في صباح يوم عيد الأم، وقفت أم القطط أمام المرآة تمشط شعرها، قبل أن تخرج إلى السوق.
واجتمعت حولها بناتها الخمس الصغيرات، يقلن لها: “كل عام وأنت طيبة يا ماما.”
ردت الأم: “كل سنة وأنتن بخير يا بناتي.”
أخذت الأم شمسيتها معها، لأن السماء كانت تمطر.
وقالت لبناتها وهي تخرج: “أيتها الصغيرات: حافظن على هدوء البيت ونظامه، حتى أعود.”
أطلت الأخوات الخمس من الشباك، ومع كل واحدة منهن منديل، تلوح به لأمها وتقول: “ارجعي بسرعة يا ماما. كل سنة وأنت طيبة.”
وابتعدت الأم، متجهة إلى السوق.
قالت بسبسة، القطة الكبرى، لأخواتها: “في يوم عيد الأم، يجب أن نساعد أمنا. سننظف كل شيء قبل أن ترجع من السوق. سنجعلها لا تصدق عينيها عندما تعود، وتجد البيت نظيفًا ومرتبًا.”
وبسرعة، ارتدت بسبسة مئزر (مريلة) أمها، وقالت: “هيا نتعاون معًا في القيام بكل أعمال المنزل. أنا سأغسل الأطباق التي في المطبخ.”
أسرعت سمسمة وتناولت المكنسة، وأمسكت مشمشة فرشاة التنظيف، وجرت فلفلة وحملت الممسحة ودلو الماء لتنظف سلم البيت.
أما جلجلة فقالت: “سأنقل إلى المطبخ أدوات مائدة الإفطار، وأنظف المائدة.”
وقالت بسبسة: “يجب أن ننتهي من كل شيء قبل أن تعود أمنا.”
الحوادث المفاجئة في البيت
بدأت سمسمة تنظيف السلم. وكان السلم بجوار باب المطبخ.
وأعجب العمل سمسمة، فانهمكت فيه كأنها تلعب. ونسيت كل شيء عن أختها جلجلة، التي كانت تجمع الأواني من فوق مائدة الإفطار.
حملت جلجلة صينية كبيرة، وضعت عليها كل أواني الإفطار.
كانت جلجلة تمشي في حرص شديد، متجهة من غرفة المائدة إلى المطبخ، وتقول لنفسها: “يجب أن أتحرك ببطء.”
ركزت جلجلة بصرها في الصينية، ولم تفكر في أختها سمسمة، التي انشغلت في تنظيف السلم.
وفجأة، اصطدمت جلجلة بظهر سمسمة!
وكانت الأخت الكبرى بسبسة تغسل الأواني، عندما سمعت ضجة عالية خارج باب المطبخ.
لقد سمعت صوت أطباق وأوان تتحطم على الأرض.
صاحت: “ما الخبر؟! … ما كل هذه الأشياء التي تتحطم؟!”
خرجت بسبسة بسرعة من المطبخ، لترى ماذا حدث.
وفزعت عندما شاهدت المنظر المحزن: كانت الأطباق والأكواب الزجاجية قد تكسرت، فتحولت إلى قطع صغيرة مبعثرة.
وصاحت بسبسة: “يا لها من خسارة كبيرة!”
تألمت لمنظر أختيها، وقد سقطتا وسط الحطام.
ودون قصد، داست على طرف المئزر الذي ترتديه، فوقعت هي الأخرى بجوار أختيها على الأرض، التي غطتها قطع الأطباق والأكواب.
وكانت سقطتها هي الأخرى شديدة ومؤلمة.
أسرعت مشمشة وفلفلة نحو المكان، لتعرفا ماذا حدث.
فلفلة ومشكلة المكنسة
شاهدتا الأرض المكسوة ببقايا الأواني المبعثرة، وبالقطط المطروحة على الأرض تبكي وتتألم.
عاونت مشمشة وفلفلة أخواتهما على النهوض، ثم أخذتا في تنظيف المكان بالفرشاة والمكنسة.
وجمعت الأختان أجزاء الأطباق والأكواب، لكي لا تصيب أحدا بأذى.
رأت فلفلة أن المكنسة مليئة بالأوساخ، وفكرت بطريقة سريعة لتنظيفها.
أخرجت المكنسة من النافذة وهزتها بشدة لتنفض ما بها من أوساخ.
وكان عملها هذا غلطة كبيرة!
لقد صدم الريش رأس رجل الشرطة، الذي كان يسير في الشارع.
وصاح رجل الشرطة: “هذا سلوك غير لائق! هذا اعتداء على رجل الأمن أثناء تأدية واجبه!”
اقترب رجل الشرطة من النافذة في غضب شديد، ونظر إلى داخل البيت، فشاهد فلفلة ومشمشة.
وعندما رأته فلفلة، قالت لنفسها: “لا بد أنني فعلت شيئا سيئا!” لكنها لم تعرف كيف تعتذر، وأسرعت تهرب من الغرفة.
وهربت وراءها أختها مشمشة.
قام رجل الشرطة بواجبه، فلا بد من مطاردة المذنبين، والقبض عليهم.
وقفز من النافذة إلى داخل البيت، ليقبض على الهاربين.
في هذه اللحظة، وصلت الأم عائدة من السوق، فشاهدت في النافذة قدم رجل تنسحب إلى داخل البيت، فصرخت قائلة: “من هذا الذي يدخل بيتي من الشباك؟!”
أمسكت الأم بالقدم التي كانت في النافذة، وأخذت تشدها.
نهاية مشوقة ودرس للأخوات
وأطلق رجل الشرطة صيحة فزع، فصاحت الأم من غير أن تعرف من هو: “الرجل الأمين يدخل البيت من بابه، وليس من شباكه!!”
اضطر رجل الشرطة أن يعود، ويخرج من النافذة، فاكتشفت الأم أن من أمسكت به ليس لصاً، بل هو رجل الأمن!!
واضطربت أم القطط جدا، فقد وجدت نفسها تمسك بمن يمسك بالمذنبين لمعاقبتهم.
سألت الأم: “ماذا حدث أيها الشرطي؟ هل وقع خطأ؟”
قص رجل الشرطة الحكاية، فظهر على الأم الأسف، وقالت: “هذا شيء مؤسف.. لقد ارتكبت بناتي خطاً كبيرا.”
وعند الباب، استقبلت الأخوات الصغيرات أمهن بعيون يملؤها الأسف.
تقدمت فلفلة في ارتباك وخجل، تتبعها بقية أخواتها.
قالت الأم: “لقد ارتكبتن عملًا سيئا!”
فوضعت فلفلة مخلبها في فمها، ونكست رأسها إلى الأرض، فهي لا تعرف كيف تدافع عن نفسها.
وفي أسف شديد، قالت فلفلة: “عفوا يا أمي… أنا آسفة أيها العم الشرطي.. كنا نحاول مساعدة ماما في تنظيف البيت، فاليوم عيد الأم، ولم أقصد أن يصيبك ريش المكنسة.”
وكادت فلفلة تنفجر باكية، فقال رجل الشرطة: “لا بأس… ولكن تذكري في المرة القادمة أن تنظيف الريش لا يكون في الطريق العامة!”
النهاية السعيدة
انصرف الشرطي بعد أن هنا الأم بعيدها.
ودخلت الأم إلى البيت، فشاهدت الأواني المحطمة.
ولم يستمر غضب الأم كثيراً، عندما عرفت أن بناتها الخمس بذلن جهدا كبيرا في تنظيف البيت، ولم يقصدن التسبب في هذه الخسارة.
جلست الأم وسط بناتها، وقالت لهن: “في المرة القادمة، عند المعاونة في أعمال المنزل، كن على حذر أكثر من هذه المرة.”
“والآن، انظرن ماذا أحضرت لكن من السوق.”
جففت الأخوات دموعهن، وتطلعن بعيون مفتوحة إلى سلة الأم.
أخرجت الأم من السلة الهدايا التي اشترتها.
أعطت جلجلة كرة، وبسبسة بوقًا جميلًا.
وتسلمت سمسمة سيارة خضراء، وكانت هدية فلفلة راية ذات لونين.
أما مشمشة، فأخذت قطاراً صغيراً لطيفاً.
فرحن كلهن وقبلن أمهن وقلن: “شكراً لك يا أمنا. كل سنة وأنت طيبة.”