يوصي المعالجون السلوكيون بأن يستفيد الآباء من القواعد السلوكية في تعاملهم مع الابن حتى تستمر العلاقة في مذاقها السار ومسارها المحبب. وهناك مهارات نرى أن اكتسابها يساعد في توطيد التعامل الإيجابي مع المراهقين، منها:
- امتداح أو تدعيم الجوانب الإيجابية في السلوك.
- الإقلال من الرفض الاجتماعي وتجنب استخدام العقاب.
- التجاهل ما أمكن لأنواع السلوك المختلفة التي قد نراها من وجهة نظرنا سلبية (إلا إذا كانت ضارة بالنفس أو بالآخرين).
وأساليب ومهارات التعامل مع الأبناء المراهقين لها أهمية وفاعلية كبيرة في بناء العلاقات وتوطيدها في جميع مراحل العمر بما فيها المراهقة. بعبارة أخرى، تعتبر هذه الأساليب لغة عالمية من حيث تمكيننا من تعديل السلوك للأفضل وتوطيد أواصر العلاقات مع الأبناء. وإلى بعض التفاصيل عن دور هذه المهارات في تعديل السلوك.
استخدام المدح والتشجيع وقواعد التدعيم
لو سألت نفسك كم مرة حاولت أن تجد الفرصة لتمتدح شيئاً إيجابياً (في الملبس أو في طريقة الكلام أو التفكير) في تصرف ابنك أو ابنتك في الفترات الأخيرة. لوجدت أنك، مثلك مثل الغالبية العظمى من الآباء، لا تستخدم هذا الأسلوب بالكثافة المطلوبة. ولعل هناك أسباباً كثيرة تجعلنا نهمل الامتداح أو التدعيم، فربما إننا نتصور أننا نفسد أبنائنا بالمدح، أو أنهم كبار ولا يحتاجون إلى امتداحنا لهم. وقد لا يمنحنا المراهق فرصاً كثيراً لامتداح سلوكه بسبب أخطائه وكثرة تصرفاته الطائشة أو غير المقبولة. ونتيجة لهذا نجد أنفسنا ننتقد كثيراً ونشجع قليلاً ونصبح كرماء أسخياء في البحث عن السلبيات، وشحيحين بخلاء في اكتشاف الإيجابيات وتشجيعها. وهو ما يتعارض تماماً مع لغة الصحة النفسية والتعديل الإيجابي للسلوك. ولهذا فإننا ننصح بأن يجد الآباء دائماً في البحث عن أي فرصة لتقديم المديح والتشجيع اليومي لتصرف سليم بدر منه وإن كان يبدو تافهاً.
لماذا يجد الآباء صعوبة بالغة في التعامل مع المراهق؟
استخدام التجاهل
يعتبر عنصر التجاهل من مهارات التعامل مع المراهقين الهامة التي يجب على الآباء اتقانها. فتجاهل السلوك السلبي يؤدي في النهاية إلى انطفاءه. وعند تعامل الوالدين مع الأبناء يمكن لهما أن ينقلا مشاعرهما بعدم الرضا عن تصرفات الأبناء المستهجنة دون إثارة جو من الاضطراب أو القلق أو الدخول في مناقشات طويلة أو عقيمة. ويتطلب التجاهل تحكماً قوياً ومزاجاً هادئاً وضبطاً للنفس خاصة في المواقف المثيرة والتي تشتد فيها التوترات وتقوى.
هوة التواصل بين الآباء والمراهقين وعقبات في التعامل الإيجابي بينهم
عند التعامل مع المراهق لا ينبغي أن ننظر له من زاوية الآباء والبالغين فحسب. صحيح، أننا قد نتعاطف مع الوالدين، لكن ينبغي ألا ننسى أن الدخول لهذه المرحلة ليس بالبساطة التي قد يحلو لنا أن نتصورها. فبدخول الطفل عالم المراهقة تتولد لديه مشكلات تكفي لإثارة القلق لديه منه والتوتر تجاهها. فها هو الآن ولأول مرة في حياته يواجه بعض المواقف التي تتطلب منه اتخاذ قرارات واختيارات في موضوعات حية تمس أحياناً جوانباً من السلوك والقيم الحساسة. أهمها ضغط الرفاق لحمله على اتخاذ مواقف معينة تجاه قضايا سياسية أو اجتماعية أو فلسفية أو أخلاقية. فضلاً عن التغيرات الجسمية والهرمونية المفاجئة والتي تصحبها أحياناً اضطرابات شديدة وقلق وثورات انفعالية.
ويواجه المراهق بالإضافة إلى هذا تحديات تتعلق برغبته في إقامة علاقات صداقة تتطلب منه اكتساب مهارات اجتماعية وقدرات أساسية لم يكن مدرباً عليها من قبل. وإزاء ذلك نجده مشحوناً بالانفعالات ومعرضاً للتغيرات المزاجية المفاجئة والتي قد يسيء الوالدان تفسيرها.
مرحلة المراهقة
ولعل أهم تحد يواجه المراهق في تلك المرحلة هو الاضطرار إلى مواجهة إرضاء الطرفين الرئيسيين في حياته. وهما عالم الآباء والبالغين من جهة، والأصدقاء والانداد من جهة أخرى. ولا شك أن ذلك قد يضعه في تناقضات وصراعات ليس سهلاً عليه حلها. إلا من خلال تعلم مهارات جديدة واكتساب خبرات أعمق عندما يواجه فيما بعد مشكلات مماثلة.
يجب علينا ألا نستسهل هذه التحديات التي تواجه المراهق. بل من المفروض أن نكون متفهمين لمصادرها وهي أحد أهم مهارات التعامل مع المراهقين في هذه المرحلة. ولهذا على الآباء أن يتعاملوا برفق وبتسامح مع الابن المراهق. بما في ذلك الاعتراف بأن تأثيرهم السابق لم يعد بنفس القوة التي كان عليها من قبل. ولا شك أن كثيراً من المشكلات قد تجد طريقها إلى الحل السريع عندما يعترف الآباء بحقيقتين رئيسيتين. أولاهما: إن تأثيرهم ليس كما كان من قبل، وثانيهما: إن الابن المراهق ليس هو نفس الطفل السابق. قد نما وشب وتبع ذلك أنه أصبح يرغب في الاستقلال بنفسه وفي الاختيار للطريقة يتصرف بها.
وقد تتعارض، بعض الأحيان، تصرفات المراهق مع معايير الأسرة وقيمها. أي قد يكون لبعض تصرفات المراهقين في هذه المرحلة نتائج قد تضره شخصياً. (مثل الانتماء إلى شلة تشجع على الإدمان أو بعض الممارسات الضارة الأخرى). أو التي قد تضر بالأسرة (مثلاً السهر ليلاً حتى وقت متأخر أو قضاء أوقات كثيرة بالخارج دون أن تكون الأسرة على علم بذلك مما يسبب القلق والازعاج للوالدين وأفراد الأسرة). هنا بالطبع يجب أن يتصدى الآباء لهذه المشكلات محاولين الاستفادة من القواعد السلوكية، والتوجيهات التي يصوغها المعالجون النفسيون وعلماء النفس في هذا الصدد.
الخاتمة
ولعل أهم جانب يجب الانتباه له هنا هو ضرورة التشجيع على الاتصال والتواصل الفعال. إن فتح قنوات للتفاعل الجيد بين جميع الأطراف: الأبوين من جهة والمراهقين من جهة أخرى. هذا كفيل بأن يعالج الكثير من المشكلات الطارئة والأزمات التي تواجه المراهق من جهة وتواجه علاقته بأبويه من جهة أخرى. فالتفاعل الجيد يقلل من الصراعات، ومن ثمة يبقي على بعض جوانب التأثير المتبادل، وما يصحب ذلك من تغيرات علاجية.