نواكشوط- “القدس العربي”: تنشغل كل من حكومة نواكشوط ومكتب الأمم المتحدة للطفولة بالارتفاع المقلق لمعدلات سوء تغذية الأطفال المسجلة في عدة ولايات موريتانية.
ولمواجهة هذه الظاهرة التي زادت جائحة كورونا من حدتها، أمضى مكتب اليونيسيف بنواكشوط أمس اتفاقا يتعاون بموجبه مع وزارة الصحة والمندوبية العامة للتضامن الوطني، في مجال التكفل بالأطفال الموريتانيين المصابين بسوء التغذية الحاد وبالأمراض الناجمة عنه والتي يعاني منها طفل من بين كل 10 أطفال في موريتانيا.
وأكد وزير الصحة الموريتاني سيدي ولد الزحاف في كلمة ألقاها خلال جلسة التوقيع “على أهمية هذه الاتفاقية التي تقضي بتولي الحكومة الموريتانية لأول مرة، جزءا من مدخلات التكفل بمرضى سوء التغذية في موريتانيا”.
وأضاف أن “لأمراض سوء التغذية خطورة كبرى لكونها تجمع بين تأثيراتها الجسدية وتأثيراتها العقلية، بل وتأثيراتها على الإنسان عموما”.
وأضاف أن “الحكومة الموريتانية تؤكد بهذه الخطوة على أهمية التنمية البشرية، وعلى إرادتها في الاستثمار في مجال التنمية البشرية، وأن هذا الاستثمار سيتواصل إلى أن يتم توفير كافة حاجيات المواطنين، للتكفل بمرض سوء التغذية”.
وأكد المندوب العام للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء “تآزر” محمد محمود ولد بعسريه أن “هذا الاتفاق يعتبر أول مقاربة تشاركية بين عدة قطاعات حكومية إلى جانب شركاء موريتانيا في التنمية من أجل ضمان اقتناء مدخلات علاج سوء التغذية في موريتانيا”.
وأشار إلى أن “سوء التغذية يمثل بأشكاله المختلفة آفةً وتحديًا عالمياً للصحة البشرية، إذْ لَا يَخلُو بلد من بلدان العالم منهُ ومن تداعياته وَما تمثله من أعباء جسيمة على النمو الاقتصادي والاجتماعي بالنسبة للأفراد ولأسرهم وبلدانهم”.
وأضاف أن “البلدان ذات الدخل المنخفض أو المتوسط، تظل الأكثر عرضة وتضرراً لهذه الآفة”.
وقال “انطلاقاً من هذا الواقع، تسعى المندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء “تآزر” إلى دعم المنظومة الصحية الوطنية طبقاً لإستراتيجية الحكومة في هذا المجال”.
وأشار إلى أن سياسة المندوبية العامة في مجال الصحة والتغذية، تشمل، إضافة إلى المساهمة في تأمين حاجيات البلاد من مدخلات علاج سوء التغذية، العديد من التدخلات، من بينها تمكين 100.000 أسرة متعففة من الحصول على تأمين صحي شامل، يضمن لها الولوج للخدمات الصحية المناسبة حسب الحاجة، ومنها إنشاء وتجهيز النقاط والمراكز الصحية لتسهيل ولوج الأسر الفقيرة والهشة إلى خدمات الصحة القاعدية على امتداد التراب الوطني، وإطلاق برنامج للتغذية المدرسية، بالشراكة مع قطاعات حكومية أخرى، وهو ما من شأنه أن يُحسن الوضعية الغذائية للأطفال من سن السادسة فما فوق على امتداد التراب الوطني”.
وأضاف أن “المندوبية العامة “تآزر” ستتكفل بنسبة 50% من حاجيات البلاد من علاجات سوء التغذية عند الأطفال سنة 2021، و75% من تلك الحاجيات سنة 2022، بكلفة مالية تبلغ 2,5 مليون دولار أي ما يناهز 912 مليون أوقية قديمة، إلى جانب رصدها للموارد الضرورية لهذا البرنامج”، مبرزا أن “الشراكة بين القطاعات المعنية ستمكن من التكفل الفعّالَ بسوء التغذية على امتداد التراب الوطني”.
يذكر أن سوء التغذية يمس طفلا من كل عشرة أطفال موريتانيين، بل إن تقارير مكتب الأمم المتحدة للطفولة تؤكد أن طفلا من كل خمسة أطفال موريتانيين يعاني من تأخر كبير في النمو.
ويؤثر سوء التغذية بشكل خاص على الأطفال ضعاف البنية في الولايات الهشة الواقعة بأقصى الشرق الموريتاني وفي المناطق الشمالية الشرقية والوسطى.
وتشير تقارير اليونيسيف إلى أنه بقدر ما عانى الطفل من سوء الغذاء بقدر ما كان معرضا أكثر للأمراض المزمنة.
ويؤكد تحقيق حديث لمكتب اليونيسيف حول مشاكل التغذية في موريتانيا أن “سوء التغذية الحاد الشامل يبلغ في موريتانيا نسبة 12.0% حسبما تنص عليه ضوابط منظمة الصحة العالمية لسنة 2006″.
وشهد هذا المعدل الذي يعتبر تحت معدل الاستعجال البالغ 15%، ارتفاعا ضئيلا مقارنة مع تحقيق 2017 الذي بلغ فيه هذا المعدل (10.7%)؛ وعرف سوء التغذية الحاد جدا ارتفاعا طفيفا حيث انتقل خلال الفترة نفسها، من 1.4% إلى 1.7%.
وأظهرت نتائج التحقيق المفصلة حسب الولايات، أن حالات سوء التغذية المسجلة تتراوح ما بين “خطيرة” و”بالغة الخطورة” في عموم الولايات الموريتانية باستثناء ولاية دخلت نواذيبو، حيث سجل معدل سوء تغذية منخفض نسبيا في حدود 2.1%.
وقد تجاوزت معدلات سوء التغذية الحاد، المعدل الأقصى لسوء التغذية المعتمد من منظمة الصحة العالمية والبالغ (15%)، وذلك على مستوى ولايات موريتانية عديدة حيث بلغ في الحوض الشرقي (16,2%)، وفي العصابة (16,4%)، وفي البراكنة (17,1%)، وفي تغانت (18,2%).
وسجلت معدلات سوء تغذية حادة أقل من 10% في ولايات الترارزه ونواكشوط ونواذيبو، لكن أوضاعها الغذائية تحتاج مع ذلك للمراقبة.
source