مستويات هرمون التستوستيرون الصحية للرجال، غالبا ما ترتبط بكثافة عظام قوية، والقدرة على بناء العضلات والقوة، والرغبة الجنسية.
يعد البروتين عنصرا غذائيا أساسيا لصحة العظام والعضلات والجلد وجميع أعضاء الجسم، باعتباره المسؤول الأول عن آلاف التفاعلات الكيميائية اللازمة للتأكد من أن أجسامنا تعمل في أفضل حالاتها يوميا، إلى درجة جعلته يحظى بمكانة خاصة فوق المغذيات الأساسية الأخرى -كالدهون والكربوهيدات- التي تتعرض لحملات للحد منها، في ظل تبني كثير من الناس أنظمة غذائية عالية البروتين لإنقاص الوزن أو تقوية العضلات، لكن هذا لا يمنع من أن تسري عليه قاعدة “كل شيء يؤخذ باعتدال”، وأن المزيد منه ليس الأفضل دائما.
فبعد تحليل أكثر من 30 دراسة تتعلق باستهلاك البروتين، اتضح أنه لا فائدة من استهلاك الكثير من البروتين، وأن الإفراط في تناوله غالبا ما يأتي على حساب الألياف أو الكربوهيدرات أو العناصر الغذائية الضرورية الأخرى، مما قد يجعله ضارا وعديم الفائدة للأصحاء (خاصة المراهقين والرياضيين، الذين يتناولون مكملات البروتين من دون إدراك لمخاطر استخدامها)، ويمكن أن يسبب عبئا على الكلى والكبد والعظام، بالإضافة إلى احتمال زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان، على المدى الطويل.
ليس هذا فحسب، بل نحن الآن بصدد دراسة جديدة أظهرت أن “اتباع نظام غذائي يحتوي على الكثير من البروتين، يمكن أن يسبب مشاكل صحية خطيرة للرجال، لتأثيره السلبي على هرمون التستوستيرون والكورتيزول لديهم”.
وفقا لما ذكره موقع “ستدي فايندز” (Studyfinds)، فقد أجريت دراسة بجامعة ورسستر في إنجلترا، أشرف عليها كل من جوزيف ويتاكر وميراندا هاريس، وهما باحثان في الجامعة، بعد جمع نتائج 27 دراسة أخرى، ونُشرت في السابع من مارس/آذار الجاري، وأطلقت صيحة تحذير لهواة ارتياد الصالات الرياضية الذين يُكثرون من مخفوقات البروتين، ويلتهمون اللحوم الخالية من الدهون؛ مفاده أن “الإفراط في تناول البروتين قد يكلفهم غاليا، حيث يقلل من مستويات هرمون التستوستيرون لديهم بأكثر من الثلث، مما قد يؤدي إلى انخفاض فرصهم في إنجاب الأطفال”.
وذلك بعد أن شملت حوالي 309 رجال، تم إخضاعهم لنظام غذائي يحتوي على 35% من اللحوم والأسماك ومخفوقات البروتين، على مدار 8 أسابيع، اتضح بعدها أن مستويات هرمون التستوستيرون لديهم انخفضت بنسبة 37%، وأنهم عانوا من أعراض هذا الانخفاض، بما في ذلك الضعف الجنسي، والتعب، والاكتئاب، وضعف العضلات”، وفقا لما قاله الباحث الرئيسي جوزيف ويتاكر لموقع “إنسايدر” (Insider).
توصل الباحثون إلى أن من اتبعوا نظاما غذائيا عالي البروتين ومنخفض الكربوهيدرات، كانت مستويات هرمون التستوستيرون لديهم أقل بكثير، مقارنة بالآخرين، وأكدوا أيضا “أن التخلص من الكربوهيدرات، الذي أصبح شائعا بشكل متزايد، له ثمن أيضا”.
و”النظام الغذائي العالي البروتين” هو النظام الذي يحتوي على 35% بروتين، من الموجود في اللحوم والأسماك والبيض ومنتجات الألبان والفاصوليا والبقول؛ بما يعادل 2200 إلى 2800 سعر حراري، أو حوالي 185 إلى 215 غراما من البروتين يوميا، وفقا لـ”مايو كلينك” (Mayo Clinic) علما أن 185 غراما من البروتين تساوي حوالي 680 إلى 900 غرام من الدجاج، أو 29 إلى 35 بيضة، وفقا لوزارة الزراعة الأميركية.
وأوضح ويتاكر أن “معظم الناس يتناولون حوالي 17% من البروتين، وهو المناسب للشخص العادي ولا يدعو للقلق. أما الأنظمة الغذائية عالية البروتين التي تسبب انخفاض هرمون التستوستيرون، فتكون أعلى من 35%، وهي نسبة عالية جدا، تُقلل من مستويات هرمون التستوستيرون بنسبة 37%، وهو ما يُعرف طبيا باسم قصور الغدد التناسلية، حيث يجب ألا يزيد البروتين على 25%”.
كما ربطت الدراسة انخفاض هرمون التستوستيرون بالأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والسكري وألزهايمر؛ وفي المقابل شددت على أن مستويات هرمون التستوستيرون الصحية مهمة جدا للقوة وبناء العضلات وجودة ممارسة الرياضة.
أظهرت الدراسة أيضا أن تناول الكثير من البروتين وعدم كفاية الكربوهيدرات، يؤدي إلى زيادة هرمون “الكورتيزول” في الدم، وهو هرمون التوتر الرئيسي في الجسم، والمعروف باسم هرمون الإجهاد. إذ إن العثور على مستويات عالية من الكورتيزول تؤثر سلبا على جهاز المناعة، مما يجعل الناس عرضة للعدوى الفيروسية والبكتيرية، مثل نزلات البرد والإنفلونزا، و”كوفيد-19″.
وقال ويتاكر “إن اكتشاف أن الحميات الغذائية منخفضة الكربوهيدرات تزيد من الكورتيزول، وتثبط جهاز المناعة، يُعد أمرا مثيرا للاهتمام للغاية، بعد أن أصبحت هذه الحميات شائعة بشكل لا يصدق خلال السنوات الأخيرة، بعد قيام العديد من المشاهير بالترويج لها”.
طبقا للدراسة، يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول البروتين إلى “التسمم بالبروتين”؛ وهو التسمم الناتج عن تحلله الزائد إلى أمونيا سامة، تجعل الجسم منشغلا جدا في إصلاح التسمم، مما يُثبط إنتاج هرمون التستوستيرون.
وأوضح ويتاكر أن السبب وراء انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون هو أن الجسم يتوقف عن إنتاج التستوستيرون، لأنه يركز على مكافحة التسمم بالبروتين.
قال ويتاكر “يستغرق الأمر من أسبوع إلى أسبوعين لرؤية العلامات الأولى للتسمم بالبروتين، مثل الغثيان والإسهال وانخفاض هرمون التستوستيرون، ومن ثم انخفاض الدافع الجنسي”، وأوصى في النهاية، بالالتزام بمعدل بروتين من 15 إلى 25%، لمن يريد تكوين أسرة.
فمستويات هرمون التستوستيرون الصحية للرجال، غالبا ما ترتبط بكثافة عظام قوية، والقدرة على بناء العضلات والقوة، والمزاج، وتنظيم الوظيفة الإدراكية والدافع الجنسي بشكل عام، وفقا لما ذكره الدكتور كيفين كودورنيز، رئيس قسم أمراض الغدد الصماء في جامعة لوما ليندا الصحية في كندا.
ومن الملاحظات التي سُجلت على الدراسة، أنها تتبعت المشاركين على مدى 8 أسابيع فقط، ولم تأخذ في الاعتبار العوامل الأخرى لنمط حياة الشخص، التي يمكن أن تؤثر على مستويات هرمون التستوستيرون.
تشير الأبحاث إلى أن “النباتيين البيسكو”، الذين لا يأكلون اللحوم لكنهم يضيفون الأسماك والمأكولات البحرية إلى غذائهم، يُصنفون ضمن من يتبعون نظاما غذائيا أفضل من الأشخاص الذين يستهلكون اللحوم.
من المثير للاهتمام أن النظام الغذائي المعروف بـ”كيتو”، والذي يُعد من أحدث صيحات إنقاص الوزن الآن؛ يبلغ عمره قرنا من الزمن. فقد بدأ الأطباء استخدامه لعلاج الصرع منذ عشرينيات القرن الماضي.
تبدو هذه الحمية سهلة ولا تحرمك من الطعام كما تفعل الحميات الأخرى، ولكن إذا كانت هذه الصورة تبدو أجمل من أن تكون حقيقية، فهي على الأغلب ليست كذلك حقا. فما الحمية سالبة السعرات؟ وهل هي أكذوبة جديدة؟
كشف موقع ألماني عن حمية صحية جديدة تعرف بـ”صيام الألوان”. وهذه الحمية ليست سهلة ولا تساعد على إنقاص الوزن فقط، بل يمكن للمرء أيضا أن يأكل حتى الشبع.