“نجدة الطفل” بوابة لحماية فاقدي الرعاية الاجتماعية

أخذ فريق “خط النجدة ” التابع لمركز حماية الطفل والأسرة في دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة، على عاتقه حماية الطفل ورعايته من كل أشكال العنف وأيضاً اهتم بنشر ثقافة حماية الطفل وصون حقوقه وحقه بحياة كريمة.
الشارقة 24:

قصص واقعية عديدة عن المشاكل التي تعترض المجتمع بشكل عام والأسرة بشكل خاص ويكون الضحية فيها الأطفال، الذين يعايشون كل أنواع العنف المادي والمعنوي، لأسباب عديدة الطرف الأول فيها هو “الأسرة” بشكل مباشر أو غير مباشر، كونها المؤثر الأول في حياة الطفل فإن صلحت صلح الأبناء والعكس.

ويأتي هذا الكلام على رواية الأشخاص الذين هم على تماس جداً مع هذه الفئة، ومن واقع تجاربهم الحية واليومية، والتي تأخذ جزءاً كبيراً منها، كونهم يعايشوها لفترة من الزمان حتى تطيب جراح الأطفال وتندمل، هذه الجراح ليس من الضروري أن تكون اعتداءات جنسية أو ضرباً مبرحاً، أو غزواً إلكترونياً، بل أحياناً تكون بسب أخطاء أو هفوات ارتكبها الكبار وكان ضحيتها الصغار، لكن في نهاية النفق لا بد وأن يكون ثمة ضوء يرجعهم إلى الحياة بقوة وصلابة أكبر على مواجهتها، فريق “خط النجدة ” التابع لمركز حماية الطفل والأسرة في دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة، الذي أخذ على عاتقه حماية الطفل ورعايته من كل أشكال العنف وأيضاً اهتم بنشر ثقافة حماية الطفل وصون حقوقه وحقه بحياة كريمة، فريق خط النجدة الذي يلبي البلاغات التي ترد عبر خط النجدة 800700.

يشار إلى أن الدائرة بدأت إجراءات تأمين حقوق الأطفال منذ عام 1984 من خلال توفير أسر بديلة للأطفال فاقدي الرعاية الاجتماعية ومتابعة استخراج الأوراق الثبوتية لهم و تقديم خدمات الحماية من خلال تأمين حقوق الأطفال غير المؤمنة من أوراق ثبوتية وحق التعليم والصحة والتمثيل القانوني للطفل وضمان التنفيذ السليم للأحكام المتعلقة بالأطفال الصادرة من المحكمة المختصة.

في حين تأسس خط النجدة عام 2007 لاستقبال البلاغات المتعلقة بالأطفال المعرضين للمخاطر والاعتداءات بأنواعها كالاعتداء الجسدي والجنسي والعاطفي والإهمال والاستغلال التجاري والتعامل معها من خلال فريق مختص يعمل على إزالة الخطر الواقع على الطفل.

قدّم خالد الكثيري خبير مساعد في خط النجدة في الدائرة، وسميرة علي إبراهيم رئيس قسم خط النجدة بمركز حماية الطفل والأسرة، شرحاً للمهام المنوطة بالفريق، وكذلك تحدثا في الكثير من المحطات والقصص الحية التي صادفتهم أثناء تقديم خدمات الحماية، لتستفيد الأسر في تقوية الروابط مع أبنائهم.

معيار زمني للاستجابة

بدايةً يشير الكثيري إلى أن خط النجدة للدائرة 800700 يستقبل كافة أنواع البلاغات والاستشارات على مدار 24 ساعة طيلة أيام الأسبوع وعلى مستوى الدولة، وتصنف  البلاغات إلى نوعين : بلاغ عاجل وبلاغ غير عاجل، وللنوع الأول وضع مركز حماية الطفل والاسرة  معيار زمني عن طريق فريق الاستجابة، فخلال ساعة من ورود البلاغ العاجل يجب علينا التدخل فوراً، وحل المشكلة خلال 24 ساعة، وللبلاغ غير العاجل فيجب حل المشكلة خلال 48 ساعة من وروده، والحمدلله حققنا رقماً قياسياً أقل من المعيار بالتعاون مع شركاءنا، والبلاغ العاجل يعني أن حياة الطفل في خطر وأحد حقوقه أو أكثر منتهك، على سبيل المثال وردنا بلاغ على خط النجدة من مدرسة تفيد بوجود طالب متعرض للضرب المبرح وعلى جسده علامات إيذاء جسدي عنيف جدا وعندما توجهنا إلى المدرسة تبين بأن أوراق الطفل الثبوتية منتهية منذ فترة وأنه كان منقطعا عن الدراسة لعدة أشهر وعندما كشف عليه المختصون أكدوا بضرورة تلقيه العلاج على وجه السرعة نظراللمعاناة التي كان يعيشها في ظل تلك الظروف، وفي مثل هذا الوضع تحركنا على الفور أولا لعلاجه من ثم تأمين مكان آمن خاصة بعدما علمنا أنه يتعرض للعنف من والده لأسباب عديدة منها مشاكل في الجوانب الاقتصادية للعائلة أو الإدمان والعديد من المشاكل المختلفة.

بلاغات عاجلة

وهناك بلاغ عاجل آخر وردنا عن وفاة  سيدة من الجنسية الآسيوية بعد تعرضها لحادث بدون علم طفلها ذو الخمسة أعوام والذي كان يتواجد بداخل المنزل لوحده وانتقلنا فوراً إلى الموقع  وأول إجراء تم اتخاذه هو عرضه على الطبيب في المستشفى لفحصه كاملاً وعمل تقرير طبي عن حالته الصحية، وتقديم تقرير بإحالته رسميا إلى دار الإيواء التابع لدائرة الخدمات الاجتماعية، وبعدها تواصلنا مع الأب الذي يعمل في بلد آخر، وقال أن زوجته تعاني من مشاكل نفسية، لكنه لم يرجع إلى دولة الإمارات لأخذ الابن، وبقي الطفل في دار الأمان لفترة طويلة ومن ثم تم التنسيق مع السفارة المعنية، وتقرر بتسفيره إلى بلده ليكون في أحد دورالرعاية الاجتماعية، وذهبنا مع الطفل إلى بلده ورتبنا كافة أوضاعه الاجتماعية والمالية وبقينا معه عدة أيام لمتابعته حتى تم التأكد من استقرار وضعه.

وأكد الكثيري ضرورة الوعي ونشر ثقافة حماية الطفل ونشر التوعية المجتمعية والتركيز عليها من قبل الدائرة وتعزيز التعاون المستمر مع الشركاء من الجهات المعنية بحماية الطفل بالدولة والتي كان لها دور كبير في مساندة البلاغات وتحقيق الحماية فيها، ففي السابق لم يكن لدى الكثير من الناس معرفة بخط النجدة مقارنةً بمعرفتهم اليوم بكل ما يحيط من خدمات مقدمة ووسائل تواصل للحماية في حال تعرضهم للإساءة أو التبليغ عن الآخرين المعرضين لها والبعد عن التكتكم والذي يسبب الكثير من النتائج الأليمة على المعتدى عليه.

ثقافة حماية الطفل

أما اليوم فإن العديد من المؤسسات تحرص على نشر ثقافة حماية الطفل والحفاظ على حقوقه مثل إدارة التثقيف الاجتماعي بالدائرة وكذلك إدارة سلامة الطفل في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة والدعم الاجتماعي في القيادة العامة لشرطة الشارقة ومؤسسة دبي لرعاية النساء والاطفال وغيرهم الكثير من المؤسسات الشريكة في كافة إمارات الدولة، والتي توسعت بشكل كبير في  نشر ثقافة حماية الطفل وثقافة التبليغ في الدولة، حتى الأفراد غير المختصين بهذه المهمة وعامة الناس أصبحوا يبلغوا إذا ما شاهدوا طفل يتعرض للخطر أو العنف، وأن كان لا يمت لهم بصلة أو بمعرفة، الكل أصبح يعي أن أمن الطفل هو مسؤولية الجميع ومن هنا ارتفعت أعداد البلاغات.

حياة مستقرة

وقال: “هدفنا الأول والأخير أن تكون حياة الطفل مستقرة وأن يكون في مأمن ودورنا ليس له علاقة بأخذ مكان الأم والأب ولا نريد ان نقوم بدور البدلاء، كون الدور الأساسي والرئيسي يبدأ من المنزل، كوننا نحن مقدمين الخدمة للطفل”.

أنواع جديدة من مشاكل العنف

وتشرح سميرة ابراهيم، حالات العنف الجديدة من نوعها على الأطفال، موضحة بأن العنف الجسدي يكون أخف وطأة على البنات منه على الأولاد خاصة حالات الضرب وللأسف بعض الآباء الذين يعنفون أولادهم تكون حجتهم أنهم يربون طفلهم على “كلمة رجل” و يصبح عوده قوياً عن طريق الضرب، بعكس الفتاة فتتعرض للإيذاء العاطفي، ما يوصلها إلى حالة نفسية قد تصل إلى الشروع في الانتحار، وهذا ما يصلنا أحيانا، وكذلك بلاغات الابتزاز الالكتروني تعد منتشرة خلال هذه الفترة وازدادت في فترة جائحة كوفيد-19 وهي مشكلة كبيرة تتفاقم مع وجود الفجوة بين ولي الأمر والطفل، ولا يتعلق الأمر هنا بالانشغال بالعمل أو غيره بل بعدم معرفة الأهل بالتعامل مع هذه الأجهزة ومواكبتها، ففي إحدى الحالات المشابهة شرح الأب أن ابنته تدخل على برنامج خاص بالمدرسة وعندما تتبعنا الموضوع وجدناها متصلة ببرنامج تواصل اجتماعي، وتم ابتزازها فيما بعد.

بلاغات مضللة وعلى صعيد آخر، تشير سميرة إلى وجود بلاغات مضللة أيضاً، فعلى سبيل المثال وردنا بلاغ عاجل من فتاة تفيد أنها تعرضت لتحرش جنسي من قبل شخص تهجم عليها في المنزل في وقت متأخر من الليل دون تواجد أحد من أفراد أسرتها في المنزل نظراً لسفر والدتها في مهمة عمل وتواجد صديقة الأم المقربة فقط في أحد الغرف بالمنزل، وفور ورود الخبر انتقلنا إلى المكان بالتعاون والتنسيق مع القيادة العامة لشرطة الشارقة، وكانت علامات الاستفهام حول كيفية دخول المتهم للمنزل والباب مقفل ولا توجد آثار محاولات للكسر أو الخلع أو العنف، والفتاة مصرة على أقوالها بل عرضت صورة المعتدي عليها عبر هاتفها الخلوي، واقترحت ان يتم عرضها على طبيب نفسي لأن أقوالها متضاربة وبالفعل كشفت الطبيبة بأن لم يحدث شيئا للفتاة وهي لديها خيال واسع وإن صورة المعتدي عليها تعود لفنان من دولة أجنبية وهي معجبة به.