253
الفصل الثامن ( إشارات الله )
﷽
أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ
الملك „ ٨
…
عندما أقول أبي فأنا أقصد كل شيء ، العطاء و التقى ، عندما أقول أبي بجانبي هذا يعني أني أشعر بالأمن و القوى .
عندما أرى أبي يبتسم هذا يعني أن العالم مازال بخير ، و عندما يتحدث أشعر بكلماته تتخلخل في أعماقي كما يتخلخل الماء في الرمال ، صوته له وقع خاص في عقلي ، كما للقرآن وقع خاص في القلوب! .
أحب والدي كثيراً لأنه يثق بنا و يشجعنا على تحقيق أحلاماً عندما أجلس معه أشعر أني مع صديق جيد ، و اكره كثيراً به عدم انتباهه لأفعلنا! ، ربما لو كان اكثر انتباهاً لم كنت على ما أنا عليه الآن! .
وجوده في حياتي نعمة و نقمة! ، اشعر أن بوجده كُل شَيء سيكونُ بخير ، و لكن الحقيقة تهمس بأذني بكل بساطة ( القبر لا يحتوي إثنان! ) و بمعنى آخر
( كلُ مَن عليهَا فانِ ) .
العائلة كلها كانت ملتفة حول طاولة الطعام ، و كنت أنا شارد الذهن ، أتأمل الطعام في طبقي ، عندما سمعت أبي يسأل أخي .
_” ما بال الصغير؟ “
فأجابه أخي بنبرة حزينة .
_” لقد تعرضت لموقف محرج “
_” و ؟ “
_” أحد أصدقائي فعل شيء سيء و عندما أخبرته بأن هذا غلط و حرام ، ضحك علي و قال : إلهي متى سينقرض أمثالك!؟ “
هربت ضحك صغيرة من فم والدي ثم قال بحنان.
_” لا عليك من جهله! ، انت فعلت ما بوسعك ، جزاك الله الجنة ، و من ثم هل تسمي هذا صديقاً ؟! “
قهقه أخي بخجل و همس.
_” لا أدري ولكن أنا… “
كان يتحدث عندما قاطعته بقولي .
_” إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ، لهذا لا تحشر نفسك في ما لا يعنيك ، ووفر نصائحك لنفسك ، أنشغل بهداية قلبك! “
حدق الجميع بي كما يحدق العربي بالأجنبي! ، كان قولي غريب بعض الشيء؟ و ربما وقح! رغم قولي للصدق! ، بعد تحديق لثواني همس والدي .
_” وهو كذلك! ، و لكن النصيحة واجب ، و النهي عن المنكر فرض و الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم! “
لم أعرف ماذا يجب أن اقول؟ ، لهذا أكتفيت بهز رأسي إيجاباً لكلامه ، و بعد دقائق سألت أختي أبي بحزن شديد!
_” أبي هل سأموت فجأة؟! “
كان للسؤال صدمة للجميع ؛ أن طفلة بعمرها تتحدث عن الموت! ، صلحت أمي الموقف بقولها.
_” لقد مات والد شهد ويقولون أنه مات فجأة “
أبتسم والدي ليبث الراحة في قلوبناً جميعاً! ، ثم مدى يده لرأس أختي ليمسح بلطفٍ و أجابَها بهدوء.
_” لا ، الله عز وجلّ يبعث إشارات للشخص “
_” مثل ماذا؟ “
سألته و أنا أكل مدعياً عدم الأهتمام! .
_” البعض عن طريق الأحلام و البعض يصادف أن يموت أحد قبله أو ربما يسمع أيات عن الموت أو …”
_” إذا كان هذا صحيح ، لماذا البعض يموتون بوضع مزري؟! “
سألته مقاطعاً من جديد! .
_” لأنهم أختارو أن يكونوا صم ، بكم ، عمي! ، فأم المتقين و المتذكرين يستطعون تميز الأحداث العادية والغير معتادة! ، فمثلاً النبي محمد ﷺ كان جبريل عليه السلام يراجعه القرأن في كل عام مرة واحدة و لكن في السنة التي مات فيها راجعه به مرتين فقال محمد ﷺ ( ما أرى بهذا إلا حضور أجلي ) “
في هذه اللحظة تذكرة الكثير من الأشياء التي حصلت لي في هذا الأسبوع! ، هل أقترب أجلي؟
لا أعتقد ، فأنت مازلت صغيراً! ،
…
كنت سادخل غرفتي عندما سمعت نداء أبي لي
_” هي تعال ، سنصلي انا و أخواتك العشاء جماعة “
إبتلعت ريقي وقلت بتلعثم .
_” لقد…لقد صليت لوحدي!؟ “
نظر إلى بشك! ، و الحق أنها كانت نظرة عادية و لكن خوفي جعلني أرى عدم تصديقه لاني شخصياً لا أصدق نفسي! .
_” جيد! “
قال ثم ذهب ، و هممت أنا إلى سريري بخوف و قلق! ؛ كمن يهرب من مسرح جريمة أرتكبها ، هل يعقل أنه كشف أني لا اصلي؟ .
أفكار تذهب و أخرى تأتي أشعر بدقات قلبي بين أحشاء أضلعي تقدق كما تدق المطارق الصخور والنتيجة كانت تفتت الخوف في عروقي! ، وبعدها غلبني النعاس من شدة أضطرابي! .
…
عندما يتحدث أحدهم أستمع له فربما تكون اخرة مرة ، جميع لحظاتك هي الأخيرة فأنت لا تضمن أنفاسك ، و لا يمكن أن تعرف في اي لحظة ستموت إلا في حال كنت من المتذكرين ، هل تعرفهم؟ ، أولائك الذين اذا قلت لهم ربك يراك انهمرت دموعهم حباً ، يمكن أن تتحكم في كل شيء فقط تيقن و تفكر أبصر و تذكر…استخدم حواسك فقط!.