رمضان… جاء شهر التغيير

الإنسان في هذه الحياة دائماً يطمح للأفضل وللتغيير من ذاته وتطويرها إلى الأحسن، وهذا لا شك يحتاج إلى تدريب ومجهود وعمل دؤوب مستمر، وحقيقة التغيير تأتي من داخل الإنسان إلى الخارج كما جاء في قول الله تعالى: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم».
ويأتي علينا شهر الخير في كل عام لكي يتوقف الإنسان مع نفسه وقفات جادة وسط صخب وملهيات الحياة المادية وبرامج التواصل الاجتماعي، وشهر رمضان أجمل فرصة لنزع الأحقاد من النفوس وفتح صفحة جديدة، والتخلص من الشوائب في القلوب ويضع ويرسم لنفسه الأهداف التي يتمناها ويسعى لتحقيقها.

 

حسين الراوي

 

 

د. عبدالرحمن الجيران

أيام قليلة تفصلنا عن مدرسة رمضان، وهي أقصر المدارس، فقط تفتح أبوابها لمدة شهر واحد ومستمرة من السنة الثانية للهجرة إلى يومنا هذا في السنة التي فرض فيها الصوم، ولكنها تقدم مواد روحانية مكثفة أكثر من أي مدرسة أخرى، ولكن لمَنْ استعدّ لها الاستعداد الأمثل سواء على المستوى الروحي أو العقلي أو الجسدي.
وفي هذا الشهر الفضيل مناسبة لكي يغير الإنسان من نمط حياته السريع والذي تسببت به الحياة المعاصرة وما يكون معها من قطيعة، إلى تلاقي أفراد العائلة على أوقات محددة للفطور والسحور، فالجميع حاضرون وقت الإفطار ووقت السحور، فلنستغل هذا الشهر المبارك في التخلص من عاداتنا السيئة وممارساتنا السلبية، ونضع لأنفسنا خطة تسمو بها نفوسنا، وتقربنا من الله عز وجل.
إن تجربة ترك الهواتف لفترة من الزمن أو لأوقات محدودة في شهر رمضان المبارك، ستجعلك تشعر بمَنْ حولك في البيت من أبناء ووالدين، وستقضي وقتاً أطول معهم، وستشعر بطعم آخر للحياة…
ومن الغريب أن تجد البعض في الحياة ليس لديهم أهداف، ولا يتساءل ماذا يريد؟ وأين هو الآن وإلى أين يريد الذهاب، سواء كانت على المستوى العملي أو العائلي أو الشخصي أو حتى الإيماني…؟ وقد يمر بمواقف عديدة حلوة ومرة ومضحكة ومزعجة، ولكن تبقى هناك نقطة تحول في حياة الإنسان أو المنعطف الذي ساهم مساهمة فعالة في تغيير حياته وسلوكه وفكره، وهي تختلف من إنسان إلى آخر.
وشهر رمضان الكريم، يعتبر فرصة سانحة ورائعة ونقطة تحول حقيقية لمن أراد أن يغير في حياته وعاداته، وكما يقول علماء النفس إن الإنسان يحتاج إلى أن يكرر الأمر الذي يود تغييره أكثر من 20 مرة حتى يحدث نجاحاً حقيقياً، إذاً فشهر رمضان يمتنع فيه الإنسان عن الأكل والشرب لمدة 30 يوماً تقريباً، من الفجر إلى وقت المغرب، ففي الحقيقة أن الإنسان سيتعود على عملية اتخاذ القرار ومن جانب ذاتي على سبيل المثال، إرضاء لله عز وجل وهذه فرصة سانحة لكل شخص يود أن يغير حياته للأفضل.
ففي رمضان سارعوا إلى الخيرات، ولا تنسوا الفقراء المحتاجين حولكم أو من ترك أبناءه لخدمتكم، وعاملوا الناس بأخلاقكم وليس بأخلاقهم ولا يوجد شيء أجمل على النفس من التسامح ولا أحلى من خلق التواضع، وكما يقول علي الطنطاوي رحمه الله: «قد تعلمنا في المدرسة ونحن صغار أن السنبلة الفارغة ترفع رأسها في الحقل، وأن الممتلئة بالقمح تخفضه، فلا يتواضع إلا كبير، ولا يتكبر إلا حقير».