الدوحة تحتضن النسخة 15 من قمة الهيئات التنظيمية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا

افتتحت أمس بالدوحة النسخة الخامسة عشرة من قمة الهيئات التنظيمية لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، المقامة تحت إشراف مجموعة بورصة لندن، وبرعاية وحدة المعلومات المالية في قطر، وبحضور سعادة الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني محافظ مصرف قطر المركزي، وسعادة الشيخ أحمد بن عيد آل ثاني رئيس وحدة المعلومات المالية، بالإضافة إلى اللورد نيكولاس ليونز عمدة الحي المالي لمدينة لندن وعدد من الفاعلين في القطاع المالي.

بهذه المناسبة قال سعادة الشيخ أحمد بن عيد آل ثاني رئيس وحدة المعلومات المالية، إن قطر حققت أعلى درجت الامتثال في مجال مكافحة الجرائم المالية من قبل مجموعة العمل المالي « FATF»، مؤكدا في كلمته الافتتاحية أمام المشاركين في القمة التزام دولة قطر باستراتيجيات وطنية رامية لمكافحة الجريمة المالية، وببرامج وخطط عمل معدة من قبل المنظمات الدولية، مضيفا وبما أننا لا زلنا في العام نفسه، الذي انتهت فيه مجموعة العمل المالي فاتف من تقييم نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في دولة قطر، فإنه يُسعدني أن أستغل هذه الفرصة لتذكير الجميع بما حققناه من نجاحات فعلية تمت الاشارة لها بالبنان».

نجاح مبهر

وأشار رئيس وحدة المعلومات المالية إلى أن دعم مثل هذه المبادرات ليس لمجرد زيادة عدد الأنشطة التوعوية والفعاليات التدريبية واللقاءات بين الخبراء والمختصين وإنماء لتبادل الخبرات والممارسات الفعلية في الهياكل التنظيمية للقطاعات المختلفة، والتي تتيح لها تقييم نماذج العمل، وإدخال الإصلاحات اللازمة التي تم تجربتها مسبقا، خاصة وأن أنشطة الجريمة المالية تستوجب أن يتم اتخاذ إجراءات مكافحتها، في اوقات حاسمة وسريعة، مشيرا إلى تحقيق قطر نجاحا باهرا على المستوى الفني وعلى مستوى الفعالية وذلك يعكس التزام الجهات المعنية التام بالنهج الذي حددته لذاتها، بتحقيق الامتثال بالمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومتطلباتها. نحن فخورون بما حققناه جميعا خلال عملية التقييم، إلا أنه من المهم اعتبار أن الأهداف المستدامة لمكافحة الجريمة، لابد وأن تتسم بالمرونة التي تتجاوب وتتأقلم مع المخاطر المستمرة، وهو ما تطلق عليه المنهج القائم على المخاطر، والذي يشكل مرجعاً هاماً في توجيه الجهود والموارد.

بيئة تنظيمية

وأضاف سعادة الشيخ أحمد بن عيد آل ثاني: نحن ندرك جميعا بأن اقتصاد بعض دول منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، يقوم على إنتاج وتصدير النفط، ويسبب التقلب المستمر لأسعاره، والتقدم التكنولوجي السريع، وتوجهات العولمة السائدة، ورغبة الحكومات، لتكون محاور استثمارية جاذبة لرؤوس الأموال، تطلعا للاستدامة، فإنه يتحتم علينا، ايجاد خوارزمية رقابية تنظيمية وسياسية، تواجه المخاطر الصاعدة، وتحقق التوازن المنشود، مؤكدا على أن من خلال المؤتمر هو إيجاد بيئة تنظيمية قائمة على أسس المعرفة والتنمية والشفافية وتوفير مناخ مناسب للحوار بشأن النموذج الرقابي الذي تقدمه الجهات المعنية في الدول، والنموذج التنفيذي له، والذي تمارسه المؤسسات في القطاع الخاص، مما يتيح لنا الوصول إلى أفضل النتائج. التي سنستخدمها في دعم الجهود الحكومية، وإيجاد السبل الفعالة الكفيلة بمكافحة الجريمة المالية، ودعم عملية التطور التنظيمي، والنمو الاقتصادي بشكل عام، مبينا أن التحديات التي تشهدها دول المنطقة تقتضي توخي الحذر، وزيادة التنسيق.

مواصلة المسيرة

ولفت رئيس وحدة المعلومات المالية في تصريح لوكالة الانباء القطرية على هامش افتتاح النسخة الخامسة عشرة من قمة الهيئات التنظيمية لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى حرص دولة قطر عل مواصلة المسيرة لتكون رائدة في مجال مكافحة الجرائم المالية لحماية أمنها واقتصادها ومجتمعها ومشاركة المجتمع الدولي في جهود مكافحة هذه الجريمة.

عمق العلاقات

من جانبه أكد اللورد نيكولاس ليونز عمدة الحي المالي لمدينة لندن على عمق العلاقات بين لندن والدوحة بوصفهما مركزين ماليين مهمين، مشيرا إلى أن الخدمات المالية تمثل نحو 12 % من حجم الناتج المجلي الإجمالي لبلاده، مشيرا إلى أهمية التنظيم باعتباره حجر الزاوية في الاستقرار المالي، حيث يمنع الإفراط في المخاطرة ويضمن قدرة المؤسسات المالية على تجاوز فترات الركود الاقتصادي، قائلا إن التنظيم هو حارس سلامة السوق، حيث يضمن عمل الأسواق بنزاهة وشفافية ومصداقية، ويعزز الثقة وبالتالي يحفز النمو على المدى الطويل، لافتا إلى أن الابتكارات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليلات البيانات الضخمة، وتقنية البلوك شين وغيرها تطرح تحديات جديدة وكبيرة، موضحا أن الامتثال لمكافحة غسيل الأموال يشكل تكلفة عالية على الأعمال التجارية، حيث تشير التقديرات إلى أن غسيل الأموال يكلف العالم ما بين 2 و5% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا، حيث تختلف الأساليب التنظيمية لمكافحة غسل الأموال على مستوى العالم وغالبًا ما تفتقر إلى الشفافية والكفاءة.

قانون المكافحة

وقال عمدة الحي المالي لمدينة لندن إن مشروع قانون مكافحة الجرائم الاقتصادية وشفافية في المملكة المتحدة يهدف إلى منع المجرمين المنظمين والمحتالين والإرهابيين من استخدام الشركات لإساءة استخدام الاقتصاد المفتوح، داعيا إلى الانتباه للمنتجات الاستثمارية التي يتم التسويق إليها على أنها خضراء في إطار ما يسمى بالغسيل الأخضر فبعض المنظمات تقدم ادعاءات مبالغ فيها أو مضللة حول بيانات اعتماد منتجاتها البيئية والاجتماعية والحوكمة « ESG «، مما يضر بمصداقية السوق الأوسع، مشيرا إلى تعرض بعض وكالات التصنيف البيئي والاجتماعي والحوكمة مؤخرًا لانتقادات بسبب افتقارها إلى دقة البيانات.

الذكاء الاصطناعي

بدوره أوضح سيد نديم نجار، المدير العام لمجموعة بورصة لندن LSEG في وسط وشرق أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، أن مكافحة غسل الأموال والجرائم المرتبطة به، وهو التحدي الذي يتطلب نهجا متزايد التعقيد من كل من الهيئات التنظيمية والشركات، قائلا إن قضية غسيل الأموال، وهي الممارسة التي ابتليت بها أنظمتنا المالية لعقود من الزمن، تواجه الآن محنة هائلة وهي الذكاء الاصطناعي الذي أصبح أداة أساسية، تعمل على تعزيز التقنيات التقليدية وتساعدنا في سعينا لتحقيق العدالة، مشيرا إلى أن الانهيار الأخير في أسعار العملات المشفرة، والذي أدى إلى محو أكثر من 2 تريليون دولار من قيمة الأصول، يعد بمثابة تذكير صارخ بالحاجة إلى رقابة تنظيمية يقظة. كما أدى ذلك إلى الانهيار المؤسف للعديد من مشاريع العملات المشفرة وصناديق الاستثمار، مما دفع إلى التدقيق في الأصول الرقمية عن كثب.

نزاهة المؤسسات

‎من ناحيتها أشارت زوليسيلي خانيلي، الرئيس السابق لمجموعة إجمونت لوحدات المعلومات المالية أن الامتثال أمر ضروري لمنع تسلل الجريمة إلى الأنظمة المالية، وحماية نزاهة المؤسسات، ودعم التحقيقات المدفوعة بالمعلومات والملاحقات واستعادة الأصول. وأكدت أن تنفيذ المنهج القائم على المخاطر لا يزال في مراحله الأولى في كثير من البلدان، وأشارت إلى ضرورة تنفيذ أفضل التدابير الوقائية من قبل القطاع الخاص. كما شددت على أن استعادة الأصول تظل تحدياً، حيث تستعيد الدول فقط جزءاً صغيراً من عائداتها الفعلية. وتحدثت حول العواقب غير المقصودة لزيادة التنظيم، بما في ذلك تقليص المجال المدني تحت غطاء الامتثال.