قلب الشارقة ينبض بتراث العالم

by ahmed mohamed
6 minutes read

0
(0)

تواصل «أيام الشارقة التراثية» في نسختها التاسعة عشرة ألقها الثقافي والفني والترفيهي وسط إقبال لافت من الجمهور وعشاق التراث العريق والثقافة الأصيلة التي تمتزج مع ثقافة الحاضر بكل ما تحمله من تطور علمي وتسارع تكنولوجي، ليؤكد أن المستقبل لا يصنعه إلا الفكر القويم القائم على القيم الراسخة ومفاهيم التطلع للأفضل، من خلال امتزاج الماضي بالحاضر وتفاعلهما.
ويتضمن المهرجان في هذه النسخة العديد من الفعاليات والبرامج والأحداث التي تجمع بين تراث الشعوب وموروثها الثقافي بتنظيم معهد الشارقة للتراث وبرعاية صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة تحت شعار «التراث والمستقبل».
وتستمر الأنشطة بساحة التراث في قلب الشارقة حتى 28 مارس/ آذار الجاري، إضافة إلى الفعاليات المصاحبة التي تنظم تباعاً على مدار الشهر في كلباء وخورفكان ودبا الحصن والذيد والحمرية.
ضمن ندوات المقهى الثقافي، شارك د.عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العُليا المنظمة للأيام، ود.عمر عبدالعزيز، ود. سعيد يقطين، وسلامة الرقيعي في ندوة حول تجليات «التراث الثقافي وأفق المستقبل»، وأدارها د.مني بونعامة، مدير إدارة المحتوى والنشر بالمعهد، ورئيس اللجنة الثقافية.
استهل المسلم، الندوة بالترحيب بالمشاركين، موضحاً أن اختيار «التراث والمستقبل» شعاراً لدورة هذا العام، انبثق من فكرة أن الشارقة في نهضتها وتنميتها الشاملة تحلق بجناحين قويين يمثلان الأصالة والمعاصرة، في تمسك عميق بقيم وهوية الماضي، وتطلع واثق يصنع المستقبل ويستشرفه.
وأكد أن هذا النهج يتجسّد في اهتمام الإمارة بصون التراث وحفظ الهوية الأصيلة بما فيهما من أفكار ومعتقدات وقيم موروثة وإقران كل ذلك بانتشار المؤسسات العلمية والبحثية المتقدمة وأرقى مراكز الابتكار والتكنولوجيا والفضاء والفلك. وأشار إلى أن تراث الأمم والشعوب بأصالته وحيويته وحضوره هو الجسر الآمن للعبور السلس والناجح إلى المستقبل، لأن العلاقة بين التراث والمستقبل سؤال محوري متجدد يعكس التجاذب بين استعادة متطلبات الموروث الثقافي في الماضي وربطها كمفاتيح لتعامل الأفراد والشعوب مع التحديات الراهنة والمعطيات والمعارف الجديدة.
وتحدث د. عمر عبد العزيز عن العلاقة بين التراث والتشكيل، ببعديهما الماضوي والمستقبلي، مؤكداً أن «البعض قد يحمل نظرة ثنائية تصادمية بين التراث، كمفهوم وفعل، وبين التشكيل بما فيه من مفردات الحاضر والماضي والمستقبل. وأضاف أن التراث عصي على الاضمحلال والتلاشي مع توفر الترابط والربط الصحيح مع المستقبل، لأن التراث بات كلؤلؤة في محارة تحتاج إلى إعادة اكتشاف دائم، وقد تبدو كصحراء ميتة لا حياة فيها، لكن قطرات المطر المنهمر تنعشها فتدب فيها الحياة من جديد إن أردنا».
وأشار إلى أن التشكيليين يتأثرون بالمفردة التراثية على اختلاف بيئاتها من جبال وبحار وصحارٍ وسهول، و«إن كانت الفنون تدخل ضمن التراث المادي، إلا أن التراث المعنوي غير المادي أكثر أهمية بما فيه من لغة خفية متجددة وإبداع يخاتل الزمن ويستعصي على التلاشي. ومن ذلك التراث الموسيقي باعتباره عملاً إبداعياً يضمن الأنساق والمؤثرات حيث ينسج منها تفاصيل السجل التاريخي الأنثروبولوجي لدى الشعوب».
أما د. سعيد يقطين فتناول العلاقة بين التراث السردي العربي ورهانات المستقبل، باعتبار «أن السرد الروائي لم ينل حقه الكافي من الاهتمام في ثقافتنا قديماً وحديثاً مقارنة مع ما حظي به الشعر، على الرغم من أن السرد كنسق حياتي هو فعل قائم يتجلى في أبسط أنواع التواصل اليومي وصولاً إلى الثقافة العميقة». واعتبر أن «الحاضر يمكن تسميته بنقطة الصفر المتحولة بين الماضي والمستقبل، فهو يتداخل مع الاثنين، ولا يمكننا حاضراً أن نفكر في المستقبل إلا على ضوء ما نأخذه من الماضي».
ولفت إلى أن الغرب تجاوز مرحلة التساؤل عن حالة التراث، لأنه نجح في تطويره وجعله مكوناً طبيعياً في حياته وممارساته اليومية، عبر اعتنائه بمن مضى من أدباء ومفكرين وشعراء والاحتفاء بمنجزاتهم في الجامعات والعمران، وعدم الاكتفاء بالتذكر الآني والاحتفاء الموسمي بتراثهم. وذكر أن التراث لدى العرب والمسلمين بدأ بمرحلة التدوين والكتابة، ثم انتقل للتخزين والحفظ، ثم توقف بعدها وانكمش على نفسه خوفاً وخشية في مرحلة الانحطاط.
وتطرق سلامة الرقيعي إلى دور الشارقة في رعاية التراث والثقافة وصون الموروث الثقافي عبر جهودها ومنجزاتها ومشاريعها التي تخطت بأثرها ونفعها حدود الوطن العربي، وأسهمت في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيزها، مشيراً إلى أن الماضي والحاضر والمستقبل حلقة متسلسلة متواصلة لا انقطاع فيها.
ودعا إلى إعادة النظر والاهتمام بالجانب الاقتصادي بالمنتج التراثي، ليمنحه الانتشار والاستمرارية وقابلية التسويق، إلى جانب النشاط التوعوي والتثقيفي.
وعلق د.أحمد علي مرسي، مستشار التراث الثقافي للمعهد سابقاً، موضحاً أن «الدخول إلى المستقبل لا بد أن يكون من بوابة التراث؛ حيث إنه من الوهم الخطر محاولة القفز إلى المستقبل من دون أرضية صلبة وثابتة». واعتبر أن «النجاح في هذا الدخول الآمن يتطلب إرادة ثقافية قادرة على غربلة الحياة وإزالة الخط الوهمي الفاصل بين التراث المادي وغير المادي، وإعادة تفكيك التراث ومراجعته ليتمكن من الوفاء بمتطلبات المستقبل، وهو ما نراه تحقق بجدارة في الشارقة».
وفي سياق متصل، شهد بيت التراث العربي في ساحة التراث فقرات وفعاليات متنوعة، أهمها ندوة حول الملف الإماراتي «الأفلاج» المدرج ضمن قوائم «اليونيسكو»، شارك فيها د. أسماء الكتبي، رئيس الجمعية الجغرافية الإماراتية، وعبد الرحمن النعيمي، مدير قسم ومواقع التراث العالمي في دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي.
وتحدثت الكتبي عن مفهوم التراث العالمي بشقيه المادي واللامادي وأهمية الحفاظ على هذا التراث وتعزيز الوعي به ونشره عالمياً. وأشارت إلى أن الإمارات حققت إنجازات نوعية وسبّاقة في التعريف بالتراث الوطني وتسجيل العديد من عناصرها التراثية على قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية التي تعتمدها «اليونيسكو»، ومن ضمنها ملف الأفلاج الوطني المقدم باسم الدولة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. ورأت أن تسجيل الأفلاج لدى «اليونيسكو» يعزز نجاحات الدولة وجهودها في صون وحفظ هذا الإرث الإنساني الخالد لدى الشعوب.
محاضرة
ضمن سلسلة البرامج التعليمية والأكاديمية المقررة في اليوم الثاني من المهرجان في مركز فعاليات التراث الثقافي «البيت الغربي»، عقدت محاضرة حول دور إدارة التراث الثقافي في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الإمارات، قدمها أحمد عارف رفيق، مقيم مؤهل الأعمال الإدارية في المؤسسات الثقافية بمعهد الشارقة للتراث، وقدمتها د.بسمة وليد كشمولة، نائب مدير الإدارة الأكاديمية في المعهد.
واستعرض المحاضر أثر إدارة التراث الثقافي في التنمية الثقافية المستدامة للمجتمعات، وأهمية صيانة التراث وعدم الاكتفاء بالجانب المعرفي وتحقيق التوازن بين معرفة الأفراد بالتراث وكيفية المحافظة عليه، كون التراث المادي في كثير من دول العالم عرضة للاندثار.
وأوضح أن الاهتمام بالموروث الثقافي يشهد اهتماماً عالمياً، ومن ذلك ظهور السياحة التراثية.
رقصات شعبية
ازدانت أرض الفعاليات في ساحة التراث برقصات الفنون الشعبية والفولكلورية والأهازيج الغنائية المحلية والعربية والعالمية، إذ أدت فرق «الليوا»، و«الهبان»، و«الحربية» الإماراتية وصلات أثارت إعجاب الجمهور، فيما جذبت رقصات فرقة أرمينيا، ضيف شرف المهرجان، عشاق الفن الشعبي العالمي في مسرح الأيام، فضلاً عن رقصة «الأنديما» من جمهورية ليتوانا ورقصات الفرقة الروسية، والجلسة العراقية. وحظي الأطفال واليافعون في ركن «بنت المطر»، وبإدارة المدرسة الدولية للحكاية، بورش تفاعلية.
الخط العربي هوية
ضمن مشاركة مركز التراث العربي، كان الجمهور على موعد مع ورشة الخط العربي التي يقدمها الخطاط الإماراتي د.علي الحمادي، وفيها يتعرف المشاركون الراغبون بتعلم هذا الفن إلى أساسيات خط الرقعة والفرق بينه والخطوط الأخرى، فضلاً عن تعريفهم بأفضل الأدوات المستخدمة لممارسة الخط وأنواع الحبر والأقلام.
وأوضح الحمادي أن الخط العربي موروث ثقافي خالد وراسخ ويعبر عن ثقافة وهوية الأمة، مشيراً إلى ارتباطه بالعديد من الوظائف السياسية العليا في تاريخ العرب والمسلمين في الماضي. ودعا الحمادي إلى إعادة إدخال تعلم الخط ضمن المناهج الدراسية في ظل تأثر مهارة الكتابة اليدوية نتيجة التكنولوجيا الحديثة.

source

Loading

ما مدى تقيمك ؟

انقر على نجمة لتقييم ذلك!

متوسط التقييم 0 / 5. عدد الأصوات: 0

لا أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذه الرواية.

كما وجدت هذه الروايه جيده ومفيده ...

تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي!

هل تبحث عن المزيد؟

Leave a Comment

اهلا وسهلا بحضراتكم