التأمل في الكائنات الحية (1-3)

التأمل في الكائنات الحية (1-3)

حينما يتأمل الانسان الكائنات الحية من حوله ويتفكر بصدق ويرى الحقيقة من خلال استشفاف المتعة من جمال المخلوقات وفائدتها التي تعم على الكون فالعاقل دائما يكون متأملا بالتفكير الإيجابي، والذي يتحقق من النعم التي انعمها الله علينا، فهي ليست من ممتلكاتنا وانما يملكها خالقها وانه القادر على ابقائها، فمثلا عندما يدخلون الناس حدائقهم يقولون “ما شاء الله لا قوة الا بالله” كما ورد بسورة الكهف اية رقم (38) (ولولا اذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة الا بالله ان ترن انا اقل منك مالا وولدا) وكلما دخلوا يتذكروا ان الله خلقها وهو يمدها بأسباب الحياة، اما الانسان الذي لا يفكر فإنه يتأثر برؤية جمال الحدائق ولكنها قد تصبح مكانا عاديا بالنسبة له ويتلاشى تقديره لجمالها ولا يلاحظ النعم ابدا لأنهم لا يتفكرون فيها ويعتبرونها أمورا عادية من المفروض وجودها وذلك لقلة التفكير وانهم يعيشون غافلين عن الحقيقة، وهذا ليس عذرا كافيا لعدم التأمل فكل انسان هو فرد مسؤول امام الله عن نفسه فقط، ومن المهم جدا ان نضع نصب اعيننا ان الله يبتلي الناس في هذه الحياة وعدم اهتمام الاخرين وكونهم من الناس لا يتفكرون ولا يعقلون ولا يرون الحقيقة هي جزء من ابتلائنا في معظم الأحيان فهناك أشياء كثيره يمكن ان يتفكر فيها الانسان اذكر منها:-
أولا: نسيج العنكبوت
يرى الانسان العنكبوت قد نسجت شبكته في احدى زوايا المنزل ولو ادرك التفكير في هذا المخلوق الذي لا يهم احدا عادة سوف يرى افاقا جديدة فتحت له فهذه الحشرة الصغيرة التي يراها امامه هي معجزة في التصميم فهناك تناسق في الشبكة التي ينسجها العنكبوت ولو أجرينا بحثا سريعا فسوف تصادف حقائق استثنائية فالخيوط التي يستخدمها العنكبوت مرنة ثلاثين بالمائة اكثر من خيوط المطاط ذات السماكة نفسها والخيوط التي تنتجها تضاهي بجودتها العالية الخيوط التي يستخدمها في تصنيع البزات الواقية من الرصاص فعجبا لتلك المادة التي يعتبرها الناس مجرد شبكة عنكبوت بسيطة بحركة اليد تهدم فيما هي واحدة من افضل مواد التصنيع في العالم.
ثانيا: الذبابة
فلو تفحص الذبابة التي تلتقي بها باستمرار دون ان تعيرها انتباها والتي تغضبك فتحاول قتلها سوف ترى ان لديها عادة تنظيف نفسها بشكل تفصيلي متقن فالذبابة تحط بشكل متكرر في أماكن مختلفة لتنظيف أطرافها الأمامية والخلفية كل على حدة ثم تمسح بعناية الغبار عن جناحيها ورأسها عبر أطرافها الأمامية والخلفية وتستمر بهذه العملية حتى تتأكد من نظافتها وكل أنواع الذباب والحشرات تنظف نفسها بطريقة مشابهة وبنفس الانتباه والدقة والتفصيل، وهذا يدل على ان الله المتفرد في الخلق هو الذي علمها كيف تنظف نفسها والذبابة نفسها تخفق بجناحيها خلال الطيران خمسمائة مرة في الثانية تقريبا وفي الواقع ليس هناك آلة من صنع الانسان تستطيع ان تعمل بمثل هذه السرعة، لأنها تتحطم وتحترق نتيجة الاحتكاك في حين ان عضلات الذبابة ومفاصلها واجنحتها لا تتأذى واذا اخذنا بعين الاعتبار اتجاه وسرعة الريح فإن الذبابة تستطيع الطيران في أي اتجاه دون ان تنحرف في حين انه حتى مع وجود التكنولوجيا الحالية فإن الانسان بعيد عن اختراع يتمتع بهذه الميزات غير العادية وبتقنيات طيران مثل هذه ومن الواضح ان الذبابة لا تفعل كل ذلك بفضل قدرتها وذكائها، فالله هو الذي اعطى الذبابة هذه الخصائص والقدرات الرائعة وفي كل مكان نلمحه حولنا هناك حياة مرئية وأخرى غير مرئية اذ ليس هناك سنتيمتر مربع على الأرض لا حياة فيه، فالبشر والنباتات والحيوانات مخلوقات يمكن للإنسان ان يراها ولكن هناك أيضا مخلوقات لا يمكنه رؤيتها ولكن على دراية بوجودها، فعلى سبيل المثال البيوت التي نعيش فيها مليئة بمخلوقات مجهرية تسمى العث وفي الهواء الذي نستنشقه عدد لا يحصى من الفيروسات وكمية البكتيريا التي تعيش في تربة حديقتنا كبيرة بشكل مدهش ومن يتفكر في كل هذا التنوع المدهش التي تزخر به الحياة على الأرض يتذكر النظام المتكامل لجميع المخلوقات فكل واحد من المخلوقات التي نراها علامة على ابداع الله تماما كما تكمن في المخلوقات المجهرية معجزاته العظيمة فلكل من الفيروسات والبكتيريا والعث غير المرئية بالنسبة لنا اليات جسدية خاصة فقد خلق الله لها بيئتها وجعل لها أنظمة في التغذية وأجهزة تناسل وأنظمة مناعة ومن يتدبر هذه الأمور يتذكر الآية التالية (وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم) سورة العنكبوت اية (60).

خبير بيولوجي ومدرب معتمد

اعلانات

اترك تعليقاً