"عالم ميريانا".. قصص مصورة للأطفال تعزز تقبل الاختلاف

معتصم الرقاد
عمان – رحلة انطلقت من خلالها لينا أبو سمحة لعالم الكتابة للأطفال بعد اصدارها لكتابها الأول الذي خُصصت مبيعاته لعلاج طفلتها الصغيرة ميريانا المصابة بالشلل الدماغي، والذي أثر على حركتها، وجعلها معتمدة على المعينات الحركية.
في 2017 كانت البداية، حيث لاقت الفكرة رواجا كبيرا انتهى بدعم الطفلة من خلال بيع قصة (سنطير إلى البيت) المخصص لها، وكذلك إلهام الكثير من الأهل لدعم أطفالهم بطرق إبداعية تخدم قضيتهم بالمجتمع، وتعزز دور الأهل الإيجابي الرافض للتصوير النمطي عن الإعاقة، لتمكين أطفالهم في ظل غياب الدعم اللازم لهذه الفئة.
لقد كانت لوالدة ميريانا لينا رؤية أخرى من خلال هذه القصة، وهي بتعزيز صورة طفلتها بين الأطفال للتأكيد على حقها بالتواجد بينهم، تلعب وتدرس وتكون جزءا فعّالا في المجتمع، وما دفعها إلى ذلك هو قلة الموارد والقصص العربية التي تتناول هذه المواضيع لهذه الفئة المهمشة، هادفةً مساعدة طفلتها وأصحابها من ذوي الاحتياجات الخاصة أيضا على الاندماج في التعليم بتقديمهم بشكل جديد كأطفال ممكن الاعتماد عليهم وإخراجهم من دائرة العوز المتعارف عليها.
لجأت لينا لحاضنة أعمال “إنجاز” أملا منها للحصول على الدعم اللازم لاستكمال هذه الرحلة وصقلها بالرغم من التحديات التي تواجهها، لكي تضمن استمرارية العمل على هذا المشروع وتحقيق الأثر الاجتماعي المرجو منه، كما وحصلت على عضوية رابطة الكتّاب، لأنها تعي تماما أن الكتابة للأطفال لها أصول وضوابط تحتاج لمن يوجهها ويريها السبيل الصحيح لإيصال الرسائل التي تحملها.
في 2019 أطلقت الأم التي وسعت رؤيتها مؤسسة مجتمعية، لتصبح طفلتها ميريانا ضمن عالم محب أكثر تقبلا لها، دون الحاجة لتبرير احتياجاتها الخاصة مرارا.
عالم ميريانا (كلٌّ على طريقته) عالم يتحدث عنها يخبر الجميع عن احتياجتها وقدراتها وطموحاتها هي و أصحابها من الأطفال، حيث قامت لينا مع فريقها بتطوير شخصيات كرتونية تمثل الاعاقات المختلفة لتقدمهم ضمن محتويات توعوية هادفة ممتعة للطفل.
لمست لينا الحاجة لوجود الأدوات التي تطرح قضية الإعاقة بطريقة شمولية لزرع بذرة التقبل في عقول الأطفال من عمر مبكر، أدوات تثقيفية هادفة على شكل قصص تروى للأطفال تناقش معهم تستخدمها الأم أو المعلمة أو المدرسة، لرفع المعرفة بالاختلاف وضمان الاندماج المجتمعي والارتقاء للوصول لمجتمع لا يشعر فيها أي طفل بالاختلاف عن سواه، حيث لوعملنا من الصغر على فهم الأبعاد النفسية الجديدة في قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة سيغدو المجتمع الذي نعيشه أكثر رقياً وتكافلا.
نؤكد أهمية هذه المحتويات، فعندما يصرح الأمير مرعد بن رعد بن زيد رئيس المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة “92 % من الأطفال ذوي الإعاقة في سن التعليم هم خارج المؤسسات التعليمية بشكل كلي، نحن نقف أمام مشكلة حقيقة!” هذه المحتويات تساعد في نشر فكر التعليم الشامل بالتأكيد.
تقول لينا أبو سمحة، “عالم ميريانا نحن نطمح للوصول لحياة كريمة لجميع الأطفال في عالم مليء بالبهجة و المرح ضمن مجتمع متسامح ومحب ومتقبل دون الحاجة لتبرير اختلافاتنا”.
وتسعى الأم لنشر المزيد، وحاليا تعمل على تطوير تطبيق ألعاب جديد من نوعه على مستوى العالم العربي لتقديم شخصيات عالم ميريانا، و تصرّ على العمل، والاستمرار مع كل التحديات التي تواجهها كرائدة أعمال حتى لو لم تحصل على أي تعاون من أي مؤسسة أو جهة معنية بالطفولة، فهي لديها تطلعات كبيرة لخدمة الأطفال والعمل على دمجهم بطريقة مختلفة ولطيفة على حد تعبيرها.
كتبت ونشرت لينا أبو سمحة قصصا مصورة للأطفال بالتعاون مع فريق من الرسامات المبدعات وعناوينها: “سنطير إلى البيت” و “جعفر يتحدى سعيد” و “أجمل مما سبق”.
وتقول الأم، قد يكون أصاب بعض المؤسسات الناشئة القليل من الظلم، بسبب الأوضاع الراهنة فقد كان من المفترض إطلاق قصتها الأخيرة، وبشكل رسمي قبل أزمة كورونا، وكان الترتيب قائم لعمل قراءات قصصية في المدارس.
ولكن على الرغم من ذلك عادت لاستكمال هذه الرحلة الجميلة من إصدار القصص التي تعبر عن أطفالنا الرائعين، وتتناول ما قد يكون في يوما ما حدث لبعض الأطفال، فقد قام الفريق في عالم ميريانا مؤخرا بإطلاق قصتها الجديدة “الهديّة الجميلة” في مكتبة متحف الأطفال أخذين بعين الاعتبار إجراءات السلامة والتباعد الاجتماعي.
الهدية الجميلة كتابة لينا أبو سمحة، ورسوم أروى سلامة تتناول موضوع استقبال العائلة لمولود جديد من ذوي متلازمة داون، الهديّة الجميلة تحدثنا القصة بلسان الأخت الكبيرة التي فرحت كثيرا بقدوم أخيها، وعاهدت نفسها بأن تبادله نفس مشاعر الحب التي حملها معه لهذه العائلة، اليوم من خلال هذه القصة نقول لكل عائلة تستقبل طفل من متلازمة داون “مبارك عليكم المولود الجديد ونتمنى أن يهديكم الله سبل رعايته”.