حكايات قبل النوم عادة جميلة تحرص عليها غالبية الأمهات بحب واهتمام، وتسعد بها الابنة وتنتظرها فرحة بقربها من والدتها، وحتى يكبر قلبها بالمعاني الجميلة، و”مزرعة حيوانات جدي” واحدة من القصص التي تشير إلى أن داخل كل كائن حي أنسانا كان أو حيوان ميزة وصفة مفيدة يستطيع بها إفادة الآخرين!
اعتدنا كل إجازة صيف أن يأخذنا أبي لزيارة جدي بمزرعته البعيدة؛ لنمضي أسبوعاً وسط الأرض الخضراء المليئة بأشجار الفاكهة وثمارالخضروات ولنلعب مع حيوانات المزرعة الأليفة ونجري وسط الحقول،وعند كل صباح تصطحبنا أمي لاستكشاف أنواع النباتات من شكل فروعها، ويخبرنا أبي بموسم زرع كل نبتة وموعد حصاده، وعند المساء تطول جلسة السمر.. ملتفين حول جدي وموقد أحجار الفحم المشتعلة ومن فوقها أكواز الذرة والبطاطا المعسولة -التي أحبها- والأهم حكايات جدي الجميلة الدافئة التي لا تنتهي عن حيوانات مزرعته الذين أصبحوا أشبه بأصدقائه؛ يعرف ما يحبون وما يكرهون ، يعلم ما يفرحهم وما يغضبهم !
عفوا..لم اخبركم باسمي ؛ أنا “سعاد” عمري 10 سنوات بالصف الخامس الابتدائي، أهوى قراءة القصص والحكايات وخاصة التي تحكي عن الحيوانات، وأكتب بعض القصص التي أسرح بخيالي وأنا أكتب أحداثها – هكذا تخبرني أمي- ، وحدث في صباح أحد الأيام أن شاهدت الفرخة البيضاء تتشاجر مع الديك، والحصان يرفض جلوس الكلب بجانبه، والبقرة تلف مغمضة العينين بالساقية غاضبة، والخروف أبو فروه كبيرة ناعمة يمشي وحده حزيناً تاركاً بقية القطيع، بينما تسير البطة البيضاء هادئة ومسالمة، وكأنها ملكت المزرعة بين يديها، فأسرعت إلي جدي وحكيت له ما شاهدت وسمعت، فضحك بصوت عال وقال: أنت واسعة الخيال يا “سعاد”، هل تنوين كتابة قصة جديدة عن حيوانات مزرعتي بعد ان تتخيلي الأحداث؟
وأكمل جدي بصوت يبدو عليه التمثيل أكثر من قول الحقيقة : يبدو أن الحيوانات بالمزرعة تشعر بعدم فائدتها، رغم أني أحبهم كلهم بنفس القدر؛ كلٌّ له دور في المزرعة لا أستطيع الاستغناء عنه؛ الحصان بالأمس كانوا يستخدمونه في الأعمال الشاقة، ومع تطور العصر أصبح الحصان للتنزه والركوب، الكلب يحرس المزرعة ويحمي الحيوانات؛ حاسة الشم لديه قوية بها يميز أي شخص غريب دخيل على المزرعة، والخروف نستفيد من لحمه، ومن صوفه وجلده نصنع الملابس والأحذية، وكذلك البقرة فهي صديقة الفلاح تساعده في الغيط ، وتعطينا اللبن الذي نصنع منه الجبن والزبد ، والديك الذي ينتمي لفصيلة الطيور ولكنه لا يطير..و..و….!
وبصوت هادئ ختم جدي كلامه – وكأنه أحس برغبتي في الانطلاق إلى الحقول من جديد، ومعاكسة الحيوانات واللعب معها؛ لأسجل حين أعود حكاياتها في قصصي- وقال: لكل حيوان دوره في المزرعة، كل يفيد بما لديه، الله خلق بداخل كل كائن حي- إنساناً كان أو حيواناً – ميزة بداخله تُفيده، وبها يُفيد الآخرين أيضا