الدوحة سباقة في تبني المبادرات العالمية لمواجهة العنصرية

سلط المؤتمر الدولي رفيع المستوى الذي نظمته جامعة جورجتاون في قطر الضوء على مختلف العوامل التي تحرّك ظاهرة الإسلاموفوبيا وانتشارها المثير للقلق في العالم، والقواسم المشتركة بينها وبين ظواهر التمييز والتعصب والعنصرية الأخرى.  وشدد المشاركون في المؤتمر، الذي عُقد يومي السبت والأحد تحت عنوان «التاريخ والممارسات العالمية للإسلاموفوبيا»، على أهمية البحث والحوار والاستمرار في تكاتف الجهود والتآزر من أجل استئصال ممارسات الكراهية والتحيز والتمييز. وشارك أعضاء هيئة التدريس بجامعة جورجتاون في قطر في تنظيم المؤتمر الذي استقطب كبار العلماء والممارسين والصحفيين، منهم خريجو الجامعة، إلى جانب الناشطين والفنانين وطلاب جامعة جورجتاون في قطر للمساهمة بآرائهم في الحوار.

وألقى الدكتور صفوان المصري، عميد جامعة جورجتاون في قطر، الكلمة الختامية للمؤتمر، قال فيها: «لطالما كانت دولة قطر سباقة في تبني المبادرات العالمية لمواجهة العنصرية العالمية بشتى صورها وأشكالها، ومنها كراهية المسلمين والإسلاموفوبيا. ومن أمثلة الجهود واسعة النطاق في العديد من المجالات التعليم والتوعية والحوار العام ووضع السياسات وعقد اجتماعات الخبراء وصانعي السياسات لتضافر الجهود». وأضاف: «يسهم مؤتمرنا في الجهود المبذولة للفت الانتباه إلى الإسلاموفوبيا والرد عليها، ومواجهة آثارها المدمرة، وتعزيز الجهود المؤثرة للنشطاء والقائمين على التعليم والمثقفين والمبدعين».
كما تعمّق المشاركون في بحث العوامل العالمية والتاريخية والدينية والسياسية المختلفة التي ساهمت في انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا عالمياً، ضمن التداعيات الناجمة عن الحرب على الإرهاب التي كانت السمة الأبرز للقرن الحادي والعشرين، وتركت آثاراً عميقة على المجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم.

وفي الجلسة النقاشية التي تناولت الجذور الفكرية للإسلاموفوبيا، أكد الدكتور سلمان سيد، أستاذ البلاغة والفكر المناهض للاستعمار في جامعة ليدز، أنه «لا يوجد تفسير منطقي للإسلاموفوبيا، بل هي من أقدم أنواع العنصرية المرتبطة بموازين القوى، وغالبًا ما تقوم على فكرة أنه لا يمكن إدماج المسلمين في المجتمعات»، لافتًا إلى أن «الإسلاموفوبيا هينوع من الحكم العنصري الذي يستهدف العقيدة الإسلامية، على الرغم من أنه ليس من الضروري أن يكون المرء مسلمًا ليكون عرضة للإسلاموفوبيا. يكفيه أن يكون قريبًا من المسلمين أو يُنظر إليه على أنه من المسلمين». وأوضح أن دحض الإسلاموفوبيا لا يتطلب تحديد جذورها الفكرية فقط، بل يجب أيضَا السماح بتطبيق شعائر الإسلام وإتاحتها لتصبح ممارسات طبيعية معتادة. واستكشفت الحوارات المعمّقة، التي أقيمت على مدار يومين، أثر التحامل ضد المسلمين على حياة المجتمعات المسلمة حول العالم، ودور التأجيج الإعلامي في بناء خطاب الإسلاموفوبيا، وتأثير ذلك الخطاب في تشكيل الرأي العام وصياغة السياسات التي تمس حياة الأفراد. وشدد المشاركون على الحاجة إلى التراجع عن الخطاب الإعلامي المعادي، ونشر أفضل الممارسات والإرشادات والمعايير الجديدة مع زيادة تمثيل المسلمين وحضورهم في وسائل الإعلام. وفي جلسة بعنوان «قطر وكأس العالم والإسلاموفوبيا»، بحث إعلاميون وأكاديميون مرموقون الأنماط السلبية للتغطية الإعلامية الغربية مع تفاقم المواقف المعادية للإسلام، قبل بطولة كأس العالم وأثنائها.

اختتم المؤتمر بحلقة نقاشية رفيعة المستوى، بحثت الحلول المحتملة ونقاط التلاقي بين البحث وصنع القرار بما يعزز التسامح والتفاهم لمكافحة الإسلاموفوبيا. وقال الدكتور جون إسبوزيتو، أستاذ الأديان والشؤون الدولية والدراسات الإسلامية بجامعة جورجتاون، المدير المؤسس لمركز الأمير الوليد بن طلال للتفاهم الإسلامي- المسيحي ومبادرة «الجسر»: «تكمن قيمة هذا المؤتمر في أنه يسلط الضوء على مدى تفاقم الإسلاموفوبيا واتساعها على مستوى العالم». وأشاد بالمؤتمر ووصفه بأنه أفضل مؤتمر حضره على الإطلاق حول هذا الموضوع وشدد على أهميته في حشد الخبراء والمتخصصين من جميع أنحاء العالم وتشجيعهم على مواصلة مكافحة الإسلاموفوبيا أينما حدثت. وأضاف قائلا: «الإسلاموفوبيا ليست بالظاهرة التي ستزول قريبًا، فحقيقة الأمر أنها تتفاقم وتزداد سوءًا». بالتوازي مع المناقشات الرئيسية، شهد المؤتمر تنظيم ندوات طلابية ومجتمعية شارك فيها الطلاب وأفراد المجتمع، وإحدى هذه الندوات بالتعاون مع نوادي الطلاب تطرقت إلى تأثير ظاهرة الإسلاموفوبيا على الجامعات، وناقش المشاركون الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الجامعات لمكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا، وتعزيز الشمولية.