرحمن أمه زينب بنت مظعون أسلم صغيرا، وهاجر إلى المدينة مع أبيه وهو ابن إحدى عشرة سنة. اشتهر ابن عمر بحرصه على اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتأسي به. وكان يحضر مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسأل من حضر إذا غاب عنها.
عرض على رسول الله يوم بدر ويوم أُحد فاستصغره، وأجازه يوم الخندق وهو يومئذٍ ابن خمس عشرة سَنَةٍ، فشهد الخندق وما بعده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشهد بعده اليرموك وفتح مصر وشمال أفريقيا.
روى عن رسول الله صلَى الله عليه وسلم، وروى عن أبي بكر وعمر وعثمان وأبي ذر ومعاذ وعائشة وغيرهم. وروى عنه خلق كثير، منهم جابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس، وأولاده سالم وعبد الله وحمزة وبلال، ومولاه نافع، وأسلَم مولى عمر، وابن أخيه حفص بن عامر. وروى عنه من كبار التابعين سعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص، وأبو عبد الرحمن النهدي، ومسروق، وجبير بن نفير، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وروى عنه ممن بعدهم عبد الله بن دينار، وزيد وخالد ابنا أسلم، وعروة بن الزبير، وبشر بن سعيد، وعطاء، ومجاهد، ومحمد بن سيرين، وغيرهم. وتتضح خدمته في نقل الحديث النبوي، فقد رُوي عنه [2630] حدِيثا، أخرج له الشيخان البخاري ومسلم [280] حدِيثا، اتفقا على [168 حديثا منها، وانفرد البخاري بـ[81] حديثا، ومسلم بـ[31] حدِيثا، وأحاديثه في الكتب الستة، والمسانيد، وسائر السنن. وعرف ابن عمر بالزهد والتقوى والعبادة، وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نعم الرجل عبد الله ” وفي رواية ” إن عبدالله رجل صالح “. وكان كثير التواضع والتسامح والرحمة والكرم، يكثر التصدق بما يشتهيه من الطعام ويتقرب إلى الله بما يعجبه من ماله، أتته في ليلة عشرة آلاف درهم، ما بات حتى وزعها، وكان في مجلس فأتى ببضعة وعشرين ألفًا فما قام من مجلسه حتى فرَّقَها وزاد عليها، وقد ينفد ما معه فيستدين ليعطي ذوي الحاجات. وكان لا يأكل طعامًا إلا على خوانه يتيم، وما مات ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان أو يزيد. رشحه بعض الصحابة للخلافة بعد أبيه، فأبى عمر وجعلها شورى بين الستة، فوقف عبد الله بن عمر بعيدا عن جميع الفتن، وتفرغ للعلم والعبادة. لذلك كان من المكثرين من الرواية، وساعده على هذا تقدم إسلامه، وطول عمره، ومخالطته للرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كانت أخته حفصة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم فسهل عليه دخوله وخروجه على الرسول الكريم. توفي عبدالله بن عمر رضي الله عنهما بمكة بعد الحج سنة ثلاث وسبعين عن أربعة وثمانين عاما.
قائمة المصادر والهوامش

1. البداية والنهاية ، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (ت ٧٧٤ هـ)، مطبعة السعادة – القاهرة

2. صفة الصفوة، المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (ت ٥٩٧هـ) ، المحقق: أحمد بن علي ، دار الحديث، القاهرة، مصر، ١٤٢١هـ/٢٠٠٠م

3. السنة قبل التدوين، محمد عجاج بن محمد تميم بن صالح بن عبد الله الخطيب، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان ، الطبعة الثالثة، ١٤٠٠ هـ – ١٩٨٠ م

4. تاريخ التشريع الإسلامي، مناع بن خليل القطان (ت ١٤٢٠هـ)، مكتبة وهبة، الطبعة الخامسة ١٤٢٢هـ-٢٠٠١م

شخصيات تاريخية
من هو ديديه دروجبا ويكيبيديا

[ad_1]



 

من هو ديديه دروجبا ويكيبيديا سوف نتحدث كذلك عن ما هي ديانة ديديه دروجبا .. هل هو مسلم ؟ وكم عدد اهداف دروجبا في مسيرته؟ وأين يلعب دروجبا آلان؟ كل تلك الموضوعات تجدونها من خلال مقالنا هذا.

من هو ديديه دروجبا ويكيبيديا

ديدييه دروغبا لاعب كرة قدم فرنسي وسايفواري سابق.كان ديدييه ، المولود في مدينة أبيدجان بساحل العاج عام 1978 م ، قائدًا بارزًا لكرة القدم من حيث عدد الأهداف التي سجلها في مبارياته الدولية ، وكذلك لقب كرة القدم الجنوب أفريقي ، وكذلك منتخب جنوب إفريقيا. لقب كرة القدم ، كان ديدييه معروفًا بمسيرته في تشيلسي ، فهو رابع هداف في تاريخ النادي على الإطلاق.
ديدييه دروغبا لاعب كرة قدم سابق يحمل الجنسية الفرنسية والإيفواريةديدييه ، من مواليد مدينة أبيدجان في ساحل العاج خلال العام 1978 م ، كان رائداً بارزاً في كرة القدم من حيث عدد الأهداف التي حصل عليها في مبارياته الدولية ، ونال أكثر من مرة لقب أفضل لاعب كرة قدم في جنوب إفريقيا ، كان ديدييه معروفًا خلال مسيرته الكروية مع تشيلسي ، فهو رابع هداف في تاريخ النادي على مر العصور
ادعت مصادر صحفية مختلفة اعتناق الإسلام بعد نشره في ذلك الوقت ، بينما كان الشيخ محمد صلاح في هذه الصور “لاعب كرة القدم السابق الشهير ديدييه دروغبا اعتنق الإسلام” في ذلك الوقت كلاعب سابق لم يتم الإعلان عنه.

 

ما هي ديانة ديديه دروجبا .. هل هو مسلم ؟

كان هناك جدل بين الجماهير على مواقع التواصل الاجتماعي حول ديانة دروجبا، والحقيقة أن النجم الإيفواري البالغ من العمر 40 عاما، ومازال يلعب في نادي فونيكس ريسينج الأمريكي، ديانته المسيحية “كاثوليكي”.
في مايو 2012، تلقى النجم الإيفواري دروجبا إشادة من المكتب الرياضي في الفاتيكان، بعد أن ساهم في فوز تشيلسي بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخ النادي.
كان دروجبا بعد التتويج الأوروبي، قال في تصريحات إعلامية: “أؤمن بالقدر، وأنا أصلي كثيرا، وأعلم أن هذه اللحظة التاريخية مكتوب لي منذ زمن طويل، الله كريم”.. هذه تصريحات تكشف أن ديانة دروجبا لها تأثير كبير في حياته.
قال الأب كيفيك ليكي مدير المكتب الرياضي في الفاتيكان خلال هذه الفترة: من الرائع أن يكون هناك لاعبون مثل دروجبا لديهم ارتباط قوي بالله، هم مثل جيد للجماهير خاصة الشباب.

كم عدد اهداف دروجبا في مسيرته؟

انتقل بعدها دروجبا إلى نادي تشيلسي الإنجليزي ليسطرالتاريخ مع النادي اللندني طوال 9 مواسم قضاها مع الفريق ليسجل 164 هدف خلال 381 مباراة مع الفريق، ويفوز بلقب الدوري الإنجليزي 4 مرات، ولقب كأس الاتحاد 4 مرات، ولقب وحيد في دوري أبطال أوروبا سنة 2012.
توج دروجيا مع تشيلسي بلقب دوري أبطال أوروبا مرة واحدة موسم 2011-2012.
حقق دروجيا لقب الدوري الإنجليزي مع فريق تشيلسي 4 مرات.
دروجبا هو الهداف التاريخي للأفارقة في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز برصيد 104 هدف.
حصل دروجبا على جائزة أفضل لاعب أفريقي في العام مرتين في عامي 2006 و2009.
دروجبا هو رابع هدافي تشيلسي عبر التاريخ: 164 هدف.
و دروجبا أكثر لاعب أفريقي تسجيلاً للأهداف في دوري أبطال أوروبا: 44 هدف.
دروجبا أكثر من سجل في نهائيات كأس الاتحاد الإنجليزي : 4 أهداف.
و دروجبا هو الهداف التاريخي لمنتخب كوت ديفوار برصيد 65 هدف
دروجبا أكثر من سجل في نهائيات كأس رابطة المحترفين: 4 أهداف.
و دروجبا أكثر من سجل في المباريات الدولية كلاعب لتشيلسي: 46 هدف.

 

أين يلعب دروجبا آلان؟

ولعب المهاجم القادم من ساحل العاج، والذي كان يلعب مع فينكس رايزينج في الولايات المتحدة، لفترتين مع تشيلسي وأحرز 164 هدفا في 381 مباراة ليساهم في إحياء مسيرة النادي اللندني تحت قيادة مالكه رومان أبراموفيتش.

[ad_2]

الكتب و الروايات العربية PDF
كتاب السلطان محمد الفاتح لـ محمد مصطفى صفوت

تحميل كتاب السلطان محمد الفاتح pdf

كان فتحُ القسطنطينيةِ حَدثًا من الأحداثِ العظيمةِ في عُمرِ الدولةِ العثمانية، في منتصفِ القرنِ الخامسَ عشرَ الميلادي؛ حيث بلغتْ معه دولةُ الخلافةِ أقصى ازدهارِها، وعاشت أزهى عُصورِها. ومُحرِزُ قَصبِ السَّبْقِ في ذلك هو السلطانُ «محمد الثاني» الذي يَعدُّه المؤرِّخونَ واحدًا من أبرزِ الشخصياتِ التي حوَّلت مَجرى التاريخِ الإسلاميِّ والعالَمي، بتَصدِّيه لآخِرِ فُلولِ الدولةِ البيزنطيةِ في الشرق، وانتزاعِ القسطنطينيةِ عاصمتِهم ومَعقلِهم الأخير. والمؤلِّفُ في هذا الكتابِ يُلقِي الضوءَ على الظروفِ التاريخيةِ والسياسيةِ التي أحاطتْ بذلك السلطانِ القويِّ النجيب، الذي تَولَّى الحكمَ شابًّا لا يُجاوِزُ الحاديةَ والعشرينَ من عُمرِه، واستطاعَ بحنكتِه ودهائِه أن يوطِّدَ دعائمَ إمبراطوريتِه ويواصلَ التوسُّع، محقِّقًا ما عجزَ عنه أسلافُه من فتحِ القسطنطينيةِ وما وراءَها. ويعرِضُ المؤلِّفُ كذلك جوانِبَ من شخصيةِ «الفاتح»، وأسلوبِه في الحُكمِ والإدارة، وانعكاساتِ ذلك على نهضةِ دولتِه وارتقائِها.

تحميل كتاب السلطان محمد الفاتح pdf

الكتب و الروايات العربية PDF
أول عمل روائي في الفكر الإنساني “الحمار الذهبي” لأبوليوس الأمازيغي

 اقدم رواية في التاريخ { الحمار الذهبي }

تحميل رواية الحمار الذهبي للكاتب لوكيوس أبوليوس >> الحمار-الذهبي-أو-التحولات.pdf – 1.8 MB

تعد رواية” الحمار الذهبي” للوكيوس أبوليوس أو أفولاي أول نص روائي في تاريخ الإنسانية. وقد وصلتنا هذه الرواية كاملة، وهناك روايات قبلها لكنها وصلت ناقصة. ويعتبر هذا العمل الأدبي الإبداعي أيضا أول نص روائي فانطاستيكي في الأدب العالمي. ولا يمكن أن نتفق مع الذين ذهبوا إلى أن رواية “دونكيشوت” (1604م) لسرفانتيس – الكاتب الإسباني- أول نص روائي عالمي، أو مع الذين أثبتوا أن بداية الرواية قد انطلقت مع الرواية التاريخية الإنجليزية في القرن الثامن عشر (والتر سكوت، ودانيال ديفو، وفيلدينغ…). زد على ذلك أن رواية “الحمار الذهبي” هي المنطلق الحقيقي لظهور الرواية الأمازيغية في حين أن أعمال تيرينيس آفر تشكل البداية الفعلية للمسرح الأمازيغي في شمال أفريقيا [1]. إذا، من هو أبوليوس؟ وما هويته؟ وما خصائص روايته “الحمار الذهبي” دلالة وصياغة ومقصدية وكتابة؟ وأين يتجلى تأثيرها على الأدب المغربي والعربي بصفة خاصة والأدب العالمي بصفة عامة؟ هذه هي الأسئلة التي سوف نرصدها في موضوعنا هذا.

1- هوية أبوليوس:
ولد أبوليوس أو أبولاي، أو أفولاي الأمازيغي في أوائل القرن الثاني حوالي 125 م وتوفي حوالي 170م إبان الامتداد المسيحي. وكان يعترف بثقافته الإفريقية وهويته الأمازيغية، إذ كان يقول:

“لم يتملكني في يوم من الأيام أي نوع من الشعور بالخجل من هويتي ومن وطني” [2]، ويقول أيضا، بكل اعتزاز وافتخار: “أنا نصف كدالي ونصف نوميدي” [3]. بيد أن ثمة باحثين أدرجوه ضمن الأدباء اللاتينيين، ونزعوا عنه الهوية الأمازيغية. ومن بين هؤلاء إميـل فاگيـه [4] الذي أدرج أبوليوس ضمن اللاتين المقلدين للإغريق. وقال عنه “أما أبوليس في روايته “الحمار الذهبي”، فلا يعدو أن يكون روائيا هوائيا بالغ التعقيد شغوفا بكل شيء، وخاصة بالأشياء الفريدة في نوعها قويا مليا وصوفيا في ساعاته، وجماع القول: إنه مربك جدا” [5]، ومنهم كذلك الدكتور محمد غنيمي هلال عندما نص على تأثر القصة اللاتينية بالقصة اليونانية، وخير من يمثل هذا التأثر قصة “المسوخ” أو “الحمار الذهبي” التي ألفها أبوليس في النصف الثاني من القرن الثاني بعد الميلاد، ولها أصل يوناني مجهول للمؤلف د. [6].

ولقد ذهب الباحث المغربي حميد لحميدانـي نفس المذهب عندما جرد أبوليوس من هويته الأمازيغية، وأدرجه ضمن الأدب الروماني القديم الذي كان يعتمد اللاتينية لغة، وقد أشار إلى أن “لوكسيوس” بطل رواية المسوخ للقصاص اللاتيني “أبوليوس” يفسر ذلك التحول الفانطاستيكي الذي يطرأ على الإنسان فيصير دون طبيعته الإنسانية بالاستسلام للغرائز الحيوانية الدنيا [7].

ونجد من الذين دافعوا عن أمازيغيته محمد شفيق الذي أدرجه الى جانب المسرحي تيرنيسي آفـر أو تيرنتيـوس آفر (185؟159 ق.م) ضمن أدباء الثقافة الأمازيغية في عهد الوثنية الذين تثاقفوا مع الأدب الإغريقي واللاتيني [8]، ونجد محمد حندايـن الذي اتخذ من أفولاي مثالا للشخصية الأمازيغية القوية في الأدب العالمي القديم الذي تعلم كثيرا من اللغات وألف كتبا عديدة أشهرها روايته “الحمار الذهبي” التي أثر بواسطتها على الرواية العالمية القديمة، وأبهر الرومان والإغريق إلى درجة اتهامهم له بالسحر [9]. ونفس الموقف سيتخذه الكاتب الليبي الدكتور علي فهمي خشيم حينما اعتبر أبوليوس كاتبا إفريقيا أمازيغيا وعروبيا، كان ينتقل بين الجزائر وقرطاج وليبيا، وعد “الحمار الذهبي” أول نص روائي عربي [10]. ويذهب كذلك عباس الجـراري إلى أن التاريخ احتفظ بأسماء غير قليل من الأدباء والفلاسفة وعلماء الدين الذين تخرجوا في هذا التعليم من مختلف أقطار الشمال الإفريقي، وعبروا باللاتينية في الغالب لأنها كانت لغة الفاتح المستعمر، وليس لأن اللغة الوطنية كانت قاصرة كما ذهب إلى ذلك أندريه جوليـان [11]. ويدرج المؤرخ الفرنسي شارل أندري جوليـان المتخصص في تاريخ أفريقيا الشمالية القديمة مبدعنا أبوليوس ضمن أدباء إفريقيا إذ قال “كان أبوليوس المولود حوالي سنة 125م من أشهر الكتاب الأفارقة” [12].

ويتبين لنا مما سبق، أن هوية أبوليوس جزائرية المولد، وأفريقية المنبت، وأمازيغية الأصل، ولكنها رومانية الجنسية، وإغريقية الثقافة والفكر، وشرقية المعتقد.

2- نشأة أبوليوس:
نشأ لوكيوس أبوليوس أو أبوليوس الماضوري في أسرة أرستقراطية في مدينة مـداوروش بالجزائر قرب سوق هراس سنة 125م. إذ كان أبوه أحد الحاكمين الاثنين في أوائل القرن الثاني في هذه المنطقة، وكان أبوليوس أشهر كتاب وشعراء هذا العهد.

لقد درس هذا الأديب الأمازيغي الأصل بقرطاج، حيث أخذ من كل الفنون بطرف، وكانت هذه المدينة الإفريقية عاصمة فكرية وسياسية في آن معا، ونبغ فيها هذا الأديب، وتخصص في المسرح ونبغ فيه إذ كان القرطاجيون يهتفون به في المسرح، وكان يقول لهم: “إني لا أرى في مدينتكم إلا رجالا كرعوا من مناهل الثقافة، وتبحروا في جميع العلوم: أخذوا العلم صغارا، وتحلوا به شبانا ودرسوه شيوخا، إن قرطاج لهي المدرسة المقدسة في مقاطعتنا، وهي عروس الشعر في إفريقية، وهي أخيرا، ملهمة الطبقة التي تلبس الحلة” [13]. وقد تابع أبوليوس دراساته العليا في اليونان (أثينا) وإيطاليا وآسيا الصغرى، ولقد أعجب بالفلسفة السوفسطائية، والفلسفة الأفلاطونية المحدثة، والفلسفات ذات الطبيعة الصوفية الروحانية التي تضمن للمؤمنين حياة أبدية سعيدة [14].

وبعد عودته إلى بلده، اتهم هناك بممارسة السحر، فدافع عن نفسه بصلابة، وألف في الموضوع كتابا عنوانه: “في السحرMagicae.” [15]. وسبب هذه التهمة أنه صادف أثناء إقامته في طرابلس أن وقع في مغامرة غريبة، “ذلك أنه ما أن تزوج من أم أحد أصدقائه، وكانت إلى ذلك الوقت ممتنعة امتناعا شديدا من التزوج ثانية، حتى اتهم بأنه سحرها، وقد أخذ أحد المحامين على نفسه، أن يقيم الدليل على أن يدافع عن نفسه دفاعا رائعا. لم يكن كله مقتنعا وأنحى على خصومه باللائمة، لأنهم خلطوا بين الفلسفة والسحر، وقد حرر خطابه بعد ذلك في صيغة إيجابية، فأصبح يعرف بالأبولوجيا [16].

ولم تعق هذه التهمة مسيرته الفكرية، إذ سرعان ما توجه إلى قرطاج لممارسة العلم وتلقين الدروس لطلبة الثقافة والأدب، فأصبح قبلة الأنظار في هذه المدينة، والمحاضر المحبوب الذي يعالج جميع المواضيع وخاصة الفلسفية منها [17].

وعليه، فلقد نعت أبوليوس بمواصفات عدة، إذ كان غريب الأطوار وكثير المتناقضات فهو جدي وطائش ومتطير وشاك ومعجب بنفسه، وكان يدافع عن “المستضعفين” كثيرا.

3- مؤلفات أبوليوس:
كان أبوليوس كاتبا مرموقا في عصره بين أدباء الثقافة العالمية، إذ نافس اللاتينيين والرومانيين واليونانيين على الرغم من تأثره بهم خلقا وتناصا ولاسيما في روايته الفانطاستيكية التي ألفها في أحد عشر جزءا، وبها وضعه تاريخ الفكر في مصاف كبار الكتاب العالميين الخالدين في كتابه ذاك الذي يسمى “التقمصات أو الحمار الذهبي [18]، علاوة على كونه مسرحيا وشاعرا كبيرا خاصة في ديوانه (الأزاهير) ، وهو عبارة عن مقتطفات شعرية ألقاها في قرطاج وقد ترجمها إلى اللغة العربية الدكتور فهمي خشيم. ويضم هذا الديوان ثلاثا وعشرين قطعة من خطاباته تتفاوت طولا وقصرا، جمعها أحد المعجبين به “كباقة” جمعت أجمل زهور بلاغته، وكان يتبجح فيها بأنه يتقن الفنون على اختلافها، وكان يتوجه لمساعد القنصل في شيء من الخيلاء البريئة قائلا: “أعترف بأني أوثر من بين الآلات شق القصب البسيط، أنظم به القصائد في جميع الأغراض الملائمة لروح الملحمة، أو فيض الوجدان، لمرح الملهاة أو جلال المأساة، وكذلك لا أقصر لا في الهجاء ولا في الأحاجي ولا أعجز عن مختلف الروايات، والخطب يثني عليها البلغاء، والحوارات يتذوقها الفلاسفة. ثم ماذا بعد هذا كله؟ إني أنشئ في كل شيء سواء باليونانية أم باللاتينية بنفس الأمل ونفس الحماس ونفس الأسلوب” [19].

وقد أطلقت على روايته الغرائبية (الحمار الذهبي) تسميات عدة من بينها: المسوخ ، وقصة المسخ كما عند حميد لحمداني، أو “الحمار الذهبي” (أو التحولات) كما عند عمار الجلاصي، أو الحمار الذهبي فحسب كما لدى أبو العيد دودو، أو “تحولات الجحش الذهبي” كما عند فهمي علي خشيم. وأسميها – شخصيا- رواية “الحمار الوردي”، لأن كلمة الورد أو الوردي تتكرر مرارا في متن الرواية، إذ وصف لوكيوس بأنه وردي البشرة، ووصفت حبيبته بأنها وردية اليد، والأكثر من ذلك أنه كان يحلم بالورد طيلة فترة تحوله، ويفر كلما رأى الورد أو ما يشبه الورد لأنه يجسم الخلاص بالنسبة إليه. وهناك من ترجم هذه الرواية عن اللاتينية كعمار جلاصي وأبو العيد دودو، وهناك من ترجمها عن الإنجليزية كعلي فهمي خشيم.

ومن كتبه الأخرى “دفاع صبراتة” الذي ترجمه الدكتور فهمي علي خشيم، و”في السحر”، وكتاب “شيطان سقراط” وهو عبارة عن كوميديا ساخرة تختلط فيها الفلسفة بالسخرية، وقد شرع الكاتب الليبي فهمي علي خشيم في ترجمته إلى اللغة العربية.

3- مضامين رواية الحمار الذهبي:
ظهرت قصة أبوليوس في مسخ الإنسان إلى حيوان ثم عودته الى حالته الأولى في أواخر القرن الأول بعد الميلاد أي حوالي سنة 170 م في قرطاج، وراوي هذه القصة هو لوسيــان حيث حوّل البطل لوكسيوس إلى حمار الذي سيعود إلى صورته الآدمية الأولى بعد مغامرات عديدة تتخللها قصص جزئية متداخلة، تضمينا وتشويقا وتوليدا كقصة “بسيشـية وكوبيـدون” الرائعة في أبعادها الفاطاستيكية والأخلاقية.

هذا، وإن رواية الحمار الذهبي ذات طابع ملحمي وفانطاستيكي غريب، حيث تعتمد على فكرة المسخ وتحويل الكائن البشري الى حيوانات أو أشياء على غرار الإبداعات اليونانية. إذ يتحول لوكسيوس في هذه الرواية إلى حمار بسبب خطأ حبيبته فوتيس التي كان يحبها لوكيوس كثيرا حينما ناولته مادة دهنية هي ملك سيدتها بامفيلا زوجة ميلون التي تمارس السحر في غرفتها السرية، وبهذه المادة يتحول الكائن البشري إلى أنواع من الطيور والكائنات الخارقة التي تجمع بين الغرابة والتعجيب. وعندما سمع لوكيوس الشاب أسرار سحر هذه المرأة دفعه تطفله وفضوله إلى أن يأمر فوتيس بجلب دهن الساحرة ليجربه قصد التحول إلى طائر لينأى عن الناس ويهاجر حيال عالم المثل بعيدا عن عالم الفساد والانحطاط البشري. بيد أن فوتيس جلبت له مادة دهنية سامة تحوّل الإنسان إلى حمار. وبعد مغامرات صعبة ذاق فيها لوكيوس أنواعا من العذاب والهلاك وتعرف عبرها مكائد البشر وحيلهم يعود إلى حالته الآدمية الإنسانية بعد أن تدخلت الآلهة إيزيس لتجعله راهبا متعبدا وخادما وفيا لها.

وبتعبير آخر، إن لوكسيوس بطل القصة، اتجه نحو مدينة “تسالـي” لأمور تخص أسرته، فنزل على فتى بخيل ضيفا له، فكانت لذلك المضيف الشحيح امرأة ساحرة تتحول إلى أشكال مختلفة إذا دهنت نفسها بأنواع من الزيوت الخاصة بالمسخ والتحويل، فطلب “لوكسيوس” من عشيقته فوتيس أن تدهنه ليتحول الى مخلوق آخر، بيد أنه تحول إلى حمار، بعدما أن أخطأت فوتيس خادمة بامفيلا الساحرة في اختيار المحلول المناسب للمسخ، وهكذا يتعرض لوكسيوس/ الحمار لكثير من العذاب جوعا وقسوة فظل أسير المعاناة والتنكيل والاضطهاد في أيدي الكثير من البشر بما فيهم اللصوص والرهبان.

وبعد انتقاله من يد إلى يد، كان يطّلع في مغامراته السيزيفية على كثير من خبايا البشر وقصصهم وحوادثهم وتجاربهم، ويعرف ضروب الفسق الآدمي، علاوة على العار، وضربات العصا والظلم في مخاطرات كثيرة إلى درجة كرهه للإنسان الذي انحط انحطاطا خلقيا، ولم يتحول إلى حالته الأولى إلا على يد كاهن يحرس معبد الآلهة “ايزيـس”.

إن قضية المسخ قديمة إذ وجدت في الملاحم القديمة حيث كان الإنسان يتحول إلى قرد أو حيوان أو سمكة أو شجرة أو حجرة، ويستند هذا المسخ في القديم إلى طقوس وعقائد شعبية، ففي “أوديسيـة” هوميـروس الشاعر اليوناني مسخ أصحاب “يوليـوس” إلى خنازير. كما توجد في أشعار يونانية قديمة قصائد ومقطوعات موضوعها قصص المسخ التي ضاع منها الكثير.

ويعبر تحول لوكسيوس إلى حمار عن فكرة المسخ الحيواني والعقاب القاسي لكل متطفل فضولي لم يرض برزقه وبشريته وإنسانيته، كما يحيل على ذلك الجزاء الذي يستحقه الزناة ومنحطو الأخلاق، ذلك أن لوكسيوس سيدخل في علاقات جنسية غير شرعية مع خادمة مضيفه ميلون، وقد يدل هذا المسخ على انحطاط الإنسان وعدم سموه أخلاقيا. ولن يعود البطل إلى حالته البشرية إلا بعد التوبة والدعاء باسم الآلهة والتخلص من نوازعه الإيروسية وانفعالاته البشرية العدوانية وتدخل المنقذة إيزيس. لذلك نلفي الكاتب يشيد بإيزيـس الآلهة المخلصة وبالديانة الشرقية وفي نفس الوقت يسفه بالديانات الرومانية وانحطاطها الأخلاقي بله عن وصفه لبعض العادات والتقاليد السائدة في عصره وهجوها نقدا وتسفيها. وقد آل هذا التحول الفانطاستيكي إلى معنى رمزي يجسد انحطاط الإنسان ونزوله إلى مرتبة الحيوان حينما يستسلم لغرائزه وأهوائه الشبقية وانفعالاته الضالة، بيد أن النجاة في الرواية لن تتحقق سوى عن طريق المحن والابتلاءات والاختبارات المضنية والاستعانة بالتوبة واسترضاء الآلهة.

ومن القصص الدخيلة الهامة في الرواية قصة الفاتنة “بيسيشية” وحب الإله “كوبيـدون” لها، ثم هيامها به، وتعرضها لكثير من المحن في سبيل ارتقائها إلى مرتبة الخلود وهي تشغل في القصة جزءا من الكتاب الرابع ثم الكتاب الخامس وجزءا من السادس، وقد اتخذت فيما بعد رمزا للحب الإلهي وارتقائه بالنفس الى مرتبة الخلود [20].

وعليه، فالحمار الذهبي باعتباره نصا سرديا خارقا، يتضمن خمس لحظات فنية وجمالية تكوّن ما يسمى بالحبكة السردية للرواية:

1- لحظة البداية المتوازنة:
في هذه الفترة يعيش البطل – الراوي – حياة متوازنة، من سماتها الاستقرار والتعقل بالرغم من الصعوبات المحيطة به، وهكذا لم يكن هناك ما يعكر صفو لوكيـوس مع حبيبته فوتيـس بالرغم من عصابة مدينة هوباتـا التي يتلذذ لصوصها بقتل من يمر عليهم وسلب ممتلكاتهم وثرواتهم النفيسة.

2- لحظة التوتر الدرامي:
رغبة في معرفة أسرار السحر، والتطفل على عالم الساحرة بامفيلا زوجة ميلون، وتحقيق الطموح الصوفي والمجد عبر التحول إلى طائر للتخلص من عالم البشر والارتقاء إلى عالم المثل، يتحول لوكيوس إلى حمار ذهبي عن طريق الخطأ، لأن عشيقته فوتيس ناولته دهنا ساما لا يحول الإنسان إلى طائر كما كانت تظن عندما سحبته من صندوق سيدتها، بل يحول الإنسان إلى حمار أثناء مسح الجسد بذلك العقار العجيب. وعندما حاول لوكيوس أن يقلد الساحرة بامفيلا في حركتها لكي يطير مثل النسر، كان البطل قد تحول إلى حمار غريب: “أكدت لي ذلك مرارا، وتسللت وهي في غاية الاضطراب داخل الغرفة وأخرجت علبة من الصندوق. فاحتضنتها وقبلتها أولا داعيا أن تبارك طيراني. وبسرعة خلعت كل ملابسي ثم غمست يدي بلهفة، فاغترفت منها كمية وافرة من الدهان دلكت بها كل أعضائي، ثم أخذت أرفرف بذراعي كالطير في محاولات متتابعة. لكن لا ريش ولا زغب حتّى. بالعكس اخشوشن شعر بدني تماما إلى سبائب. وتيبست بشرتي الرقيقة إلى جلد غليظ وفي أطراف أكفي اتحدت كل الأصابع في حوافر ونبت لي في العصعص ذنب كبير. ها أنا ألان بوجه ضخم وفم عريض وخيشومين فاغرين ومشفرين متهدلين وأذنين مسبسبتين مع نماء مفرط. ولا أرى لي من عزاء على هذا التحول التعيس سوى نمو بعض أعضائي. وإن بت الآن عاجزا عن احتضان فوتيس الحبيبة.

أخذت أقلب البصر ولا وسيلة للخلاص في كل أعضاء بدني. فلا أراني طيرا بل حمارا. فأهم بالشكوى مما فعلت فوتيس بي. لكني سلبت الحركة والصوت البشريين. فما أستطيع سوى مط شفتي والرنو إليها بعينين دامعتين. موجها إليها شكاتي الخرساء” [21].

من هذه العقدة التي تتمثل في التحول الفانطاستيكي والامتساخ الحيواني تبدأ لحظة اختلال التوازن الذي يحكم أغلبية القصص العجائبية.

3-لحظة الصراع:
تتمثل هذه اللحظة في صراع لوكسيوس مع الواقع المتعفن الذي لم يجد فيه سوى العذاب والضرب والاحتيال والمكائد والفساد. إنه العالم المبرقش بالزيف والنفاق وتردي الإنسان.

4- لحظة الحل:
يتمثل حل الرواية في تحول لوكسيوس إلى إنسان بعد أن ساعدته إيزيس على ذلك.

5- لحظة النهاية:
تتمثل لحظة إعادة التوازن بعد أن عرف لوكيوس الحمار تجارب عديدة سواء أكانت مرة أم حلوة مع الرهبان السوريين والطحان والبستاني والجندي والأخويين الطاهيين إلى أن أنقذه من هذا المسخ الحيواني ذلك الكاهن المتعبد الذي حدثه عن قدرة الآلهة إيزيس، مما دفع صديقه لوكيوس إلى أن يناجيها أثناء حلم المنام كي تخلصه من هذه الورطة العويصة، ليتحول بعد ذلك إلى كينونته البشرية ويصبح خادما وفيا لمعبد الآلهة يخدمها بتفان وإخلاص، ومن ثم، أصبح راهبا فكاهنا كبيرا بعد أن ترقى في مراقي العبادة بعد أن اكتشف أسرار أوزيريس.

4- خصائص الرواية الفنية والمرجعية:
إن رواية “الحمار الذهبي” قراءة انتقادية ساخرة للمجتمع الروماني على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية. وتتجاوز هذه القراءة “الوعي البشري، وتنقب داخل المخبأ وداخل اللاوعي، وينبغي قراءة الحمار الذهبي قراءة متأنية في سياق انهيار العقل واضمحلال المركزية الرومانية وتفككها بحيث لم تعد روما هي معبد الثقافة ولكنها انسحبت أو بدأت تفعل ذلك تاركة مكانها لمناطق أخرى مثل أثينــا” [22].

تبدو الرواية في رحلتها الفانطاستيكية -على الرغم من تعدد أجزائها- نصا واقعيا ساخرا ينتقد العقل الظلامي ويسفه سلوكيات السحرة وأباطرة القضاء الروماني الذين اتهموا “لوكيوس” بالسحر والشعوذة، ومن هنا فالرواية إعلان لانهيار الإمبراطورية الرومانية وإفلاسها أخلاقيا.

وتتضمن رواية أبوليوس فكرة المسخ لدى الإنسان القديم المرتبطة بفكرة عقاب الآلهة، فهي تنزله على من هم أكثر بعدا عن الروح الإلهية، وأكثر قربا من الحياة الحيوانية البئيسة [23].

ومن خصائص رواية الحمار الذهبي أنها رواية عجائبية غرائبية يتداخل فيها الواقع مع الخيال، والسحر مع العقل، والوعي واللاوعي. ويتبنى فيها الكاتب المنظور الذاتي والرؤية الداخلية وضمير المتكلم مع استخدام تقنية التوليد القصصي أو ما يسمى بالتضمين القصصي دون أن ننسى روعة الوصف وبراعة الأسلوب والإكثار من الإحالات والمستنسخات التناصية وتشغيل الخطابات الدينية والأدبية والفلسفية والصوفية والعجائبية والأسطورية.

وتقترب القصة من خلال خصائصها الفنية والبلاغية من أصلها الملحمي الشاعري “فالقاص ينهج منهج الشاعر في نزعته إلى الواقع، والقاص والشاعر كلاهما كان يتخيل، ويصف ما يتخيل، أيسر مما يصف الواقع ويواجهه، وكانت الجماهير في عصور الإنسانية الأولى تهتم بالأحداث العجيبة وبالأخطار الخيالية، على حين لا تعبأ بالواقع، ولا تحفل به، وبذلك سبقت القصة الخيالية إلى الوجود القصة الواقعية، كما سبق الشعر النثر الفني، إذ كان كل منهما يمتاح من مورد واحد” [24].

5- الحمار الذهبي ولغة الكتابة:
وعليه، فان السؤال الذي يتبادر الى أذهاننا: ما هي لغة الكتابة التي استعملها أفولاي الأمازيغي في روايته “الحمار الذهبي”؟ هل هي لغة الأم وهي الأمازيغية المكتوبة بخط تيفيناغ؟ أم أنه استخدم اللغة اللاتينية التي درس بها؟ أم أنه وظف اللغة اليونانية التي كان يعشقها؟ ومن المعلوم أن أبوليوس كان يتقن عدة لغات عالمية في تلك الفترة وخاصة اليونانية لغة الفكر والفلسفة.

فليس هناك – حسب رأيي – جواب قاطع ودليل علمي حاسم للفصل في هذه القضية الشائكة، بل هناك افتراضات وتأويلات متضاربة تنقصها الحجج الدامغة، والبراهين العلمية الموضوعية التي تستند إلى الوثائق الحقيقة.

ولقد تعرض شارل أندري جوليـان لهذه القضية بقوله: “ولا تزال المناقشات متواصلة لمعرفة ما إذا كان أبوليوس ألف كتابه باليونانية أو لا؟ وهل كان لحمار لوسيـان والمسوخ مصدر مشترك أم هل أن المرجع الأصلي هو قصة لوسيـان المطولة يكون “الحمار” ملخصا لها. ومهما يكن فان رواية أبوليوس المتنوعة الطبيعية المحشوة بدقائق العادات والتي تتابع فيها أحاديث الفسق والتقوى هي من الكتب اللاتينية القلائل التي لا تزال تقرأ من دون ملل.

وأنه يتعذر أن نعرف بالضبط هل أن كتاب إفريقية ينحدرون من معمرين رومان، وأغلب الظن أن أكثرهم كانوا من البربر المتأثرين بالحضارة الرومانية الذين عبروا في لغة الفاتحين عما كانت اللغة الليبية وحتى البونيقية قاصرة دونه” [25]. أما محمد شفيق فلقد أشار إلى أمازيغية أبوليوس، ولم يشر إلى اللغة المستعملة في كتابه “الحمار الذهبي”، هل كتب أفولاي بخط تيفيناغ أم باللغات المجاورة لمملكة نوميديـا كاللاتينية واليونانية؟! يقول محمد شفيق عن أبوليوس بأنه “اتخذ الرواية الطويلة النفس مطية لوصف الأوضاع الاجتماعية، وانتقادها في سخرية حينا، وفي شدة وصرامة أحيانا، فدافع عن المستضعفين وطرق بكيفية غير مباشرة موضوعات فلسفية مظهرا لنزعته الصوفية” [26].

وهناك باحثون آخرون ذهبوا إلى أن الرواية كتبت باللغة اللاتينية، ومنهم إميـل فاگيـه (Emile Faguet)، وغنيمي هلال، وحميد لحميدانـي وعز الدين المناصرة [27]، بيد أن محمد حندايـن أشار إلى أمازيغية الكتابة التي وظفها أفولاي، لأن الأمازيغيين مارسوا أدبا رفيعا قبل 3000 (ق.م)، وكتبوا بحروفهم “تيفينـاغ” ونافسوا الدول المجاورة كالفينيقيين والرومان، وقاوموا محاولات طمس هوية أدبهم الأمازيغي، كما مارسوا المثاقفة مع الشعوب المجاورة، وفشلت ثقافة “الرومنة” أمام قوة الأدب الأمازيغي، ويكفي أن نأخذ مثالا لذلك الشخصية القوية “لأفولاي” Appulée الذي تعلم كثيرا من اللغات، وألف كتبا عديدة أشهرها كتاب “الحمار الذهبي” الذي أثر بواسطته على الرواية العالمية القديمة [28].

ويرى محمد حنداين أن الأدب الأمازيغي، لغة وكتابة، تعرض للتحريف والتزوير من قبل المحتلين وخاصة الرومان معتمدا على ما أثبته مرمول في كتابه “عن أفريقيا”، لما استشهد بقولة ابن الرقيق “إن الرومان طمسوا العناوين، والحروف القديمة، التي وجدوها في أفريقيا عندما احتلوها، ووضعوا مكانها عناوينهم وحروفهم، حتى يخلدوا وحدهم الأمر المعهود وعند الفاتحين” [29]، ويضيف الباحث أن الأدب المغربي القديم “كان متقدما يضاهي وينافس أدب الشعوب المجاورة، لكنه تعرض لطمس شديد بفعل الهجمات المتتالية التي تعرضت لها منطقة شمال أفريقيا.

ويتعين على الباحثين المغاربة وغيرهم أن يسعوا إلى نفض الغبار عن هذا الجانب من الأدب المغربي للمساهمة في تأسيس فكر مغربي جديد متميز” [30].

ويرى علي فهمي خشيم أن أبوليوس جمع في روايته بين لغات عدة بما فيها الأمازيغية واللاتينية واليونانية. إذ يقول أبوليوس: “أنا أدخلت إلى اللغة اللاتينية تعبيرات علمية ليست موجودة في هذه اللغة اللاتينية. أنا أدخلتها. أنا الشرقي العربي، غير الروماني، أثريت اللغة اللاتينية بترجمة مصطلحات من اللغة اليونانية إلى اللغة اللاتينية” [31].

وفي رأيي أن أفولاي كغيره من رواد الثقافة الأمازيغية، عبروا باللغة اللاتينية لأنها لغة المستعمر التي فرضت على أبناء نوميديـا وأهل قرطاج، وبها دخل الأدب العالمي وبها درس ودرّس حينما زار إيطاليا، وعاد الى قرطاجنة ليدرّس بها الفنون والفلسفة والأدب.

ويقول عباس الجراري “وقد احتفظ التاريخ بأسماء غير قليل من الأدباء والفلاسفة وعلماء الدين الذين تخرجوا في هذا التعليم (الروماني) من مختلف أقطار الشمال الإفريقي، وعبروا باللاتينية في الغالب، لأنها كانت لغة الفاتح المستعمر، وليس لأن اللغة الوطنية كانت قاصرة كما ذهب جوليـان” [32] ، وبالتالي، كانت الحكومة الرومانية ترسل المفكرين الأمازيغيين الذين ينحدرون من الطبقات الثرية إلى مدارسها ومعاهدها العليا، وتعلمهم حسب مناهج التعليم الروماني، وتفرض عليهم اللاتينية لغة وكتابة علاوة على فرض آلهتها الوثنية عليهم، بينما الطبقة الشعبية كانت تختار آلهتها البربرية ولغتها المحلية في التعبير والكتابة، وفي هذا يقول عباس الجراري: “إن الرومان أثروا على طبقة معينة من البربر ذات مصالح، هي الطبقة الأرستقراطية التي كانت تختلف إلى مدارسهم، وتتسمى بأسمائهم، وتتكلم اللغة اللاتينية، وتعبد الآلهة الرومانية مثل: مارس وهرمـس وسيريـس وباخـوس وأسكولاب وأيزيـس وأوزيريـس ومتـرا” [33] . أما الطبقات الشعبية «فقد ظلت تقدس الآلهة الفينيقية وإن أخفتها تحت ستار أسماء جديدة. فبعل حمـون كان يعبد تحت اسم سترنـس أغسطـس، وتانيـت كان يعبد تحت اسم كيلتيـس، فضلا عن أن تلك الطبقات حافظت على آلهتها البربرية المحلية كما كورتـا ويونـا وماكورفـوس وماتيـلا، وفيهينـا، وبونشـور وفارسيسيمـا” [34] .

وعلى الرغم من استعداد المغاربة لتقبل فكرة الوحدانية على المستوى الديني، فإنهم لم يهتموا بالمسيحية الرومانية كثيرا والتي ” لم تنتشر إلا عند النخبة المتعلمة في المدارس الرومانية، حيث كان التعليم يهدف إلى تكوين أطر لتسيير الإدارة المحلية باللغة اللاتينية، وكانت مناهجه تقتضي تدرج التلميذ من تعلم القراءة والكتابة والحساب إلى النحو والآداب والموسيقى والعروض والفلسفة والفلك والرياضيات. وينتقل بعد ذلك إلى مدارس أعلى كانت تؤسس في أهم المدن، وفيها يتعلم الشعر والخطابة وما يتطلبان من بلاغة وجدل وارتجال، وقد ينتقل بعد ذلك إلى رومة أو غيرها من مدن الدولة المركزية لتنمية معارفه أو تولي بعض المناصب” [35] .

6- تأثير رواية “الحمار الذهبي” على الرواية الغربية والعربية:
من الطبيعي أن تتأثر رواية “الحمار الذهبي” بالروايات اليونانية واللاتينية والأمازيغية في تلك الفترة بالذات، ويقول غنيمي هلال: هناك “أصل يوناني مجهول للمؤلف” [36]، ثم أكد مرة أخرى تأثر القصة اللاتينية بالقصة اليونانية وأشهر قصة تمثل ذلك التأثر هي قصة “المسخ” أو رواية “الحمار الذهبي” التي ألفها أبوليوس Apulius في النصف الثاني للقرن الثاني بعد الميلاد [37]، والتي تتناص مع عناصر قصصية وخرافية وأسطورية وعجائبية موجودة في الإبداع اليوناني، وقد كانت السبب في ظهور النثر القصصي فيما بعد. وكانت القصة اليونانية ذات طابع ملحمي، حافلة بالمغامرات الغيبية، زاخرة بالخرافة والسحر والأمور الخارقة. ويتمثل النموذج العام لأحداث قصص ذلك العهد في افتراق حبيبين، تقوم الأخطار المروعة والعقبات المؤسسة حدا فاصلا بينهما، ويفلتان منها بطرق تفوق المألوف ثم تختتم القصة ختاما سعيدا بالتقاء الحبيبين [38].

أما عن قيمة رواية أفولاي “الحمار الذهبي” فإنها أثرت في كثير من الروايات الغربية ولاسيما المعاصرة منها، إذ أمدتها بفكرة المسخ وبالتقنية الفانطاستيكية التي تستند إلى العجائبية والأحداث الغريبة، وتداخل الأزمنة وجدلية الواقع والوهم واللامعقول.

هذا، وإن فكرة المسخ هذه قد استغلت في الأدب الأوروبي المعاصر بدءا من القرن العشرين على يد بعض الروائيين دون الاحتفاظ “بالطابع الخرافي الذي كان يلف فكرة المسخ، فإذا كانت الآلهة في الأساطير القديمة هي التي تنزل عقابا من هذا النوع من الأشرار من أهل الأرض، فان الأديب المعاصر ينزل هذا العقاب الوهمي على أبطاله المنبوذين وسط مجتمع يرفضهم أو يرفضونه، وكثيرا ما يجعل المسخ ينسحب على جميع الناس والأشياء” [39].

ومن الذين استفادوا من تقنية الأسطرة وفكرة المسخ نجد “جيمـس جويـس و”كافكـا” وگوي دو موباسان وألفونس دوديه…

وقد تأثر أيضا فرانـز كافكـا Kafka برواية أفولاي على المستوى الغرائبي خاصة في روايته “التحول “، إذ تبدأ رواية كافكـا بالعبارة التالية: “ذات صباح بعد الاستيقاظ من حلم مزعج فتح غريغـوار عينه في سريره وقد تحول إلى حشرة” [40].

ومن أهم النصوص الفانطاستيكية في الثقافة الغربية نستحضر قصة “الجسد Le corps ” لروبيـر شيكلـي ، وهذه القصة من النوع القصير، وتتمثل غرائبيتها في عملية عجيبة لزرع جسد حيوان في عقل بشري” .

وانعكس هذا الملمح الفانطاستيكي على أسلوب الرواية العربية بصفة عامة والمغربية بصفة خاصة من خلال الاحتكاك والمثاقفة مع الآداب الغربية والاستفادة من التقنيات السردية في الرواية الحداثية الأوربية.

ومن النصوص العجائبية العربية القديمة نجد “ألف ليلة وليلة”، وقصة “سيف بن ذي يزن”، وما كتبه الرحالة العرب وخاصة ما أورده ابن بطوطة من ظواهرعجائبية في كتابه “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار”.

وتحضر غرائبية أفولاي بشكل جلي في الرواية المغربية خاصة في رواية محمد زفزاف “المرأة والوردة”، وهي من “النماذج الروائية الأولى في المغرب التي ظهرت فيها أساليب الرواية الأوروبية المعاصرة، ومن هذه الأساليب التي استثمرتها “المرأة والوردة” مسألة المسخ (…) وهي وسيلة فنية وظفها الكاتب من أجل تصوير حالة بطله، وهو يتعامل مع الغرب، ومع اللذائذ الحسية التي كان يغرق فيها، واستخدام الكاتب لهذا الأسلوب في الرواية يرمي إلى إلقاء الضوء أيضا على طبيعة العلاقة التي كانت تربط البطل بعالم الغرب، فلكي يصور ضياع “محمد” في أوروبا جعله ينظر إلى الناس من حوله، وكأنهم مسخوا إلى حيوانات، إلى قرود، خصوصا في تلك المدينة الإسبانية السياحية التي تجمع الناس من أقطار مختلفة” [41]

وقد دفع هذا الشعور البطل لكي يحس بالاغتراب الوجودي مثل الذي كان يحس به في وطنه. وتتجلى عجائبية رواية زفزاف بكل وضوح في هذه العبارة المحورية “تخيلت أن الناس الآن قرودا لأنهم يستطيعون أن يفهموا بعضهم البعض إلا بالحركات” [42].

ومن الروائيين المغاربة الذين تأثروا كذلك بالحمار الذهبي محمد الهرادي في روايته (أحـلام بقـرة) [43]، وبنسالم حميش في روايته “سماسرة السراب”و “محن الفتى زين شامة”، ومحمد عز الدين التازي في روايتيه “المباءة” و”رحيل البحر”، وشغموم لميلودي في “عين الفرس”، ويحيى بزغود في روايته الرائعة “الجرذان”.

ومن الروايات العربية التي استفادت من المنحى الفانطاستيكي رواية “الحـوات والقصـر” للطاهر وطار، و”التجليـات” لجمال الغيطاني، و”حمائـم الشفـق” لخلاص الجيلاني، و”ألف وعـام من الحنيـن” لرشيد بوجدرة، و”اختـراع الصحـراء” للطاهر جاووت، و”هابيـل” لمحمد ديب، و”النهـر المحول” لرشيد ميموني، و”ألف ليلة وليلتان” لهاني الراهب”….

استنتاج وتركيب:
وخلاصة القول: إن رواية أفولاي “الحمار الذهبي” سواء أكتبت باليونانية أم باللاتينية أم بتيفيناغ، فإنها إبداع عالمي يعبر عن هوية أمازيغية مغاربية نوميدية. وقد أثرت عجائبية هذه الرواية الفانطاستيكية على الأدب القديم والرواية الغربية الحديثة والرواية العربية المعاصرة ولاسيما المغاربية منها. ولا ننسى أن نقول كذلك بأن هذه الرواية من أقدم الروايات الأمازيغية التي تحسب على الأدب الأمازيغي لا على الأدب اللاتيني كما يذهب إلى ذلك إميـل فاگيـه في كتابه “مدخل إلى الأدب” الذي حاول أن يطمس أمازيغية هذه الرواية ذات الشهرة العالمية ليلصق عليها الهوية اللاتينية ليجرد الأمازيغيين من كل الفضائل الإيجابية ومهارات الابتكار والإبداع ولينسبها إلى اللاتينيين والرومان. ولم تقف هذه الرواية عند عتبة التقليد واستلهام الخرافة اليونانية، بل كانت آية في الروعة والخلق والتناص والإبداع العالمي قصة وصياغة وسردا.

أما مسألة التأثر بالأدب اليوناني أو اللاتيني فهي مسألة طبيعية تتحكم فيها ظاهرة التناص، لأن ليس هناك إبداع بدون نسب جينيالوجي أو ليس هناك أدب خلق من عدم، فالتلاقح الفكري يتحكم في جميع التمظهرات النصية البشرية خلقا وتحويلا وسطحا وعمقا.

المصادر والمراجع
بالعربية:

1. حندايـن محمد:(مدخل لكتابة تاريخ الأدب الأمازيغي بالمغرب) تاسكلان -تمازيغت- مدخل للأدب الأمازيغي، منشورات الجمعية المغربي للبحث والتبادل الأمازيغي ط 1992

2. شارل أندري جوليـان: تاريخ إفريقيا الشمالية، تعريب: محمد مزالي البشير بن سلامة، الدار التونسية للنشر 1969.

3. فاگيـه اميـل: مدخل إلى الأدب: ترجمة: مصطفى ماهر ط1958 م، لجنة البيان العربي.

4. عباس الجراري: الأدب المغربي من خلال ظواهره وقضاياه، ج 1 ط 2، مكتبة المعارف، الرباط، المغرب

5. لحمداني حميد: الرواية المغربية ورؤية الواقع الاجتماعي، دار الثقافة الدار البيضاء، ط 1/1985م

6. لوكيـوس أبوليـوس: تحولات الجحش الذهبي، ترجمة علي فهمي خشيـم، المنشأة العامة، طرابلس ليبيا، ط 2/1984م

7. محمد شفيق: لمحة عن ثلاثة وثلاثين قرنا من تاريخ الأمازيغيين، دار الكلام، الرباط، ط 1989م

8. محمد غنيمي هلال: الأدب المقارن، دار العودة بيروت، لبنان ط 1983م

9. محمد زفزاف: المرأة والوردة، سلسلة الكتاب الحديث، منشورات غاليري ط1، بيروت 1972م

10. محمد الهواري: أحلام بقرة، دار الخطابي للطباعة والنشر ط 1 1988، الدار البيضاء، المغرب

11. واسيني الأعرج: (أحلام بقرة: العجائبية/ التأويل/ التناص)، آفاق، مجلة اتحاد كتاب المغرب، العدد 1، 1990م.
.

[1] تيرينيس أو ترنتيوس آفر كاتب إفريقي من الجزائر يحمل جنسية رومانية. ومن أهم أعماله المسرحية: فتاة أندروس، والحماة، والمعذب نفسه، والخصي، وفورميو، والأخوان

[2] حندايـن محمد: (مدخل لكتابة تاريخ الأدب الأمازيغي)، منشورات الجمعية المغربية للبحث والتبادل الأمازيغي، ط / 1992 ص: 47

[3] نفسه، ص: 74

[4] انظر كتاب : مدخل إلى الأدب – ، ترجمة مصطفى ماهر، ط 1958، لجنة البيان العربي، ص: 50

[5] المرجع السابق، ص: 50

[6] محمد غنيمي هلال: الأدب المقارن، دار العودة، بيروت، لبنان، ط 1983، ص: 202

[7] لحمداني حميد: الرواية المغربية ورؤية الواقع الاجتماعي، دار الثقافة، الدار البيضاء، ط1/1985، ص: 301

[8] محمد شفيق: لمحة عن ثلاثة وثلاثين قرنا من تاريخ الأمازيغيين، دار الكلام، الرباط، ط 1989، ص: 78

[9] محمد حندايـن: المقال المرجع السابق، ص: 47

[10] انظر: (ماذا قال علي خشيم عن أبوليوس؟)، مجلة توالت tawalt الرقمية، ليبيا، نقل المقال بدوره عن مجلة جيل الليبية

[11] عباس الجراري: الأدب المغربي من خلال ظواهره وقضاياه، الجزء الأول، ط 2، مكتبة المعارف، الرباط ص: 29

[12] شارل أندري جوليـان، تاريخ أفريقيا الشمالية، تعريب محمد مزالي البشير بن سلامة، الدار التونسية للنشر 1969 ص:251

[13] شارل أندري جوليـان: نفس المرجع، ص: 249

[14] نفسه، ص:251

[15] محمد شفيق، نفس المرجع، ص: 78-79

[16] شارل أندري جوليـان: نفسه، ص:251

[17] ص:251

[18] محمد شفيق، نفسه ص: 78-79

[19] أندري جوليـان: نفسه، ص: 252

[20] محمد غنيمي هلال: الأدب المقارن، ص: 203 الهامش.

[21] انظر: لوكيوس أبوليوس: الحمار الذهبي أو التحولات، ترجمة: عمار الجلاصي

[22] واسيني الأعرج: (أحلام بقرة: العجائبية/ التأويل/ التناص)، آفاق، مجلة اتحاد كتاب المغرب، العدد 1، 1990م، ص:64

[23] لحمداني حميد: الرواية المغربية ورؤية الواقع الاجتماعي، دار الثقافة، الدار البيضاء، ط 1/1985، ص: 31

[24] د. محمد غنيمي هلال: الأدب المقارن، دار العودة، بيروت، لبنان، ط 1983، ص: 203

[25] شارل أندري جوليـان، تاريخ أفريقيا الشمالية، تعريب محمد مزالي البشير بن سلامة، الدار التونسية للنشر 1969 ص: 252

[26] محمد شفيق: لمحة عن ثلاثة وثلاثين قرنا من تاريخ الأمازيغيين، دار الكلام، الرباط، ط 1989، ص:78-79

[27] د. عز الدين المناصرة: المسألة الأمازيغية في الجزائر والمغرب، مطبعة الشروق، عمان، الأردن، ط 1، 1999م، ص: 86

[28] حندايـن محمد: (مدخل لكتابة تاريخ الأدب الأمازيغي)، منشورات الجمعية المغربية للبحث والتبادل الأمازيغي، ط / 1992 ص: 47

[29] نفسه

[30] حندايـن محمد: (مدخل لكتابة تاريخ الأدب الأمازيغي)، منشورات الجمعية المغربية للبحث والتبادل الأمازيغي، ط / 1992 ص: 48

[31] انظر: (ماذا قال علي خشيم عن أبوليوس؟)، مجلة توالت tawalt الرقمية، ليبيا، نقل المقال بدوره عن مجلة جيل الليبية

[32] عباس الجراري: الأدب من خلال ظواهره وقضاياه، ج 1، ص: 26

[33] نفسه

[34] نفسه

[35] نفسه

[36] د.غنيمي هلال: الأدب المقارن، ص:202

[37] نفسه

[38] نفسه

[39] حميد لحميداني: نفسه، ص:301

[40] 1955, P: 7

[41] حميد لحمداني: نفسه، ص: 301

[42] محمد زفزاف: المرأة والوردة، سلسلة الكتاب الحديث، منشورات غاليري، ط 1، بيروت 1972، ص: 59

[43] محمد الهواري: أحلام بقرة، دار الخطابي للطباعة والنشر، ط 1، 1988م، الدار البيضاء، المغرب

الكتب و الروايات العربية PDF
تحميل رواية حروب الرحماء pdf

اسم الرواية : رواية حروب الرحماء pdf

ملخص الرواية

 رواية حروب الرحماء للكاتب والصحفى المصرى إبراهيم عيسى وهى الجزء الثانى من ضمن سلسلته الروائية “القتلة الأوائل” بعد الجزء الاول الذى كان بعنوان رحلة الدم. 

ملخص رواية حروب الرحماء لابراهيم عيسى…تمتد احداث الرواية فى الفترة ما بين مبايعة على بن ابى طالب خليفة للمسلمين وصولا الى الاقتتال الأهلى. 

الرواية تتحدث عما حدث بعد تولى على بن ابى طالب الخلافة من معارك وفتن مثل موقعة الجمل وصفين وايضا واقعة التحكيم الشهيرة بين على بن ابى طالب ومعاوية بن ابى سفيان, الكاتب استند خلال سرده لهذه الفترة التاريخية الى الكتب والبحوث الموثوقة والمعتمدة  

Pdf icons - 1,551 free & premium icons on Iconfinder

رواية حروب الرحماء لابراهيم عيسى pdf 

ينتظر أن تختم سلسلة “القتلة الأوائل” بصدور جزء ثالث وأخير لاحقًا.

  نرجوا لكم قراءة ممتعة ولا تنسى وضع رابط موقعنا فى البوكمارك لسهولة الوصول إليه