الفصل الحادي عَشر ( للهِ راجعُون )
﷽
إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
البقرة „ ١٥٦
…
ذهبتُ أجري الى غُرفة أمي كطفلٍ صغيرٍ وجدَ منزلهُ بعد أن ضلهُ طريقُ العَودة من المدرسة
حاولتُ إيقاظها ولٰكنها لا تَتأثر بِلمساتي أخذتُ أصرخُ ولٰكن لا صَدى لِصوتي وكأنّي فِي عالم آخر ، عالم حيّ ولٰكن مُنفصل عَن عالمِهم ، لا ، رُبما هيَ مِن ماتت! إبتلعتُ ريقي الذي جفَّ من الخوفِ هل أنا وَحيد الأن و من جَديد ؟
فجأة إستَيقظت والدَتي ولٰكنها لم تحدثني وكأنني لستُ مَوجود ، و هل انا وهُم!؟ كان يَبدوا على وجهِها الخوفُ وكأنها شاهدت ملكَ المُوت! وكانت تسمي بالله
_بسم الله الرحمن الرحيم ” و تُكررها…
أيقَظَت والدي من نومهِ بيديها الّتي ترتجفُ! قائلةً بصوتً هادئاً مكبوت وكأن شيءٍ يعتصرُ قلبها!.
_” أبا أدم…أبا أدم…عبد الرحمن…أستيقظ أريدُ أن نذهبَ للاطمئنانِ علّى الأولاد..!”
فتحَ والدي عينيهِ بتثاقلٍ مهمهماً لها بتعب
_” دعيني أنام…تشرقُ الشّمس ويحصل خير! “
ولٰكن باصرارها إستيقظ والدي متأفأفاً وقالَ بسخريةً ممازحاً
_” اذهبي لوحدكِ لن يأكلكِ شبحُ المطبخِ يا مرأة!؟ “
أجابتهُ بذبول وردة وكأنها تلتقطُ أنفاسها الأخيرة!
_” اشعرُ بأجنحة المُوت تحتضنُ اضلعَ منزلنا! “
رفعَ والدي حاجبيهِ مستغرباً
_” هَل غسل المسلسل الهندي دماغكِ!؟ “
وَقفت والدتي متاجهلتاً كلامهُ وتمسكت بضراعه اليُمنى
_” ارجوكَ دعنى نلحقُ بهِ! “
لَم يفهم والدي كلامها وسار فيها بإتجاهِ الغُرفة التّي اتشاركُها مع أخي الصّغير ، سرتُ ورأهمَ بجمودٍ مدركاً نصفَ الحقيقَة! ، وصعقتُ بحقيقةٍ مرةَ عِندما رأيتُ ذلكَ الشيء ، رأيتُ جسدي على سَريري .
أخذت أنفاسي تتقطعُ خوفاً كما تنقطعُ أنفاس الاملِ عند السقوط من فوق القمة! ، وقال والدي بعد أن اضئ نورَ الغُرفة ،
_” انظري نائمين بسلام ” ألتفَ عائداً للغرفته ” هيا لنذهب للنوم “
تجاهلتهُ والدتي و ذهب إلى ذلك الجسد الذي فوقَ سَريري!
_” بُني! “
قالتها بهمس شديداً
_” بُني إستيقظ!؟ “
كررت من جديد بجانبي ثُم أمسكت كتفي تهزني بخفّة و كأنها تعرفُ و لكن خائفة من أن تَتأكد! ، وهذا أصعب أنواعِ الخوف ( خوفُ الحقيقةِ الأشدُ رعباً لأن الحقيقة لا مفرَ منها ) خوفها يشبه خوفي في تلكَ اللّحظة كنتُ أنتظرُ أن تستيقظ روحي مثلما هيَ كانت تنتظر ُأن يستيقظ بنيها.
_” بُني ، عَزيزيّ ، استيقظ ” ارتجَف صوتها مُعلنا عَن تزايدِ دقاتِ قلبها تماماً كدقاتِ قَلبي ” ارجوكَ يالله! “
اصبَحَت تهزُ جَسدي بشكلٍ اكبرَ لَعلي استيقظ! ، لعلى الحقيقَة تَزيف! و بَدأت دموعُ أبي تتساقطُ كما تتساقطُ حباتِ الرحمةِ علّى البَشر وهم نيام! .
لقد كسرتُ ظهركَ يأبي! ، لم أرى في حياتي دموعَك واليومُ رأيتُها ، استيقظ أخي على صوتِ صُراخ أمي
_” بسم الله عليكم!؟”
سَقطت والدتي على الارضِ بأنهيار وقالت بنحيب
_” مات!؟ “
ذهبتُ اجري لأمي ، كمن يَجري نحوَ نسماتِ الأمل التّي علّى وشكِ الأختفاء ، و قالتُ بتلعثم مجنون وخَرجت الكَلمات بهيستيريا من فوقِ عظلةِ لساني القاحل .
_” لا ، لا ، لا ، أنا هُنا! ، انا باقيٍ! ، انا لم امت! “
حاولتُ أزلتَ يَديها عن وجهِها لتراني ولٰكن لم استطع لمسها فصرختُ بأعلى صوتي
_” انظروا لي “
ولٰكن لا سمعَ لمن تُنادي ، اقتربَ أبي مِن أمي وضمها إليه و همسَ بألم حادّ ظهر على كلماتهِ.
_” أنا لله و إنا إليهِ لراجعُونَ “
هُنا فقدتُ آخر شعراتِ الأمل و انهمرت دموعي بيأس ، تعالت صرخاتُ الألم مِن فمي
_” يا إلهى؟ ، يا ربي؟ ، انهي هذا الكابوس! “
ولم يَحصل شيءٍ سوى ان شعورَ الوحيدةِ بداءَ بنهشِ قلبي ، كَما تنهشُ الكلاب جُثث الجُبناءِ ، مأصعبَ أن تكونَ وهمًا! ، ان تُراقب كُل شيءٍ بصمت لا صدى لصوتك ولا تأثير لحركتكَ! ، سمعتُ صوتاً يأتي من بعيد و كان يَعلو شيء فشيء.
_” لَقدْ كُنت فِي غَفْلَةٍ منْ هَذا فكَشفْنا عَنك غِطَاءكَ فبصرُكَ اليوْم حَدِيد “
و دخل أثنان مِن باب غُرفتي و كانوا ينظرونَ لي فقط اتجهوا نحوي وكأني الوحيد في المكانِ ، تنقل نظري بينهم بخوف وفزع ، كنتُ مذلولاً! ، احدهُم أمسكَ بذراعي اليمين و الأخر باليسار فصرختُ بذعراً
” أتركووني ، من انتُم!؟ “
” نحنُ حراسك لحدِ القبر “
” قبر!!؟ ، و لكن انا لم امت! ، انا حي اتنفسُ و ارى
و أسمعُ! “
قلتُ بصراخٍ ولٰكن لا اجابة ، عجيباً أمرنا نحن البشر نظنونُ أن المُوت نهاية الحياة ولا ندركُ أن ماكنا نعيشهُ فيهِ هَو إلا حُلم قصير ينتهي عندما نموت ،
و تتجلَ ستاء الوهم عن بَساتين الحَقائق . و يا ليتني أدركتُ
سحبوني مَعهم خارجاً ، و انتقلنا لمكان آخر لا اعرفه!
هل هٰذا البرزخ الذي حدّثني عنهُ جَدي!؟ ، ادركتُ حينها أنهُ لا مَفر ، و يا ليتني قدمت لحياتي شيئاً.
” ارجُوكم أين سأذهب!؟ “
” الله أعلم “
” جنةً ام ناراً!؟ “
” رحمةُ الله واسعة و الرحلة طويلة! “
وتركوني أمامَ قبري ، التفتُ و أنا مفزوع ، كنتُ
كـ المجنون ، عينايّ تكادُ تنفجرُ مِن الدموعِ ، هالكَ الجسدِ و مفزوَع الروحِ ، و حالة داخيلة لا توصَف ، رأيتُ أهلي و أقاربي كُلهم ، كانوا يحملونَ جسدي بصندوق ، بكُل بساطة انا مت حقاً! ، جريتُ نحوهم قائلاً لهم.
” ادعو لي!؟ “
شَدني الملكيين لقَبري وألقوا بي فوقَ ذلكَ الجَسد الذي ، فتيتُ عُمري في أرضائه! الأن يخونني بموتهِ! .
رمى والدي التراب فوقي ، أنهُ يدفنني! ، ساعده أخي و أقرابي برمي التراب فوقي ، ويا ليتني كنتُ ترابا !
في مثل هذا اللحظة ، فوق الستة مليار شخص لن يفدوكَ بشيءٍ! ، الحياةُ ستمضي قدماً ، أهلكَ سينسونكَ ، و أصدقائك سيبدولكُنك و كأنكَ لم تكن شيئاً! ، وهل كنتَ شيئاً؟
هل تعرف من هو الوحيد الذي سيتذكرك!؟ ذلكَ الذي نسيتهُ ، ذلك الذي يتذكركَ لأن في أنفاسك ، ذلك الذي تجاهلتَ وجوده رُغم انهُ في دقاتِ قلبكَ ينبض، ذلك الذي منحكَ جنةً و بقيَت عينُك في تفاحةً عفنةَ!
لا مَفر لك في النهاية أنتَ ستموت وتعود لم نسيتهُ
و سينساكَ من انشغلتَ في ذكرتهِ. ويا ليتني استيقظ قبل أن يدهسني قطار القدر لأدخل في مرحلةِ النوم الطويل الذي لا استيقظ بعده…ليوم يبعثون .
و سهام المُوت ترما كُل يوم و من فاتهُ اليَوم سهمٌ لم يفتهُ غَدَاً ، لقد اصابني احد سهامهِ ليكون اليوم آخر ايام الدُنيا و أول منازل الأخرة ، استطيعُ انَّ اشعرَ بوقعِ أقدامهم ذاهبين ، لتجهر الارض بقولها
_” يا عبد الله ، لقد كنتَ اسواء خلق الله إلي ،
و ابغظ عبد الله إلي ، و الان ترى صنعي بك! “
و اشتدت الأرض علّى اضلعُي ، احتضنَتي لحد داخلت اضلعُي ببعضها ، لتخرجَ صَرخة من اعماقِ قلبي ، صَرخةَ خرجت معها كُل طاقتي! ، و صَدق مَن قالَ ” هدوء المقابر لا يَعني انَّ الجميع فِي الجنة “
_” أيـقظ روحـك بـلطف قبـل أن تيقظـك هـي بعنـف “
النهاية.
عدد المشاهدات: 580
Categoryقصص اسلامية
Tagsarwatt excitement horror passion spirit spirituality stories teen أجل أفضل إثارة إسـتـيـقـظ ادم اسر اسلامية اشتياق الألم الحب الرعب الروحانية الطاووس العاشق العاطفة الكتاب الله الم المال المراهقين الموت بعنوان بكاء بوس تحدي تقوى تملك جسد جن جنس جنون جود حب حزن حزينة حسن حضن خوف خيال دموع رسولاً رعب رواية روح رود ريم زين سكر سليم شمال شيخ صامت صراع صغيرة صفا صيني طفلة طفولة ظلم عائلة عاشق عذاب عندما عنف عيسى غرام غرور غيرة غيره فرعون فقدت قساوة قصة قصص قصيره كاتب كره كرهه كريم لاي لطيف للقصة لونا مؤمن مالك مثير محمد مسابقة معا من موت نادر ندم ندي نفسي هاجر هادفة هاري هند وجع ون يارا يده يونس