الطلاق إذا كان بصريح العبارة مثل أنت طالق فهو واقع، ولا يحتاج إلى نية باتفاق الفقهاء، وهذا إذا كان الزوج يقصد التلفظ بكلمة الطلاق وإن لم يكن يقصد وقوع الطلاق بهذا اللفظ.
أما إذا لم يكن يقصد التلفظ بكلمة الطلاق أصلا فقد اختلف الفقهاء في طلاق المخطئ، وهو الذي سبق لسانه إلى كلمة الطلاق دون أن يقصدها، والمختار أن طلاق المخطئ لا يقع، لا ديانة ولا قضاء ، بشرط أن يظهر من القرائن ما يدل على أن كلامه بالطلاق كان من باب الخطأ فعلا ، وهذا حفاظا على الأسرة ، كما أنه حفاظ على الفروج من التلاعب بحقها .
والأدلة التي يستند بها لهذا الرأي ، قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:”إنما الأعمال بالنيات”، وما تفرع عن هذا الحديث من قواعد فقهية ، مثل : الأمور بمقاصدها . و:العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني دون الألفاظ.
قال الإمام أبو بكر العربي من فقهاء المالكية في تفسير قوله تعالى : { ولا تتخذوا آيات الله هزوا } روي عن عمرو عن الحسن عن أبي الدرداء قال : { كان الرجل يطلق امرأته ثم يرجع فيقول كنت لاعبا ، فأنزل الله تعالى : { ولا تتخذوا آيات الله هزوا } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من طلق أو حرر أو نكح فقال كنت لاعبا فهو جاد } فأخبر أبو الدرداء أن ذلك تأويل الآية ، وأنها نزلت فيه ، فدل ذلك على أن لعب الطلاق وجده سواء . وكذلك الرجعة ; لأنه ذكر عقيب الإمساك أو التسريح ، فهو عائد عليهما ; وقد أكده رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بينه.
وروى عبد الرحمن بن حبيب ، عن عطاء ، عن ابن ماهك ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ثلاث جدهن جد وهزلهن جد : الطلاق والنكاح والرجعة } . وروى سعيد بن المسيب عن عمر قال : ( أربع واجبات على كل من تكلم بهن : العتاق والطلاق والنكاح والنذر ) . وروى جابر عن عبد الله بن لحي عن علي أنه قال : ( ثلاث لا يلعب بهن : الطلاق والنكاح والصدقة ) . وروى القاسم بن عبد الرحمن عن عبد الله قال : ( إذا تكلمت بالنكاح فإن النكاح جده ولعبه سواء ، كما أن جد الطلاق ولعبه سواء ) .
وروي ذلك عن جماعة من التابعين ; ولا نعلم فيه خلافا بين فقهاء الأمصار .
وقال الإمام الشوكاني في شرح حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: { ثلاث جدهن جد ، وهزلهن جد : النكاح ، والطلاق ، والرجعة } رواه الخمسة إلا النسائي ، وقال الترمذي : حديث حسن غريب.